أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - يحيى الأمير - خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد _ متطلبات مابعد الحادي عشر من سبتمبر في السعودية بين الشعبي والرسمي















المزيد.....

خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد _ متطلبات مابعد الحادي عشر من سبتمبر في السعودية بين الشعبي والرسمي


يحيى الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 959 - 2004 / 9 / 17 - 10:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


خمسة عشر رجلاً ماتوا.. انما ليس من اجل صندوق.. هم النسبة من مجموع تسعة عشر قاموا قبل ثلاث سنوات واربعة ايام من اليوم بأكبر وابرز عمل هز خارطة المشهد العالمي وانتثرت تداعياته كشظايا لازالت تتطاير في كل اتجاه الى ان يشاء الله.
حادثة الحادي عشر من سبتمبر ايلول عام 2001م ابرز الحوادث العالمية المعاصرة بل انها الحادثة الوحيدة التي امتد تأثيرها ليتجاوز الحرب العالمية الاولى والثانية بكل فصولها ومشاهدها.. حيث توقفت تلك الحروب عند فترة انتهائها ووفق الصيغة التي خرجت منها اطراف الحرب فيما لايزال "الحادي عشر من سبتمبر" ايلول يفرز كل يوم من المستجدات والتداعيات ما يواصل حركته واتساعه وتشعبه.
الحادي عشر من سبتمبر حيث الحلول الجديدة لروح جديدة تحرك العالم وترتب مصالحه وتتحكم في سيرها وشرعيتها ويخرج معها العالم من سكون الا في اطراف الصراع الدائم الى حراك الا في اطراف السكون المؤقت. وحتى صباح ذلك الثلاثاء لم تكن الصورة العالمية بخارجة عن المنتظر والمألوف والمتوقع..نهارتغيره يحمل العناوين المعلقة منذ امد على رؤوس الناس الذين حفظوها وعرفوا الظرف العالمي من خلالها واصبحت "لازمات" يومية لم يكن لها لتنتج من جديد - غالباً - سوى هدوء او تصاعد يوم كان فصلاً جديداً ازاح تأثيرات ما قبله واحل مكانها من الجديد والمثير والمختلف ما لم يكن في الحسبان.

فالفكرة النظرية للحادي عشر من سبتمبر ايلول وما بعده هي ان يُضرب القوي في عقر داره لتنهال بعد ذلك ردوده تبعاً لحالة الاسد الجريح الذي ينطلق ثائراً منتقماً لجرحه والمه ومنتقماً ايضاً لقوته وصدارته التي اهتزت.
على ان المشهد في حقيقته اكبر فجيعة واشد اتساعاً.. ولا يكاد ينتمي لتلك الصورة الا قليلاً.. فهو لحظة اتجهت فيها كل انظار العالم لترقب المشهد المعدل سينمائياً.. نعم.. فالكثير ممن تحدثوا عن ذكرياتهم مع الصور الاولى للحدث قال اكثرهم انهم ظنوه مشهداً من انتاج هوليود فيما قال البعض انه ظنه لعبة "بلاي ستيشن" او غيره.. وهذه النظرة التي تكررت وقيلت كثيراً تعطي شاهداً على كون الحدث جاء خارج المألوف والمنتظر ومع ان الصورة كانت تنقل نقلاً حياً الا انها - كصورة - ورغم صراحتها تعرضت لحالات من التأويل التي تحاول تلافي ذلك الفارق الهائل بين المشاهد والحالة العامة - حالة المنتظر والمتوقع - لدى الجميع، فالأبراج التي تعرضت للضرب وللاحتراق ومن ثم للانهيار كاملاً هي ابراج مركز التجارة العالمي، وصورتهما وهما يحترقان منظر اختراق تام للمألوف في صورتهما بما تمثلانه من رمز ودليل القوة الاقتصادية الابرز في العالم.. امريكا، وصورة هذه الرمز وهو يحترق يعني بالضرورة ان امريكا تحترق، والتسليم بكونها تحترق تسليم بأن هناك هزة عنيفة ضربت الحالة العالمية التي ترتبت فيها الدول على مواضع ومراتب منها ما يسوّغ لنا تخيل بعضها سائغاً للاحتراق وآخر لا
يمكن معه تقبل ذلك. وامريكا مما لا يتقبل فيها مشاهدة ذلك، لكن الصورة لازالت قائمة وتقدم ذاتها ولا تقبل اي تأويل فبرجا مركز التجارة العالمي في نيويورك يشتعلان.. وبالتالي فأمريكا تتعرض لضربات عنيفة.
انما.. من هذا الذي صبح امريكا بهذا الضرب ومن هو ولم كانت ضربته موجعة الى هذا الحد.. ضربة لامريكا القوية العظمى على مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع وتسقط من الضحايا ما لم تفقده امريكا حتى في بيرل هاربر في الحرب العالمية الثانية.
المشهد اردفه صمت وسكون تام شمل جميع انحاء العالم لساعات طويلة ولم تقطعه الا التصريحات والردود الاولى.

المواقف من الحدث.. بين العامي والرسمي
ثم توالت الردود التي سارت على اكثر من مستوى.. وتباينت بتباين اهلها ولعل الاهتمام هنا ينصب بشكل عام اولاً على ردود الفعل على المستوى العربي والإسلامي وبوجه خاص على المستوى المحلي.. فعلى المستوى الاول كان الخطاب الرسمي ذاهباً وبشكل مباشر الى ادانة العمليات فيما كانت ردود الفعل الشعبية متهورة مرتبكة حيث رأينا الاحتفالات والرقص في العديد من البلدان العربية والإسلامية تحت دعوى ان امريكا قد خربت وجاءها ما جاءها كرد على ما تقوم به تجاه العرب والمسلمين من خلال دعمها لاسرائيل.. واتجهت المشاعر الشعبية الى تضخيم هذا النصر الواهم والاحتفاء به على طرائٍق قددا.. كلها تقود في النهاية الى ان هناك خللا في الخيال الشعبي العام وانعدام تام لآلية الفرز بين العدائي والإنساني.. حيث تناسى الجميع ان المشهد الإنساني الآن يجعل من امريكا المشهد العالمي الاول والابرز الذي ترتبط به كل الفعاليات الدولية الاقتصادية والسياسية والامنية وان اي خلل هناك يعني خللاً في العالم كله ولعل هذا من مظاهر التحيز والاحادية وغياب الصلة الإنسانية التي لم يستطع الذهن العربي الى الآن ان يتصالح معها وان يجد موقعه في دائرتها ويستطيع ان يميز بين الرؤية العقلية و
التهور العاطفي.. ولقد سارعت القيادات العربية والإسلامية لاعلاء صوتها بشكل يمكنه ان يعلو فوق الصوت المحتفل بالحدث.
هنا في المملكة وبدون اي انتظار او احتراز سارعت القيادة الى ادانة الحادث واعتباره عملاً اجرامياً بكل المقاييس ومهما كانت الدوافع والنوازع والحيثيات.
عدا ان مما يجب التوقف لديه وبصراحة هو ردة البعض الرافض.. والتي لم تكن في كثير من تفاصيلها بعيدة عن قرينتها في المشهد العربي والإسلامي اذ دارت ردود هذه الفئة حول ان هذا ما زرعته امريكا وهاهي تحصده الآن وان يوم الكافرين قد اقترب وان عذاب الدنيا قد حل بهم، وقد شهدت بعيني كما شهد غيري الكثير من الافراد حتى من اولئك الذين لهم حضور في دوائر فقهية او معرفية يرون في هذا الحدث زلزلة عظيمة لذلك الجبار المتغطرس امريكا وانها قد وقعت في شر اعمالها، بالاضافة الى عنصر آخر كان يحرك هذا الشعور وهو الموقف المطلق تجاه كل من اختلف معك في الديانة والتعامل معه على انه مجرد كافر وعدو للمسلمين وان كونه على غير هذا الدين مدعاة لكرهه واذيته والدعاء عليه واستحباب الشر له وغيره مما هو مخالف للفطرة الإنسانية ومخالف لنصوص القرآن العظيم التي تحث على خلاف ذلك.
والسؤال هنا ما الباعث الثقافي والاعتقادي الذي يدعو الى مثل هذا ولماذا لا يزال عدد من الناس يرون في ابن لادن بطلاً لأنه واجه امريكا.
ولبحث هذه النقطة فإن اول ما تجب الاشارة اليه ان الوعي العامي الذي يتبناه هذا البعض انما يستمد مواقفه في مثل هذه الحالات من مصادر ومؤثرات عديدة.. اولها التعامل السطحي مع النصوص الشرعية وتحميلها الدعوة الى الكراهية والحقد وثانياً ان العامة تأخذ الكثير من مواقفها تجاه مثل هذه الاحداث من التاريخ الإسلامي ومن فترات كان الحراك فيها سياسياً اكثر منه اي شيء آخر وكانت المواقف الناتجة عن ذلك الحراك ايضاً مواقف سياسية ومصلحية، هذا بالاضافة الى ان ذلك الوعي لايزال في كثير من جوانبه رهين عناوين مضللة مثل الجشاعة والقوة والمواجهة وهزيمة الخصم الكبير والفداء والتضحية وغيرها من الاسماء الكثيرة لما هو في النهاية مجرد انتحار. ووسط هذا ومع انه قد ظهرت قبل الحدث اصوات ذات حضور شرعي حذرت من مثل هذه الفئات وتلك الرؤى المتطرفة الا انه لم تتم خلخلة تلك التصورات بالكامل وبسط صورة حضارية للإسلام وموقفه من الآخر.
ان بعضاً منها انما ظل يتحرك ضمن خطابات التجييش والدفع بالعامة الى اتون مواقف وتحزبات واحقاد جاهزة لا مبرر لها الا ان ذلك الآخر مختلف عنا. وان اختلافه يفضي بنا ضرورة الى بغضه وتمني الاذية له.
هكذا تمكن مقاربة الحالة الشعبية والعوامل التي اثرت وصنعت استقبالها الغريب لهذا الحدث.
بدأت التحقيقات تكشف اوليات عن الفاعل ولم يكن الوصول اليه او التنبؤ به صعباً او شاقاً فالقاعدة هناك.. كيان قام وتشكل واعلن الحرب على امريكا.. من خلال فعاليات عديدة منها ما اعلنه ابن لادن عام 98من تشكيل جبهة للجهاد ضد اليهود والنصارى وبالطبع فهي لا تخضع لأي اعتبارات أخرى غير ما ذكر في تسميتها " الهيود والنصارى"، بالاضافة الى ان القاعدة كانت قد بدأت فعلاً ومن خلال حوادث عديدة في ضرب المصالح الأمريكية كحادثه تفجير سفارتي امريكا في نيروبي ودار السلام في اغسطس عام 98وعملية تفجير البارجة "كول" على شواطئ عدن، كل ذلك مدعوم بتوجه القاعدة واعلانها الحرب على "الكفار".
اذن.. كانت القاعدة حسب ما اعلن هي الجهة المسؤولة عن هذه الحادثة ولكن القاعدة كانت عبارة عن افراد هؤلاء الافراد هم الذين نفذوا العملية.. والتي كما نسبت الى القاعدة نسبت الى الفكر والثقافة والدوائر التي نشأ فيها هؤلاء الافراد وبسبب ذلك وغيره باتت المملكة طرفاً في القضية، قضية احداث الحادي عشر من سبتمبر ايلول، حينما ظهر ان خمسة عشر فرداً من بين المنفذين الذين كانوا تسعة عشر هم من السعودية واتسعت دائرة الاتهام لتشمل الوطن بأكمله الذي بات مرمى وهدفاً لحملات واسعة من الاتهامات والتشكيكات والتوسع في دائرة الادانة وظهر تبعاً لذلك سيل من الفعاليات الاعلامية والحزبية ضد المملكة وذهب معظمها الى فتح باب التأويل والاجتهاد الذي تراوح ما بين الجاد والمقبول الى الساذج المفتعل ولعل في انتقال الارهاب وتوسعة وظهوره في المملكة ما يمثل ابرز مدافع من ان هناك حالة من التبني العام الفكر القاعدة ورؤاها القتالية.

خمسة عشر من تسعة عشر - نحن والحادث والأسئلة
لكن والصورة كذلك.. لابد من الاعتراف ان الحادي عشر من سبتمبر قد ابرز لنا العديد من المشكلات والقضايا الداخلية التي يجب التوقف لديها والتعامل معها على انها معضلة يجب ان تكون مسؤولية علاجها والتعاطي معها مسؤولية عامة لا تتوقف عند مؤسسة او فرد او جهة او شريحة فقط، وانما هي جزء من النظام الحياتي والاجتماعي والتربوي الذي نعيشه نحن فمن يستطيع أن يتتبع بالاجابة كل تلك الاسئلة التي تتوارد على الذهن المتابع لهذه الحالة.. فنحن السعوديين الذين ربما نكون من اقل الجنسيات تواصلاً - على المستوى الشعبي - مع الآخر في أمريكا او الغرب.. كيف لنا ان نفسر ان هديتنا للعالم وفي العام الاول من القرن الجديد كانت عبارة عن خمسة عشر قنبلة بشرية. مع الوضع في الاعتبار ان هؤلاء الخمسة عشر كانوا ضمن فريق قوامه تسعة عشر فرداً.. أي اننا فزنا بالنصيب الاكبر من المشاركين في تلك العملية، فما علاقة ذلك بالنظام الاجتماعي والحياتي في السعودية.. وهل تكتظ حياتنا بالعناصر والعوامل التي تسهم في توسيع هذه الدائرة أم ان الصورة خلاف ذلك؟
بالعموم لا يمكن لأحد أن يسمي وطناً كاملاً أو شعباً كاملاً بأنه ارهابي.. بل ان في ذلك من سذاجة الرؤية ما فيه انما أليس بالامكان وتحت طائلة المواجهة الحقيقية مع الذات القول ان ثمة منظومة من الرؤى العلمية والمعرفية والتربوية والنظامية والاجتماعية يمكن لبعضها ان يسهم في هذا الصدد، وهل ما تسهم به تلك الرؤى في تشكيل موقفنا من العالم ومن الحياة والآخر ما يجعله موقفاً آمناً مؤمناً أم ثمة ما يغذي كل تلك الصدامات والمواقف الجاهزة وغير المنطقية. كل هذه الاسئلة تضاف اليها اسئلة اخرى: فما معنى ان الكثير من الحركات القتالية المنتشرة في العالم لا تكاد تخلو من بعض عناصر التطرف، وما معنى ان نجد على معظم الجبهات القتالية أفراداً منا ومن ابنائنا، وكيف لنا ان نتعامل نظرياً وفكرياً مع الارهاب الذي شهدناه في مدننا وطرقنا وايام وليالي من الخوف والعمليات الارهابية في المملكة، وكيف لنا ان نؤول الخطاب الذي تقدمه هذه الجماعات والخلفيات التي تنطلق منها، وكيف لنا ايضاً ان نفض الاشتباك بين عناصر ذلك الخطاب وحياتنا اليومية في مجتمع مسلم.
هذا الطابور الطويل من الاسئلة وعلامات الاستفهام لا يمكن الاجابة عليها في موقف واحد، وانما يمكن التأكد من شرعية الاسئلة بالنظر الى الارض والواقع وما حدث من تفاعل مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

مورثات الحادي عشر من سبتمبر..
المتطلبات الجديدة بين الشعبي والرسمي
ورثت لنا حادثة الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) العديد من القضايا وفتحت كثيراً من الملفات الساخنة التي قبلنا فتحها والتعامل معها - كما أعلنا بكل جدية.
فأولاً على المستوى الرسمي لا يمكن لأحد ان يجادل بأن القيادات في كل مكان هي الاكثر انخراطاً وتقاطعاً مع حراك السياسة الدولية وأكثر استشعاراً لموقعها في ذلك الحراك بكل تفاصيله الزمنية والتوقيتية والتنفيذية مما يحتم عليها ان تكون اكثر استجابة وتفاعلاً ومبادرة بتنفيذ كل ما طرحته للمراجعة سواء فيما يتعلق بسياستها الخارجية او الداخلية ولقد شهدنا الكثير من تلك الاصلاحات والمراجعات ولمسنا سعياً وتوجهاً لاشاعة العديد من الفعاليات المدنية والسياسية والوطنية في الداخل والتي لم تكن في الانتظار وتم تفعيلها! واخراجها الى حيز الوجود، وبالمقابل فإن الحديث عن تطور اجتماعي وحراك اجتماعي جديد وبخاصة تجاه الملفات التي تم فتحها امر لا يمكن الحديث عنه في كثير من جوانبه بمنأى عن دور السياسي فيه واطلاعه ببث صور وعناصر هذا الوعي، والملاحظ هنا ان كل الفعاليات التي يؤديها السياسي في هذا الصدد هي ايضاً لا يمكن النظر اليها على انها فعالية سياسية فقط.. بمنأى عن دورها وجزئها المتعلق بالحالة الاجتماعية، تلك الحالة التي لا تزال في كثير من جوانبها غير قابلة ولا متفهمة لما يقوم به السياسي بل ان بعضه لا يزال بالنسبة لها مجرد نوافل وطنية لا حاجة
اليها، وبما ان الدائرة تدور في اشتراك حقيقي بين الاجتماعي والسياسي.. فإن النقطة الملحة هنا هي ان السياسي ومن خلال تواصله مع العالم يعي اهمية وجود حراك تطويري فيما لا يزال الاجتماعي - وخاصة المؤثر منه - قانعاً بالركون الى كل حالاته النمطية وغير المتغيرة. مما يجعل السياسي في موقف بين متطلبين هما: الداخلي والخارجي، واذا كانت الحالة كذلك.. فينبغي ان نلقي نظرة على حالة الوعي الاجتماعي وحركتها بعد الحادي عشر من سبتمبر والى اليوم.
فبالاضافة الى ان الاحداث الارهابية التي شهدتها المملكة قد مثلت اختباراً حقيقياً ظهرت فيه علامات النزوع الاجتماعي الى المدني ونبذ المتطرف والعنفي.. إلا ان هذه النزعة كانت كمواجهة على مستوى الحدث الارهابي لا على مستوى النظرية والخلفية التي يتحرك من خلالها الارهاب.. فما زالت السمات الاجتماعية العامة خاضعة لمؤثرات العاطفة والتهور السريع والبعيدة عن الرؤية العقلية والمتزنة والمدنية.. تماماً مثلما هي الحالة في بداية استقبال حدث الحادي عشر من سبتمبر، والشواهد الاجتماعية على ذلك كثيرة وواضحة فما زلنا نرى الموقف المتصلب في مواجهة أي حديث عن تطوير المناهج وما زالت الاصوات تتعالى وتتهامس برفض الحديث عن تطوير التعليم، وما زالت عمليات المراجعة التي قامت بها بعض المؤسسات ذات الشأن فيما يتعلق بأوضاع المساجد والائمة امور غير مقبولة لدى الكثير، ونشط الخطاب الرافض والمتهور كثيراً في حالات النزاع والقتال المتعددة وزادت حدة التمركز حول آليات الرفض والاحادية ويمثل الانترنت نموذجاً صارخاً لتلك الحالة الاجتماعية غير المنسقة مع المتطلبات الجديدة والملحة للحياة.
وزاد ذلك ان بعض الجهات ذات التأثير القوي في شرائح متعددة كالجهات الفقهية والوعظية واصلت مراوحتها في دوائرها السابقة ولم تشتغل كثيراً على فتح خطاب جديد يرتكز في مبادئه ورؤاه الى القيم الحضارية الكبرى في الاسلام ولا حاولت تلك الجهات بمالها من تأثير واسع ان تفض حالة الاشتباك القائمة بين ما هو اجتماعي نمطي وبين ما هو ديني وشرعي، مما زاد من ركون تلك الشرائح الاجتماعية وهو الركون الذي سينجلي معه عالم بعد الحادي عشر من سبتمبر بعد ان يكون قد فرض من التبدلات والتطورات ما سيصبح المتخلف عنها عبئاً على العالم وضرراً عليه.. ومرة اخرى.. اذا كان هناك من ينظر الى ان الحالة في المملكة سائغة لانتشار التطرف وازدياد وتيرته.. واذا كان هناك من يتساءل لماذا نحن الذين قدمنا للعالم خمسة عشر فرداً من بين تسعة عشر في اكبرحدث غير مجرى التاريخ فإن اسئلته ستظل مشروعة وسائغة للطرح ما لم تتجه القوى السياسية والدينية والاجتماعية الى فتح آفاق جديدة في حياتها، وبث رؤى جديدة تسمح لنا وتؤهلنا للاندماج في مسلك عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر



#يحيى_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى .. الانتخابات في السعودية بين وعي المؤسسة والوعي ال ...
- انتخابات في السعودية .. غياب الشرط المدني ووقوع في نواقض الد ...
- باعة الموت في العراق الجديد - دعاوى الجهاد وصوت المافيا المت ...
- اسألوه .. عن زبيبة والملك
- أصدقاء لا يدخلون الجنة
- الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو ...


المزيد.....




- أول تعليق من إدارة جامعة كولومبيا على استدعاء الشرطة
- إسرائيل تهدد بـ-احتلال مناطق واسعة- في جنوب لبنان
- الشرطة تدخل جامعة كولومبيا وتعتقل محتجين مؤيدين للفلسطينيين ...
- مقتل ثلاثة أشخاص في قصف روسي على أوديسا في جنوب غرب أوكرانيا ...
- قاض أميركي يغرم ترامب لازدرائه المحكمة ويهدده بالسجن إذا لم ...
- عناصر من شرطة نيويورك تدخل جامعة كولومبيا
- شرطة مدينة نيويورك تبدأ اقتحام حرم جامعة كولومبيا وتعتقل الط ...
- لقطات فيديو تظهر لحظة اقتحام الشرطة الأمريكية جامعة كولومبيا ...
- اتفاق بين جامعة أميركية مرموقة والحركة الطالبية المؤيدة للفل ...
- شرطة نيويورك تقتحم جامعة كولومبيا وتفض الاعتصام الداعم لغزة ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - يحيى الأمير - خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد _ متطلبات مابعد الحادي عشر من سبتمبر في السعودية بين الشعبي والرسمي