أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - وائل رفعت سليم - سيادة الدولة المصرية بين الديون و قانون الصكوك السيادية !















المزيد.....


سيادة الدولة المصرية بين الديون و قانون الصكوك السيادية !


وائل رفعت سليم

الحوار المتمدن-العدد: 7005 - 2021 / 8 / 31 - 23:49
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


من يتأمل التوجة الإقتصادي في مصر منذ عهد مبارك وتداعيات القرارات الاقتصادية في تلك الحقبة منذ 2013 تجد نموذج إقتصادى يُعزز لفئات مختارة بعناية إمتلاك الثروة واحتكارها لتزداد ثراءاً ويُعزز الفقر بوجة عام ضد جموع المصريين ، وهذا لخدمة أهداف سياسية داخلية تعزز سياسيات رأسمالية و نيو ليبرالية .
ومن ثم لا يمكن الوثوق بتلك السياسات الإقتصادية على الإطلاق بل إن الأمر يُزداد سوء وقبح عندما تجده يلمس ويُهدد بلا هوادة ( الملكية الخاصة والملكية العامة للدولة المصرية ) وهي في الأصل وفق التعاريف والمفاهيم القانونية ( ملكية الشعب لكل أراضي ومقدرات الدولة ومؤسساتها ) ، أضف إلى ذلك نهج وسياسة ( حجب كافة المعلومات حول المستثمرين وحول النشاط الإستثماري والإقتصادي المتعاقد عليه ) وكأنها عزبة خاصة تُدار بمنطق أحادي الفكر والإتجاة .
ولنا تجربة فيما عرف بصندوق مصر السيادى وصندوق تحيا مصر حيث لا تملك أى جهة الرقابة عليهما ! ولا يعلم أحد من أين تأتي الأموال ! ومن يمنح تلك الأموال ! ولماذا كل هذا التدفق ! وما هو الهدف السياسى من وراء هذا ! وفيما تنفق ! وما هى أولويات الإنفاق !
- وهو ما يدفعك لتتساؤل :- عن مفهوم سيادة الدولة وفق القانون الدولى ؟ وهل مصر بهذا النهج ستصبح دولة ذات سيادة ؟!
فسيادة الدول وفق القانون الدولى هي :- ( قدرة الدولة على بسط سلطانها على كامل أراضيها وأن تكون قوانينها نافذة على كل المقيمين فيها وألا تكون هناك إرادة تعلو من إرادة الدولة ) ، والدولة وفق هذا المفهوم تتألف من ثلاث مُعطيات وهى :- ( الشعب – الإقليم – الحكومة ) ووفق إجماع ما إتفق عليه أهل القانون والسياسة يمكن تحديد كل منهم كالآتى :-
أ - الشعب :- ( وهو مصدر كل السلطات التى تمنح لجهات أو أفراد في الدولة وله الحق الكامل فى دعم وتعزيز ما يمنح من سلطات ، كما له كامل الحق فى سحب وحجب هذه السلطات أينما أراد متى حدث خلل فى علاقة الوكالة الممنوحة من الشعب ( الموكل صاحب الحق ) إلى الحكومة ( الموكل إليها تنفيذ مطالب صاحب الحق )) .
ب - الأقليم :- ( وهو النطاق الذى تزاول فيه الدولة سلطانها ويشمل أرض الدولة ومياهها وأنهارها وجوها ، وما يتضمنهم من ثروات طبيعية وموارد وخيرات ) .
ج - الحكومة :- ( وهى النظام السياسى ويشتمل على :- ( الحاكم أياً كان مسماه ولقبه وفق إختلاف النظم السياسية ورئيس الوزراء والوزراء والمجالس النيابية والمحلية والأجهزة الرقابية والأجهزة الأمنية بما فيها الجيش ) وجميعها تعمل لخدمة صاحب الحق في الدولة ( الشعب ) وفق قواعد وأسس قانونية تنظم كافة العلاقات فيما بين كل هذه الجهات بعضها البعض وبينها وبين أفراد الشعب.
ومن ثم كافة أعمال هذه الجهات داخل الدولة يجب أن تضمن الحفاظ على حياة الشعب ومقدراته في أرضه وثرواته وبحاره وأنهاره وثقافته ودينه وقيمه وفق آليات سياسية وإقتصادية وإجتماعية مع العمل على تعزيز هذه المقدرات وإنمائها ، ومن تلك الثوابت والأسس القانونية تدفعك نحو سؤال مُقلق :-
- هل يحافظ النهج الاقتصادي الحالي علي مقدرات الشعب المصري ؟! وماهى نتاج أعماله فى مقاومة الفقر والبطالة والفساد ؟ وهل حقق معدلات تنمية ونمو لمسها الشعب ؟! وماذا صنع في الديون الداخلية والخارجية ؟! وهل رفع وحسن مستوى معيشة المصريين ؟!
فوفق الأرقام والإحصائيات التالى سردها يمكنك إستقراء المقدرة الإقتصادية والمالية للدولة المصرية في ظل سياسة إقتصادية تقول الآتي :-
1- معدلات الفقر في مصر :- أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إرتفاع معدلات الفقر في البلاد لتصل إلي 32.5 في المئة من عدد السكان ، بنهاية العام المالي 2017/ 2018 ، مقابل 27.8 % لعام 2015/ 2016 ( ملحوظة بمعرفة الكاتب هنا :- هذه النسب حتى عام 2018 ولم تُضاف عليها عام 2019 و2020 وما حدث فيهما من تصعيد إقتصادى بهدم وطرد من العقارات خلف ألوف من الأسر المشردة بالإضافة لآثار الإغلاق العام لفيروس كورونا المستجد ) .
وتصدر صعيد مصر ( جنوبى البلاد ) قائمة المحافظات الأكثر فقرا في الجمهورية ، حيث سجلت محافظة أسيوط نسبة فقر بين مواطنيها بلغت 66.7 % ، تلتها محافظة سوهاج بنسبة 59.6 % ، ثم الأقصر 55.3 % ، والمنيا 54 % ، ثم قنا 41 % ، في المقابل ، كانت محافظات بورسعيد والغربية ودمياط ( شمالي مصر ) ضمن المحافظات الأقل فقرا . ( ملحوظة بمعرفة الكاتب هنا :- هذا قبل إغلاق كافة الورش والصناعات القائمة علي صناعة الأثاث فى دمياط ، وما أصاب بورسعيد من تضييق متعمد على التجارة والحاويات ، وغير ما أصاب صناعة الغزل والنسيج في المحلة الكبرى من تعطيل وعطب وتهديد بغلق المصانع ) . المصدر - بي بي سي عربي بتاريخ 30 /7/2019 تحت عنوان :- ( معدل الفقر في مصر يرتفع إلى 32.5 % من عدد السكان )
2- تشريد العمالة :- وتحدث بلا حرج عن تشريد العمالة و عدد المصانع التى تم غلقها خلال العامين الماضيين 2019 – 2020 إلى 4500 مصنع فى 74 منطقة صناعية ( والإغلاق هنا يشمل الإغلاق الكلى أو الجزئى والتى تعنى توقف خطوط إنتاج بعينها أو عن طريق تخفيض الورادى داخل المصانع ) . المصدر – موقع أخبار المال 31/1/2021 . ووفق أرقام لجنة الصناعة بمجلس الشعب تتراوح إجمالى المصانع المغلقة بين 8000 إلى 8500 مصنع ، والسبب زيادة أسعار المواد الخام ، تراكم الديون والرواتب ، وتعقيدات إجراءات الترخيص . المصدر – موقع أخبار اليوم 29/19/2021 .
، ثم ضف عليها دخول الجيش بشكل مباشر في الصناعة والتجارة وهو ما أثر بالسلب على كل القطاعات الإقتصادية في الدولة .
3- نسبة البطالة في مصر :- بلغ عدد المتعطلين 15,52 مليون متعطل بنسبة 7,4٪ من إجمال قوة العمل ( 1,343 مليون ذكور،812 ألف إناث ) مقــابـل 2,166 مليون متعطل في الربع الرابع 2020 بإنخفاض قـدره 11 ألف متعطل بنسـبة 0,5٪، قــدره 81 ألف متعطل عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة 3,6٪ ، وعن أهم الأنشطة الاقتصادية التي فقدت أكبرعدد من المشتغلين ، أظهر الإحصاء أن نشــاط الزراعة واستغلال الغابات فقد (443) ألف مشتغل خلال الربع الأول من عام 2021، يليه نشاط تجارة الجملة والتجزئة فقد (437) ألف مشتغل خلال والصناعات التحويلية فقد (56) ألف مشتغل ، كما فقد نشاط الإمداد المائى وشبكات الصرف فقد (43) ألف مشتغل ، والإدارة العامة والدفاع فقد (42) ألف مشتغل خلال الربع الأول من عام 2021. المصدر :- المصري اليوم في 11-05-2021نقلاً عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بعنوان :- ( 7.4% معدل البطالة خلال الربع الأول من 2021 ) .
4- ترتيب مصر في مكافحة الفساد :- أحتلت مصر المركز الـ117 من أصل 180 دولة ، فيما أصبح ترتيبها الـ11 على الدول العربية ، وفق التقرير السنوي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية الخاص بمؤشر الفساد العالمي لعام 2020، حيث أصبح تقييمها 33 نقطة من أًصل 100، وذلك يعد تقدما مقارنة بالعام الماضي حيث كان تقييم مصر 35 نقطة . المصدر :- سبوتنيك عربي في 1-2-2021 بعنوان :- ( ترتيب الدول الأقل فسادا في العالم تباين عربي وهيمنة أوروبية ) .
5- إجمالي قيمة الديون على مصر :- المصدر :- مقال أ- عماد الدين حسين المنشور في الشروق المصرية 18/4/2021بعنوان :- ( الديون الخارجية لمصر تواصل الارتفاع ، وهذا مؤشر خطر ) جاء فيه :- ( ووفقا لبيانات البنك المركزي ، فإن الدين الخارجي ارتفع خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي «٢٠٢٠ ــ ٢٠٢١» ، بنسبة ٣٫٠٧٪ ، ليصل إلى ١٢٩٫١٩٥ مليار دولار ، مقابل ١٢٥٫٣٣٧ مليار دولا رفي الربع الأول ، البيانات تقول أيضا إن الدين طويل الأجل ، زاد بنحو ٣٫٧٪ ليسجل ١١٧٫٢ مليار دولار ، مقارنة بـ١١٣٫٠١٤ مليار دولار في الربع الأول ، كما تراجع الدين قصير الأجل في الربع الثاني بنسبة ٢٫٩٦٪ ، ليبلغ ١١٫٩٥٨ مليار دولار مقابل ١٢٫٣٢٣ مليار في الربع الأول .
هذه القفزة في الديون سببها المباشر هو :- أ- تسلم مصر الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة ١٫٢ مليار دولار . ب- والسبب الثاني إصدار مصر لسندات دولية خضراء بقيمة ٧٥٠ مليون دولار . ج- بيع البنك المركزي أذون خزانة حكومية مقومة بالدولار نيابة عن وزارة المالية بنحو ١٫٥٨٥ مليار دولار ، وقبلها بيع أذون خزانة حكومية مقومة بالدولار بنحو مليار دولار لأجل ٣٦٤ يوما بمتوسط عائد ٣٫٣٩٥٪ ، وفي سبتمبر باعت مصرسندات خضراء بقيمة ٧٥٠ مليون دولار لأجل ٥ سنوات بسعر عائد ٥٫٢٥٪ .
الدين المحلى وصل بنهاية سبتمبر الماضي إلى ٤٫٥ تريليون جنية بنسبة ٧٤٫٩ من الناتج المحلى الإجمالي ، والدين الخارجي وصل في نفس الفترة إلى 130مليار دولار بنسبة ١٩٫٨٪ من الناتج المحلى الإجمالي ، ولا أعرف رقم 130 مليار دولار يشمل ديون الهيئات الاقتصادية المختلفة والبنوك الحكومية أم لا ، وهل يشمل مبلغ الـ٢٥ مليار دولار الخاص بالقرض الروسي لإنشاء المفاعلين النوويين بالضبعة أم لا ؟! وصارت إعتمادات الفوائد تمثل ٣٣٪ من إجمالي المصروفات في مشروع الموازنة ، البالغة ١٫٧ تريليون جنيه ، كما تمثل مدفوعات الفوائد أكبر باب على جانب المصروفات منذ عام ٢٠١٥ ــ ٢٠١٦.
6- إرتفاع أعباء خدمة الدين :- المصدر :- مقال أ- محمود عبده صحافي الخميس 11/2/2021 الإندبندت عربي بعنوان :- ( مصر تبيع سندات دولية بـ 3.75 مليار دولار لدعم الموازنة ) جاء فيه :- ( سددت القاهرة نحو 14 مليار دولار فوائد عن الديون ، وباعت القاهرة للمرة الثانية خلال العام المالي الحالي سندات دولية بقيمة 3.75 مليار دولار أميركي ، على ثلاث شرائح :- الأولى أجل ( تستحق السداد ) بعد5 سنوات بـ 750 مليون دولار ، والثانية أجل ( تستحق السداد ) بعد10سنوات بـ 1.5 مليار دولار ، والثالثة أجل ( تستحق السداد ) بعد40 سنة بـ1.5 مليار دولار ) .
وهدياً على كل ما سبق أن فوائد الدين فى الموازنة العامة المصرية من 316,6 مليار جنية في موازنة 2016-2017 إلى 593 مليار جنية في موازنة 2021- 2022 بزيادة مجموعها 116,6% .
- فكيف يُقر قانوناً يُفرط في الملكية الخاصة للدولة ويُهدد الملكية العامة تحت مُسمى قانون الصكوك السيادية ؟!! وأتحدث هنا مقتنعاً بوجهة نظر قانونية وفقهية تقول :- ( أن كل قانون يصدر هناك هدفاً من ورائه بتحقيق رؤية سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو أمنية أو ثقافية ، أو يصدر لحماية هدف آخر قائم فعلاً ، ولا يشترط في هذا الهدف أن يكون مُعلناً فأحياناً تصدر قوانيين لتحقيق وحماية أهداف خفية ) .
لذا أسعي لتوضيح بعض الأمور التي نناقشها من خلال الإجابة علي الآتي :-
أولاً :- ماذا يعني قانون الصكوك السيادية ؟ يعني قيام الحكومة بالتوقيع علي وثيقة أو شهادة لمن يقترض منه مالاً وهذه الوثيقة أو الشهادة ستمنح القارض أو الدائن حصصاً أو نسباً في الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة عن طريق بيع أو تأجير حق الإنتفاع لهذه الأصول .
وفي حال فشل الحكومة عن الوفاء بإلتزاماتها المالية للقارضين أو للدائنين يكون له الحق في الحصول علي ما يساوي ما أقترضه من منافع وملكية عامة وفق ما هو موثق في الشهادة أو الوثيقة التي تحصل عليها وموقعة من الحكومة المصرية .
وإضافة كلمة سيادية تعني عدم وجود أي شكل من أشكال الرقابة أو الإشراف فهي مسألة متعلقة بالأمن القومي للدولة ( هذا من وجهة النظر الأمنية للنظم الحاكمة ) ومن ثم لا يجوز لأي شخص أو جهة أن تتدخل بالإعتراض علي هذا الصك ، أو قيمته ، أو حتي معرفة ما سيتم اقتراضه ، وفيما سينفق .
كما سيمنع الإعلان عما يتم من إجراءات أو صفقات وستمنع فكرة طرحها للنقاش المجتمعي بل لن يتمكن الشعب أو أي جهة ما معرفة من الموقع علي الصك ولمن وقع وما هي مدة ذلك الصك .
ومن ثم لا يجوز الطعن علي هذا القانون بالبطلان أو الإلغاء أمام أي جهة قضائية في مصر ، كما لا يحق لمجلس الشعب أو أي جهة رقابية مناقشة هذه الصكوك وما فيها .
ثانياً :- إلي أي مدي تكمن خطورة الصكوك السيادية مع التوسع في الإقتراض والديون ؟
تكمن خطورة هذا القانون بأن الشعب والدولة المصرية سيصبحان أمام مشهد سوداوى في حال العجز عن الوفاء بقيمة الديون أو الصكوك أو فوائد الدين خلال السنوات التالية وهو ما يضعك أمام الإحتمالات التالية :-
حيث التوسع دون رابط أو ضابط في إغراق مصر بالديون فإذا كانت ديون مصر الخارجية وصلت إلي 130مليار دولار ، والدين الداخلى إلى ٤䀳تريليون جنية فيمكن بهذا أن تصل إلي بليونات الدولارات والتي ستعجز عنها أجيال وأجيال وأجيال قادمة عن سدادها ومع الوقت والزمن ستصبح مصر بسبب ديونها كدول غرب ووسط أفريقيا التي تسيطر عليها فرنسا وتفرض عليها سياسيات مالية فرنسية و التعامل بالفرنك الفرنس وتجعلها تودع الإحتياطي النقدي لها في البنك المركزي الفرنسي
إستبدلت اللجنة المشتركة المشكلة لمراجعة القانون في المادة الثانية منه عبارة ( بخطة التنمية الإقتصادية والإجتماعية ) إلي ( بالموازنة العامة للدولة ) وعللت بأن هناك مشروعات إستثمارية وإقتصادية وتنموية تكون غير مُدرجة بالموازنة العامة للدولة في حين كل المشروعات تكون مُدرجة بخطة التنمية الإقتصادية والإجتماعية للدولة ، ومعني هذا علي الواقع أن الهدف هو إستكمال تمويل مشروع العاصمة الإدارية الجديد ومدينة العلمين أياً ما كان ثمن ذلك .
يمنح القانون للجهات الدائنة أفراد أوهيئات أو دول اللجوء إلي التحكيم الدولي فيما يخص المنازعات التي تنشئ في بعض أو كل ما ذكر في القانون وهو ما يعني أن مصر لم تتعلم من سوابقها الكارثية مع التحكيم الدولي الذي لا يخضع الدائن لثمة آلية منازعة قضائية داخل مصر ، كما أن الكثير من القائمين علي أعمال وعقود تخضع فيها مصر للتحكيم الدولي يًلجأ القائمين عليها إلي الإخلال العمدي بقواعد وآليات العمل والعقد طمعاً في تربح سريع وعمولة ما .
سيصبح للدائنين الحق في تعيين مندوباً لهم للإشراف علي سياسات وزارة المالية المصرية بل وفرض نهج هذه الدول الدائنة علي سياسات البنك المركزي المصري ومن ثم التحكم الكامل في مدخلات ومخرجات الدولة المصرية .
ستنتقل الملكية الخاصة وملكية المنفعة العامة المربوطة بالصك إلي الدائن الذي سيصبح له حق التصرف فيها وقتما يشاء وكيفما يشاء .
ربما نفاجئ ذات يوم بأن الدائنين أياً ما كانت كينونتهم يتحكمون في تحديد ورسم أولويات الموازنة العامة للدولة المصرية بعد وضع في الإعتبار أولوية سداد الدين وفوائده .
رداً علي ما جاء في فلسفة ذلك القانون حيث ذكر :- ( البحث عن وسائل جديدة لتمويل عجزالموازنة العامة للدولة بتنويع مصادر التمويل ) ، وهنا علينا التوقف برهة حيث كون الحكومة تبحث عن طرق تستدين بها لسد عجز الموازنة العامة للدولة ، ولم تفكر إطلاقاً في كون سد عجز الموازنة العامة للدولة وتحقيق فائض لن يتحقق بالديون وإنما بالتوسع في ( المشاريع الإنتاجية الصناعية والزراعية وتطوير الصناعات الوطنية العملاقة وتوسيع الرقعة الزراعية وإستصلاح الأراضي والبحث عن المحاصيل الإنتاجية التي يمكن أن يقام عليها نشاط صناعي ) ، والتوقف السريع عن المشاريع الوهمية التي تهدف إلي رفع الروح المعنوية للشعب ، والتوقف عن تحويل الدولة إلي سمسار عقاري .
خطورة هذه الصكوك تأتي بكونها تختلف عن السندات وأذون الخزانة حيث تخضع وفق القانون للمضاربة وتتعرض للخسارة والربح وهنا يأتي التساؤل وذلك علي إفتراض حسن نية الدولة :- ماذا ستكون النتائج بعرض الملكية الخاصة للدولة للبيع أو التأجير في البورصة المصرية أو البورصات العالمية ؟؟ الإجابة :– هو خروج الملكية الخاصة للدولة عن سلطتها وعن سلطة أي جهة مصرية وعدم مقدرتها علي منع إسرائيلين أو صهاينة من نقل الملكية الخاصة للدولة إليهم .
إنشاء شركة للتصكيك السيادي تتولي هي إدارة هذا العمل ومنحها صفة السيادية يُخرجها نهائياً من الخضوع لأي معايير رقابية أو تشريعية أو إشرافيه تابعة للدولة المصرية وبالتالي الإنتقال إلى سيناريوهات أكثر كارثية من فساد لن يستطيع أحد إيقافه إطلاقاً .
عند النظر في مفهوم الملكية الخاصة للدولة تجد أن الأمر يتعلق بالأراضي المصرية الصحراوية والزراعية والشاطئية وطرح النهر وهي المسائل التي نظمها القانون رقــم 100 لسنة 1964 الصادر ( بشأن تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها ) وما أدخل عليه من تعديلات لاحقة بقانون أو قرارات وزارية أو قرارات من مجلس الوزراء أو قرارات من رئيس الجمهورية وتشمل ما يأتي :- (1) مجموعة القواعد المنظمة لتأجيرأملاك الدولة الخاصة وتعديلاتها ، (2) مجموعة القواعد المنظمة للتصرف في أملاك الدولة الخاصة ، (3) ثم التشريعات الخاصة التي تنظم إدارة بعض أنواع العقارات المملوكة للدولة ، ومن ثم علينا أن نفهم أن هذه الصكوك سوف تصدر في إستهدافها وتقديرها الأول علي الأراضي المصرية بتنوعها .
غياب تصور واضح ومُعلن للرأي العام يجتمع عليه خبراء ومتخصصون ووضع منهج للمسائلة والحساب ينقل مصر من مساؤي وفساد الخصخصة إلي فساد أكبر ينتهك أصول ومقدرات هذه الأمة في الملكية العامة مثل :- ( السكة الحديد – المستشفيات الحكومية – الجامعات الحكومية - نهرالنيل – المترو – السد العالي – قناة السويس – الألمونيوم – كيما – مصر للطيران – الأثار المصرية المكتشفة أو تحت التنقيب – البنوك – الأوقاف الإسلامية – الأوقاف المسيحية – وغيرها ) .
العودة بالتاريخ إلي سيناريو المندوب السامي ( كما حدث بعد إغراق مصر في الديون من الخديوي إسماعيل الأمر الذي دفع ببريطانيا وفرنسا لتعين مندوب سامي لهم في مصر ) ومن ثم سينتقل الأمر إلي رسم وتحديد مسار السياسة العامة المصرية .
ورد بالقانون ( مد عمر محفظة الدين ) ومعني هذا أن تكون مدة الصك علي أمد طويل من 20أو30أو40 أو50 عاماً بحيث لا يتعارض مع المدة الواردة بقانون الإحتكار والتي لا تزيد عن ستون عاماً ، وهنا نتوقف كم من الأجيال ستنشئ علي الأراضي الممنوحة بموجب الصك ؟! ، وكيف سيتم التعامل معهم مستقبلاً ؟! وهل هم مصريين أم جنسيات أخري ؟!
وعندما نربط الأمر بما جاء من تعديلات علي ( قانون الإقامة للأجانب رقم 89 لسنة 1960 والقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ) في يوليو 2019جاء يستبدل بنص المادة 17 من القانون رقم 89 لسنة 1960 بنص المادة 4 مكرراً ) :- ( على أنه يجوز لرئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوحدة المشار إليها في المادة 4 مكرراً 1- والتي سيتم إنشاؤها بمجلس الوزراء لفحص طلبات التجنس المقدمة – منح الجنسية المصرية لكل أجنبي قام بشراء عقار مملوك للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة ، أو بإنشاء مشروع استثماري وفقا لأحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017 ، أو بإيداع مبلغ مالي بالعملة الأجنبية كإيرادات مباشرة تؤول إلى الخزانة العامة للدولة أو كوديعة في حساب خاص بالبنك المركزي ) . المادة الثالثة :- ( يُضاف إلى القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية مادتان جديدتان برقمي ( 4مكرر1 ، 4مكرر2 ) وجاء فيها تقديم طلب التجنيس بعد سداد رسم قيمتة عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يُعادله بالمصري يُسدد بموجب تحويل بنكى من الخارج ) ! وهذا معناه مخالف لكل القواعد والأسس التي تُمنح عليها الجنسية في كل بلدان العالم ، وهو ما يعني أننا أمام مستقبل غامض .
وعندما تنظر في التقارير التى تمتدح النهج الإقتصادى المصرى تجدها تقارير تصدر بالمخالفة للحقيقة والواقع بل وتخالف تقارير رسمية مصرية كالجهاز المركزى للمحاسبات أو الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وكأن هناك إصرار على إعطاء معلومات مُضلة ومنها :- ( مؤسسات دبى وأبوظبى ومواقعها الإقتصادية – وكالة كابيتال إنتليجينس للتصنيف الإئتمانى - مؤسسة موديز – وكالة فيتش – شركة ستاندرد أند بورز – مؤسسة جولدمان ساكس – مجموعة مؤسسات البنك الدولى ( البنك الدولى للتعمير والإنشاء ، المؤسسة الدولية للتنمية ، مؤسسة التمويل الدولية ، الوكالة الدولية لضمان الإستثمار ، المركز الدولى لتسوية منازعات الإستثمار )) .
المشهد برمته يُعيد الدولة المصرية للمربع رقم صفر لفكرة قد ولت دفعت مصر ثمنها من الدماء في 1956 حينما أراد عبد الناصر إنهاء حقوق الإمتياز الأجنبية علي قناة السويس .
الدول الدائنة لن تقبل ببقاء الجيش المصري بحالته الراهنة فهو سيكون عقبة أمام بقاء هؤلاء الدائنين وتحكمهم في مصر فستجد يوما ما قراراً من هؤلاء الدائنين بتسريح الجيش المصري علي غرار ما حدث في العراق بعد الإحتلال الأمريكي في2003 أو تحويله علي أفضل الأحوال إلي قوة شرطية .
الخلاصة :- من وجهة نظري المتواضعة نحن الآن أمام سيناريو جديد قديم من التاريخ حيث سماح الدولة العثمانية لليهود بشراء أراضي في القدس إستجابة لمطالب بريطانية استعمارية ، ثم ما كان من الإنتداب البريطاني علي فلسطين والسماح لبريطانيين وفرنسيين وروس بشراء أراضي بأموال صهيونية بهدف الإستثمار والتجارة لتتحول تلك الأراضي بعد نكبة 1948 إلي كيبوتس ومستوطنات صهيونية .
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هذا نهجاً إقتصادياً تقبله مصر فهو ما سيسمح بالإستثمار القذر وفكرة الصكوك بشكل عام يمكن تنفيذها في الملكية الخاصة للأفراد أو للشركات الخاصة أو للبنوك الخاصة لكن فكرة طرحها من دولة بقيمة مصر وعلي ملكيتها الخاصة فهو أعلي قدر من المخاطر التي يمكن أن تطيح بالإقتصاد والسياسة في هذا الوطن بل تلقي بالدولة والأمن القومي المصري في غياهب الجُب .



#وائل_رفعت_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية عن مستقبل أفغانستان ما بعد أمريكا
- الفلسطيني المُبدع وإسرائيل المُنكسرة
- الصمود الفلسطيني مآلات ونتائج جديدة
- العرب بين باب العمود ودير السلطان
- إنفجار مرفأ بيروت و نهش الضباع !
- رداً على المطبعين العرب من تاريخ وواقع الصهاينة
- أرجوك لا أستطيع التنفس أنا أموت يا أمريكا
- ضم مستوطنات الضفة الغربية و صرخات د/ محمد عصمت سيف الدولة
- فيروس كورونا المستجد و نشأة العالم الجديد
- فيروس كورونا و نهاية الهيمنة الأمريكي
- الثورة العراقية بين السليماني وترامب
- تجارة السلاح بين الإستعمار والإستبداد – الجزء الخامس
- الزلزال يضرب عرش مصر !
- ضربات المقاومة والإنتخابات الإسرائيلية
- تجارة السلاح بين الإستعمار والإستبداد – الجزء الرابع
- تجارة السلاح بين الإستعمار والإستبداد – الجزء الثالث
- تجارة السلاح بين الإستعماروالإستبداد - الجزء الثاني
- تجارة السلاح بين الإستعماروالإستبداد
- لماذا يرفض البعض تعديل الدستور ؟
- كامب ديفيد دمرت مصر واضاعة العرب


المزيد.....




- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن المجاعة في شمال غزة “وشيكة ...
- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى
- عهد جديد للعلاقات بين مصر وأوروبا.. كيف ينعكس على حقوق الإنس ...
- -إسرائيل اليوم-: نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبا ...
- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - وائل رفعت سليم - سيادة الدولة المصرية بين الديون و قانون الصكوك السيادية !