أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العلاقة بين العبث واللامبالاة














المزيد.....

العلاقة بين العبث واللامبالاة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7023 - 2021 / 9 / 18 - 20:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٨٣ ـ علاقة اللامبالاة بالعبث

لقد أراد ألبير كامو في روايته التي نعالجها هنا، أن يرسم لنا شخصية عبثية تعيش موقفا عبثيا، غير أنه لم ينجح في ذلك النجاح الذي بالغ فيه النقاد. للوهلة الأولى يبدو أن الحكم بالإعدام على ميرسو لأنه قتل عربيا هو إدانة عبثية لا معنى لها وغير ضرورية، لأن الفرنسي يستطيع أن يقتل عربيا، وبالذات إذا كان هذا العربي يحمل سكينا بدون عواقب وخيمة. فلو كان العربي هو القاتل وميرسو هو الضحية، فلا شك أن الحكم بالإعدام على العربي شيء طبيعي، ونفس الشيء لو أن ميرسو قتل فرنسي آخر على شاطيء البحر بدون مبرر آخر غير حرارة الشمس، فلا شك أنه سيحكم عليه بالإعدام بطريقة طبيعية ومنطقية حسب القانون الفرنسي الساري في ذلك الوقت. غير أن إرادة كامو بإضفاء صبغة عبثية على الموقف أجبره أن يختار عربيا بدون هوية كضحية. العبثية تبدو إذا في عملية القتل بدون سبب سوى الشمس المحرقة والعرق الذي يتساقط في العينين، بغض النظر عن هوية الضحية، باعتبار أن ميرسو غير مبال بهذه التفاصيل الإجتماعية. غير أن تفاصيل الجريمة عندما ننظر إليها من من زاوية أخرى، ومن خارج الصندوق الزجاجي الذي يعيش فيه ميرسو، سنكتشف أنها جريمة إجتماعية عادية تتعلق بالدعارة والإنتقام والشرف .. وأيضا بالعنصرية وإحتقار المستوطنين الفرنسيين للسكان الأصليين، الموضوع الذي لا يتطرق إليه كامو نهائيا ولم يذكر في تفاصيل المحاكمة. والعبثية واللامبالاة تبدو هنا مجرد غلالة شفافة لإخفاء حقيقة ميرسو كإنسان نرجسي وإن كان ينتمي إلى الطبقة الحاكمة والمسيطرة على المدينة وشاطيء البحر. وربما يصبح الموقف عبثيا حين إدانة ميرسو والحكم عليه بالموت لأنه قتل عربيا، لأن الموقف "الطبيعي" هو ألا يدان الفرنسي الذي يقتل عربيا، وحتى إن أدين لا يمكن الحكم أن يصل إلى الإعدام. غير أن المشكلة الأساسية التي تهدم بناء كامو كله هو أن ميرسو لم يدان لأنه قتل عربيا، وإنما لأنه لم يبك وفاة أمه ولم يبد مشاعر الحزن والأسى التي من المعتاد ومن الواجب إظهارها في مثل هذه المناسبات الحزينة. ميرسو يموت من أجل العادات الإجتماعية التي لم يخضع لها، فهو متمرد ولا مبال ولكنه ليس عبثيا. جريمة ميرسو إذا لا علاقة لها بالعبثية، إنها جريمة إنسان يمتلك نوعا من السلطة ـ مسدس وحماية إدارية وسياسية لكونه فرنسيا في مستعمرة الجزائر - حدث مثلها العشرات دون أن يدان مرتكبيها. الفرنسي في الجزائر المحتلة يمكنه أن يقتل عربيا بدون مبرر ودون أن يخشى حكم الإعدام. غير أن ميرسو حكم عليه بالإعدام لأسباب إجتماعية تتعلق بالمجتمع الفرنسي وعلاقته بالموت وطقوس الدفن والعلاقة بالأم. القانون الفرنسي لا يمنع المواطن من ألا يبكي عند موت أمه ولا يمنعه من تدخين سيجارة وشرب القهوة بالحليب أمام جثمان الميت في إنتظار مراسم الدفن، غير أن القوانين الإجتماعية تدين ذلك، لذلك وجدت المحكمة في جريمة قتل العربي مبررا كافيا وإن كان غير منطقي لإصدار حكم الإعدام في حقه.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسبية العبث النظري
- براءة القاتل
- محاكمة القاتل
- نفس المواطن السيء الحظ
- الجريمة والعبث
- رواية الغريب
- كامو الغريب المنتمي
- شكوى مواطن سيء الحظ
- سعادة سيزيف
- ألبير كامو
- حبوب منع الملل
- كيفية الحياة في عالم يحتضر
- الحياة، حادثة مميتة
- الشاهد
- مسقط الرأس
- بيكيت ونفي العدم
- الزنزانة رقم ٢٢
- ثلاثية بيكيت
- ويتقشر الليل
- بيكيت والنازية


المزيد.....




- ماذا نعرف عن المقترح المصري القطري الذي قبلته -حماس- بشأن وق ...
- وسائل إعلام: توقيف مسؤول أمني أوكراني للاشتباه بتسريبه معلوم ...
- -أوكسفام-: لا مصداقية لادعاءات إسرائيل بإجلاء آمن للمدنيين م ...
- أمير الكويت يزور تركيا لأول مرة بعد توليه مقاليد السلطة
- سويني خلفا لحمزة يوسف في قيادة الحزب الوطني الاسكتلندي
- مراسل RT: الطيران الإسرائيلي يستهدف محيط معبر رفح على الحدود ...
- بعد أيام من اختراق الجيش الألماني.. قراصنة يخترقون وزارة دفا ...
- مصر: لا توجد محاولات نزوح لفلسطينيين لأراضينا من معبر رفح
- مسيرة الفوج الخالد في لبنان
- تركيا تفتتح رسميا كنيسة ومتحف -خورا- البيزنطي كمسجد (صور)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العلاقة بين العبث واللامبالاة