أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي الكيلاني - خواجا-قصة قصيرة














المزيد.....

خواجا-قصة قصيرة


سامي الكيلاني
(Sami Al-lkilani)


الحوار المتمدن-العدد: 7009 - 2021 / 9 / 4 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


أخيراً أصبح الصباح بعد الليلة الطويلة، ليلة من السهر الإجباري تخللته فترات قصيرة من إغفاءة الجفون. تساءل "هل شكلت الإغفاءات بمجموعها ساعة أو أقل؟"، وتمنى لو كان في جسمه عدّاد خاص يسجل النوم وزمنه ليعرف كم نام وكم حرم من النوم الذي يعتبر حقاً من حقوق البشر. أسلوب من أساليب تسلية الذات التي يلجأ إليها في مثل هذا المواقف، بدلاً من الإحساس بثقل الوقت البطيء، وعادة يلحقها بعبارة "ضيفه ع الحساب" التي علقت في ذهنه من مسلسل تلفزيوني، الحساب الطويل مع الاحتلال الذي أخذ من عمره سنوات خلف القضبان وغيرها من خلال أشكال مختلفة من الملاحقة والتضييق على حياته. بدأ المحتجزون في قاعة الانتظار في مقر الحكم العسكري "يستيقظون" واحداً تلو الآخر، إذا كان بالإمكان اعتبارهم قد ناموا. منذ مساء أمس بدأت حملة اعتقالات شملته مع عدد من شباب القرية الأصغر منه سناً. أخذوا منهم بطاقات الهوية ووضعوهم في هذه القاعة التي تشكل مدخل بناية الحكم العسكري وتنتهي بدرج يؤدي إلى الطابق الأعلى من البناية، حيث مكاتب ضباط جيش الاحتلال. بدأوا باستدعائهم واحداً واحداً والتحقيق معهم. لم يكن الاستجواب معه استجواباً حقيقياً، وإنما إيصال رسالة مضمونها "أنت المسؤول عن القلاقل في القرية، أنت محرض وستدفع الثمن". انتهت الاستجوابات وتركوهم حوالي منتصف الليل. لم يبق في القاعة غيرهم بعد أن غادر آخر المطلوبين الآخرين القاعة بعد أن أعاد له الجندي المناوب بطاقة هويته.
بقي هو وشباب القرية في القاعة الفارغة من أي شيء سوى مقعدين خشبيين رفيعين طويلين. تحدثوا لبعض الوقت بصوت خافت عن الأسئلة التي وجهت لهم وإجاباتهم، وخرجوا بنتيجة أن الأمر لا يتعدى ترهيب بعد المظاهرات التي اندلعت بالأمس بمناسبة ذكرى يوم الأرض، وأن ليس لدى المخابرات أي شيء عن أي منهم. حاول كل منهم أن يجد طريقته لقضاء الليلة. رغم أن المقعد الخشبي الرفيع لا يناسب النوم أصلاً، إلاّ أن بعضهم حاول التمدد عليه بدلاً من الأرضية الباردة، لكن من يفعل ذلك كان يكتشف حالاً أن البقاء جالساً أو متحركاً أرحم على جسمه من خشب المقعد. تكيّف قليلاً بلفّ نفسه بالسترة الدافئة وجلس على طرف المقعد الخشبي مسنداً ظهره للحائط طمعاً في غفوة قصيرة بين ساعة وأخرى، مجرد محاولة للتعامل مع النعاس الذي يهاجم بقوة. شكر الصدفة التي جعلته يحمل هذه السترة التي تحميه من البرد، خاصة طاقيتها التي حمت رأسه من برد الجدار حين أسنده إليه. كان عندما يتعب من الجلوس على المقعد يذرع القاعة من شرقها لغربها ثم ينوع من شمالها إلى جنوبها، وأثناء ذلك يعطي السترة لأحد الشباب الذي كان يعاني من البرد لأنه اعتقل من الشارع بملابس خفيفة.

قرر المحتجزون أن يطالبوا بوجبة فطور كونهم محتجزين منذ الأمس، وتوجه أحدهم إلى الجندي المناوب، حاول هذا تجاهل الطلب إلاّ أن الشاب الذي ذهب ممثلاً عنهم أصر ولم يرهبه تهديد الجندي الذي اضطر أخيراً للقول بأنه سيستشير الضابط. عاد وقال بأنه مسموح لهم الخروج إلى المدينة لتناول الفطور، وأن بطاقات هوياتهم ستبقى محجوزة لدى ضابط المخابرات الذي استجوبهم في الليلة الماضية.
سار باتجاه وسط المدينة مستمتعاً بأجواء الربيع. توجه إلى مطعم شعبي يرتاده عادة، تناول ساندويشة فلافل شهية وشرب كوب شاي. عرّج في طريق العودة على محل لبيع الملابس المستعملة، واشترى سترة أخرى احتياطاً ليستعملها من يحتاجها من الشباب إن استمر احتجازهم ليوم آخر.
بعد عبوره البوابة الرئيسية سمع امرأة تتحدث مع شخص بملابس عسكرية يعمل في الحديقة، ملامحه وكلماته تدل على هويته غير اليهودية، كانت المرأة تتحدث إليه وتناديه "خواجا"، فقال للسيدة على مسمع الجندي بهدف مساعدتها أن هذا ليس "خواجا"، فانتفض الجندي محتجاً ومهدداً "بِحْسِن أكون خواجا". تابع سيره دون أن يستمع لبقية كلماته، وهو يفكر بالعبيد الذين يستمرؤون العبودية ويحاولون التشبه بأسيادهم.



#سامي_الكيلاني (هاشتاغ)       Sami_Al-lkilani#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمنيات القنطرة على حجر الغالق-نص
- أخلاق حميدة-قصة قصيرة
- أيّ شاطئ هذا؟قصة قصيرة
- طائر النعاس-قصة قصيرة
- ضباب هنا....ضباب هناك
- محادثة-قصة قصيرة
- في حضرة هذا المشهد
- محطات-قصة قصيرة
- وجه مضيء-قصة قصيرة
- هالة أقلّ-قصة قصيرة
- غريبان وغريب
- نضجت-قصة
- ما الذي يسبح في الهواء
- في حافلة
- سهلة كثير-قصة قصيرة
- كائن مائي-قصة قصيرة
- وعد المدينة-قصة قصيرة
- فاتها القطار-قصة قصيرة
- يدها الصغيرة-قصة قصيرة
- الشيخ جراح فتح الأبواب


المزيد.....




- لغة الدموع الصامتة
- مصر.. عمر هلال يجمع أحمد حلمي وهند صبري في فيلم -أضعف خَلقه- ...
- فنانة سورية تصبح سيدة نيويورك الأولى...من هي ؟
- صوّر في طنجة المغربية... -الغريب- خلال استعمار الجزائر في قا ...
- يتناول ثورة 1936.. -فلسطين 36- يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان ...
- -صهر الشام- والعربية والراب.. ملامح سيرة ثقافية للعمدة ممدان ...
- انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت ل ...
- رأي.. فيلم -السادة الأفاضل-.. حدوتة -الكوميديا الأنيقة-
- -المتلقي المذعن- لزياد الزعبي.. تحرير عقل القارئ من سطوة الن ...
- موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية وباتت الفرحة تملأ رواية ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي الكيلاني - خواجا-قصة قصيرة