أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - الانسحاب الأميركي من أفغانستان: ملاحظات أولية















المزيد.....

الانسحاب الأميركي من أفغانستان: ملاحظات أولية


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 6993 - 2021 / 8 / 19 - 14:55
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لم يكن الانسحاب الأميركي من أفغانستان مستغرباً، فالاحتلال عموماً إلى زوال، وطالما أنهت الولايات المتحدة احتلالها لدول الغير بانسحاب مذل كذلك الذي شهدناه قبل أيام في كابول، فخروجها في الماضي من فيتنام والصومال والصور التي التقطت لتلك اللحظات بقيت مطبوعة في الاذهان. تدعي الولايات المتحدة أنها انسحبت من أفغانستان لأنه لم يعد لها مصلحة في البقاء. والحقيقة أن إنسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في هذا الوقت بالذات، والذي جاء بعد إنقضاء عقدين كاملين من الاحتلال، يبدو محيراً.

فإذا جاء انسحابها اليوم بحجة أنها حققت الهدف من غزو أفغانستان عام 2001، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فهذا غير صحيح، إذ نجحت الولايات المتحدة بهزيمة القاعدة المسؤولة عن الهجوم وأسقطت حكم حركة طالبان في أفغانستان بعد فترة قصيرة واحتلت البلاد. والحقيقة أن الولايات المتحدة تخرج اليوم من أفغانستان بعد أن تركت الساحة خالية لحركة طالبان، ومع وجود جدل كبير في مراكز الدراسات الأميركية حول مستقبل القاعدة في ظل الوضع الجديد وسيطرة حركة طالبان على البلاد. واذا جاء انسحابها انطلاقاً من نجاحها في ترسيخ نظام أفغاني صديق وحليف للولايات المتحدة، استغرقت من أجل تشييده عقدين كاملين، وأنفقت لاعداده ترليون دولار، فعلى الولايات المتحدة أن تعترف بهزيمتها، لأن توقعاتها بصموده لاشهر بعد انسحابها أيضاً جاءت مخيبة تماما كما جاء تخطيطها لبنائه وترسيخه.

كما أنه من الصعب اعتبار خروج الولايات المتحدة من أفغانستان حنكة سياسية، على أساس أن منطقة الشرق الأوسط لم تعد في صلب اهتماماتها، وأنها تضع كل ثقلها السياسي اليوم بمحاصرة وتقويض الصين. إن الدور الذي تلعبه أفغانستان، البلد الغني بالموارد الهامة، لا يبتعد كثيرا عن الملعب الصيني. وتسعى الصين، التي تمتلك حدود مع أفغانستان، لأن تكون أفغانستان ضمن مخطط طريق الحرير، وهو الأمر الذي بات ممكناً أكثر، خصوصاً وأن حركة طالبان مدعومة بشكل أساس من حكومة باكستان الحليفة المقربة من الصين. وقد يشير تكثيف التواصل بين حكومة الصين وحركة طالبان مؤخراً إلي تطورات محتملة قريبة في العلاقة بين البلدين. وتبقى أفغانستان بموقعها الجغرافي وتركيبتها السكانية دولة مهمة لإيران، العدو المعلن للولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط، وورقة مهمة ممكن أن تستخدم ضد الولايات المتحدة، خصوصاً بعد أن خسرت الولايات المتحدة أفغانستان وباتت علاقة حركة طالبان مع صانع القرار الإيراني محمل تخمين وتحليل لمستقبل غير مضمون.

ويبقى السؤال المحير، لماذا انسحبت الولايات المتحدة الان وبهذه الطريقة المذلة وهي لم تحقق أياً من أهدافها. ويبدو أن الولايات المتحدة أقرت بهزيمتها، بعد فشلها في تحقيق أهدافها، فأرادت أن تغرق البلاد في حالة من الفوضوي وربما حرب أهلية، تعطل مصالح الصين في أفغانستان ومستقبل أي تعاون إقتصادي مستقبلي ممكن معها، وتشكل خطرا اضافياً على أمن إيران والتي يمكن أن تتورط بشكل أو بآخر في هذه الحرب. كان قد جاء في تقرير للمخابرات الأميركية أن الجيش الافغاني يمكنه أن يصمد أمام مقاتلي طالبان لأشهر، أي أن الولايات المتحدة كانت تضع في اعتبارها احتمال لاشتعال فتيل الحرب الأهلية.

كما يبدو أن الولايات المتحدة عجلت في عمليات انسحابها من أفغانستان، في ظل التقدم السريع والمحسوب لحركة طالبان، بهدف التراجع عن وعودها لاتباعها والمحسوبين عليها من الأفغان، والذين وعدتهم بالحماية، ويقدر عددهم بعشرات الآلاف، فركزت على اخلاء الأمريكيين من كابول، وتركت الالاف ممن وثقوا بها ليلقوا مصيرهم المحتوم. ولا تخرج تلك الصور واللقطات لألاف الأفغان الذي تبعوا القوات الأميركية إلى مطار كابول طلباً للحماية الأميركية، عن هذا التفسير المرتبط بالوعود الاميريكية لهم.

هناك عددٍ من الملاحظات الهامة:
- يأتي استثمار الولايات المتحدة في أنظمة حكم إما بتركيبها أو بدعمها بهدف تحقيق مصالحها وليس بهدف ادعائها بتحقيق الديمقراطية. وأكدت كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميريكية السابقة، عام 2017 على أن هدف الولايات المتحدة من غزو العراق وأفغانستان لم يكن تحقيق الديمقراطية، بل تحقيقاً مصالح بلادها الخالصة. أن ذلك يفسر سياسة الكيل بمكيالين فيما يتعلق بتطبيق القيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان، ففي حين تتغاضى أميركا عن تطبيق تلك القيم والمبادئ من قبل حلقائها، تستخدمها ذريعة لانتقاد الأنظمة التي تتعارض معها وتتحدى سياساتها.

- أثبتت التجارب تخلى الولايات المتحدة عن حلفائها بسهولة، بعد تحقيق مصالحها أو فتور إهتمامها أو هزيمتها. وترسم صور الاف الأفغان الذين تركتهم القوات الأميركية حول السفارة الأميركية في كابول وحول طائرات النقل العسكرية في مطار العاصمة الأفغانية لمصيرهم الغامض هذه الحقيقة. لم تتخل الولايات المتحدة عن اتباعها في أفغانستان فقط، فقد فعلت ذلك في العراق أيضاً بعد انسحاب قواتها عام 2011، وتركت الكثيرين منهم يواجهون خطر التصفية والاغتيال، وحتى من استطاع منهم الخروج سالما من العراق لم تتبنه حكومة الولايات المتحدة ولم تضمن له حياة كريمة.

- إن تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها لا يتعلق فقط بالافراد وإنما أيضاً بالاحزاب والجماعات المسلحة والانظمة والحكام، كما كان ذلك واضحا في أفغانستان والعراق ودول أخرى، ما أثار الشكوك لدى الكثيرين في مصداقية الولايات المتحدة، وجدوى التعويل عليها من قبل حلفائها في الأوقات الصعبة. فقد صرح عدد من القيادات الإسرائيلية، بعد سقوط كابول، بأن على إسرائيل أن تعتمد على نفسها وليس على أية جهة أخرى، في إشارة إلى الولايات المتحدة. ويعد ذلك الموقف السابق صفعة كبيرة للولايات المتحدة، في ظل كون إسرائيل الحليف الأقرب عالمياً للولايات المتحدة.

سجلت إدارة الرئيس بايدن لنفسها فشلاً ذريعاً في الطريقة المذلة التي انسحبت بها القوات الأميركية من أفغانستان، فقد كان بمقدور هذه الإدارة القيام بانسحاب يحفظ لها ماء الوجة. وستبقى صور سقوط كابول السريع في أيدي حركة طالبان وصور الفوضى التي عمت مطار كابول أيضاً حاضرة في الأذهان لعقود طويلة قادمة، كما كانت الحال في سقوط سايغون في أيدي الفيتكونج وطائرات الهليكوبتر الأميركية التي نقلت رعاياها وبعض المتعاونين معها من فوق أسطح المباني، في مشهد مشابه لما شاهدناه في مطار كابول.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الظل في المنطقة: محاولة لفرض معادلات جديدة
- بينت وتقليص الصراع: الحل ليس على الاجندة الإسرائيلية
- معادة السامية: الإدعاء الذي فقد صداه
- التحكم بأموال المقاصة وبروتوكول باريس
- قانون المواطنة في إسرائيل: أول الغيث قطرة
- مفارقات العلاقة الأميركية الفلسطينية
- حكومات جديدة ومعطيات متجددة في المنطقة
- قمة بايدن – بوتين والسلام البارد
- تطور مجريات الانتخابات الرئاسية الإيرانية وتأثيراتها المحتمل ...
- القضية الفلسطينية: متغيرات جديدة قد تخلخل معادلة الصراع
- ما بعد حرب غزة لا يشبه ما قبلها
- غزة تنتصر ...
- حي الشيخ جراح: الصمود والتحدي خيارنا الوحيد
- 100 يوم تحت المجهر: سياسة بايدن الخارجية تجاه الشرق الأوسط
- الانتخابات الفلسطينية في القدس: ما قبل عهد ترامب لا يشبه ما ...
- انفجار نطنز: ضربة ثلاثية الأبعاد
- هل سينجح نتنياهو في الاحتفاظ بالسلطة هذه المرة؟
- التنين الصيني والأسد الإيراني: شراكة إستراتيجية مهددة لطموحا ...
- سد النهضة: مصر وأثيوبيا ما بين التصعيد والاحتواء
- العلاقات المصرية التركية إلى أين؟


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - الانسحاب الأميركي من أفغانستان: ملاحظات أولية