أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد علي - الفرح العام وشرقنا الحزين














المزيد.....

الفرح العام وشرقنا الحزين


احمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 07:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لأننا ممنوعون من الفرح, في شرقنا الأوسط القديم، أو الأوسخ الجديد، فان نشر هذا المقال، قد تأجل بسبب الحرب الأخيرة وما رافقها ، من الهمجية الإسرائيلية، في قتل المدنيين ، وذبح لبنان من الوريد إلى الوريد، إذ لم يكن مناسبا الحديث حتى عن فرح الآخرين في هذا الجو الحزين.
الفرح العام ، أو الأصح القومي ـ لم استعمل الكلمة لأنها باتت لا تعني إلا كل ما هو سيئ ـ مصطلح غير موجود في لغاتنا الشرقية، والسورية منها خاصة، لأن اللغة مرآة الحياة، ولأن هذه الحالة ، لم نعشها لا في الماضي ولا في الحاضر ، وربما ليس في مستقبل قريب. لذا وجب توضيح معناه. الفرح العام يمكن وصفه بأنه حالة عفوية من الفرح، يتشارك فيه شعب بأكمله، أو الأكثرية منه، يعبرون عنه بنزول الألوف إلى الشوراع والساحات متوحدين في هذا الشعور، بدافع من إنجاز عام، قد يكون سياسيا أو اقتصاديا، أو علمــيا، أو ريــاضيا ...الخ. ولأنني من جيل البعث بامتياز ـ كما يقال عندنا قي سوريا ـ حيث ولدت قبل اشهر قليلة من قيام ثورته المجيدة، فأنني لم اعش هذه الحالة، لا بل لم اكن اعلم بوجودها أصلا، إلى أن داهمتني في ألمانيا أثناء المونديال الأخير.
الألمان معروفون بالجدية البالغة، أو بتعبير آخر هم أميل إلى التشاؤم ، وعدم الرضى منه إلى التفاؤل، وخاصة في فترة السنوات القليلة الماضية ، حيث الأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدل البطالة، وهجمة اللبرالية الجديدة الشرسة على نظام الضمان الاجتماعي. وما زاد في هذا الشعور ، ما كان يقال في الإعلام عن ضعف الفريق الألماني ، وضعف مقدرته على إنجاز شيء مهم أثناء المونديال. لكن ، ومع بدء توافد الفرق الأجنبية وجمهورها ، بدأ وجه ألماني آخر بالظهور ، وخاصة بعد المباريات الأولى للفريق الألماني، وفوزه بها، حيث بدأت مجاميع الناس بالتعبير عن فرحها في الشوراع والساحات ، وحيث غزت الأعلام الألمانية البيوت والشوارع والسيارات، وحتى خدود الصبايا. مجموعات الشباب ترقص ،تغني، مسيرات السيارات ، حفلات حتى الصباح ... الخ . هذا الفرح الجماعي أظهر شعورا وطنيا ألمانيا جميلا ـ بخلاف معناه الشائع ـ وظهر أمام ناظري، بأنه حتى كرة القدم ، يمكن أن ترفع من معنويات الناس، وحتى من غير المهتمين بها، وهو شعور وصفته بالجميل ، لأنه لم يكن موجها ضد أحد ، إذ انه من المعروف أن المشاعر القومية تتأجج ، عادة ضد أحد ما في الداخل أو الخارج ، بحق أو بغيره ، بالعكس من ذلك كان شعوراً مرحباً بالجميع، وبكل ضيف أتى إلى ألمانيا في هذه المناسبة. ولأنه عبر عن انفتاح الألمان على بقي فئات المجتمع من المواطنين الأجانب ، والعكس أيضا. فمع صافرة النهاية في كل مباراة فاز فيها الفريق الألماني، كان الشباب يقفزون إلى الشارع، وفي اكثر الأحيان من النوافذ، يبدؤون الرقص والغناء، ألمان وأجانب سوية، يوحدهم الشعور بان هذا هو فريقهم جميعاً ، ولأول مرة عشت أنا على الأقل هذا الانفتاح العميق والبسيط للناس على بعضهم .
ولعل قمة التصرف الحضاري، عندما خسر الفريق الألماني أمام الإيطالي ، ومن ثم فوزه بالكأس ، حيث تحولت هانوفر إلى مدينة إيطالية، آلاف الإيطاليين في الشوراع ، مئات السيارات ، بحر من الأعلام الإيطالية ، في مظاهر فرح إيطالية قريبة إلى الشرق ،حيث فوضى الفرح ، على غير عادة الألمان ، هذا الفرح الذي استمر حتى ساعات متأخرة من الليل ، ولم يعترض عليهم أحد ، حتى البوليس ، رغم خرقهم لقوانين السير الصارمة في ألمانيا.
في ساحة المدينة هذه ، وحيث الأفراح قائمة، ذهب الخيال بي بعيدا، وانتابني شعور بالحزن ، وأنا أحاول تذكر يوم فرح، أو شبه فرح عام عشناه ، فلم أتذكر إلا أحزاننا ، وأيام الفرح الخلبية التي كنا مجبرين فبها على التعبير عن فرحنا العارم، بكل مناسبة حزبية، أو ما تسمى وطنية أو قومية ،أو أي انقلاب عسكري على انه ثورة، تلك الأفراح والتي رغم الرقص والطبل والزمر، لم تكن تجد فيها من كان يضحك .
وبعودتي من غفوة أفكاري ، على موسيقى احتفالات الإيطاليين، وجدتني أحاول الإجابة بدون جدوى ، على سؤالٍ هو، لماذا حتى أفراح الآخرين،لا تذكرنا إلا بأحزاننا؟.



#احمد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفسر الماء بعد الجهد بالماء
- حياتي الكردية
- تحية إلى الرفاق في حزب البعث
- انتظار...انتظار ثم الانتظار
- تغير حساس ولكنه عقلاني
- عنصرية كردية
- بكداشية في زمن لا سوفيتي
- الحزبية الكردية في آخر انقلاباتها
- نحن اوروامريكان الله .....و ما بنعرف
- ألمانيا، ماركس وعودة الشبح
- الذكرى التسعين للمجازر الأرمنية - 3
- (الذكرى التسعين للمجازر الأرمنية ( 2
- الذكرى التسعين للمجازر الأرمنية.
- هذا الصمت المريب!!!
- نظرية أم عمار
- الاندروفر
- محكمة أمن الدولة السورية تعترف بدولة كــردية
- *نكتة سورية جديدة او حزب البعث يحظر الأحزاب المحظورة اصلا


المزيد.....




- مصر.. ما يحصل بالبحر المتوسط ومصير مدن مثل الإسكندرية بعد في ...
- ترامب يمارس -ضغوطا هائلة- لتمرير مشروع قانون يثير قلق الجمهو ...
- ميكروبات تحوّل النفايات البلاستيكية إلى باراسيتامول
- هل تشكل صحة العظام قلقا للرجال؟
- مصدران أميركيان: إيران أجرت استعدادات لتلغيم -مضيق هرمز-
- موجة حر مبكرة تجتاح دولا أوروبية.. وتسجيل درجات حرارة قياسية ...
- أكسيوس: إسرائيل مستعدة لمحادثات مع حماس لإتمام صفقة الرهائن ...
- بسبب انخفاض المخزون.. أميركا توقف شحنات أسلحة إلى أوكرانيا
- دولة أوروبية تحظر استخدام الألعاب النارية ليلة رأس السنة
- الاتحاد الأوروبي يعلن استعداده لتسهيل استئناف مفاوضات البرنا ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد علي - الفرح العام وشرقنا الحزين