أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي الكيلاني - محادثة-قصة قصيرة














المزيد.....

محادثة-قصة قصيرة


سامي الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 6981 - 2021 / 8 / 7 - 13:20
المحور: الادب والفن
    


جلست أمام جهاز الحاسوب بعد أن أعادت ترتيب منديلها الجديد، وجدّدت زينتها. عدّلت جلستها مراراً أمام كاميرا الحاسوب، وتأملت صورتها، كانت الصورة جميلة جداً، داخَلَها بعض الغرور، وفكّرت أن تلتقط لنفسها صورة تغيّر بها "بروفايلها" على صفحتها "الفيس بوك"، لكنها أجّلت الفكرة، تفصلها دقيقتان فقط عن موعد المحادثة معه. شكرت التي قرّبت المسافات. ستتحدث معه ككل مرة منذ أن تمت خطوبتهما، ولكنها ستكون المحادثة الأولى بعد أن أقنعها بأن تتحجّب، ستريه نفسها بالحجاب الجديد الذي أجهدت نفسها في اختياره لوناً و"موديلاً". منذ أن تمت الخطوبة، التي كانت أخته فيها جسراً بينهما بين الوطن وأمريكا، بدأت تعتبره فتى الأحلام الذي انتظرته. رسمت صوراً كثيرة عن الحياة هناك، التي ستصبح حياتهما. قال لها أنه يتمنى عليها أن تتحجّب، ترددت، لكنها لبّت طلبه بسرور واعتبرت ذلك فاتحة توافق في الحياة القادمة في هذا البلد الجميل الذي أسهب في وصفه وأسهبت أخته كذلك في وصفه. تذكرت الفترة القصيرة التي عاشاها خلال زيارته للبلاد، فعلى الرغم من قصر تلك الفترة، تمت فيها الخطوبة واستطاعا التعارف والخروج معاً عدة مرات لتناول وجبة طعام في مطعم أو زيارته لعائلتها بدعوة على غداء قالت له إنها ساعدت أمها في إعداده وستتقن الطبخ أكثر، وزيارة عائلته على دعوة مماثلة. وتذكرت بغبطة وعوده التي قطعها في لقاء الوداع قبل سفره.

جاءت الإشارة لبدء المحادثة، عدّلت جلستها وأعادت تفقد المنديل مجدداً أمام الكاميرا قبل أن تضغط على الجهة اليسرى لفارة الحاسوب موافقة على طلب المحادثة. تبادلا التحية، كتب لها "مساء الخير حسب توقيت الوطن"، ووضح لها أن الوقت ما زال صباحاً عنده، فكتبت "صباح الخير والفل والياسمين" رادة على التحية بأحسن منها. فتحت الكاميرا وابتسمت له "كيف تراني؟"، أجاب أنه في غاية السعادة. طلبت منه أن يفتح الكاميرا من طرفه، اعتذر بأن الصوت سيتأثر إن فتح الكاميرا فهو موجود في مكان عام، إذ اضطر للقدوم إلى هذا المجمع التجاري لأمر ضروري، ولذلك فالشبكة ضعيفة. قبلت عذره، ولكنها عادت تطلب منه أن يحاول. استمرا في الحديث، هي تتحدث عن الاشتياق وعن انتظار اللقاء والانضمام إليه في هذا البلد، وهو يتحدث عن العمل والكد من أجل أن يوفر ما يلزم لحياتهما القادمة التي ينتظرها على أحر من الجمر، وأكد بإنه مستمر في متابعة إجراءات حصولها على "الفيزا"، وأكد لها أنه سيرسل قريباً توكيلاً لوالده ليقوم مقامه في عقد القران رسمياً. عبّرت عن شعورها بأنها تقدر قيامه بمتابعة كل ذلك إضافة إلى عمله، وأضافت كلمات رقيقة تؤكد فيها بأنها تتمنى لو كان بيدها أن تعمل شيئاً لتخفف عنه بعضاً من هذه الأعباء، وأنها ستعوضه عن ذلك عندما تكون إلى جانبه، وأتبعت كلماتها بأيقونات متتالية من القلوب الحمراء. رد عليها بأيقونات قلوب بعدد أكبر، وعبارة "من أجلك يهون التعب". سألته عن برنامجه اليومي لتفتح معه حوارا عن يومه لتعرف المزيد عن حياته، أين سيذهب في هذا اليوم؟ ماذا كان فطوره؟ لكنه كان يجيب باقتضاب وكأنه dستعجل إنهاء المحادثة. قررت أن تختصر في الحديث "يبدون أنك مشغول الآن، متى يمكن أن نتحدث، يمكن أن أسهر حتى وقت متأخر….".
فجأة سمعت ضحكة نسائية مكبوتة، وانفتحت الشاشة على صورة، ظهرت مجموعة من الرجال والنساء حول طاولة، ثم انغلقت نافذة الصورة سريعاً وانقطع الصوت. كتب لها رسالة نصية يقول فيها: آسف للخلل، سأعاود الاتصال بعد نصف ساعة. علقت في ذهنها صورة امرأة شقراء ظهرت في لحظة فتح الشاشة، وصوت نسائي في ضحكة مكبوتة سمعتها، وتخيلت صورته التي لم ترها وهو يسارع في قطع المحادثة.
قامت إلى المرآة الكبيرة في الغرفة، وقفت أمامها، تأملت وجهها وزينتها، وتأملت صورتها من رأسها حتى قدمها، أغمضت عينيها محاولة أن تستعيد تلك اللحظة التي انفتحت فيها الشاشة على الصورة. حلّت منديلها وتأملت شعرها الذي كان مجمعاً تحته، نثرته بحركة قوية احتوت كل الغيظ الذي يعتمل في صدرها.
عادت إلى جهاز الحاسوب وأعادت النظر إلى جملته الأخيرة التي ما زالت ظاهرة في نافذة الحوار، ضحكت بقهر، كتبت "آسف للخلل؟! أسفك مقبول جداً، ولكن لا تعاود الاتصال لا بعد نصف ساعة، ولا بعد نصف سنة " وضغطت علامة إرسال الرسالة وأغلقت الحاسوب.
جلست قرب النافذة تحدّق في الأفق البعيد، ساعدتها السماء الصافية على التفكير وتقليب الأمر على كل وجوهه. فكّرت بحظها العاثر، وفكّرت بالأحلام التي حلمتها، وبالصور التي رسمتها من خلال أحاديثه عن تلك المدينة، وعن الشقة الصغيرة التي قالت له بأنها ستقبلها لبداية حياتهما وستجمّلها بديكور بسيط. اسودت الدنيا أمام عينيها، أيقنت أن المكتوب يقرأ من عنوانه، ولا حاجة للحوار. ظلت تسبح في بحر من الأفكار حول حظها العاثر، ولكنها رست أخيراً على فكرة واحدة اعتبرتها حبل نجاة ألقي نحوها وسط بحر الظلام والإحباط الذي كانت على وشك الغرق فيه. أقنعت نفسها بأن حظها جيد إذ لم يتم عقد القران رسمياً، فالانفصال لا يحتاج محاكم، وفسخ الخطوبة أهون من أن تحمل صفة مطلقة في هذا العمر.



#سامي_الكيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة هذا المشهد
- محطات-قصة قصيرة
- وجه مضيء-قصة قصيرة
- هالة أقلّ-قصة قصيرة
- غريبان وغريب
- نضجت-قصة
- ما الذي يسبح في الهواء
- في حافلة
- سهلة كثير-قصة قصيرة
- كائن مائي-قصة قصيرة
- وعد المدينة-قصة قصيرة
- فاتها القطار-قصة قصيرة
- يدها الصغيرة-قصة قصيرة
- الشيخ جراح فتح الأبواب
- موعدان-قصة قصيرة
- يلاّ يا تين-قصة قصيرة
- الولد سرّ أبيه-قصة قصيرة
- أذّن يا خطيب
- يوم مشؤوم-قصة قصيرة
- السيدة وارفة الظلال


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي الكيلاني - محادثة-قصة قصيرة