أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - الصندوق القومي اليهودي لماذا يفصح عن سياسته الآن؟















المزيد.....

الصندوق القومي اليهودي لماذا يفصح عن سياسته الآن؟


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 6818 - 2021 / 2 / 19 - 15:36
المحور: القضية الفلسطينية
    


بعد اعلان الصندوق القومي اليهودي في الرابع عشر من الشهر الجاري عن مشروع قرار يقضي بتوسيع نطاق عمله ليشمل الضفة الغربية المحتلة وتخصيص ما يزيد عن مليار دولار لشراء أراضي فيها، هدد محمد شتية رئيس الوزراء الفلسطيني بمقاضاة الصندوق أمام المحكمة الجنائية الدولية. أدان شتية أيضاً مساعي الاحتلال لإقامة مستوطنة (E1) شرق مدينة القدس، مؤكداً أنها ستعزل المدينة عن الأغوار كما أنها ستفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. وكان الفلسطينيون قد رفعوا ثلاثة ملفات أمام المحكمة الجنائية الدولية على رأسها الاستيطان بالإضافة إلى ملفي الأسرى والاعتداءات الإسرائيلية على غزة. لماذا افصح الصندوق عن سياسته في الضفة الغربية الآن، رغم قرار المحكمة بسريان ولايتها الإقليمية على الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي قد يعرضه للمساءلة؟ وهل يكفي لمواجهة سياسات إسرائيل الممنهجة والساعية لتقويض مستقبل كريم للفلسطينيين فوق أرضهم انتظار قرارات المحاكم، التي وكما نعلم تستغرق سنوات؟ لقد نجحت إسرائيل وخلال أربع سنوات فقط، خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في مضاعفة مشاريع الاستيطان مرة ونصف، مقارنة بالسنوات الأربع التي سبقتها.

العديد من الجهات اليهودية داخل إسرائيل وخارجها عارضت مشروع ذلك القرار الذي أعلن عنه الصندوق القومي اليهودي، والذي يدخل حيز النفاذ بعد تصديق مجلس إدارته، حيث جرى تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية في الثالث والعشرين من شهر آذار المقبل. وتراوحت أسباب تلك المعارضة ما بين القلق من استفزاز الإدارة الأمريكية الجديدة، التي نددت بالفعل بالقرار، واعتبرت خطوات إسرائيل أحادية الجانب، والممثلة بالضم والبناء في المستوطنات وهدم مساكن الفلسطينيين، مقوضة للجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام، والقلق من خسارة شريحة واسعة من ممولي الصندوق، والذين يرفضون تمويل مشاريع إسرائيلية داخل حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. ورغم ذلك، وعد أبراهام دوفدوفاني رئيس الصندوق القومي اليهودي بإجراء تعديلات على القرار تسمح بالتصديق عليه باغلبية ثلثي أعضاء مجلس إدارة الصندوق، وذلك بحصر شراء الأراضي في الضفة الغربية في مناطق الكتل الاستيطانية التي تحظى بإجماع إسرائيلي، وتحديدا حول "غوش عتصيون" و"القدس الكبرى" وجبال الخليل الجنوبية والأغوار، الأمر الذي يوحي بعدم نية الصندوق التراجع عن قراره رغم الانتقادات.

هناك حقيقتان تحكمان عمل الصندوق القومي اليهودي وتساعدان في تفسير السبب الذي دفعه لاتخاذ قرار الإعلان عن توسيع مجال عمله في الضفة الغربية، تتمثل الأولى في أن الصندوق يمثل ذراع من أذرع دولة الاحتلال في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية ولكن بشكل غير رسمي، بينما تكمن الحقيقة الثانية في أن الصندوق يعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 منذ احتلالها، لكن دون الإفصاح عن ذلك صراحة.

ويعتبر الصندوق جمعية خيرية مسجلة في بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وإسرائيل، ويعمل في أكثر من خمسين دولة أخرى، وتعفى التبرعات المقدمة له من الضرائب على هذا الأساس. كما يعتبر الصندوق ركن أساسي من أركان المشروع الصهيوني في فلسطين، وأقيم بإيعاز من الحركة الصهيونية وباصرار من تيودور هرتزل عام 1901، خلال المؤتمر الصهيوني الخامس. وتركز عمله على جمع الأموال والتبرعات من اليهود حول العالم، لشراء الأراضي الفلسطينية أثناء العهد العثماني والاستعمار البريطاني بعد ذلك لاقامة المستعمرات اليهودية. وواصل الصندوق عمله بعد النكبة عام 1948 لمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين طردوا من أرضهم، واستخدم قانون الغائبين الذي سن عام 1950 لتشريع ذلك. وتظهر البيانات الرسمية أن الصندوق يحكم سيطرته على حوالي 13 بالمائة من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وأن هناك أكثر من مليونين ونصف مليون دونم تقع ضمن ملكيته. كما أن بصمته ظاهرة بوضوح على ما يزيد على ألف بلدة ومستوطنة في مختلف أنحاء تلك الأراضي، سواء من خلال شرائها أو تطويرها وتأهيلها، على حد وصف الصندوق نفسه.

في عام 1953، سن الكنيست قانون يمنح الصندوق مكانة قانونية خاصة تمكنه من القيام بوظائف حكومية، لكن دون اعتباره جهة حكومية رسمية. وفي العام التالي، صادق الكنيست على تعديل يحدد نطاق نشاط الصندوق، وحصره بتلك المناطق التي تخضع لسيادة دولة إسرائيل. وفي عام 1961، وقعت الحكومة الإسرائيلية مع الصندوق على ميثاق ينظم العلاقة بينهما، ومنح من خلاله حق التمثيل بمندوبين عنه في مجالس مديرية أرضي إسرائيل الرسمية. وفي عام 2009، عندما أجرى الكنيست تعديل على قانون دائرة أرضي إسرائيل والتي باتت في التعديل سلطة أرض إسرائيل، أبقى على حق الصندوق في التمثيل في السلطة، وسمح بعملية تبادل بين أراضي الدولة والصندوق. وفي عام 2014، وفي ظل ذروة خلاف الحكومة الإسرائيلية مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما حول الاستيطان، اتخذ الصندوق قرار بالانفصال عن الدولة، وانهاء تعاقده مع سلطة أراضي إسرائيل، وتحولت مكانته من شركة خاصة إلى شركة لمنفعة الجمهور. وقدم الصندوق في ذلك العام، وبصفته القانونية الجديدة، ولأول مرة منذ تأسيسه، تقرير حول أنشطته وميزانياته وممتلكاته، إلى وزارة القضاء، والتي تقرر بدورها ما يجوز نشره وما يبقى طي الكتمان. وفي مشروع القرار الذي تبناه الصندوق مؤخراً، تم التأكيد على أنه سيواصل مشروع التحريج في المناطق المفتوحة في الضفة الغربية لغرض الحفاظ على الأراضي بالتنسيق مع الإدارة المدنية. من الواضح أن علاقة الصندوق بالدولة علاقة جذرية، قائمة على التكامل والتعاون الكامل وتقسيم الادوار في اطار ملف الاستيطان، وهناك مرونة في اخراج شكل تلك العلاقة قانونياً، بما يتناسب مع طبيعة تلك الأدوار المتغيرة حسب الحاجة وتبدل الظروف.

أما الحقيقة الثانية التي تحكم عمل الصندوق القومي اليهودي فتتمثل في عدم انحصار عمله في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، كما الادعاء. وبدأت أول شواهد عمله في الضفة الغربية عندما قام بالاستيلاء على ما تبقى من القرى الفلسطينية "عمواس"، "يالو" و"بيت نوبا"، التي قام الجيش الإسرائيلي بتهجير سكانها وتدميرها بأوامر من اسحق رابين، رئيس أركان الجيش خلال حرب عام 1967. كما يتضح نطاق عمله في مدينة القدس، حيث بدأ بالاستيلاء على أراضي وبيوت في المدينة وضواحيها فور احتلالها، من خلال شركة "هيمينوتا" التابعة له، مستغلا سريان قانون أملاك الغائبين. وتأسست شركة "هيمينوتا عام 1938 كذراع للصندوق لشراء وإدارة الأراضي التي تحت سيطرته، وتقرر تغيير إسمها إلى كدما يهودا والسامرة في مشروع القرار الأخير الذي أعلن عنه الصندوق.

وبدأ تعاون وتنسيق وثيق بين الصندوق ومنظمة "إلعاد" أو جمعية مدينة داود منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، حيث تتولى تلك المنظمة المسؤولية المباشرة عن الاستيلاء على البيوت والعقارات الفلسطينية في أحياء القدس الشرقية. وتقوم بنشاطاتها معتمدة على ميزانية كبيرة من التبرعات وصلت ما بين عامي 2005 و 2018 إلى أكثر من 700 مليون شيكل. ويخول الصندوق المنظمة صلاحية خوض معارك قضائية في المحاكم الإسرائيلية لصالحه. ونشأت منظمة "إلعاد" عام 1986 كجمعية غير ربحية بهدف تعزيز الوجود اليهودي في القدس الشرقية وضواحيها. وأكدت حركة "السلام الآن" إلى أن الصندوق سيطر على أكثر من 65 ألف دونم في الضفة الغربية ما بين الأعوام 1967 و2019. وخلال السنوات الأربع الأخيرة، دفع الصندوق ما يقدر ب 88 مليون شيكل للاستيطان في الضفة الغربية، وتكفل باتخاذ الإجراءات القانونية لإجبار الفلسطينيين على إخلاء بيوتهم. من الواضح أن نطاق عمل الصندوق كان وما يزال في اطار أراضي الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، اذن لماذا يصرح الصندوق الان عن ذلك؟

تكمن أهمية توسيع دور الصندوق في عمليات الاستيطان في الضفة الغربية في حرية تحركه بشكل أكبر دون متابعة أو رقابة خارجية، وهي قضية مهمة وحساسة في ظل إدارة الرئيس جو بايدن المنتقدة لسياسة إسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية. كما أن الصندوق سيتحرر من الإجراءات البيروقراطية والمساءلة القانونية التي تخضع لها الحكومة الإسرائيلية، خصوصا وأنه يستطيع الاستيلاء على الأراضي بطرق أخرى تتعدى المؤسسة القانونية. كما أن نقل ملكية الأراضي التابعة للصندوق إلى المستوطنين أسهل بكثير مقارنة بتلك الأراضي التابعة للدولة. يبدو أن مشروع القرار الذي أقره الصندوق قد جاء لضمان تنفيذ سياسة الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق باستكمال مشاريعها الاستيطانية، لكن دون تحمل تبعاتها السياسية خصوصاً مع الإدارة الأميركية الجديدة، وذلك بوضع الصندوق في واجهة الاحداث القادمة.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية التطلع والتحديات
- الاتفاق النووي الإيراني ومستقبل غامض
- الشرق الأوسط في توجهات الإدارة الأميركية الجديدة عودة إلى ال ...
- الانتخابات الفلسطينية في كفة الميزان
- فلسطين 2021 ... نور في آخر النفق
- قمة العلا ... ما خفى كان أعظم
- فلسطين اليوم...حقائق مرعبة
- عن حروب السايبر التي غيرت شروط اللعبة
- تركيا والعقوبات الأميركية والأوروبية
- جرائم الاغتيال الإسرائيلية إرهاب دولة مسكوت عنه
- اغتيال زاده ... هل هو مقدمة لمزيد من التوتر؟
- يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني: مناسبة للتذكير باستمرار معان ...
- الانتخابات الأميركية: مراجعة عامة
- بايدن والشرق الاوسط
- تحولات هامة في الكونغرس الأميركي
- لماذا السودان؟
- عن يهود الولايات المتحدة والانتخابات الرئاسية
- مفاوضات الحدود اللبنانية الإسرائيلية ...هل هي مقدمة لما هو أ ...
- هل اختلت معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ؟
- الانتخابات الأميركية...هل من مفاجآت!


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - الصندوق القومي اليهودي لماذا يفصح عن سياسته الآن؟