أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء هادي الحطاب - حارات دمشق القديمة














المزيد.....

حارات دمشق القديمة


علاء هادي الحطاب

الحوار المتمدن-العدد: 7004 - 2021 / 8 / 30 - 14:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


علاء هادي الحطاب

أتيحت لي فرصة السفر إلى دمشق بالرغم من إجراءات السفر المعقدة، ولم أكن اتوقع أن أرى دمشق القديمة تحافظ على تراثها وأبنيتها كما كانت نتيجة لظروف الحرب التي مرت بها وما تزال، وبالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب جدَّاً الذي تمر به إذ لا تستطيع الحكومة هناك – مثلا – توفير الوقود بكل أنواعه مما زاد من عتمة الشام وريفها، وبالرغم من صعوبة العيش لأفرادها وانهيار عملتها وضعف الدخل الشهري لمواطنيها مقابل إنفاقهم فقط على حاجاتهم الأساسية، والوضع المعيشي هناك يشبه إلى حد كبير وضعنا إبان الحصار الاقتصادي بل وأسوأ بكثير، فالموظف هناك مهما كانت وظيفته العمومية لا يمكنه سد رمق عيشه لأيام إزاء ما يتقاضاه من راتب شهري، فكيف ببقية الخدمات التي تُقدم له.
ومع كل ذلك وأكثر ما تزال دمشق القديمة تحافظ على تراثها وأبنيتها ومحالها وحاراتها كما كانت، فالمحال والبنايات وحتى الدور هناك حافظت على نسق وشكل واحد؛ لا تجاوز على الرصيف ولا واجهات بلاستيكية شوّهت مناظرها وغيّبت ملامحها، فواجهات المحال كلها من الخشب كما كانت وحتى لافتات وأسماء الأبنية حافظت على شكلها التراثي الموحّد، فلم يُترك المجال وفق القانون ووسائل إنفاذه أن يجتهد أصحاب البنايات لتزيين بناياتهم بل الجميع هناك ملتزم بالشكل الموحّد الذي كانت عليه.
وهذا الأمر مضافا إلى كونه ثقافة عامة لدى أفراد الشعب بضرورة الحفاظ على تراثهم وآثارهم فقد كان للقانون وقوة وصرامة تنفيذه دور في ذلك، كذلك الخدمات البسيطة من قبيل مجاري الامطار والمياه فهي الأخرى مرتبة وكأنَّها في بلد متمكن اقتصاديا لإدامتها، فلا ترى مواطناً يرمي النفايات على قارعة الطريق ولا آخر يفتح صنبور المياه على عواهنه، ولا لنافذ هناك أن يبني بناء مضافا ويتمدّد على استحقاقه.
وهنا وكأي عراقي يشاهد بلداً أقل من كفاءة بلده اقتصاديا ليس له الا أن يقارن بين الحالتين وبمجرد حضور تلك المقارنة يحضر معها الألم والحسرة، فحارات بغداد القديمة تحولت إلى مكبات للنفايات ومجاري المياه الآسنة خرجت عن الخدمة وظهرت بشكل مقرف فوق الاسفلت – طبعا – إن وجد هذا الاسفلت فلا تستطيع أن تتجول في أزقة الكفاح أو الميدان أو قنبر علي أو الشواكة أو غيرها دون أن تستنشق الروائح الصادرة عن شوارعها، فضلا عن الاستمتاع بتراث أبنيتها الذي غيّبته واجهات “الايكيبوند” وألوان الطلاء المنوعة وواجهات تلك الأبنية التي اندثرت وحلّ محلها الفوضى والعشوائية في كل شيء.
والتقصير هنا لا يقع على المؤسسات الخدمية فقط وإن كان تقاعسها عن أداء دورها هو السبب الرئيس بل يقع التقصير أيضا على المواطن الذي فرّط لسبب أو لآخر بجمالية الحفاظ على محله وبنايته، وأس المشكلة يكمن في غياب القانون الذي يحافظ على هذا التراث وإن وجد القانون فغياب سلطة إنفاذه كان السبب في عدم بقاء تلك الأحياء القديمة التي تحولت الكثير من أبنيتها القديمة إلى مخازن للخشب والبضائع وبعضها الآخر تهاوت وباتت مجرد خرائب لا يمكن النظر اليها وبعضها الآخر تم هدمه وتحويله إلى عمارات لمكاتب أو شقق سكنية، وبهذا اندثرت وضاعت من بين أيدينا بغداد القديمة، ولم يكن لصاحب القرار رؤية لتحويل تلك البنايات إلى أماكن تراثية ومتاحف ومشغولات فنية أو غيرها وما أكثر حاجتنا اليوم إلى أماكن جذب للمواطن العراقي فضلا عن غيره تحاكي آثاره وحضارته وتراثه.
وما بقي من بغداد القديمة وأزقتها يصعب الحفاظ عليه اليوم لتراكم وتعقّد الحلول وتقبّل المواطن لها لأسباب كثيرة؛ تبدأ بالثقافة العامة ولا تنتهي بدور القانون ووسائل تنفيذه.



#علاء_هادي_الحطاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفكير أكاديمياً
- خارج الصندوق
- تغييب الوعي
- منطقة مشتعلة
- محرم الوعي
- يوم الشباب الدولي
- قدسية الاصوات
- اشويه.. استقرار سياسي
- مسؤوليتنا
- دعاياتكم.. لا تُشبع ولا تؤمن
- العراق الذي انتصر
- لهيب الانتخابات
- حرب التشجيع
- خطوة الى الوراء
- الموجة والتلقيح
- اشارة الخضراء
- Clubhouse
- تخليد الذكرى
- الدولة واللادولة
- لإجراء اللازم


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء هادي الحطاب - حارات دمشق القديمة