مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6998 - 2021 / 8 / 24 - 01:19
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
كنت أسير في شوارع إستانبول ، هنا بقايا السور البيزنطي القديم الذي صمد طويلًا قبل أن ينهار أخيرًا تحت ضربات الغزاة ، هناك كنيسة أصبحت مسجدًا فمتحفا فمسجدا و قد تصبح في الغد أي شيء يريده سادة المدينة و ربما غزاتها الجدد … هناك شاهدت محمد الفاتح وسط انكشارييه و فرسانه و مدافعه الثقيلة تحيط به حاشيته بقلنسواتهم و نظراتهم الغبية ، نظرت إلى الفتى و قلت له ، تعال يا محمد نبني مدينة أجمل من القسطنطينية ، تعال نبني بيوتًا أطول و أقوى ، تعال نزرع ورودًا أجمل ، تعال نكتب أشعارًا أحلى ، تعال نبني مدينة لا غنيًا فيها و لا فقير ، لا سيدًا و لا عبد … لكن الفتى لم يكن يسمعني ، كانت عيناه معلقتان بالأسوار ، لم يكن يسمع إلا هدير القنابل و لا يرى إلا كنوز القسطنطينية و كل الذهب الذي في الأرض … كان الجنود يقصفون الأسوار بحماس و عيونهم تشخص إلى البعيد ، وراء تلك الأسوار الكثير من الذهب و الفضة ، نساء جميلات و قصور بأسقف مرتفعة كان سكانها على وشك مغادرتها إلى الأبد … كان رب العسكر يوزع خمره على الجنود و كان السلطان ثملًا و السماء تردد صدى الموت القادم … خاطبت الفتى من جديد ، دع عنك هذه المدافع يا محمد و تعال نشرب بعض الخمر و نستمع لمولانا جلال الدين و نرقص حتى الصباح ، دع عنك هذه السيوف و تعال نعربد حول النار ، نبحث في الشاطئ عن أصداف غريبة و نحاكي النوارس و نستحم بزبد البحر … كانت البيوت على وشك أن تودع سكانها و أن تستقبل سكانًا جددًا يملكون مدافعًا أكبر و كان ذهب القسطنطينية و قصورها على وشك أن تودع أصحابها هي أيضًا لتستقبل أصحابا جدد ، كان رب الجنود يعيد توزيع الغنائم من جديد ، سيعربد الجنود بعد يومين ، ستسيل الدماء بلا حساب و ستصدح صرخات النصر و الرعب و سيصلي الجميع قتلة و مقتولين ، لرب العسكر … نام الفتى تلك الليلة و استيقظ سلطانًا في الصباح أما أنا فكنت أمشي في شوارع مدينة تختبئ خلف أسوار تنتظر غزاة يملكون مدافع أكبر
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟