أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد الكريم يوسف - لا أحد يرضى بواقعه















المزيد.....

لا أحد يرضى بواقعه


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7018 - 2021 / 9 / 13 - 15:32
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


من غرائب الحياة أنه يندر أن تصادف من هو راض عن واقعه فالغني يحسد الفقير والعالم يحسد الجاهل والمسؤول يحسد من هو في حل من المسؤولية والمرأة تحسد الرجل على حريته والرجل يحسد المرأة على شؤونها وشجونها وهكذا تسير الحياة ويبدو أن هرم ماسلو لخص الحاجات الإنسانية تلخيصا دقيقا ووصفها التوصيف الغني الصحيح. يقول دوستوفسكي في مقدمة روايته الرائعة " أنّا كارينينا" : الأغنياء متشابهون أما الفقراء فمختلفون كل فقير على طريقته الخاصة . يميل الناس في شريحتهم الواسعة إلى الاستملاك بغض النظر عن حاجتهم الفعلية لغاية الاستملاك والشعور بالأمان ، وعلى نفس المنوال يسير الفساد وحب السلطة والجشع الإنساني الكبير.
هناك قانون في الحياة يسميه الفلاسفة " قانون الجهد المهدور " . يعمل هذا القانون على سكينة الروح والجسد في أكثر من جانب في الحياة ويعتبره كثيرون قانونا لرجال الاعمال و العظماء والعباقرة وأصحاب الهمم العالية لأنه يلخص الحياة والصبر والتصميم لتحقيق ما يمكن تحقيقه.
يعلم الجميع أن الأسود لا تنجح في الصيد إلا في ربع محاولاتها ، أي أنها تفشل في 75% من محاولاتها و تنجح في 25% منها فقط . ورغم هذه النسبة الضئيلة التي تشاركها فيها معظم الضواري إلا أنه يستحيل على الأسود أن تيأس من محاولات المطاردة والصيد . والسبب الرئيسي في ذلك ليس الجوع كما قد يظن البعض إنما هو استيعاب الحيوانات لقانون الجهد المهدور، وهو القانون الذي تعمل به الطبيعة كلها . فنصف بيوض الأسماك يتم التهامها من قبل أسماك أخرى، ونصف مواليد الدببة تموت قبل البلوغ، ومعظم أمطار العالم تهطل في المحيطات، ومعظم بذور الأشجار تأكلها العصافير، ولا يسلم إلا حوالي 4% من زهور أشجار الزيتون الملقحة في الموسم الوفير .
وحده الإنسان الذي يرفض هذا القانون الطبيعي الكوني ويعتبر أن عدم نجاحه في بضع محاولات يجعل منه إنساناً فاشلاً . فعندما لا ينجح المحصول يشعر بالضيق وينتكس عند الفشل من المرة الأولى متناسيا أن الفشل الوحيد هو التوقف عن المحاولة ، والنجاح ليس أن يكون لديك سيرة ذاتية وحياة خالية من العثرات والسقطات . النجاح هو أن تمشي فوق أخطائك وتتخطى كل مرحلة ذهبت جهودك فيها هدراً وتتطلع الى المرحلة المقبلة . فأنت لست متأخرا . أنت في توقيتك المناسب !
لا حظ فقط ما يجري في الحياة تجد أن أحدهم تزوج في عمر العشرين، ولم ينجب طفلا إلا بعد 10 سنوات ، و آخر تزوج في عمر الثلاثين ، و أنجب طفلاً بعد عام من الزواج ، وتزوجت إحداهن في عمر 22 وزوجها أشقاها ، وأخرى تزوجت في عمر 34 وزوجها أسعدها. و تخرّج أحدهم من الجامعة في عمر 22 سنة ، ‏وأنتظر 5 سنوات ليحصل على وظيفة ، وآخر تخرج في عمر 27 سنة وكان حلمه الوظيفي في انتظاره فور تخرجه وصار مدير عاما و أصبح أحدهم مدير شركة في عمر 25 وتوفي في الخامسة والأربعين وآخر أصبح مدير شركة في عمر الخمسين وتوفي في التسعين .
لا تيأس فأنت في توقيتك المناسب .
قد يتباهى أحدهم ويُصوّر لك أنه متقدم عليك أو متأخر عنك. لقد علمتني الحياة أنك لست مُتقدّما على أحد، وفي ذات الوقت لست مُتأخّرا عن أحد ، أنت فقط في توقيتك المحدد وفق قانون الجهد المهدور .
كثير من الناجحين تهيأت لهم ظروف النجاح وقد لا تتكرر وكثير من القادة الكبار عاشوا حياتهم بالطول والعرض وفي النهاية كانت المأساة تنتظرهم على قارعة الطريق.
وفي ذات السياق تندرج الأمنيات التي يعبر عنها كبار السن والقادة المتقاعدين فيما لو كانوا ما يزالون على رأس العمل . وقد تم سؤال العديد من كبار السن قبل وفاتهم عن أبرز الأشياء التي ندموا على فعلها أو عدم فعلها لو عادوا إلى سن الشباب.
وقد لوحظ وجود خمس رغبات مشتركة ذكرها معظم كبار السن وهي:
- تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعيش لنفسي لا أعيش الحياة التي يتوقعها أو يريدها مني الآخرون. و عبّر معظمهم عن ندمه على إرضاء الغير أو الظهور بمظهر يُرضي المجتمع أو من يعيشون حولهم.
- تمنيت لو أنني خصصت وقتاً أطول لعائلتي وأصدقائي بدلا من إضاعة العمر كله في روتين العمل المجهد.
- تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعبّر عن مشاعري بصراحة ووضوح، فالكثيرون كتموا مشاعرهم لأسباب مثل تجنّب مصادمة الآخرين أو التضحية لأجل أناس لا يستحقون.
- تمنيت لو بقيت على اتصال مع أصدقائي القدامى أو تجديد صداقتي معهم، فالأصدقاء القدامى يختلفون عن بقية الأصدقاء كوننا نشعر معهم بالسعادة ونسترجع معهم ذكريات الطفولة الجميلة. ولكننا للأسف نبتعد عنهم في مرحلة العمل وبناء العائلة حتى نفقدهم نهائياً أو نسمع بوفاتهم فجأة.
- تمنيت لو أنني أدركت مبكراً المعنى الحقيقي للسعادة. فمعظمنا لا يدرك إلا متأخراً أن السعادة كانت حالة ذهنية لا ترتبط بالمال أو المنصب أو الشهرة. إن السعادة كانت اختياراً يمكن نيله بجهد أقل وتكلفة أبسط ولكننا نبقى متمسكين بالأفكار التقليدية حول تحقيقها.
- تمنيت لو اعطيت لعلاقتي بربي وقتا كافيا كما كان ينبغي ، و لم أضيع صلاتي ، كنت أجري وراء شهواتي ونسيت أنني مجرد عابر سبيل في هذه الدنيا. اليوم أصارع الموت الذي كنت أفر منه ، لكن الزمن لن يعود بي الى شبابي لأصلح ما أفسدت.
ربما كان صديقي (م د) أصدق من عبر عن قانون الجهد المهدور عندما سألته يوما سؤالا عميقا بسيطا ، وهو القائد الهمام المتمرس في فنون القيادة العسكرية والمدنية، وكان يومها مريضا في مشفى الأسد الجامعي باللاذقية . يومها عِدْته برفقة ابني الصغير . فأجلس ابني في حضنه وبدأ يداعبه. عندها ابتسمت وسألته إن كان داعب أحد أطفاله في يوم من الأيام فأجابني نافيا أن لم يحدث ذلك قط ، وعندما سألته إن كان سيعيد صياغة حياته فيما لو عاد به الزمن نحو الوراء ويداعب أطفاله . فأجابني : لا أدري . لقد شعرت يومها أن هذا الجواب هو أصدق جواب لأن لكل زمان رجاله وتقاليده وحاجاته وأعرافه.
لو كان هناك من كلمة تلخص هذه الدنيا فستكون بكل بساطة استمر .
و أنت عزيزي القارئ !
أتؤمن بقانون الجهد المهدور ؟ ولو عاد بك الزمان إلى الخلف ماذا كنت ستُغيِّر في حياتك ؟



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نسيطر على عواطفنا
- المرأة الدافئة
- المرأة الجميلة
- ثقافة الإستخلاص في الحياة والعلوم والأدب والسياسة
- المرأة المبدعة
- على هذه الأرض آلهة تصطدم بآلهة
- قطار الثورة
- بيني وبينك
- الخصخصة
- ليدا والبجع
- جيرونشن
- للتشاؤم أهله
- يقطفون زهور الصحراء ... بلا وجل
- الشرق الأوسط بعد مئة عام
- الشعور بالكمال موت حقيقي
- رعشة الحب بلذة الحرية
- هل من الأخلاق أن نترك القبائل المنعزلة لوحدها؟
- الفساد في العلم والمعرفة
- معايير خدمة الزبائن ؟
- لقد أطلقنا الموت ، فمن يمسك عقاله؟


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد الكريم يوسف - لا أحد يرضى بواقعه