أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسر جاسم قاسم - التربية أس التنوير وأساسه ج 2















المزيد.....

التربية أس التنوير وأساسه ج 2


ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)


الحوار المتمدن-العدد: 6986 - 2021 / 8 / 12 - 19:48
المحور: المجتمع المدني
    


اساليب المدرسة التي لدينا اليوم ويخضع لها تلاميذنا تقوم على اساس العسف والقهر واقحام الخبرة في نفوس الصغار وديوي يعارض هذه الطريقة معارضة تامة ويؤثر الطريق الديمقراطي الذي يقوم على احترام الفرد وحريته، ومراعاة الوئام والتعاطف في العلاقات بين الناس وفي راي ديوي ان الديمقراطية تضفي (نوعا راقيا من الخبرة اكثر مما تفعل وسائل الكبت والقهر او العنف) وان السبب في ايثارها( ايماننا بأن التشاور والاقناع عن طريق الحجة ينتجان نوعا من الخبرة ارقى مما يتاح بأي وسيلة اخرى في نطاق واسع ) الخبرة والتربية ، ص26-27.
الخبرة بالنتيجة هي: قوة محركة في سلوك الانسان وتعتمد قيمتها على اساس الهدف الذي تنتجه نحوه وتعمل للوصول اليه، وليست مهمة المربي ان يخلق الخبرة، بل ان يتبين الاتجاه الذي تسير فيه ويعمل على تقويته ، ويكون ذلك اذا عرفنا ان العالم الذي نعيش فيه هو عالم من الاشياء والاشخاص الذين نتعامل واياهم ، والاشياء منها طبيعية ، ومعظمها صناعية كالالات وغيرها.
والخبرة تحصل من التفاعل بين الفرد وبين البيئة ، اي: بين حاجاته ورغباته ونزعاته وبين الظروف الخارجية والتفاعل بين هاتين المجموعتين موقفا يسميه بعضهم.
فالموقف والتفاعل متلازمان ووجود المرء في سلسلة من المواقف يؤدي الى اكتساب خبرات جديدة والى استمرار الخبرة ،
اذ كلما مر الفرد من موقف الى اخر اتسع عالمه، اي: بيئته.
واذا لم يفطن المربي االى هذه الصلة الوثيقة بين تفاعل ظروف البيئة الخارجية وبين الحاجات والرغبات الباطنة ، تعطلت الخبرة ووقفت عن النمو .
الحرية اساس المدرسة :
نعم ، هذا ما يريده ديوي وجميع المدارس الحديثة في التربية ، حيث تقوم على اساس له اهمية عظيمة وهو الحرية ، المعلم في المدرسة الحديثة يجب ان يكون هاديا ومرشدا وليس ملقنا ، فهو عضو في جماعة يعمل مع التلاميذ ويؤدي وظيفة اجتماعية كما يقوم التلاميذ بوظيفة اخرى ، فالمدرسة بأسرها من معلمين وتلاميذ يشتركون معا في تنسيق مشروع اجتماعي مثلا، تتهيأ فيه الفرصة لكل فرد كما يساهم بنصيب ويشعر بما عليه من تبعة ، وحث، اصبح موقف التلميذ حسب ديوي ايجابيا لاسلبيا ، مشاركا في عمل لا متلقيا لدروس فحسب، فقد انطلقت حريته من عقالها لتنمو قواه ومواهبه، سواء في حركة النشاط البدني او النشاط الفكري او الفني، عبر الاكثار من دروس الورشة والمعمل ولتحرير العقل كي يلاحظ بنفسه، ويحكم بنفسه ويرسم الاهداف لنفسه، ومن هذا الوجه تصبح الحرية محمودة وتصبح قوة حقيقية مؤثرة في تحديد الاهداف والحكم السليم .
ان نقطة البداية في حرية الطفل هي نزعاته الفطرية ورغباته الغريزية واطلاقها كما هي يعتبر مفسدة له وتقييدها بالقسر كبت واستبداد ، فطريق حريتها الصحيح هو تعديل هذه الرغبات والنزعات وتنظيمها وتنسيقها عن طريق الفكر السليم وضبط النفس والذكاء المفطور في الانسان . ان الكبت والاستعباد يؤديان الى الفساد والانحراف والعلة في ذلك كما يقول ديوي :ان القوى الباطنة حين تكبت نعمل في غير رقابة او ضبط.
ومرجع الحرية حسب فلسفته هو الارادة ،الحرية الصحيحة للارادة تقتضي امورا ثلاثة ، هي:
1- الكفاية في العمل وتنفيذ الخطط وازاحة العوائق
2- القدرة على تغيير الخطط وتحويل سير العمل وتجربة الجديد .
3- قوة الرغبة والاختيار باعتبار انهما عاملان مؤثران في الحوادث.
ويحذر ديوي من المغالاة في التنظيم over-organisation>
اذ لن تكون هنالك حرية بغير تنظيم ،الاسراف في التنظيم ،قد يؤدي الى الخمود ومن طبيعة الحياة المخاطرة والتجديد ، لذلك وجب للانسان ان يكون مبادئا مغيرا مجددا ، يخرج من الروتين مجبا بأسم الحرية .
التربية عند ديوي: هي ذلك التكوين او التنظيم الجديد للخبرة ، الذي يزيد في معناها وفي المقدرة على توجيه مجرى الخبرة التالية (الديمقراطية والتربية ، م س ، ص79) .
انه يرفض ان تكون التربية علما بتراث الماضي ، او ان تكون اعدادا للمستقبل، انه يأبى ان يخضع التربية لأي شيء خارجي سوى الخبرة ذاتها، التي يكسبها المرء بنفسه، وتتراكم معه في خبرات مستقبلا، وهذا الكلام صحيح تماما فنحن لم نجني من الماضي سوى تكريس التخلف والتطرف والبؤس ، لقد مر بنا في هذا البحث ان جون ديوي استخدم الاداتية كجزء من فلسفته في التربية ، والاداتية تتعلق بالبحث ، فالانسان باحث في كل خطوة من حياته، والاداة التي يستعملها الانسان هي التفكير ، وفي هذا التفكير ينتقل من خبرة الى اخرى انتقالا متصلا لا انقطاع فيه، ولانزاع، بعبارة اخرى ، ان عملية البحث يتدخل فيها التفكير والخبرة والسياق والاتصال ، لذلك يسمى مذهبه بأي اسم من هذه العمليات مثل التجريبية نسبة الى الخبرة ،السياقية نسبة الى السياق ومذهب العمليات العقلية operationalism نسبة الى اتصال عمليات التفكير ، داخل الخبرة وهذه كلها ادوات للبحث والسلوك في الحياة ومن ثم سمى مذهبه بالاداتية ، اما الاخلاقيات فهي تاج مذهبه. والاخلاق عنده ليست مجرد كلمات جاهزة ونصوص نعلمها لأبنائنا ،بالتالي اننا نعيش في عالم متحرك متغير ،لا تتلائم معه العادات الجامدة ، بالتالي علينا ان نعدل النظم الاجتماعية وان نحسن تربية الفرد، وفي ذلك يقول ديوي: " اذا كانت موازين الاخلاق منحطة ، فذلك ناشئ من نقص التربية ، التي يتلقاها الفرد في تفاعله مع بيئته الاجتماعية ، " يدعو ديوي الى الدين الطبيعي ، دين الانسانية وقد كان ديوي انسانيا كليا وفلسفته انسانية تشبه ما كان يدعو اليه اصحاب الافكار الانسانية الكبرى ، كما عالج ديوي التجربة الجمالية ، التي اعتبرها نابعة من اتصال النفس الانسانية بالعالم الخارجي ففي حالة الشعور بالجمال ،يقول: " نكون كما لو كنا قد دخلنا عالما وراء هذا العالم ، وما هو الا الحقيقة العميقة لعالمنا ، الذي نعيش فيه ، وتجري فيه خراتنا، العادية ، اننا نحمل خارج انفسنا كي نجدها، ولست ارى اي اساس نفساني لمثل هذه الخصائص عن الخبرة سوى ان الاثر الفني يعمل على تعميق وتوضيح ذلك الاحساس بوجود كل محيط ولانهائي مما يصاحب اي خبرة ، عادية ، عندئذ تشعر بهذا الكل، وكأنه امتداد لأنفسنا" Art as Exoerience p195, ، التربية حسب ديوي يجب ان تقوم على " مشاركة الفرد في الوعي الاجتماعي للجنس البشري، وتبدأ هذه المشاركة لاشعوريا، وتشبه ان تكون منذ الولادة ثم لاتزال تشكل باستمرار قوى الفرد، بتغذية شعوره، وتكوين عاداته، وتهذيب افكاره، وتنبيه مشاعره وانفعالاته وعن طريقها لاشعوريا يصل الفرد شيئا فشيئا الى المشاركة في التراث الذي نجحت الانسانية في التوفيق بين جانبيه، الفكري والخلقي وبذلك يصبح الفرد وريثا لما جمعته الحضارة من رصيد" فلسفة ديوي، الدار المصرية للكتاب.
يضيف ديوي " ان التربية الحقة انما تنشأ من اثارة قوى الطفل نتيجة شعوره بما تتطلبه المواقف الاجتماعية التي يواجهها، فتنبهه هذه المطالب الى العمل كعضو في وحدة والى التحرر من الانحصار في دائرته الخاصة ، بالسلوك والوجدان، والى ان ينظر الى نفسه من جهة صالح الجماعة التي ينتمي اليها" والمدرسة لدى ديوي هي مؤسسة اجتماعية ،لان التربية من حيث انها عملية اجتماعية ، فالمدرسة هي صورة الحياة الجماعية ، التي تتركز فيها جميع تلك الوسائط، التي تهيء الطفل الى المشاركة في ميراث الجنس والى استخدام قواه الخاصة ، لتحقيق الغايات الاجتماعية ، لذلك يعتبر ديوي التربية عملية من عمليات الحياة وليست اعدادا لحياة مستقبلية ، يجب ان تمثل المدرسة الحياة الحاضرة ، في الفرد وحياته، الحياة التي تشبه في واقعيتها واهميتها للطفل في حياته في البيت ، او البيئة المجاورة له او الفناء الذي يلعب فيه.
المدرسة حسب ديوي تحوي التربية التي اذا ابتعدت عن صور الحياة ، تلك الصور الجديدة ان يعيشها المرء لذاتها ، عندذاك ستصبح بديلا ضعيفا للواقع الاصيل وتجنح تلك التربية نحو الضمور والموت.
المدرسة كمؤسسة حسب ديوي، يجب ان تبسط الحياة الاجتماعية الراهنة وان تختزلها حتى تصبح وكانها في صورة اولية ، والحياة القائمة فعلا تبلغ من التعقيد حدا يمنع الطفل من الاتصال بها، دون ارتباك او تسلية ، فهو اما ان يذهله تعدد انواع النشاط الموجود امامه، حتى يفقد قوته، الخاصة ، على رد الفعل المنظم، واما ان تثيره هذه الانواع من النشاط فتنتبه قواه الى العمل، قبل الاوان ويصبح فجا في عمله او في شخصيته.
ما دامت الحياة الاجتماعية مبسطة هذا التبسيط، فينبغي ان تنمو المدرسة تدريجيا من حياة البيت ، فتتعهد الوان النشاط التي الفها الطفل في البيت وتدفعها الى الامام.
وعلى المدرسة حسب ديوي ان تستعرض هذه الالوان ، من النشاط امام الطفل ، وان تصيرها في هيئة يتعلم الطفل منها معناها تدريجيا ، ويتمكن من المساهمة فيها.
مهمة المدرسة حسب ديوي ان تبسط وتعمق شعور الطفل بالقيم المرتبطة بحياته المنزلية ، المشكلة لدينا اليوم انه هنالك انفصام بين التربية في البيت وتلك التي في المدرسة ، فمن الممكن ان يجد الطفل ، تربية في البيت قائمة على علمانية تجاه الدين ، اخلاق انسانية عالية يكون منبعها الضمير الانساني ، وليس الاديان احترام الاخر وعدم الغاءه، وهكذا فيذهب للمدرسة فتتغير لديه الصورة ، حيث : يواجه بنص ديني (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وتفسيره (المغضوب عليهم :اليهود) ،(الضالين:النصارى) فكيف ستكون مشاعره عند ذاك ، مع من سيكون؟ مع المدرسة ؟ ام مع البيت؟ وكيف سينعكس هذا التناقض على شخصيته الانسانية والمجتمعية والفكرية . عند ذاك سيكون مؤمنا بالنص في المدرسة كي ينجح وغير مؤمن به في حياته العملية المجتمعية ، بالتالي: سيحمل الشيزوفرينيا مبكرا وسينفصل عن واقعه ، نتيجة المر الذي سيعانيه .
او ان يضطر الوالدان ان يجنبا ابنهما هذه المأساة من التناقض ويجعلانه متوافقا مع ما يعرفه من المدرسة ويتركانه للمستقبل كي يحدد خطواته القائمة ، وعند ذاك ستطول مدة ادراكه لجرم النص الديني بحق الاخر كمثالاو انك تعلمه على نظرية التطور ودورها في خلق الانسان ،فياتي لك محملا من المدرسة بنظرية الخلق الالهية ، اذن الضرورة النفسية تدور حول مبدأ ان البيت هو صورة الحياة الاجتماعية التي يربى فيها الطفل، واكتسب من صلته بها عاداته الخلقية ، ومهمة المدرسة ان تبسط وتعمق شعوره بالقيم المرتبطة بحياته المنزلية ، تفشل مسالك التربية لدينا اليوم بسبب ضياع هذا المبدأ الاساسي الذي يجعل من المدرسة صورة للحياة الجماعية ، فهذه التربية ، ترى ان المدرسة مكان تلقن فيه معلومات معينة ، او تعلم فيه دروس معينة ، او تكون فيه عادات معينة ، وتتصور قيمة هذه المعلومات والدروس والعادات على انها قائمة في المستقبل القريب وعلى الطفل ان يعمل هذه الاشياء لأجل شيء اخر يجب عليه ان يعمله، وبالتالي: يترتب على ذلك انها لا تصبح جزءا من التجربة الحية للطفل، ولاتؤدي لتربية صحيحة ، يجب ان يفسر مكان المعلم في المدرسة وعمله بها على هذا الاساس نفسه، المعلم لدينا موجود في المدرسة لفرض اراء معينة على الطفل وهذا خطأ فظيع او لتكوين عادات معينة عنده، ولكنه موجود كعضو في الجماعة كي ينتخب المؤثرات التي سوف تؤثر في الطفل وكي يعاونه على الاستجابة الصحيحة لهذه المؤثرات. مهمة المدرس حسب ديوي ان يقرر بما له من خبرة اوسع وحكمة انضج ، كيف يخضع الطفل لنظام الحياة ؟
مادة التربية لدى جون ديوي ......
يقول ديوي : اننا ننهك طبيعة الطفل ونجعل الحصول على افضل النتائج الاخلاقية عسيرا حين نهجم فجأة على الطفل بعدد من الدراسات الخاصة كالقراءة والكتابة والجغرافيا وغير ذلك، مما يكون بعيد الصلة بهذه الحياة الاجتماعية . الادب مرآة التعببير والتأويل للتجربة الاجتماعية ، اما التاريخ فليس له قيمة تربوية عند ديوي الا بمقدار ما يعرف أوجه الحياة الاجتماعية ونموها، ويجب ان يضبط التاريخ على اساس الحياة الاجتماعية ،ـ اما ان يدرس على انه مجرد أحداث الماضي وهذا ما لدينا اليوم في مدارسنا) فانه يلقى في اغوار الماضي ويصبح ميتا بغير حركة اما اذا درس على انه سجل حياة الانسان الاجتماعية وتقدمه فانه يصبح زاخرا بالمعاني .
فسح المجال داخل المدرسة لتعليم الطفل الطهي والحياكة والترتيب اليدوي، الدراسات التي تقدم على غيرها على سبيل الترويح او التسلية او على انها اعمال اضافية لا تعد دراسات خاصة ، بل تعد نماذج الصور الاساسية للنشاط الاجتماعي.
يركز ديوي على ان يكون درس العلوم تربويا بمقدار ما يبرز المواد والعمليات التي تجعل الحياة الاجتماعية ماهي جديرة به. فهو بالضد من ان يقدم درس العلوم بصورة موضوعية محض، تعالج " يجب ان يقدم العلم لا على انه مادة دراسية جديدة ، بل على انه موضح للعوامل التي سبق وان تدخلت في الخبرة الماضية ، وعلى انه يزودنا بالادوات التي بها يمكن تنظيم تلك الخبرة بشكل اسهل واوقع"
وفي الدراسات الادبية واللغوية ،فأننا نفقد الكثير من قيمها باستبعاد العنصر الاجتماعي ،فاللغة حسب ديوي تعتبرها كتب التربية على انها مجرد التعبير عن الفكر ، اللغةة اداة منطقية صحيح لكنها اساسا اداة اجتماعية وهي سبيل التفاهم، وهي الاداة التي يشارك بها الفرد، مع غيره افكارهم ومشاعرهم، وحين تعالج اللغة، على انها مجرد طريقة لحصول الفرد على المعلومات او استعراض ما تعلمه ،فانها تفقد دافعها وهدفها الاجتماعي، فاللغة وظيفتها الاساسية نقل الخبرة ، من جيل الى آخر، بالتالي فان ما وصل الينا من خبرة الماضي ما كان ليصل الا عبر اللغة ، من خلال الاجيال، وان الفرق الاساس بين الانسان والحيوان هو الخبرة التي يتحصلها الانسان عبر اللغة ، اما الحيوان فلا يمتلك اللغة ، لذلك فانه لا يمتلك الخبرة عبر الاجيال، وانه يبدأ من الصفر اما الانسان فتستكمل الاجيال القادمة ما ابتدأته الاجيال اللاحقة .
المسألة المهمة الاخرى التي يناقشها ديوي تتعلق بالجوانب التالية وضرورة مراعاتها في مسألة التربية :
1- الجانب الايجابي يسبق الجانب السلبي في نمو طبيعة الطفل.
2- التعبير ينشأ قبل الانطباع الواعي.
3- النمو العقلي يسبق النمو الحسي .
4- الحركات تظهر قبل الاحساسات الشعورية ، واغفال هذه المبادئ علة الكثير من ضياع الوقت والجهد في عمل المدرسة.
اذ يدفع ويغصب الطفل الى هيئة سلبية او قابلية امتصاصية فالظروف المحيطة بالطفل لا تسمح له باتباع قانون طبيعته، ونتيجة لذلك هو : التصدع والضياع. فالعقل لدى ديوي هو في اساسه قانون النظام او العمل المثمر . الصورة ايضا اعظم اداة للتعليم ، لان ما يحصل عليه الطفل من اي موضوع يعرض عليه ليس الا صورا يكونها لنفسه عن هذا الموضوع.
يقول ديوي" اكثر حكمة وأعظم فائدة ان ينفق الكثير من الوقت والعناية مما يخصص اليوم في اعداد الدروس والقائها، في تدريب قوة تصور الطفل والعمل على دوام تكوين صورة حية نامية للموضوعات المتعددة التي يتصل بها في خبرته" وهذه نقطة اساس لترسيخ المعرفة الحية لديه .
كذلك على الراشد ان ينتبه للطفل ويرىى اهتماماته وبماذا يتعلق كي يستطيع ان ينفذ من خلالها لحياته ويرى ما هو مستعدا له وكيف تثمر معه هذه الاهتمامات.
يقول ديوي" لا ينبغي ان نسخر من هذه الاهتمامات او ان نكبتها لان كبت الاهتمام هو استبدال الراشد بالطفل، فتضعف بذلك ما عنده من فضول فكري وألمعية ذهنية ، ونقتل حبه للمبادأة ونكتم انفاس الاهتمام والسخرية من الاهتمامات هو : استبدال العابر بالدائم ، ذلك ان الاهتمام دليل دائمي على قوة ما خفية وما يهمنا هو الكشف عن هذه القوة ، ان السخرية من الاهتمام هو الفشل في النفاذ الى قاع السطح وثمرة ذلك المؤكدة هو احلال النزوة والهوى محل الاهتمام الاصيل "
" ولو امكننا غرس عادات مسنة في العمل والفكر تعتمد على الخير والحق والجمال ، لجرت الانفعالات من تلقاء نفسها في الطريق السليم" " واعظم شر يصيب التربية بعد الجمود والبلادة والشكلية والروتين هو : العاطفية ، وهذه العاطفية هي: النتيجة المحتومة لمحاولة الفصل بين الوجدان والعمل" ان جون ديوي يعتبر ان" التربية هي الطريقة الاساسية للتقدم والاصلاح والاجتماعي "واذا اعتمدت على قوة القانون او الرهبة من بعض العقوبات او التغيير في التنظيم الخارجي او الآلي فهو اصلاح عابر لاقيمة له.
التربية هي تنظيم لعملية المشاركة في الوعي الاجتماعي حيث يتم التوفيق في المدرسة بين المثل الفردية والاجتماعية ومن مهمة كل شخص يعنى بالتربية ان يوجه النظر الى المدرسة باعتبار انها اعظم الاشياء خطرا في التقدم والاصلاح الاجتماعيين ، كي يفتح المجتمع عينيه ليرى منزلة المدرسة وما تقوم به من عمل ويتنبه الى ضرورة منح المربي الحاجات الكافية لأداء مهمته اداء صحيحا .
والتربية حسب هذه الرؤية الديوية ، عنوان على اكمل واصدق اتحاد بين العلم والفن ، يمكن تصوره في الخبرة الانسانية ، وعندما يأتلف العلم والفن على هذا النحو ينطلق اقوى دافع الى العمل الانساني وتتفجر الينابيع الاصيلة للسلوك الانساني وتضمن افضل خدمة يمكن ان تؤديها الطبيعة البشرية ، ليست مهمة العلم مجرد تدريب الافراد بل تكوين الحياة الاجتماعية الصحيحة .
يأتي هذا المبحث في سياق رصد المفاهيم التربوية الرصينة التي تجعل من اساليب التربية واضحة داخل المدرسة وداخل البيت لوضع منهجا حقيقيا ينتج جيلا واعيا واعدا ، بالتالي : نستطيع رسم خطط استراتيجية تعتمد هذه الافكار لانتاج جيل ، واعد ليس خاملا تقليديا يؤمن بقضايا لا تصنع له حاضرا حرا، اجتماعيا متقدما ،فايمانات ديوي هي التفاعل مع المجتمع ومع العلم وجعل المدرسة مختبرا لتحليل الافكار وليس تلقينها .



#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)       Yaser_Jasem_Qasem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموارد البشرية في العراق ثروة مهدورة ..... مع مراجعة للتجرب ...
- ا بين طلبة فرنسا ١٩٦٨ وطلبة العراق & ...
- قيس سعيّد .... ومقاربات الحالة العراقية ....
- التربية أس التنوير وأساسه ج 1
- ابن خلدون بين علي الوردي وفالح عبدالجبار وعبدالرزاق مسلم الم ...
- في ذكرى وفاته السادسة والعشرين ... صراع البداوة/ الحضارة في ...
- ازمات البلاد المتعاقبة تؤسس للعنة الاجيال القادمة
- الوسطية في الفعل السياسي العراقي
- الفوضوية والامير وحكومة الانسان
- مساهمة في يوتوبيا عراقية مؤجلة الحلقة الثانية
- مساهمة في يوتوبيا عراقية مؤجلة الحلقة الاولى
- • الفاعل الاجتماعي وقدرته على صناعة مشروعه التاريخي...في ضوء ...
- ثورة تشرين العراقية كشفت التحالف الثيوقراطي في العراق ج2
- كانديد رواية التنوير التي بعثها الكاتب التنويري عقيل يوسف عي ...
- الثورة العراقية كشفت التحالف الثيوقراطي في العراق
- ربيع براغ ... انموذج للثورات العظيمة في العالم ...مقاربة حية ...
- ثورة تشرين العراقية والثورة البرتقالية
- الناصرية الصارخة بوجه المفسدين
- من وحي الاحتجاجات
- العلامة الدكتور نوري جعفر وفساد الطبقة السياسية واسباب الثور ...


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسر جاسم قاسم - التربية أس التنوير وأساسه ج 2