أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - منهل السراج - بحصات في الحلق














المزيد.....

بحصات في الحلق


منهل السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1643 - 2006 / 8 / 15 - 08:27
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


حين علمت أن السويد من أول الدول في صناعة السلاح، وقفت مبهوتة، مستحيل. هذا الشعب الهادئ، المسالم، الصامت بعمق وامتلاء، الشاهق علماً.. يمكن أن يصنع أسلحة تقتل الناس؟ أجابني أصغر جليس موجود بيننا: تبيع السلاح للدول كي تدافع عن نفسها.
الكل كان لديه الجواب نفسه، وكنت الوحيدة التي رفضت أن يُصنّع السلاح مهما كانت أسباب الواقع.
ارموا كلامي، هذا ليس وقت الشعر والأحلام، إنه وقت حرب، وحماس واستبسال.
أحاول التخلص من تلك البحصة التي استعصت في حلقي، دون فائدة. تتشبث وتكلبش أكثر، كلما كلبش رؤساؤنا بمناصبهم، وكلما أمعنت إسرائيل في غرورها.
سئمنا الحاكم الإسرائيلي، وسئمنا ممارساته المتشابهة البارحة واليوم وغداً، دولته واللغات العشر التي يتقنها، وبلاغته في إقناع العالم بعدالة قضيته الظالمة، عرفناها أخطبوطا مزينا بزخارف الديموقراطية والحضارة الوهمية.. وسئمنا عنجهيتها.
وسئمت إحساس الغبن الأزلي الذي ينتابني كلما شاهدت تسارع سيارات الإسعاف الإسرائيلية كي تنقذ مواطنيها من بعض الإصابات، ممرضات حاضرات، وحمالات أنيقة وجاهزة كي تواسي جروح أجسامهم وأرواحهم.
وسئمت غضبي من ولولات تلفزيوناتنا وتصريحات مسؤولي العرب، ومن تمترس الكثير وراء جبهات من الأفكار، لم يعد لها معنى ولامغزى. ولأن إسرائيل واضحة في قدراتها، ولأن رغبتي العميقة في وقف مشروعها أكيدة، ولدي قناعة أكيدة أيضاً أنني لن أستطيع الآن، وأن قوتي ستكون في اعترافي بضعف مقوماتي الآن، وأن دم كل طفل ممكن أن تقتله، ويبدو لي أنهم يحبون هذا، أهم من شعار الوطن والاستقلال، سآخذ عدساتي وأمضي إلى ذاتنا. لأن هناك وباء غريباً انتشر وينتشر ويلف انتشاره صمت مرعب.
مقاومة في العراق. كثيرون يصفقون لها. يصفقون لرمزها، لمقاومة في وجداننا الوطني، يوسف العظمة وعمر المختار.. يصفقون لشعار المقاومة، دون أن يتمهلوا لينظروا ممارسات هذه المقاومة.
حين كنت أسمع أن مسلحين في الجزائر دخلوا إلى مسجد وقتلوا تسعة مصلين، كنت أذهل: لماذا؟ أتابع الخبر وأنتظر عدة أيام كي أفهم السبب لكن لم أكن أحصل على جواب. أليس هذا وباء؟ جار يقتل جاره، جيش يقتل أهل بلده، وأهل البلد يقتتلون فيما بينهم. أليس فعل القتل، هو نفسه على الضحية؟

دعاني أحد الأصدقاء منذ سنوات للاعتصام من أجل العراق ضد الغزو الأمريكي. ذهبت معه ووقفنا تحت الشجرة، كنا عشرة وصرنا خمسة، وكان يلفنا قلق من الجرأة التي نمارسها في وقفة الرفض هذه وإن كانت ضد أمريكا. تذكرت حينها نكتة.
قال الأمريكي للسوري: نحن عندنا ديموقراطية، يمكنك أن تشتم الرئيس الأمريكي أمام البيت الأبيض. فرد السوري: ونحن أيضاً لدينا ديموقراطية، يمكنك أن تشتم الرئيس الأمريكي أمام القصر الرئاسي في دمشق.
وكنت طوال وقفتي أتساءل: لماذا لم تعتصموا حين كان شعب العراق يقتل بيد صدام؟
كرامة الإنسان لاتنتهك إلا من قبل العدو الذي يحمل جنسية أخرى، أما حين تنتهك من شيخ القبيلة أو حتى من قبل مختار الحارة، فهذا ليس انتهاكاً، هذا مزاح.. مثلاً.
ومع ذلك فإن إنسانية ابن المنطقة، بنظر أهل المقاومة أنفسهم أقل بكثير من إنسانية الإسرائيلي أو الأمريكي.. وإلا لماذا كان كل 200 ضحية تقابل جنديا إسرائيلياً و2000 ضحية عراقية تقابل جنديا أمريكياً؟ أليس في هذا اعتراف بدونيتنا، من قبل من يرفع شعار الكرامة الوطنية والاستقلال؟ أليس الأحرى بنا بدل فعل الحشد والتسليح ومن ثم الهجوم أوالدفاع أن نشرح لهذا المقاتل الإنسان، احتراماً لإنسانيته، معنى الكرامة والاستقلال؟
ثم لماذا تزغرد أم لأن ابنها استشهد حاملاً سلاحاً، وتبكي أم قتل ابنها وهو ماض لاستكمال معاملة بريئة في بلدية كركوك مثلاً؟ لماذا هذه أم الشهيد والأخرى أم القتيل أو الضحية أو أم الرقم 2956 مثلاً؟! الأول حمل سلاحاً والثاني حمل ورقة ومضى إلى موته لأن لديه شغل في الغد عليه إنجازه. مات بيد مجموعة تسمى مقاومة.
لم لا تؤسس جمعيات أهلية لا دخل لها بالأحزاب ولا بالمصالح السياسية ولا الدينية ولا الاقتصادية ليست منبهرة بالغرب وليست متعصبة لتراث الشرق تدرس هذه الأحداث وتسلط ضوء المجهر عليها. ربما إذا فهمنا، لانموت بكظم آلامنا كل يوم. قادم هذا الوباء وينتشر، أكاد أراه يتلامح في زوايا حاراتنا، وعتبات بيوتنا. تقولون فال الله ولافألي. وكل يوم أرى فألي المتشائم يتحقق. أكره فألي مثلكم، وأتمنى أن تفشل حدوسي كلها.

عشت الحرب، كانت حرباً خاصة جداً، جيش بمعدات ثقيلة يهدد مدينة بكاملها، حرب باردة دامت ثلاث سنين. ثم بأيام قليلة قرروا هدم أجمل مناطق المدينة فوق أهاليها، وهدم جوامعها وكنائسها، ونهب محلاتها وو.. وأعرف كيف كان الحلم، أنا طالبة الثانوي خلال السنوات الثلاث هذه، أن أعض ساندويتش زيت وزعتر وأحفظ درس العلوم على شرفة البيت. ذلك لأن الرصاص المهدد لم يكن يتوقف. كان أول كلمة نطق بها طفل البيت: رصاص.
لم أسمع أن أحداً اعتصم من أجل هذه المدينة ولو من ضيعة مجاورة. طبعاً لأنه شأن داخلي. وكأن أهل البلاد ملك لسلطانها، عبيد يقتلون ويجلدون ويحرقون أيضاً.
سألتهم في وقفتنا نفسها تحت الشجرة، لماذا لم يقف أي عربي من دول الجوار ليقول لا لقتل الآلاف في حماه في يوم واحد، جمعة شباط المشؤوم عام 82؟ لم أكن ألق جواباً. أسمع تأنيباً ورفضاً وأسمع من أهل حماه أنفسهم: ياعيب الشوم عليك. عروبتنا وإسلامنا بدمنا وفلسطين بدمنا.
وهل أنسى عدد العزاءات التي فتحت في بيوت حماه، عزاءات جماعية لشهداء حموية ماتوا في العراق فداء للعروبة ضد الغزو الأمريكي الكافر؟
ولكن تلك الازدواجية في المعايير تخبط الرأس كل يوم ولا أسمع جوابا يشفي، أم أنه الجواب المعتاد، اللحظة الراهنة، تلك اللحظة التي امتدت دهوراً ولم تنته. أتراها لن تنتهي؟ أم العمر كله تحول لحظة راهنة علينا كل يوم أن نعيش راهنيتها، بين دعسات بوط الحاكم ابن الوطن ودعسات بوط المحتل ابن الأجنبي!
لكأننا ممنوعون حتى من الاستغاثة بسؤال حق.




#منهل_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبر عاجل وجميل
- قنابل تسيّل الدموع
- احتشمي بيروت
- دونية ومسحوقة أيضاً
- مي شدياق .. أنا أنا لم أتغير
- اعترافات عن عارف دليلة
- كما ينبغي لنهر
- تمرين صعب من اجل السلام
- بين الضفتين
- حقيبة فاتح جاموس
- وصفة لشهرة. وصفة للسترة
- جمعيات سقط عتب
- ترى... من هو عريس الليلة!
- أما أنا فأفهمك يانجيب
- بترحلك مشوار؟
- بأي حق يغتالون الصداقة


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - منهل السراج - بحصات في الحلق