أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - شويكه سيدة الحكايات – الجزء الرابع المشهد الزراعي – ذاكرة الزيت والزيتون والزعتر














المزيد.....

شويكه سيدة الحكايات – الجزء الرابع المشهد الزراعي – ذاكرة الزيت والزيتون والزعتر


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 7019 - 2021 / 9 / 14 - 08:32
المحور: الادب والفن
    


شويكه سيدة الحكايات – الجزء الرابع
المشهد الزراعي – ذاكرة الزيت والزيتون والزعتر
المشهد الزراعي في شويكه كان بارزاً ، إذ كان ناسها آنذاك يعتمد ون على زراعة الزيتون والتين وغيرها من الفواكه، بالاضافة لزراعة الحبوب والخضار. كانت برارينا وحواكيرنا وكرومنا وبساتيننا، كثيرة الخير. فقد كان في الغيم العابر لأجوائنا والمقيم، مطر غزيز يرويها ويغذي ابارها حتى تفيض، وتسيل بفضله وديانها.
شجرة الزيتون ثروة مباركة، معمرة دائمة الخضرة. لها أهمية ومكانة رفيعة في الزراعة الفلسطينية، فهي ما تزال علامة مميزة لشويكه، والكثير من قرى فلسطين ومدنها، وكل بلاد الشام. ولا تزال أسماء بعض القرى والمدن، تدل على ما كانت قديما تتمتع به هذه الشجرة وزيتها من شهرة، منها: حي الزيتون، وقرية "زيتا"، ومدينة بيرزيت.
مع عمق وشمولية الحرب الصهيونية المفتوحة ضد الفلسطينين، فهم يُصَعِّدون حربهم ومجازرهم ، بنفس القسوة والبشاعة ضد شجرة الزيتون أيضا. لأنها رمز الصمود والثبات والتجذر، وتعميق الارتباط بتراب الوطن، وجزءا من هوية عروبة فلسطين. يقول الدرويش عنها، أنها شجرة لا تبكي ولا تضحك، سيدة السفوح المحتشمة، بظلها تغطي ساقيها، ولا تخلع اوراقها أمام العاصفة.
يقولون زيت الزيتون عمود البيت وطَيِّب، بس إلْقاطُه بيشيِّبْ. موسم قطاف الزيتون، مُمتد ما بين تشرين اول والثاني. التبكيرُ والتأخير في الموعد نابع من الفروق في أحوال الطقس ودرجات الحرارة، ناهيك عن الفرق في أنواع الشجرنفسه، فمنه ما ينضج قبل غيره.
وسط أجواء وطقوس احتفالية تراثية، تتفاوت من بلد لآخ، ينطلق موسم القطاف ، ينتظره الناس رجالا ونساء كبارا وصغارا، بفرح وبـشغف كل عام. يستعدون له بالاعتناء بنظافة الارض، حتى لا تحول الأعشاب والأشواك دون التقاط الثم. ومع اقتراب نضج الثمر، يسارعون بتحضير السلالم والعصي والاقمشة، لتكون فرشا تحت شجر الزيتون، لمنع تساقط حباته على الارض، وتسهيلا لجمعها بعد القطاف.
يحرص في العادة، فريق القطاف على الوصول مبكرا الى الشج، ومعه زوادته وعدة الشاي. يبادرون الى إلتقاط الحبات الساقطة على الارض بفعل الرياح والامطار، وتسمى قرقيع وجرجير، تستخدم لاستخراج زيت الطفاح منها. ومن ثم يتم فرش الأقمشه ووضع السلالم وتوزيع المهام على الاشخاص. يستلم الشباب الأغصان العالية، وتترك القريبة لكبار السن.
ومع أذان الظهر، تبدء استراحة الغداء وشرب الشاي. وقبل الغروب تبدأ عملية تحضير المحصول لتعبئته في الأكياس، تمهيدا لإرساله إلى المعصرة، بتنظيف الثمار من الأوراق والعيدان المتساقطة اثناء القطاف، التي تؤثر على نكهة وطعم الزيت. وتقوم النساء بفرز الزيتون الاخضر والأسود اللازم للتخليل والمكمور، والذي يعتبر رفيق كل مائدة وأفضل أطعمتها. من المعروف أن هناك بعض اصناف الزيتون تستخدم لاستخلاص الزيت، وبعضها الاخر للتخليل وتحضير زيتون المائدة، وهناك اصناف ثنائية الغرض، لاستخلاص الزيت والتخليل.
ترسل أكياس الزيتون محمّلة على الجمال والحمير الى واحدة من معصرتين في شويكه، معصرة ابو خويلد او معصرة البيادر المقابلة لمقهى ابو خولة، لتترجم بالدرس على البارد، الى زيت ذهبي لاذع يميل الى الخضرة، يعبئ في تنك من القصدير. وقبل ان يودع في خوابي فخارية معتمة منعا لتأكسده، كان يهدى منه للأرحام والجيران والأهل والأصحاب، في العادة، كان صاحب المعصرة، يأخذ كمية متفق عليها، من الزيت مقابل عمله ( الرَّدْ ). وبعد انتهاء الموسم، يقوم صاحب المعصرة بتجفيف الجفت الناتج عن العصر، وبيعه لأصحاب الأفران وقودا. وبعد الحرق داخل الفرن، يتحول الجفت الى ما يسمى بالدُّق، يبيعه أصحاب الأفران للناس، بديلا عن الفحم للتدفئة.
ما تزال ذاكرتي، تعج بمشاهد عشرات الأولاد من جيلي، في ساحات المعصرة، نركض بين أكوام الزيتون وأكياسه، وبمشاهد الحاملين لأرغف الخبز الساخن، وهم يستأذنون صاحب الزيت الواقف امام الفرازة بغمر خبزهم في برميل الزيت الجديد، والذي كان يبتسم وهو يقول: صحتين وعافية. وما تزال ذاكرتي موشحة بمرتبانات الزيتون المكمور والمرصوع والمشطب الموشى بشرحات الليمون والفلفل الاخضر.
لموسم الزيتون، معانيه وحكاويه الكثيرة، التي لا يفهمها الا كل من التصق بالارض، وعاش همومها وأحلامها. تحفظ ذاكرة فلسطين قصص كثير. فلو يذكر الزيتون غارسه، لصارالزيت دمعا. فهو الوطن الذي لا يفر امام عدو ولا يغدر بأبنائه او يجوعهم. كُلْ زيت بِتناطح الحيط. ناهيك عن موسم المسخن بخبز الطابون المُنَغْنَغ بالزيت الطازه، والجاج البلدي وسماق عجلون. الزيت والزيتون والزعتر، ثقافة حياة وأسلوب.
يتبع ذاكرة القمح والبطيخ .....
الاردن – 13/9/2021



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الثالث الاصول والمنابت
- شويكه سيدة الحكايات – الجزء الثاني معالمها ،ثوابتها ورواسيها ...
- شويكه سيدة الحكايات الجزء الاول من نوافذ على ما قد مضى من ال ...
- إنهم مرة أخرى، يقتلون ناجي العلي، إضاءة على تُجّار وفُجّار أ ...
- لِمَنْ أذهب بشوقي؟!!! ثرثرة خاصة في الحب
- فائضُ حُزْنٍ في برزخ الظن ثرثرات في الحب
- صاروخ ديمونا ردٌّ نوعي إضاءة على المشهد العربي
- التداوي بالعقل - الخُرافاتِ المُهَيِّجَة رمضانيات – النص الث ...
- ألتّداوي بالعقل – إنّهُ الله، سبحانه... رمضانيات – النص السا ...
- خالِقُنا واحدٌ رمضانيّات - 5
- لا مِشْ عادي...اللهم فاشهد!!! إضاءة على مشهد فلسطيني بامتياز
- في ظِلالِ يومِ الأرض، لِفلسطينَ أكْتُبْ،
- لنوالِ السَّعداوي، دفاعاً عن عقلي لا عن نوال.
- ندّابون على حوافِّ الَّتذمُّر
- نعم، أستحق أن أكون رئيساً للوزراء إضاءات على مشهدٍ في الاردن
- مأساة لبنان ملهاة اضاءة على المشهد في لبنان
- العنوسة الهلامية ظالمة من حكاوى الرحيل - الاولى
- تُسْعِدُني قِراءتُكْ ، فما بالُكِ لوْ حدّثْتُكَ ؟! عشوائيات ...
- إن غابَ الأمَل ، عشوائياتٌ في الحب
- إضاءة على الجريمة الزرقاء مثلا


المزيد.....




- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - شويكه سيدة الحكايات – الجزء الرابع المشهد الزراعي – ذاكرة الزيت والزيتون والزعتر