أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - يحيى الأمير - حين تندلع الأزمات .. لم يتحدث المثقفون هكذا














المزيد.....

حين تندلع الأزمات .. لم يتحدث المثقفون هكذا


يحيى الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 10:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ما الذي يقوله الآن المثقفون والكتاب والأدباء والفنانون عن لبنان؟ مع أن لا حاجة للتخمين إلا أن متابعة يسيرة للفضائيات وما يكتب في الصحف يفصح عن حالة حادة من تكوم الجاهز النقدي والنظري في مواجهة مثل هذه الأزمات، وفي إحدى العواصم العربية احتشد قبل أيام يسيرة مجموعة من الفنانين والكتاب والأدباء للتضامن مع الشعب اللبناني في الحرب الدائرة الآن بين إسرائيل وحزب الله، ولا تلبث أن تجد نفسك أمام أصوات لا تختلف إلا بتصنيفها المهني، وإلا فكل ما يقال ويطرح لا يختلف عن بقية المظاهرات العامة الصاخبة التي تشهدها عواصم عربية مختلفة.
في القاهرة عقد الفنانون ملتقى تضامنياً مع الشعب اللبناني، وكان أبرز الحاضرين هم أولئك الفنانون الذين تتصدر أخبار فضائحهم وقضاياهم الأخلاقية الصحف والمجلات الفنية أكثر مما تتصدره أخبار إنجازاتهم وأعمالهم الفنية، كانوا يصرخون بكل هستيرية وينادون بسقوط إسرائيل ويهللون: أين العرب؟ أين العرب؟

زحام شديد على جهاز الميكرفون الذي تتخطفه الأيدي قبل أن تفرغ منه اليد التي تستخدمه، ومشاركات غاية في البلادة والسطحية وكلها مثل: (إحنا مش فراخ، الله هو مفيش حد مالي عين إسرائيل وألا إيه، سلم لي على الأمة العربية، إسرائيل دي عايزة رجالة وفتوات يوقفوها عند حدها، البتاع دي اللي اسمها إسرائيل).

هذه الجمل الباهتة والشعبية والمنفعلة هي ذاتها التي تقال عند كل موقف أو عند كل حدث لكن المؤلم أن الفئات التي تجتمع على أنها صفوة وتحت تصنيف له علاقة بفعل فكري أو أدبي أو ثقافي يصبح هذا هو خطابها في الأزمات.

في كل اندلاع حرب أو أزمة تمر بالمنطقة العربية، يجد الجميع أنفسهم أمام جاهزيات خطابية وبلاغية هي ذاتها التي يعرفها الذهن العربي، وكل ما يحتاج إليه أن يقوم بتغيير بعض المفردات لمناسبة الموضوع أحياناً، لتتم إدارة كل حدث أو أزمة تمر بالمنطقة بذات اللغة وليتضح أن ما يظن أنه تفاوتاً بين الخطاب الشعبي والآراء الشعبية العامية، لا تختلف كثيراً عنها لدى المنتجين للأفكار والمضطلعين بإنتاج ثقافي أو فني أو أدبي.

قبل أيام أيضاً كان أحد أشهر المذيعين والشعراء اللبنانيين يتحدث عن الحرب، ففاجأهم بأن لديه نصاً شعرياً كتبه عن الحرب، وفيما يقدم ذاته على أنه حداثي وكاتب أنيق لقصيدة النثر الجديدة، إذا بالقصيدة تأتي على غرار هذا: (زغردن يا نساء، زغردن يا نساء، يا أم الشهداء، لا وقت للبكاء، لأننا نقوم: إذا بلغ الفطام لنا صبيا.. تخر له الجبابر صاغرينا.!!

إذن فحتى اليوم يقدمون أنفسهم على أنهم يفكرون أو يكتبون أو يتحدثون بشكل جديد وباحث عن المنطق حين تندلع الأزمات لا يجدون أمامهم إلا هذه اللغة للحديث بها، ولا تنتفخ أوداجهم وتبرز عروق جباههم إلا إذا بالغوا في الشتم والندب وتعديد الهزائم والصياح بأعلى صوت: أين العرب، أين العرب.

لعل الأزمة الحقيقية أزمة ثقافية فحين تجد أن الخطاب العربي الذي يدير الأزمات هو خطاب مأزوم في ذاته ومكرر وتقليدي وعاطفي، تدرك بجلاء أن ذات الذهنية التي تفكر وتنتج هذه اللغة هي أيضاً تتمتع بذات العيوب والعلل الثقافية، وتصبح الصورة أنكى حين تجد أن أبرز من يمثل هذه الأزمة هم أولئك القائمون على إنتاج المعرفة والثقافة والفن في المنطقة العربية، يقول أحد الفنانين وهو يصرخ: تسقط تسقط إسرائيل.. إنني أدعو يا إخوة إلى أن نتخلى عن جوازات سفرنا ونتسلل إلى لبنان بأي طريقة كانت، ونشكل درعاً بشرياً ونشارك مع المقاومة في عملياتها ضد (اللي ما تتسماش) هذا الخيال المنفلت الذي ستعقبه ليلة من الأكل والتجشؤ بصوت مرتفع هو لب التفكير الذي تدار به الأزمات العربية من الداخل.

لعل اكبر دليل على ان ثبات الرأي والموقف والفكرة من الحروب في الثقافة العربية هي تلك الأغاني النائحة التي تسجل في فترات الحرب، حيث لا يمكن ان تخرج عن حالة الندب أو التساؤل عن الأمة و(تخاذلها) وظاهرة إعادة الأغاني الوطنية العروبية والقومية التي سجلت واشتهرت قبل عشرات السنين وما تجده من صدى وملائمة للراهن في نفوس سامعيها ومن يقومون بغنائها دليل كذلك على أنه مهما اختلفت الأزمات أو تنوعت ظروفها فالخطاب الثقافي الذي سيديرها خطاب واحد ومكرر.

قبل أيام استضافت قناة الجزيرة للتعليق على الأحداث ضيفاً غريباً جداً، فلا هو رئيس تحرير من لندن، ولا أستاد جامعي ولا سياسي، ولا كاتب، ولا إعلامي، إنه الممثل (داوود حسين) الذي جاء ليقول بأن وجه رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي يشبه من نفخ بفمه هواء في منفضة سجائر فارتدت عليه غبارها فعبست ملامحه!!، ترى هل يمكن ان يستضيف التلفزيون الإسرائيلي ممثلاً ثانوياً يقوم فنه على التقليد الفج أحياناً ليعلق على الحرب ويقدم النكات على حسن نصر الله مثلاً، بالتأكيد لا، ذلك أن إدارة المعركة لديهم تتم بشكل ربما قاربت وحشيته وحشية الأداء العسكري على الأرض لكنها تظل مجدية.

بين لحظة وأخرى تحول كثير من الكتاب إلى شعراء تقليديين، لا تحتاج مقالاتهم إلا إلى وزن وتقفية لتصبح معلقات من الحماس والفداء والبطولة، وكلهم يترحمون على الأمة العربية، ويتساءلون ضمن إطارات تخرج عن أدنى درجات الوعي السياسي: لماذا لا تتحرك القوات الدولية كما تحركت لتحرير الكويت؟ والجواب اليسير هو أن لبنان ليست محتلة، فقط هكذا وبكل بساطة، لكن القياسات الجاهزة التي تهدف الخروج بتناقضات يريد الكاتب من خلالها فك الأزمة وإحالة القارئ إلى أنه قد اكتشف تناقضاً يحيل إلى حقيقة التدبير والكيد الذي كان خلف اندلاع الحرب في لبنان، كذلك يصر الكثير من الكتاب على أن إسرائيل كانت ستضرب بيروت (يعني بتضربها) سواء قام حزب الله بأسر الجنديين أم لم يقم، وكل هذه حالات تشير إلى أن أزمة ثقافية كبرى تتضح معالمها عند نشوب أي أزمة في المنطقة.

الهزيمة الثقافية تظهر بجلاء في الخطابات الثقافية، يقول الدكتو عبدالله الغذامي ذات مرة: المشكلة الأبرز في القضية الفلسطينية طوال عمرها المديد أن الذي ظل يفاوض من أجلها إنما يفاوض بذهنية شاعر



#يحيى_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا وجيهة لو سمحتي ركبيني
- بعد اغتيال الحريري ..وفي حمأة التداعيات .. أين سيقف حزب الله ...
- في المقاومة التقليدية
- أبناؤنا في الفلوجة
- أمام الخراب الديمقراطي العربي .. ملكيون .. أم ديمقراطيون خُد ...
- المجازفات الجهادية .. من رؤية الظرف والمنفعة إلى اتباع صوت ا ...
- حين يتكرر الرئيس .. هل تجازف أمريكا بعلمانيتها
- غـــــــــادتان .. نص الكمد
- في السعودية ..الحرب على الصورة .. الطريق إلى-طاش ما طاش
- خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد ...
- مرة أخرى .. الانتخابات في السعودية بين وعي المؤسسة والوعي ال ...
- انتخابات في السعودية .. غياب الشرط المدني ووقوع في نواقض الد ...
- باعة الموت في العراق الجديد - دعاوى الجهاد وصوت المافيا المت ...
- اسألوه .. عن زبيبة والملك
- أصدقاء لا يدخلون الجنة
- الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو ...


المزيد.....




- مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب. ...
- أردوغان: تركيا تتابع الوضع في أوكرانيا عن كثب
- وزير التجارة التركي يحسم الجدل بعد تصريحات كاتس عن عودة التج ...
- صحة غزة تعلن الحصيلة اليومية لضحايا الحرب في القطاع
- زيلينسكي يعين رسميا قائد قواته السابق سفيرا لدى بريطانيا
- بعد تهديد بايدن.. رسالة من وزير الدفاع الإسرائيلي إلى -الأصد ...
- بوتين يرأس المراسم في الساحة الحمراء بموسكو للاحتفال بيوم ال ...
- طلاب ليبيا يتضامنون مع نظرائهم الغربيين
- أبو ظبي تحتضن قمة AIM للاستثمار
- أغاني الحرب الوطنية تخلد دحر النازي


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - يحيى الأمير - حين تندلع الأزمات .. لم يتحدث المثقفون هكذا