أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - داخل حسن جريو - النظام الصحي العراقي... إهمال وفساد















المزيد.....

النظام الصحي العراقي... إهمال وفساد


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6961 - 2021 / 7 / 17 - 09:58
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


كان النظام الصحي في العراق أحد أفضل النظم الصحية في البلاد العربية ومعظم دول الشرق الأوسط , بفضل إهتمام الحكومات المتعاقبة في العراق بمؤسسات القطاع الصحي ورعايتها لها بكل الوسائل المتاحة. ويكفي أن نشير هنا إلى مدينة الطب ببغداد التي شيدت عام 1961, والتي كانت تضاهي أرقى المراكز الطبية والمستشفيات المتطورة في الدول المتقدمة .كما أنشئ العراق نظام رعاية صحية، مركزي، ومجاني في العام 1970،حيث يشير أحد تقارير منظمة الصحة العالمية, أنه قبل سنة 1990 كان نحو (97%) من سكان الحضر و (71%) من سكان الريف لديهم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية مجانا , فيما إقتصرت إدارة القطاع الخاص على (2%) من أسرة المستشفيات في العراق.
شهد العراق في العام 1991بداية إنهيار منظومة القطاع الصحي , بسبب عجز الحكومة يومذاك عن توفير أبسط مستلزماتها, جراء الحصار الظالم الشامل الذي فرض على العراق ,حيث لم يسمح للعراق يومذاك إستيراد الأدوية والأجهزة والمعدات وقطع الغيار اللازمة لصيانة الأجهزة القديمة الموجودة لديها , ناهيك عن هجرة أعداد كبيرة من الأطباء إلى خارج العراق بحثا عن ملاذات آمنة وفرص عمل أفضل وسط ظروف معاشية قاسية , وعدم قدرة العراق على إبتعاث الأطباء الشباب للدراسة والتأهيل في خارج العراق , للحصول على مؤهلات التخصص العالي في التخصصات الطبية المختلفة كما كان معمول به سابقا , وإن تجاوز بعضها نسبيا بتخريج أطباء إختصاصيين من خلال المجلس العراقي الأعلى للتخصصات الطبية ومن خلال البورد العربي.
أدى الحصار إلى تهالك الأجهزة والمعدات الطبية وعدم القدرة على صيانتها بسبب عدم توفر قطع الغيار اللازمة لها , وعدم القدرة على تجديد المباني , وشح الكثير من الأدوية والعقاقير الطبية وتسربها إلى السوق السوداء من بعض ضعاف النفوس العاملين في المؤسسات الصحية.تحسن الحال نسبيا بعد توقيع العراق عام 1995, ما كان يعرف بمذكرة التفاهم مع هيئة الأمم المتحدة المعروفة بمذكرة النفط مقابل الغذاء والدواء , حيث أصبح بالإمكان توفيربعض إحتياجات المؤسسات الصحية من الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية .
إلاّ أن كارثة كبرى قد حلت بالقطاع الصحي في العام 2003 عند غزو العراق وإحتلاله , حيث نهبت موجودات الكثير من المستشفيات بما فيها الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية في بغداد ومدن العراق الأخرى ,تحت مرأى ومسمع قوات الإحتلال التي لم تحرك ساكنا يومها , حيث إكتفت بحماية مبنى وزارة النفط دون سواه. إغتيل الكثير من الأطباء والكوادر الصحية,إذ تقول نقابة الأطباء العراقية إن( 320 ) طبيبا على الأقل سقطوا قتلى منذ العام 2003 وتعرض آلاف غيرهم للاختطاف أو التهديد.والغريب أن معظم من تولوا منصب وزير الصحة ومواقعها القيادية ,كانوا من قيادات أحزاب الإسلام السياسي الطائفي أو من المحسوبين عليها ضمن نظام المحاصصة الطائفية والأثنية الذي إبتدعته سلطة الإحتلال الأمريكي ومن تحالف معها, ولم يكترث أيا منهم لما آل إليه حال القطاع الصحي من خراب ودمار وقتل وتهجير. تقول الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية إلى "أن العراقيين يملكون من الكفاءات الطبية والعلمية ما يكفي للنهوض بالقطاع الصحي لو توفرت الإدارة الوطنية والأموال واستتب الأمن في البلاد".
وعلى الرغم أن الدستور العراقي الصادر عام 2005 قد ضمن حق الرعاية الصحية لجميع العراقين , كما جاء ذلك في الفقرة أولا من المادة (٣١) :" لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية، وتعنى الدولة بالصحة العامة، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف انواع المستشفيات والمؤسسات الصحية". وهذا ليس منة من أحد , إنما حقا مشروعا من حقوق الإنسان ومعمول به في العراق منذ زمن طويل حيث كانت الرعاية الصحية متاحة مجانا لجميع المواطنين, لكن لم يحض الناس في العراق بأدنى قدر من الرعاية الصحية منذ غزو العراق وحتى يومنا هذا , بل العكس من ذلك تماما حيث القطاع الصحي تردي الخدمات يوما بعد آخر وسط عدم إكتراث المسؤولين لما آلت إليه أحوال المستشفيات والمرافق الصحية المختلفة من أوضاع بائسة , بسبب سوء الإدارة والإهمال وتفشي الفساد في جميع مفاصلها . ويكفي أن نشير هنا إلى أن مدينة كبيرة كمدينة البصرة الممول الأكبرلموازنة العراق بفضل ثرواتها النفطية الهائلة , تعاني من نقص شديد في معدات طبية حيوية, حيث لا يوجد بها سوى ثلاثة أجهزة للأشعة المقطعية ووحدة واحدة للفحص بالرنين المغناطيسي لكل مليون نسمة, وهي نسبة لا تذكر مقارنة مع المتوسط العام في الدول المتقدمة والذي يبلغ( 26) جهازا للأشعة المقطعية و(16) جهازا للرنين المغناطيسي. كما يشير أحد تقارير الأمم المتحدة لعام 2004 إلى أن حوالي ثلث مراكز الرعاية الصحية في العراق البالغة (1809 ) مركزا كانت قد تداعت خلال السنوات العشرين الماضية بسبب انعدام أعمال الصيانة وعدم توفر المعدات وقلة عمال الصحة أو عدم مهارتهم.
تظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الحكومة المركزية في العراق أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة مبلغا أقل بكثير على الرعاية الصحية للفرد من دول أفقر كثيرا، إذ بلغ نصيب الفرد من هذا الانفاق (161) دولارا في المتوسط بالمقارنة مع( 304 )دولارات في الأردن و(649 ) دولارا في لبنان. يبلغ عدد الأطباء والممرضات في العراق مقارنة بعدد السكان أقل بكثير من دول أخرى بل إن عددهم أقل بكثير من دول أفقر مثل الأردن وتونس. ففي العام 2018، كان العراق لديه ( 2.1) ممرضة وقابلة لكل ألف نسمة مقارنة مع( 3.2) في الأردن و(3.7) في لبنان وذلك وفقا لتقديرات كل بلد. وبلغ عدد الأطباء( 0.83 ) فقط لكل ألف نسمة, أي أقل بكثير من الدول المماثلة في الشرق الأوسط, فقد بلغ العدد في الأردن على سبيل المثال( 2.3 ) طبيب لكل ألف نسمة.
ولم يحصد العراقيين سوى المزيد من الوعود التي لم يلمس منها الناس شيئا , فا هو وزير الصحة العراقي في حديث رسمي لوسائل الإعلام العراقية في شهر تموز عام 2020, يقول أن هناك متابعة مباشرة من رئيس الوزراء لإستئناف العمل في المستشفيات المتوقفة منذ أكثر من عشر سنوات ,بسبب الفساد المالي والإداري في وزارة الصحة والمؤسسات التابعة لها, وخاصة المستشفيات ذات سعة ( 400 ) سرير التركية والألمانية في محافظات بغداد وبابل وذي قاروالبصرة وميسان وكربلاء والنجف والموصل . ويدعي أن سبب عدم تشغيلها , هو عدم توفر التخصيصات المالية اللازمة لذلك , الأمر الذي دفع وزارة الصحة كما يبرر ذلك القائمين على شؤونها , لتشغيلها بطريقة (التشغيل المشترك)، اي بمعنى طلب عروض من شركات عالمية لادارتها، وتكون بنسبة( 40% ) ربحية، و(40% ) مدعومة من الدولة، و(20) تقدم خدماتها بشكل مجاني للمواطنين, وبذلك تكون هذه المستشفيات مدخلا آخر للفساد والثراء على حساب المال العام. وعلى الرغم من مضي أكثر من عام على هذا الحديث وما زالت هذه المستشفيات مقفلة وكأن العراق ليس بحاجة لها , بينما تلتهم النيران أجساد مرضاهم في مباني لا تتوفر فيها أبسط إجراءات السلامة على الرغم من تبليغهم بذلك من قبل مديرية الدفاع المدني رسميا . تشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أنه منذ كانون الثاني/يناير 2020، تم الإبلاغ عن أكثر من مليون حالة إصابة مؤكدة في العراق بمرض كوفيد-19، أما عدد الوفيات فبلغ( 15,217) وفاة. وتشهد البلاد تصاعدا في عدد الحالات منذ شباط.
ومن أتيحت له فرصة مشاهدة وقائع إستضافة رئيس مجلس النواب وبعض أعضائه , للجنة الحكومية المشكلة للتحقيق في الحريق الذي نشب مؤخرا بردهة عزل مرضى فيروس كورونا بمستشفى الحسين التعليمي بمدينة الناصرية المنشور عبر وسائل التواصل الإجتماعي , لابد أن يصاب بالغثيان , لتهافت الحجج لتبرير ما حصل من إهمال واضح بكارثة هذا الحريق وتدعياته , ومحاولة كل طرف إلقاء اللوم على الطرف الآخر وعفا الله عما سلف , والرحمة والغفران لضحايا الحريق الذين منحوهم فرصة الإستشهاد والتخلص من معاناة المرض اللعين, ولينعم ذويهم الذين فقدوا أحبائهم بمنحهم مكرمة رواتب الشهداء التي إعتقد مانحوها أنها ستخلصهم من عذاب الله وعذاب الضمير . بينما يؤكد رئيس الجمهورية أن ما حصل من حرائق بمستشفيات العراق مؤخرا , إنما هو نتيجة طبيعية للفساد المستشري في وزارة الصحة وأجهزة الدولة المختلفة . فإذا كان هذا هو الحال فهل يا ترى سيعاقب المسؤولين الكبار الذي تسببوا بهذا الحريق وسواه , أو أنه سيطوى حاله حال أمثاله التي لم يعد يتحدثون عن نتائج تحقياتها , وكأنها حدثت بفعل مجهول في العراق الديمقراطي الذي كثر فيه المجهولون ممن أرباب السوابق الإجرامية . كان الله في عون العراق والعراقيين.



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصلاح النظام السياسي العراقي ... إرادة وطنية
- هل الجامعات العراقية .. مؤهلة حقا للإستقلالية.؟
- أنهيار منظومة الأخلاق في العراق ... مقدمة لإنهياره
- يهب الأمير ما لا يملك
- النظام السياسي العراقي الراهن... قراءة موضوعية
- خربشات سياسية
- بعض خصوصيات العراق
- حديث في مفهوم الثورة والإنقلاب العسكري
- عدم الإستقرار... محنة العراق
- متى يتخلص البعض من عقدة مركب النقص والشعور بالدونية؟
- لماذا أخفقت حكومات الإنقلابات العسكرية لعربية بتنمية بلدانها ...
- قراءة موضوعية في تاريخ العراق الحديث
- المصالحة الوطنية , لمن ومع من ؟
- إلى من يهمه أمر التعليم العالي في العراق
- المثقف العربي والتحديات المعاصرة
- المواطنة المزدوجة ... كيف لها أن تكون ؟
- إثارة الكراهية بين الشعوب ... لمصلحة من ؟
- جودة التعليم العالي ... كيف نضبطها؟
- من نحن ؟
- التعليم العالي في العراق ... إلى أين ؟


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - داخل حسن جريو - النظام الصحي العراقي... إهمال وفساد