أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المناعي - تونس: هل كانت عملية 25 جويلية فعلا مطلبا شعبيا ؟















المزيد.....

تونس: هل كانت عملية 25 جويلية فعلا مطلبا شعبيا ؟


محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6990 - 2021 / 8 / 16 - 16:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الصعب الحكم على حدث لايزال غير مكتمل ، فالتاريخ مليء بالأحداث والمحاولات العابرة التي تفشل وتنسى ولكن أيضا ، بعض الأحداث تتحول إلى منعرجات حقيقية في مصير الشعوب ومفاصل في تاريخها تغير واقع الناس للأفضل أو الأسوء .
25 جويلية حدث غير مكتمل مفتوح على عدة احتمالات ،جاء بعد فترة تصاعدت فيها الأزمة السياسية إلى أقصاها خاصة الصراع داخل دوائر الحكم بين الرئيس و رئيس البرلمان للهيمنة على الحكومة ، فحكومة الفخفاخ كانت شكلا من أشكال التوافق بين الرئيس وأنصاره من كتل برلمانية وأحزاب من جهة و بين حركة النهضة وحلفائها من جهة أخرى فكان رئيسها من اقتراح قيس سعيد و تركيبتها متنوعة سياسيا ودعمها كذلك فهي بذلك حكومة الرئيس و حركة الشعب وحركة النهضة والتيار الديمقراطي أساسا .
كذلك حكومة هشام المشيشي في تركيبتها الأولى فقد كان رئيسها مستشار رئيس الجمهورية مقربا ومقترحا منه برتبة الشخصية الأقدر كما ينص على ذلك الدستور ،وتركيبتها مزيج من وزراء الرئيس ومنهم وزير الصحة و العدل والداخلية وغيرهم ووزراء مدعومين من النهضة وحلفائها ...ورغم ذلك لم يكن الأمر على المستوى الحكومي مريحا لا للرئيس ولا للنهضة رغم الشراكة الحذرة ، فالجميع كان يفكر في المستقبل ، النهضة التي دعمت قيس سعيد خلال الدور الثاني في الانتخابات لم يغب عنها أن يكون منافسها الأخطر في المستقبل و قيس سعيد بخطابه المحافظ القريب من مزاج قواعد حركة النهضة الوحيد الذي يمكن أن يسحب القواعد والبساط منها ومن تحتها لذلك كان الصراع على أشده في الخطاب و التنقلات والاستقبالات و التحالفات الخارجية .
استعمال النهضة للمشيشي ولجهاز الحكومة في صراعها مع الرئيس دفع الأزمة إلى ذروتها فتحولت إلى معركة كسر عظام وتحدي وظهر ذلك حين أرادت تمرير تعديل حكومي بقوة الأغلبية وفرض الأمر الواقع إقالة وزراء محسوبين على قرطاج وأولهم وزير الداخلية ورد الرئيس بالرفض وتعطيل آداء اليمين أمامه .
هذه الأزمة التي تصاعدت والتي ترافقت مع رحلات قيس سعيد لباريس ولمصر وللخليج مهدت لضربة قاسمة لحركة النهضة.
فأين الشعب وتنظيماته الوسيطة من كل هذا ؟
الثابت أن الانطباع العام لدى عموم الشعب التونسي كان بأن حصيلة العشرية السابقة كانت كارثية خاصة على المستوى المعيشي و الأمني وكذلك على المستوى السياسي والاقتصادي والعلاقات الدولية ، وبداية تشكل سياسة الأمر الواقع التي مارسها الطرابلسية أخر سنوات حكم بن علي و المتمثلة في الفساد العلني و الإفلات من العقاب العلني والمحسوبية العلنية دون أدنى حرج ووقوع الدولة ضحية تحالف بين الأحزاب الكبرى واللوبيات سواء مع حكم الترويكا او النداء والنهضة أو ما بعدها ... هذا الوضع خلق مزاجا عاما محتقنا ومطالبا بتغيير ما .
هذا المزاج المطالب بالتغيير تم التعبير عنه بطريقتين :
- طريقة مؤسساتية تقليدية ،فالمنظمات و بعض الأحزاب داخل البرلمان وخارجه عبرت عن مواقف تدين أداء البرلمان والعنف داخله بل تم وصف ميليشيات الكرامة بالجماعة الارهابية كما صدرت مواقف تتهم النهضة بالتورط في الفساد وفي التستر على الارهاب وفي طمس الملفات القضائية ووضع يدها على القضاء وكذلك المواقف والتحركات ضد فشل الحكومة فخرجت هذه الأطراف للشارع رافعة شعاراتها المبدئية ضد الفساد والقمع وضد التراجع عن الحريات وضد تردي الوضع المعيشي للشعب .
- التعبيرة الثانية هي التعبيرة العفوية التي جسدتها خاصة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي وتشكل مجموعات شبابية محاولة التنظم الأفقي واحتجاجات شبابية لم يكن لها شعار موحد لكن يجمع بينها الرفض والتمرد والرغبة في التغيير وأحيانا بمطالب متناقضة جدا وداخل هذا الحراك العفوي تصاعدت شعارات منها رحيل كامل المنظومة و منها حل البرلمان ومنها حكم الجيش ومنها حل الحكومة وغيرها متزامنة مع مسيرات تطالب باطلاق سراح الموقوفين وتحرير القنب الهندي والتراجع عن انتهاك الحريات وغيرها وكان الشارع الشبابي يعج بهذه المطالب المتنوعة و كانت الأحزاب السياسية و الجمعيات والمنظمات وكل الأطر المهيكلة تقليديا على غير عادتها في الصفوف الخلفية مساندة وداعمة ومشاركة بمناضليها وليست مبادرة ،ورافق ذلك سيل البيانات والتصريحات التي تدعم الحراك الشبابي خاصة في بداية 2021 .
قيس سعيد لم يكن جزء من خطط هذا الحراك الا عند قلة من المواطنين غير المسيسين أساسا ،ذلك أنه طوال سنة ونصف اكتفى فيها بالكلمات الفضفاضة والتكرار فلم يكن طرحه وكلامه المكرر في مستوى حرارة طلبات الشباب وسقف طموحاتهم ولم يذكر اسمه نهائيا خلال التحركات لا سلبا ولا إيجابا ، زد على ذلك كان موقفه من مسالة الحريات يبعث على التوجس لدى فئة شبابية مندفعة ورافضة لكل القوالب الجاهزة الاخلاقوية والدينية والسياسية التقليدية التي يدور فيها قيس سعيد في الكلمات القليلة التي قالها في علاقة بالحريات وكذلك رافضة لهيمنة الاحزاب و المنظمات الكبرى مطلقة العنان للحراك الحر ...

من ناحية أخرى كانت طائفة واسعة من الشعب التي تكن رفضا هيكليا للنهضة كمشروع لا فقط كطرف حاكم وفاشل سواء في تنظيماتها التقليدية من جمعيات وأحزاب تواصل كشف تجاوزات النهضة وأهدافها أو خارج هذه الأطر من نخب وأفراد تدفع نحو تغيير ما سريع لا ينتظر مشاريع القوى الحداثية أو اليسارية المترددة والمنقسمة فتقاربت مع عبير موسي وساهمت في توسيع شعبيتها وتسويقها كبديل لحكم الاخوان .

هذا الزخم الذي سبق 25 جويلية كان في الحقيقة ضد النظام بأكمله بما تعني كلمة النظام من معنى وكان قيس سعيد عنصرا سلبيا بمعنى عدم الفاعلية في هذا النظام ، وفي أفضل الأوضاع دوره الايجابي تمثل في تعطيل طموحات الهيمنة وشراهة حركة النهضة للسيطرة على كل مفاصل الدولة ، ومناوشتها بالخطاب .
فالحراك الشعبي كان عنوانه الرفض ولم يكن عنوانه دعم طرف داخل هذا النظام ضد طرف آخر .
التحركات في الشارع التي حدثت صباح يوم 25 جويلية والتي لم تتبناها ولم تدعمها أي من الأحزاب والمنظمات التقليدية المعروفة لم تكن منظمة لكنها لم تكن عفوية أيضا فالتحشيد عبر شبكات التواصل من مجموعات وصفحات ظهرت فجأة على غرار فترة الحملة الانتخابية 2019 ساهمت في خروج عدد مهم من الناس للشارع وبتتبع التصريحات الإعلامية التي التقطتها بعض التلفزات نكتشف أن لا ناطق باسم هذه التحركات ولا خطاب موحد لكن حضر إسم قيس سعيد بشكل قوي على غير عادة الاحتجاجات السابقة ،ولم تكن أكثر عددا ولا تنظيما من احتجاجات نظمتها أحزاب ومنظمات ومجموعات شبابية وبالتالي ليست بمستوى القوة في المضمون السياسي والزخم بشكل يمكن من الارتكاز عليها والقيام بحركة سياسية كبرى كالتي قام بها الرئيس واعتبارها تفويضا شعبيا لذلك كان خطاب الرئيس معتمدا أساسا على الخطر الصحي الداهم وتعطل مؤسسات الدولة والتمرغ داخل فصول الدستور أكثر منه على فكرة ارادة الشارع القوية بل وأكثر من ذلك اشار لوجود أموال تصرف بالاحياء الشعبية للخروج للشارع وهذا فيه ادانة ضمنية لتواصل الاحتجاج العفوي الذي حقق أهدافه حسب تصور الرئيس وكل ما بعده مدفوع الأجر أو مشبوه.
ما قام به قيس سعيد يوم 25 جويلية يرتكز على مواقفه السابقة من نظام الحكم والنظام الانتخابي و من الدستور والتنظيم الحزبي ومن تصوره لارادة الشعب لا ارادة المواطنين ، ساهم في نضجه والتعجيل به الأزمة التي تصاعدت مع البرلمان والحكومة وحركة النهضة ومناخ عام يطلب التغيير دون أن يحدد الكيفية ، لذلك فان ردود الفعل تراوحت بين ترحيب الفئات التي تنتظر تغييرا مهما كانت التكاليف و بين ترحيب واحتراز من بين الأطراف التي تتناقض مع حركة النهضة ومشروعها لكن احترازها يعود لضبابية مشروع قيس سعيد ولامكانية الانحراف في ظل غياب للمؤسسات، وأطراف رافضة تمثل حركة النهضة ومحيطها أو تمثل أطرافا احتجاجية .
ولم يكن الشارع محددا في العملية السياسية التي حدثت لا بالطلب ولا بالدعم ولا بالرفض لتدخل البلاد في حالة هي مزيج من الأمل والانتظار والتوجّس .



#محمد_المناعي (هاشتاغ)       Manai_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثغرة من ثغرات الحداثة التي تسرب منها التطرف والفوضى :
- المبادئ الكونية لحقوق الإنسان : العراقيل والبديهيات
- جدل صناديق الزكاة في تونس: الزكاة بين الدولة المدنية والتراث ...
- قول في محاكاة أسلوب النص القرآني
- شعب الايغور : ضحية الجغرافيا والارهاب والحرب الاقتصادية الصي ...
- قراءة في نتائج الانتخابات التشريعية التونسية : عوامل النجاح ...
- الحاجة والوهم ، قراءة في نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية
- الحركات الشعبوية في تونس وليدة فراغ سياسي - اجتماعي فأي بديل ...
- الظروف التي ساهمت في نشأة الحركة النقابية في تونس
- قول في التعددية النقابية في تونس
- الاتحاد العام التونسي للشغل : نجاح الاضراب العام ودروس أخرى
- مؤسسات القطاع العام في تونس بين حمى التفويت وإمكانات التصدي
- ملف المساواة في تونس بين أنصار الحرية وأنصار الشريعة
- تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس: بين التردد ومطب ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل :الحاكم و المعارض والرقم الصعب ف ...
- الأزمة في تونس وفشل حكومة الوحدة الوطنية المزعومة
- من أجل حوار اجتماعي يتجاوز التفاوض حول الزيادة في الأجور
- ناهض الحتر وتمزيق صورة - الإله الخادم - من العقول البالية
- في الذكرى الستين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية ،حقوق المرأة ال ...
- من أجل تنسيقية وطنية للقوى الديمقراطية و التقدمية .


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المناعي - تونس: هل كانت عملية 25 جويلية فعلا مطلبا شعبيا ؟