أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - القضية الفلسطينية: متغيرات جديدة قد تخلخل معادلة الصراع















المزيد.....

القضية الفلسطينية: متغيرات جديدة قد تخلخل معادلة الصراع


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 6917 - 2021 / 6 / 3 - 17:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


تمر القضية الفلسطينية اليوم بأحداث هامة أو متغيرات جديدة قد تؤثر على معطيات معادلة صراع الفلسطينيين مع الكيان الصهيوني، عكستها التطورات الميدانية الأخيرة في فلسطين. وطالما مالت كفة ميزان تلك المعادلة لصالح دولة الاحتلال، انطلاقاً من قدراتها العسكرية النوعية القادرة على تدمير أي قوة عسكرية يراكمها الفلسطينيون في سبيل حرب تحريرهم، ناهيك عن سيطرتها الأمنية المطلقة على السكان الفلسطينيين العزل خصوصاً في الضفة الغربية ومدينة القدس وضواحيها أو في حصارها لقطاع غزة. ترصد هذه الورقة ثلاثة متغيرات مهمة تبدل معطيات معادلة الصراع بين الفلسطينيين ومحتلهم، وقد تنتج اختلال توازنها لصالحهم، إن أحسنوا استثمارها. ويتعلق المغير الأول بالفلسطينيين أنفسهم بينما الثاني بإسرائيل في حين يرتبط الثالث بالولايات المتحدة.

أثبتت الأحداث الميدانية الأخيرة في فلسطين، والتي جاءت بداية في حي الشيخ جراح وما لحقها من توترات في محيط المسجد الأقصى والتي إنتهت بحرب غزة الرابعة، وجود عناصر لا متناهية للقوة يمتلكها الفلسطينيون، أولها القوة المادية التي تدعمت هذه المرة بانكشاف وحدة الهوية. إن اتحد الفلسطينيون في جميع أماكن تواجدهم في الأحداث الأخير في ملحمة أسطورية، عكست سر من أسرار قوتهم، وأثبتت فشل الاحتلال في مساعيه لنفيها عبر كل هذه السنوات الماضية من خلال محاولاته لتقطيع أوصالهم، ما بين غزة والضفة، وما بين القدس وفلسطين المحتلة عام 1948، وما بين داخل فلسطين وخارجها. وناهيك عن معركة التحدي والصمود والمواجهة التي يخوضها الفلسطينيون في القدس والضفة الغربية وغزة، شكلت انتفاضة فلسطيني الأراضي المحتلة عام 1948 الثغرة الأمنية الأخطر على إسرائيل لأنها جاءت من قلبها. كما نجح فلسطينيو الشتات، أن يكونوا سفراء فلسطين في العالم غير المكلفين والأكثر اقناعاً وتأثيراً من أي سفير آخر، رغم أنهم قد يكونوا لم يولدوا أصلاً في بلدهم أو حتى يجيدوا لغتها، الا أن ذلك شكل عامل قوة إضافية في المهمة التي كحملوها.

ويبدو أن عنصر القوة السياسية والدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية التي بات يمتلكها الفلسطينيون لا تعد أقل مكانة من امتلاكهم للقوة المادية، وهي تلك التي برزت خلال الاحداث الأخيرة. إن النجاح الذي حققه الفلسطينيون في الأحداث الأخيرة على المستوى غير الرسمي في إبراز روايتهم السياسية للعالم خصوصاً الغربي منه، في جميع المحافل والمستويات، عبر كلماتهم المسموعة والمكتوبة والصورة المرئية عكست تميز الشعب الفلسطيني العلمي الذي طالما روج له، والذي انعكس هذه المرة على المستوى الثقافي والوطني. كما أن وجود الفلسطينيين على المستوى السياسي الرسمي يشكل كذلك عنصر قوة في معادلة الصراع مع الاحتلال. انعكس ذلك في قبول فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة عام 2012، ما ترتب عليه من قبول لفلسطين كطرف في العديد من المعاهدات الدولية، على رأسها ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. إن ذلك التطور منح الفلسطينيون سلاح ردع قانوني للاحتلال لا يقل أهمية عن التطورات اللاحقة في قبول المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.

وجاءت تطور جديد في أعقاب الحرب الرابعة التي شنها الاحتلال ضد غزة قبل أيام، انعكس في القرار الذي صدر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في السابع والعشرين من الشهر الماضي، بأغلبية كبيرة، بإنشاء لجنة تحقيق دائمة ذات تفويض كامل، الأمر الذي يشير إلى مدى تغير التصورات الدولية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في السنوات القليلة الماضية. وعلى الرغم من أن هذا المجلس قد اتخذ قرارات مشابه في أعقاب حربي غزة عام 2009 و2014، الا أن قراره هذا العام يختلف عن تلك القرارت في أمرين، الأول يتعلق بطبيعة اللجنة التي سيتم تشكيلها والتي ستكون لجنة دائمة لا تعنى فقط بالحرب الأخيرة، والأمر الثاني يتعلق في مهمتها المتمثلة بجمع المعلومات والشهادات والأدلة الجنائية لجميع "الانتهاكات والجرائم المرتكبة" لاستخدامها في الإجراءات القانونية المحتملة، لدعم أي اتهامات مستقبلية بارتكاب جرائم حرب.

يتعلق المتغير الثاني في معادلة الصراع الفلسطينية الإسرائيلية بإسرائيل، التي اعتمدت مقاربة سياسية للتعامل مع الفلسطينيين تقوم على أساس نفي وانكار حقوقها ومحاولة تغيير الواقع على الأرض بالقوة لتضييع أي فرصة مستقبلية تقوم على أساس حل الدولتين. ورغم نجاح إسرائيل جزئياً في تغيير المعالم على الأرض بفعل القوة الضاربة التي تمتلكها، الا أنها لم تنجح في تحييد العنصر المتعلق بسكان هذا الأرض واشتباكهم معها. ذلك الاشتباك الذي لم يتوقف يوماً، وإن تذبذبت شدته بين الفينة والأخرى، وعكس علاقة احتلال متجبر بشعب أعزل يتصدى لمحتله. إن تلك العلاقة التي حاول الاحتلال تجاهل طبيعتها بنفيه لها ترجمتها مواقف دول العالم في المواجهة الأخيرة، والتي وجهت انتقادات صريحة لاسرائيل، تذكرنا بذلك الموقف الدولي منها الذي برز خلال انتفاضة الحجارة عام 1988. إن تلك المواجهة التي ذكرت العالم بالوجه القبيح للاحتلال أرغمت الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها من دول التأكيد على أن مقاربة إسرائيل لنفي الآخر لم تعد تجد نفعاً، وعاد الحديث مجددا عن ضرورة تحقيق السلام عبر حل الدولتين.

يأتي تلك التطورات في اطار عدم استقرار سياسي يصيب مؤسسة الحكم في إسرائيل، والتي فشلت في إرساء حكومة مستقرة خلال العامين الماضيين، فخضعت خلالها لأربعة إنتخابات برلمانية. ويعكس تآمر أحزاب متباينة الأطياف في إسرائيل لاسقاط حكومة بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود وحلفه اليميني المكون من الأحزاب الأرثوذكسية والدينية المتطرفة، تلك الحالة المعقدة بوضوح. ويعد نجاح ذلك الائتلاف بالاطاحة نتنياهو وتغييبه عن الساحة مكسباً سياسياً للفلسطينيين، الا أن احتفاظ ذلك الائتلاف بالسلطة في إسرائيل لمدة طويلة أمر مشكوك فيه، نظراً لتباينات فكرية جوهرية بين أقطابه، تتراوح ما بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، الأمر الذي يفسر مدى صعوبة الوضع السياسي في إسرائيل.

ويمثل التوجه اليميني في ذلك الائتلاف نفتالي بينت رئيس حزب يمينا، وغدعون ساعر رئيس حزب أمل جديد، المنشق مؤخراً عن الليكود، وافيغادور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا، الذين يدافعون عن الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة ويدعون لضمها، ويرفضون علناً مفهوم الدولة الفلسطينية ذات السيادة. في حين يمثل اليسار في إسرائيل نيتسان هورويتز رئيسة حزب كاديما والتي تعارض الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة وتؤيد حل الدولتين، والتي تتشابه أفكارها مع حزب العمل اليساري ممثلاً برئيسته ميراف ميخائيلي. ويؤمن أحزاب الوسط بما بين الفكرين والممثلين في يائير لابيد رئيس حزب هناك مستقبل وبيني غانتس رئيس حزب أزرق أبيض. ومن المفارقات أن هذا الائتلاف سيعتمد على دعم حزب القائمة العربية الموحدة ممثلاً برئيسها منصور عباس في الكنيست، لتمرير التصويت بالثقة، وهو دوراً لعبته الأحزاب العربية لدعم حكومة اسحق رابين في تسعينيات القرن الماضي.

تبلور المتغير الثالث في المواقف التي سادت في الولايات المتحدة سواء على المستوى الرسمي الحكومي والبرلماني أو الإعلامي أو الشعبي خلال الأحداث الأخيرة والتي شكلت نوعاً من التحول السياسي في الولايات المتحدة باتجاه دعم الفلسطينيين وحقوقهم على الرغم من الالتزام الأميركي الرسمي والدعم المطلق لإسرائيل. جاء مواقف إدارة الرئيس الجديد جو بايدن لاحتواء الأحداث الأخيرة في فلسطين وتشديدها على ضرورة مساعدة الفلسطينيين بإعادة اعمار غزة وتأكيدهاعلى حل الدولتين لتحمل انطباعاً ايجابياً لدى الفلسطينيين. على مستوى المؤسسة التشريعية الأمريكية، انتقد العديد من النواب والشيوخ الأميركيين لسياسات إسرائيل في هذه الحرب، ووقع أكثر من عشرين عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ، بياناً دعوا فيه إلى وقف إطلاق النار. وعكست حدة انتقادات التيار اليساري في الحزب الديمقراطي لإسرائيل ولسياسة الولايات المتحدة في التعامل معها ذلك التحول في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بوضوح، وهي توجهات بدأ بالتطور داخل الحزب الديمقراطي في السنوات القليلة الماضية وخصوصاً لمواجهة سياسة دونالد ترامب الرئيس الأميركي السابق ضد الفلسطينيين، خصوصاً بعد أن نظمت الأقليات العربية واللاتينية والليبرالية نفسها، كما برز نوع من ذلك التعاطف بين الأجيال الأصغر سناً في صفوف المشرعين الديمقراطيين، وكلها تحولات مؤهلة للتطور لصالح الفلسطينيين في الولايات المتحدة.

وعلى المستوى الإعلامي، شهدت الاحداث الأخيرة في فلسطين تحولاً في كثافة ونوع التغطية الإعلامية الأمريكية لصالح الفلسطينيين وقضيتهم، فقد برزت مقالات الرأي المؤيدة لهم في أبرز الصحف الأمريكية، كما أفردت فضائية ال "سي إن إن" من بين فضائيات أمريكية أخرى، مساحات غير مسبوقة للتعليق على التجاوزات الإسرائيلية مستخدمة مصطلحات لم يعهدها المشاهد الأميركي من قبل على رأسها الاحتلال. ولا يمكن الادعاء أن المظاهرات التي اجتاحت الولايات المتحدة خلال حرب غزة الأخيرة كانت مجرد تحركات عابرة منظمة من قبل العرب، وعلى أنها لا تعكس التغيير الذي حدث في الشارع الأميركي لصالح التعاطف مع الفلسطينيين، فقد أشار استطلاع جديد للرأي أن 27,4 في المئة من الأميركيين عموما و 38,5 في المئة من الديمقراطيين يحملون إسرائيل مسؤولية التصعيد الأخير الأخير.

في اطار تلك المتغيرات الثلاثة من المحتمل أن تكون القضية الفلسطينية قد وصلت إلى بداية مرحلة تحول هامة، الا أن ذلك التطور أو التحول يحتاج إلى رؤية فلسطينية ثاقبة تستطيع أن تستثمر تلك التحولات مجتمعة لصالح قلب معادلة الصراع لصالح الفلسطينيين. ولن تكتمل تلك الرؤية الا باستثمار فلسطيني للمتغيرات نحو إنهاء الاحتلال.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد حرب غزة لا يشبه ما قبلها
- غزة تنتصر ...
- حي الشيخ جراح: الصمود والتحدي خيارنا الوحيد
- 100 يوم تحت المجهر: سياسة بايدن الخارجية تجاه الشرق الأوسط
- الانتخابات الفلسطينية في القدس: ما قبل عهد ترامب لا يشبه ما ...
- انفجار نطنز: ضربة ثلاثية الأبعاد
- هل سينجح نتنياهو في الاحتفاظ بالسلطة هذه المرة؟
- التنين الصيني والأسد الإيراني: شراكة إستراتيجية مهددة لطموحا ...
- سد النهضة: مصر وأثيوبيا ما بين التصعيد والاحتواء
- العلاقات المصرية التركية إلى أين؟
- المحكمة الجنائية الدولية وقرار بدء التحقيق
- ايران والولايات المتحدة وإسرائيل: التطورات العسكرية الأخيرة
- مفاجآت نتنياهو قبل الانتخابات
- الصندوق القومي اليهودي لماذا يفصح عن سياسته الآن؟
- فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية التطلع والتحديات
- الاتفاق النووي الإيراني ومستقبل غامض
- الشرق الأوسط في توجهات الإدارة الأميركية الجديدة عودة إلى ال ...
- الانتخابات الفلسطينية في كفة الميزان
- فلسطين 2021 ... نور في آخر النفق
- قمة العلا ... ما خفى كان أعظم


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - القضية الفلسطينية: متغيرات جديدة قد تخلخل معادلة الصراع