أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر احمد الحلاق، والهروب الى بستان الامل...!















المزيد.....

الشاعر احمد الحلاق، والهروب الى بستان الامل...!


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 7012 - 2021 / 9 / 7 - 12:53
المحور: الادب والفن
    


حين الحديث عن الشاعر السوري احمد بشار الحلاق، لابد من التحدث عن اجواء الطبيعة، ولاسيما الطبيعة السورية الخلابة، ولكن علاقة الشعراء بالطبيعة قديمة، حيث كان الشاعر يلجأ الي احضانها، كي يغذي عالمه الخاص بعوالمها التي تثري خياله وتعمق افكاره، وكان حتى فلاسفة الاغريق وشعراؤهم يجدون في الطبيعة ما يساعدهم على استكشاف أسرار الكون والوجود، لذلك كانوا يفرون إليها كلما شعروا بالضيق والوحشة والخوف من شرّ البشر، وبطش الحكام وقسوتهم، وبقيت الطبيعة الصديقة والحبيبة الاثيرة للشعراء، واشار " جاك جان روسو": (أن كل الشرور تأتي من الإنسان، أما الطبيعة فهي رمز الأمن والطمأنينة والسلام)، وهناك علاقة بين الرومانسية والطبيعة، فحينما هرب الشاعر للطبيعة، كي يستعير منها اشياءها، اعطته ما اراد بسخاء، فاطمأن اليها، واعتقد ان البعض ينظر للرومانسيه من منظور ضيق على انها هى مشاعر الحب بين الطرفين على الرغم من ان الرومانسيه لها معنى اشمل وادق من ذلك ، المرء قد يكون رومانسى لنفسه, لذاته، فالرومانسية مع شخص اخر..هى احد الاحاسيس الناعمة الرقيقة التى نشعر بها عندما يملئنا حب الحياة والاستمتاع بجمال الطبيعة ان يتولد لدينا رغبة في الحب والجمال .. فحينما تتصارع الرومانسية وتتلاقى ومشاهدة قطيرات مطر دافئه تتساقط والشعور بالسعادة، وعندما نتابع النجوم وهى تلمع وتتألق بالسماء الصافية ويمر فى ذهنك حينها شريط من الذكريات السعيدة وخاصة ابتسامة الحبيب ... لاقول اذا استطعت ان ترى كل مايحيط بك جميلا ونظرت لايجابيات الامور وتجنبت السلبيات المحيطه بك حتما انت رومانسى، من هنا كان مدخلنا لدراسة مفردات الشاعر احمد بشار الحلاق، التي استعارت الكثير من مفردات الطبيعة، وخاصة الورد والجمال، كونه شاعر سوري عاش اجواء طبيعة سوريا الخلابة، لذا سمى قصيدته (سيدة الاقمار) من ديوانه (ديوان سيدة الأقمار)، حيث بقي ماكثا في احضان الحب قرب حبيبته وضمن اجواء الطبيعة، يقول فيها:
(أتعلميْنَ يَا سيِّدتِي
لِمَ أسمَيْتُكِ
سيِّدةَ الأقمارْ ؟
لأنَّكِ الوحيدةُ
الَّتِي يسكنُ
حُسنُهَا ألفَ
تعويذةٍ جالبةٍ
للعشقِ
ويقيمُ خلفَ
حصونِ سحرِهَا
جيشٌ شهيٌّ
منَ الأسرارْ ...
لأنَّكِ الوحيدةُ
يَاْ سيِّدتِي
الَّتِي أهابُ
التَّرحالَ بينَ
تلالِ نهديْهَا
المرتفعين
كصومعَتَيّ
رغبةٍ ممتلئتِيْن
لوزاً و سكرْا ..
ولؤلؤاً ومحارْا…)
وهنا عاش الحب في صومعته بين اللوز والسكر واللؤلؤ والمحار، اي انه في اجواء الطبيعة المستعارة، رغم انه تغزل بمفاتن حبيبته، وسمى الاشياء بمسمياتها، كما في النهد، ثم يقول: (لأنَّكِ الضِّياءُ/المتناثرُ بينَ كواكبِ اللِّقَاءِ/ولأنَّكِ وحدَكِ يا سيِّدتِي/منْ تشعليْن أوصالَ الكواكبِ/ماءً وزيتاً ونار)، لتكتمل الصورة بين سلوكيات الحبيبة، واجواء الطبيعة، يقول الناقد محمد كمال: (الرومانسية هي إناء الحب والعشق والغرام وتتشكل من مزيج من الإحساس بالتعلق القوي والجذاب والممتع والعاطفي في إطار خيالي حالم جميل تجاه شخص آخر، وغالبًا ما تتجمع هذه الأحاسيس في وحدة من الجاذبية العاطفية التي تتدرج صعودًا إلى التمازج الجنسي)، والظاهر ان الاحاسيس الناعمة بين الرجل والمرأة، تزداد ذروتها من المتعة التي اقتضتها الطبيعة البيولوجية والفيسيولوجية للإنسان، حيث يتم تسلق مجموعة الأحاسيس الودية والحميمية والجاذبية المتبادلة في حالة ذهنية حالمة وخيالية خارج الواقع المعاش، ويعمق الشاعر الحلاق شغفه بالطبيعة واللجوء اليها بقوله من قصيدته (عيد العشاق):
(لا مقعدٌ نجلسُ
عليه في زحمةِ
عيدِ العشّاق ...
ولا وردٌ
يتعثّرُ بأصيل لهفتي
ولا عطرٌ
يعيد ترتيبَ
لحظاتِ العناق ..
ولا غاباتٌ من الحبِّ
يعبرها دبٌّ أحمرٌ ..
ولا أغصانٌ
يتربّصُ بنسيمها
حفيفُ الأوراق ...
وحدهُ اللّونُ
الأسودُ مستمرٌّ
بالاحتفال بنا
يعزف على آلتهِ
المصنوعةِ من
خشب الوجع)
فلم يجد مكان يجلس فيه، الا وسط الورد وغابات الحب، وهنا استعار اجواء الطبيعة للتعبير عن مشاعر الحب في عيد العشاق، ليعيش صراع الالوان، والحقيقة ان للألوان تأثير كبير على النفس وعلى الاستجابة العضوية أيضاً، فقد أثبتت الدراسات أنّ بعض الألوان قادرة على تهدئة النفس، وبعضها الآخر قادرة على فتح الشهيّة، وبعض الألوان تنشّط الاستجابة والعمليات الحسية والجسدية لدى الناس، وركز الشاعر الحلاق على اللون الاسود، كون هذا اللون يدُل على الغموض، والتمرد، والجاذبية، والأناقة، والرسمية، والعمق والتحدي وفي الوقت ذاته يرمز إلى الاكتئاب والموت والشر، وعادةً يتصف الأشخاص الذين يحبون اللون الأسود بالإرادة القوية والغموض والاحترام، ولكن الشاعر ذكر هذا اللون للدلالة على الاحباط، والدليل قال: (وحدهُ اللّونُ الأسودُ مستمرٌّ بالاحتفال بنا/يعزف على آلتهِ المصنوعةِ من خشب الوجع)، فذكر كلمة الوجع دليل واضح على حالة الاحباط، والا فان اللون الاسود من معانيه الارادة القوية، وهذا الصراع الذي عاشه الشاعر كان مؤداه البحث عن الطمأنينة والاستقرار والاحتفال بعيد العشق وسط اجواء الحب ومشاعر الود، ولكن الوضع المحيط كان يحاصر الشاعر الحلاق باجواء الوجع والغياب..وكانت قصيدته الاخرى المسماة (في مهدِ القُرنفل) لاتبتعد كثيرا عن الطبيعة، حيث قال فيها:
(في مهدٌ القُرنفل
وُلِدتْ لأجلكِ
كلُّ اللّحظات ...
أطلّتْ كالشّمسِ الهاربة
من سطوة اللّيلِ
كنكهةِ صباحٍ
دمشقيٍّ عتيق ...
يعبَقُ بكلِّ ابتسامات
الياسمين والجوري ...
جلستْ وفي يدها
النسيمُ يداعب
وجنة الورد
المطرقِ خجلاً
من أنفاس الموعد ...)
فكلمات: (القرنفل، الشمس، الليل، الصباح، الياسمين، الجوري، النسيم، الورد) كلها تعمق حالة التمسك بالطبيعة واللجوء اليها، كونها هي ملاذ الشاعر الحلاق، ومكان يهرب اليه من اجواء الحروب والقتل والتقاليد الغير مرغوب فيها، مرتديا الصبر، و(في غفلةٍ من الماء/قبّلتُ أصابعَ العطر/وارتويتُ بقطرةٍ خارجةٍ عن القانون ...) و(في مهدِ الُقرنفل جلسنا معاً/تهامسنا/تلاطفنا/زرعنا فوق الموائد بستاناً من أمل ...)، وكان الجمال في كلمات الشاعر احمد بشار الحلاق، هو مسارها من الغياب المتمثل بالبحث عن مكان في عيد العشق الى الحضور المتمثل في بستان الامل حيث الحب والجمال والحياة..

ـ قصائد (سَيِّدَةُ الأقْمَاْرِ، و عيدُ العشّاق، و في مهدِ القُرنفل) من ديوان /ديوان سيدة الأقمار/ للشاعر احمد بشار الحلاق



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهم الكبير وبساطة اللغة .. في رواية (ذاكرة الوجع) للكاتب صب ...
- اضواء الروح..، ديوان (موسيقى الصباح) أنموذجا
- أنا وسيجارتك/ فاطمة نعيم
- المرحوم التشكيلي حسين الهلالي، ووهج اللون بين الخط والحرف
- الكاتبة أطياف سنيدح تخلق عوالما من المقاربة الإنسانية، ومجمو ...
- الناقد امجد نجم الزيدي، يؤسس لتجربة نقدية مرنة .. كتاب (تمثل ...
- الشاعر محمد عبدالله البريكي، يتنفس الواقع بروح جمالية..!
- اسيا رحاحليه، بين الرومانسية وفلسفة الحب الثابتة!!
- د . هويدا ناصيف تمتم : لتتجمّر اللهفة من لهفتي !!
- قصة (مسبحة أبي)، القصدية وتجربة المنحى ..
- الشاعر زين العزيز، والتطهر بالجواب ..! ديوان (خطأ في رأسي) أ ...
- تراتيل العكاز الأخير .. الحلم والألم
- الشاعرة ليان عمر، تُطاول شامخةً، غير عابئةٍ بالأفول ..!
- القصيدة الشعبية ..، بصورتها الساخرة ..!!
- القاصة فوز الكلابي تبث رسائلها للجسد وعبره وفوقه ..!
- ساناز داودزاده فر/قصائد قصيرة جدا
- تمرين قراءة لقصيدة الشاعرة ذكرى لعيبي (ظننتكَ لي وحدي)
- الشاعرة اديبة حسيكة، الحلم و ناسوت الجسد ..
- الشاعر كريم الزيدي في كندا، مصطحبا الحزن العراقي معه ..!
- الشعر وصراع الواقع !!!


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر احمد الحلاق، والهروب الى بستان الامل...!