أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - يحيى الأمير - الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو غريب -أيها الأمريكان لاشئ سوى أنكم محبِطون وأغبياء ومقززون















المزيد.....


الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو غريب -أيها الأمريكان لاشئ سوى أنكم محبِطون وأغبياء ومقززون


يحيى الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 842 - 2004 / 5 / 23 - 06:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أسئلة الزمن الأمريكي
هل ثمة ما يمكن وصفه بضريبة الزمن الأمريكي؟، واستحقاقات المرحلة الأمريكية؟، وهل اتسعت تلك الضريبة وتلك الاستحقاقات لتصبح مدفوعة من قبل الإنسانية بأكملها؟، هل تتعرض القيمة البشرية والإنسانية إلى حالة من الدفع والضريبة المفروضة من عدم؟، يتقاطع مع مشروع الانسان كحالة بقاء؟، هل ثمة أزمة كونية كبرى تشرّع أمريكا فصولها وأبطالها؟ وتمسك بخيوط ستارها؟. وإلى هاوية تتجه الأرض تحت هذا الحال الأمريكي؟.. ومن أي أوجه يمكن أن تصرّف كل آمال الحضارة الإنسانية؟، هل تشهد الإنسانية تحولاً بغيضاً من الأنسية إلى كل مظاهر التوحش والاستعباد والخروج من دائرة الإنسان إلى ما هو مظلم ووحشي واستعبادي وحقير وكريه ومفسد؟، وهل تجنح الحياة من حياتها إلى البحث عن الفناء الرقمي الذي تقوده القوة الأولى في العالم؟
وهل من حق هذا القوة الأولى أن تكون بهذا الضلال وهذا الإفك الحياتي؟، ومن أي زاوية يمكن أن تقرأ ما تقدمه أمريكا؟، وهل علينا السلام إذا سعينا موحدين ورافعين أكف الضراعة إلى غدٍ امريكي لا يجيئ؟، هل يعيش العالم الآن تآكلاً في كل أطرافه تشرف عليه أمريكا؟..، وإلى أين سيصل هذا التآكل؟. من يحمل وزر هذا الركام الذي يملأ الأرجاء؟ ومن يستطيع تأويل هذا النص الأمريكي القائم؟.. وهل يمكن قراءته لمؤلف واحد أم لعدة مؤلفين أم لثقافة لا تقر إلا بغياب التاريخ وبالتالي العبث بالحاضر وتغييب معالم القادم؟.
ولكم هو بغيض هذا النص ومكسّر من داخله ومغرم بتكسير خارجه، النص الأمريكي نص فج لا مكان فيه لأدنى أو أقل القيم الأخلاقية أو الإنسانية ولا يحمل في تفاصيله أدنى فكرة قد تقود إلى الإيمان بإنسانية الإنسان.
ورغم هذا.. فهو نص مخوّل بالحديث عن الأخلاق والحريات والديمقراطيات والحياة الكريمة والمثاليات الإنسانية وكل ما عداه هو عبارة عن أيقونات مستبدة ومصابيح معتمة توجب السماء علي الرسول الأمريكي الجديد أن يقوم بكسرها لإعادة بث الضوء فيها من جديد!!
"الولايات المتحدة".. التركيب الأكثر شيوعاً في كل الوسائل والمنابر والأفواه.. وهو في كلها لا يكاد يذكر إلا في سياقات الألم والعداء والبغضاء والضجر والشعور بالغبن والخذلان.

الدستور الأعرج.. المُعلن والواقع
وحدها الولايات المتحدة تستشعر مهمة رسولية متضخمة تذهب من خلالها إلى إعلان التبني الكبير للدفاع عن الحريات وإشاعة الديمقراطيات والعدل..
وقد صدرت وثيقة خاصة في سبتمبر عام 2002م من الرئاسة الأمريكية توضح الخطوط العامة لاستراتيجية الولايات المتحدة في الفترة القادمة محددة محاور لذلك من أبرزها:
- تعزيز الكرامة الإنسانية.
- التحالفات الاستراتيجية للقضاء على الإرهاب.
- نزع فتيل الصراعات الاقليمية.
- منع أعدائنا من تهديدنا.
- تدشين عهد اقتصادي جديد.
وتذهب الوثيقة إلى مبدأ الحرية والعدل تحتم على الإدارة الأمريكية أن تقف بكل صرامة ضد كل ما يهدد وجود الكرامة الإنسانية.
وفي حديث الوثيقة عن نزع فتيل الصراعات الاقليمية نجدها تستشهد بالموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية والذي ترى فيه أنها تقوم بدور حقيقي لتسوية الصراع وإيجاد دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة.
وتقوم الوثيقة في مجملها على رصد العناوين الأبرز في الخلق الإنساني السوي وإعلانها للداخل والخارج وتحويل ما يخالف الذهنية الافتراسية والمتطرفة الى مخالف لبنود ذلك الدستور ومن ثم الاتجاه المنادي إلى ممارسة لعبة الإلغاء والتحايل على المثل.. التي لا تصدق إلا بالعين الأمريكية العوراء.
ولعل العالم بمختلف أطرافه وتشكلاته أصبح عاجزاً عن الدخول في أي تحدٍ للوصول إلى تأويل مقبول للظاهرة الأمريكية القادمة بعناوين الحرية والنور والمساواة.. فيما هي تشتمل دماراً يمتد على كل أرض خارقة لنقاطه تلك.
في أمريكا.. أيهما المأزق.. الثقافة والشعب.. أم الحكومة المتطرفة؟
التاريخ الأمريكي الحديث شهد تصاعداً مطرداً في نزعات الهيمنة والبحث الصلف عن السيطرة وادعاءات المخلص والمضطلع بالصوت العالمي والناصع.
فمنذ انهيار المعسكر الشرقي وما تبعه من سقوط لكل معادلات التوازن الذي كانت أطرافه تشكل كتلاً تتوازع المشهد العالمي.. ممثلة في الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي.. كطرفي قوة، والكتلة الثالثة المتمثلة في دول عدم الانحياز.. هذه الكتل التي عبثت بها التأرجحات وأدت في النهاية إلى تغلب رأس المال وثقافة المنتج والمكسب ولم يكن تغلب رأس المال حدثاً فردياً بل تبعه وفقاً للسياسة الأمريكية آنذاك التخلص من كل التبعات الإنسانية التي تقع خارج دائرة المالي والمصلحي. وزاد الأمر ضراوة ان هذا المتسبب كان أمريكياً.. وبالتالي فهو لا يخضع لأي موروث ثقافي وثيق أو ممتد أو ثابت أو متحد.. يمكن ان يشكل من خلاله رؤيته لموقعه الجديد، أو يستمد منه نظرته إلى ذلك الانقلاب العالمي الجديد، فلم يكن لدى الأمريكي. مواطناً أو حاكماً.. تاريخ ما يستند إليه في فرز علاقاته ومصلحاته وتغليب أطراف على أطراف، ولم يكن الداخل الأمريكي المفتوح على جميع العرقيات والمكتظ بشعب باحث عن الحياة في أبسط صورها الفردية والذاتية.. إلاّ مسوغاً داخلياً مغرياً بنشوء تلك القوى الفاعلة والمتحكمة في القرار الأمريكي وفي توجيه الطاقة العسكرية والهيمنة الأمريكية إلى حيث شاء.
هذا الداخل الأمريكي عاش غياباً حقيقياً عن صور العلاقة بين أمريكا والآخر، أو ربما ان ذلك الآخر لم يكن مهماً.. وليس من مرجعية أو تاريخ يحدد حياده أو انطلاقه أو موقفه من نظرة ما.
وهكذا.. استطاع اليمين المتطرف بمختلف تشكلاته ان يشكل أجهزة القرار الأمريكي بما يتماشى والرؤية المتطرفة التي يقوم عليها والتي تحتكم في كثير عناصرها إلى تصورات تتراوح بين الديني والأصولي إلى تصورات باهتة عن أسواق للسلاح والنفط.. وكله في النهاية.. خلق لا يمكن ان يتعرض لرفض من داخل أمريكي ينام على قضايا ولايته إذا تعاظم اهتمامه ويسهر على كل ما يوسع هوة التعانق المعرفي بينه وبين الآخر.
ومنذ عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان.. واليمين المتطرف يضخ مبالغ هائلة في أمور التسلح والأجهزة العسكرية وتطوير آلات الدمار.. وهو العهد الذي شهد احداثاً مثل حرب النجوم وخيار الصفر وغيرهما من الأحداث التي أسهمت بشكل أو بآخر في تراجع المعسكر الشرقي وانهياره.
وتحركت السياسة الأمريكية منذ ذلك الوقت وهو منح مؤشرات عديدة على تورط القرار الأمريكي في مناطق يقدم من خلالها أنموذجاً قاتماً للفصل السياسي القوي، ولسياسات الأقوياء، وللمشاريع والأطروحات التي تقدم من لدنه.
ويكفي في هذا السياق النظر إلى المواقف الأمريكية المديدة من الصراع العربي الإسرائيلي وكيف أصبحت كل القرارات الأمريكية تفصيلاً أنيقاً على مقاس المصلحة الإسرائيلية، وما في ذلك من سيطرة واضحة على القرار الأمريكي وتحويله إلى روبوت مدجج بالخراب يوجه حسب مصالح ومرجعيات وأصوليات الأصوات المتحكمة.
وقلما كان الشارع الأمريكي رقماً مؤثراً في مثل هذه المعادلات، إذ لم يكن ليمثل المواطن الأمريكي بضريبته الفيدرالية أي عنصر مؤثر أو موجه لسياسة أو موقف ما، خاصة إذا كان الثمن هو سمعة أمريكا، إذ ليس من إنتماء حقيقي يرسخ الشعوب بأهمية هذا الثمن أو تفاصيله.

العولمة.. خراب المشروع.. الإحباط
وهكذا.. يحرك أمريكا ذلك اليمين المتطرف الذي يتكون من نخبة تضم تحالفاً عنصرياً صهيونياً أمريكياً.. وتتوزع هذه النخبة داخل الحزبين البارزين في الساحة السياسية الأمريكية الجمهوري والديمقراطي بالإضافة إلى حضور لا يقل خطورة في الشركات الكبرى المهيمنة على أسواق وتجاريات متعددة، وتسعى هذه الطبقة إلى تسخير كل العالم للحصول على مصالحها معتمدة في ذلك فكراً دينياً متطرفاً.. لا تسمح معه لأحد بالتداخل أو الاختلاف أو مجرد الوجود إذا كان بهيئة قد تمثل هاجساً مربكاً، وبالتالي عليهم تحويل العالم إلى مدرة للمال بغض النظر والعقل عن طرقه ومصادره..
وفي هذا الصدد يتم التوجه إلى سياسة العنف المطلق في تسوية الخلافات كما كان داخلياً.. ثم خارجياً.. كما هو حادث الآن. وعلى هذا فأي إنسانية أو عولمية يمكن ان يؤسس لها هذا النموذج الحاكم وماذا تعني العولمة الخارجة من دوائر طبخ الدمار والهلاك والوحشية والاستعمار.. خاصة وأيها عولمة لا يمكن ان تكون تصديراً شعبياً أمريكياً كما هو المال في الثورة الفرنسية مثلاً، ذلك ان شعباً كالشعب الأمريكي لم يصنع تحولات أو ثورات ثقافية أو معرفية كما هو الحال في فرنسا أو غيرها من الدول الأوروبية التي مرت بتحولات وتجارب أنتجت من خلالها مشاريع ثم تصديرها إلى الخارج بعد ذلك بشكل أو آخر.
وبالتالي فالعولمة الأمريكية كائن أخرج ومؤلف توليفاً هجيناً وغير محتكم إلى مرجعيات أو تحولات تمنحه شرعية أو مصداقية.. ولنسلم بعولمة الآلة.. أي بأن العولمة القادمة من الولايات المتحدة.. هي عولمة صقلتها الآلة التي حيدت من أهمية التراكم التاريخي أو التحولات النهضوية.. فما المظهر الأمريكي البارز الذي يمكن الاعتماد عليه للتحاور مع العولمة، بل.. بأي وجه قدمت أمريكا مشروعها للعالم، وما مصير تلك الرؤى التي تورطت فيها نخب ثقافية وبخاصة من العالم الثالث - المرحبة بالعولمة والداعية إلى اللحاق بركبها وتفاصيلها.
فهل العولمة مجرد وهم دخاني اصفر، واذا ساغ لنا هذا السؤال مؤقتاً فكيف له ان يعمد امام مايمكن تسميته بعولمة الآلة.. اذن.. لعل السؤال الانسب منا يكون عن مدى شرعية امركة تلك العولمة وقدوتها ملتحقة بالعلم الامريكي؟ الجواب الذي تستطيع العين ان تشير اليه هو الاثارة الى ما تخلفه امريكا كل يوم من احداث ومظاهر واخلاقيات لا علاقة بها بأسوأ صور الانسان البدائي.. فكيف بها لتقديم مشروع انساني متطور.
لقد كانت امريكا سائغة - لو ارادت - لتحمل المشروع العولمي كما يجب، بل وتقوم بتحويل كثير من الاختلالات التأسيسية الى سمات ومقومات تدعم المشروع.. لكن الذي حدث ان امريكا رتبت للعالم اكبر خيبة يمكن ان يمر بها وعاثت في الانسان الحديث نكالاً وفساداً على مستويات متعددة.. لا نبالغ حين نقول بان منها من اوصلته الى مستوى الباحث عن اسماء انسانيته وصفاتها، وبعيداً عن التاريخ الامريكي وما فيه من احباطات وافتعالات..، وبالتوجه الى الحالة الامريكية في سنواتها الاخيرة.. ولنقل منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر ايلول عام 2000، حيث خرجت امريكا من دائرة المنتقم والباحث عن ثأره الى دائرة مثلت فيها صورة المعتوه والمأخوذ بقوته الى درجة نسفت معها كل مشاعر التعاطف والتأييد التي كسبتها حين اعلنت حربها الارهاب، فهل كانت الحرب على الارهاب شهادة اثبات لبطلان المشروع العولمي واثبات استحالته من وسط لاينتمي في قراره الى شرعية او ديمقراطية، ومن وسط تسيره اقلية متورطة في تصوراتها الدينية والعرقية والاصولية المتطرفة او لعل امريكا استبدلت مشروعها العولمي بالمشروع الامبريالي الاستعماري الذي يقوم على ترتيب انهيارات انسانية وعالمية يكسب من خلالها تفردا
ً اقتصادياً وسياسياً مستخدماً في ذلك ابشع صور القوة والهيمنة.

ديمقراطية النار.. وحرية العري
الوثيقة السابقة التي اختصرت سياسة وبنود الاستراتيجية الامريكية الجديدة تقوم على فعل تسويقي دعائي.. يعلن بضاعة ظاهرة ويقدم اخرى مضمرة.. فهو قائم على صنفين، صنف يحك به اطراف خطاباته ليهيأ لوناً زاهياً.، وقسم آخر وهو الابرز ظاهر واضح على الارض تقدمه مشاهد الدمار والخراب والتنكيل اليومي بالانسانية وبالحياة.. امام المصلحة الامريكية.. التي يمثل فيها البعد القومي والعرقي والديني ابرز موجهاتها.
لم تذهب امريكا الى الحرب على الارهاب بذهنية المنطلق من حدث.. وانما بذهنية المنطلق من تصور ورؤية وفلسفة جاهزية.. فبعد الحرب على افغانستان التي تحولت من حرب على الارهاب الى حرب ذات طابع استعماري.. وافرزت تلك الحرب وما تلاها من تهديدات وحملات اعلامية وتوجيه اتهامات متزايدة وفروج تصنيفات مثل "معنا او ضدنا".. "محور الشر" وغيرها.. افرزت ان هناك توجهاً امريكياً جديداً يسعى بكل قوة واستعمارية الى السيطرة المطلقة على العالم في كل المجالات بدأت من المجالات الاقتصادية والعسكرية والنفطية وانتهاء بالمجالات التعليمية واليومية، وتقديم المصلحة الامريكية على تلك ما عداها وفي مصلحة لايمكن تسميتها بالمصلحة الامريكية بقدر ماهي مصلحة اللوبيات المتطرفة النافذة في اروقة القرار الامريكي.، وفي ذلك التوجه ورغم ما يشاهده العالم من فظاعات واختلاسات امريكية للانساني والبشري ودهسه تحت المنطق الجبروتي والناري.. تصر امريكا على تقديم نفسها كأنموذج يجب ان يحتذى، ورغم ذلك.. فهي انتقائية في عناصر هذا الاحتذاء.. اذ لايحق لك ان تحتذي بامريكا لكي تكون قوياً او مؤثراً او نداً لها، وبالتالي فتلك النمذجة للذات الامريكية انما تأتي على سبيل رصد عناصر
يمكن من خلالها شق التهم وتلفيقها.. متحركة في كل ذلك من نظرة احادية للعالم.. محفوفاً بقصور امريكي تاريخي.. يمثل فقراً في الموروث والتاريخ الخاص يحول دون اي محاولة لتهذيب القرار او انسنته.
كل عناصر المشروع الامريكي.. تتحرك وفق حالة لايمكن وصفها الا بالغباء..، الغباء الذي تجاوز كون ما يحدث على الارض نوع من الارباك للمشهد السياسي او العسكري او الاقتصادي.. ليصبح هدراً لقيمة الانسان في علاقته مع انسانيته..
امريكا تبشر بالحرية والديمقراطية.. وعلى طريقتها.. لكي تكون مراً وتعيش حياة ديمقراطية لابد ان تتعرض لابشع انواع العذاب النفسي والامني، على طريقة امريكا.. الحرية لها طعم مختلف يكاد يشبه طعم البارود.. ولها لون مختلف يتقاطع مع لون الدم، والقاموس الامريكي مكتظ بمصطلحات الحياة الجديدة والعدالة والمساواة.. ولكن الممارسة الامريكية.. لاتخلق الا سلسلة من اللعنات والكوارث وهدر الانسانية والحياة والامن في ابسط صوره.
امريكا التي ذهبت الى افغانستان واسقطت طالبان وانتظر معها العالم حياة جديدة في هذا البلد المنهك وقدمت من الوعود مالا حد له.، واقامت مؤتمر بون لاعادة اعمار افغانستان، ولكن.. هاهم يتقاتلون على قوت يومي زهيد، وهاهو البلد يفتقر الى ادنى البنى الحياتيه والمؤسساتية، فقط.. امنت امريكا الحالة الافغانية اعلامياً.. وسحبت فيالق دمارها الى العراق ايضاً.. لتحمل اليه الحرية والعدل والديمقراطية.. فحملت اليه فتحاً جديداً في سجن ابو غريب.

السجان "الديمقراطي" - غوانتنامو -
ابو غريب
الحرب الامريكية على افغانستان.. تحركت لتقدم شيئاً من قاموسها الذي حملته إعلامياً.. فلم تسفر عن شيء منه، وإنما أسفرت عن معتقل غوانتنامو.
ولعل الطريف أن غوانتنامو أرض مغتصبة أمريكياً تقع تحت السيطرة الأمريكية في نفس الوقت لا تخضع للقانون الأمريكي.. وكان ثمة نسب وثيق بين الأرض وبين ما أقيم عليها من مركز للاعتقال وممارسة أبرز انتهاكات في حقوق الإنسان، في هذه البقعة أقيمت أكثر من 350زنزانة حديدية تم نقل الأسرى الذين احتجزتهم أمريكا في حربها مع أفغانستان وإليها وكان النقل عبر طائرات مخصصة لتكديس البضائع، وهناك تم فرزهم وتغيير ملابسهم وحلق رؤوسهم وتكبيلهم بالسلاسل والباسهم البدل الخشنة ذات اللون البرتقالي.
من غوانتنامو مارست أمريكا أكبر أنواع الغباء.. وتحولت إلي سجّان بليد ورغم المناشدات التي قدمتها جمعيات ومنظمات حقوقية حول الوضع في غوانتنامو.. إلا أن السجان الأمريكي كان أصماً متعجرفاً فلم يتغير شيء في وضع السجناء ولم يقدموا للمحاكمة، بل لم يمنح أي من المعتقلين وضع أسير حرب. وفي نيسان 2002م تم نقل المعتقلين من الأقفاص التي في معسكر أشعة اكس إلى غرف مغلقة فيما يعرف بمعسكر دلتا. وتحدثت الأنباء عن صور من المعاملة المهينة التي يتعرض لها السجناء وتعريضهم لعمليات استجواب تمتد لساعات ومحاولة انتزاع ما يريده المحققون منهم، وتتابعت دعوات المنظمات الحقوقية إلى التعامل مع المعتقلين كأسرى حرب وتقديمهم للمحاكمة في حين تواصل الحكومة الأمريكية تسميتهم بالمقاتلين الأعداء أو الإرهابيين، وأزاء هذه الأوضاع تذكر التقارير أن بعض المعتقلين حاول الانتحار عن طريق الشنق أو تقطيع الشرايين، حيث تؤكد أكثر من جهة أن عدداً كبيراً من المعتقلين لا علاقة لهم بالقضية، وإنما تم القبض عليهم بشكل عشوائي، وقد تناقلت وكالات الأنباء شهادات لبعض الأسرى الذين أفرج عنهم ذكروا فيها ما يتعرضون له من أنواع الأذى وأساليب من التحقيق غير الإنساني.. منها ما ي
أمر به الجنود من أساليب تتدخل حتى في الكلام والالتفات والحركة. وشهد العالم مع غوانتنامو ردة إلى عصور الجهل والاستبداد والتخلف مثلت صورة معاكسة لما تتجه إليه الإنسانية في حياتها الجديدة.. المدعومة بالمنجز الحياتي الذي طوره الإنسان، وبثقافة الآلة وبدخول الإنسان إلى مناطق جديدة يفترض فيها التعايش والبحث عن الحق المدني والحضاري للجميع. لقد مثل معتقل غوانتنامو خرقاً للأمل الإنساني في أن الحياة قد تجاوزت أخلاقيات الغابة والوحشية والعنف والمجاهرة به.. وخرقاً أكبر وتكذيباً سافراً لدعوات الحرية والتعايش والحقوق الإنسانية.
الصور التي اهتز لها العالم من سجن أبوغريب والتي أبرزت طرقاً من المعاملة التي يتلقاها السجناء العراقيون، والخلق العسكري القذر الذي يقدمه الجنود الأمريكيون لا يمكن قراءة ذلك على أنه حدث أو مشهد.. بقدر ما هو قضية وسياسة وبمرجعياتها وتصوراتها وأفرادها، فالحالة التي في أبوغريب لم تأت من فراغ أو نتيجة تصرف أحادي أو فردي خاصة وأنه قد سبق للصليب الأحمر الدولي توجيه سلطة الاحتلال ووزارة الدفاع الأمريكية إلى أن لديه معلومات أكيدة عن معاملة سيئة يتعرض لها المعتقلون. ولم تحرك وزارة الدفاع ولا سلطة الاحتلال شيئاً.
الصور التي توازعها العالم.. تظهر مدى الرؤية الأمريكية للإنسان في معادلة القوى والضعيف والمهزوم والمنتصر خاصة إذا كان المُعلن للعالم أن أمريكا جاءت إلى العراق محررة وفاتحة، ولم يكن هناك ما يثني هؤلاء الجنود عن القيام بما قاموا به خاصة إذا عرفنا ما يقوم عليه الجيش الأمريكي بمختلف فئاته من انضباط واحترام للنظام، لكن.. ربما كان ما قاموا جزءا من النظام.. حيث يعملون بيقين ألا أحد سيحاسب على مثل هذه الأمور ما دامت طي الكتمان.. بدليل ما كشفته التحقيقات من أقوال لبعض المجندين الأمريكيين والذين طلب منهم أن يستخدموا وسائل غير تقليدية لاستجواب المعتقلين.
لقد مثلت هذه الصور نافذة فتحت على إحدى زوايا المشهد الأمريكي.. أخلاقياً وسياسياً وعسكرياً..
إن الإرهاب الذي تمت ممارسته في سجن أبوغريب وما حدث من تطبيق للخلق الأمريكي الشاذ.. الذي يُعنف فيه الإنسان ليصبح بدرجة من الحيوانية يمكن لقطاع الجيش الأمريكي أن يتواصلوا معه.. كان صدمة للعالم، لكنه كان صدمة للحكومة الأمريكية على المستوى الإعلامي فقط.. نظراً لما تحدثه الفضيحة من حرج للبيت الأبيض أمام حكومة بوش، أما الإنسان وآدميته فهي مصطلحات بدأت الحكومة الأمريكية عليها مشروع التبول الذي أتمه الجندي الأمريكي في سجن أبوغريب.
أي لعنة يحكمها الكاوبوي الأمريكي للمنطقة والذي لا تأتي رسائله إلا على هذه الشاكلة والتي مهما حاولوا اللعب على فرديتها، إلا أن السجل الأمريكي المشهود في غوانتنامو وفي غيرها لن يدع مجالاً لمثل هذا الطرح، بل ان تصريحات عديدة كالتي ذكرت آنفاً عن الصليب الأحمر الدولي.
وقد تحدثت صحيفة الجارديان في لقاء مع ضابط بريطاني سابق عن تقنيات مخيفة تستخدم للاستجواب وأنها شائعة في كثير من المعتقلات والسجون مستخدمين في ذلك كل طرق الإذلال بما فيها استخدام الأساليب الجنسية القذرة وتعرية السجناء وتغطية وجوههم وحرمانهم من النوم وإشاعة الرعب في قلوبهم وحرمانهم من الدفء والطعام والشراب.
فلماذا حدث ما حدث.. وما هذا الاستعداد الأمريكي للقيام بفظائع لا حد لها، وأي سكينة يمكن أن تحف أي مشروع أمريكي يقدم خارج حدود أمريكا.
ترى هل كانت العرقية عنصراً حاضراً في هذه الجرائم، وهل كان الغرض منها توجيه رسالة أو توجيه طعنة للإنسانية.. لتستعد لفصول أخرى من الارتداد عن إنسانيتها.
كلها في النهاية لعنات أمريكية حمقاء، وغباء أمريكي وقبح بذيء وحقارة بالغة وانحطاط أمريكي واسع.
مرحلة مهينة وفظيعة يمر بها العالم.. يدشنها هذا السادي الشاذ الأمريكي.. ومرحلة من الغباء الأمريكي الخارق الذي يمتد من البيت الأبيض إلى أتفه جندي يوزع قذاراته على المعتقلين في أبوغريب.

[email protected]



#يحيى_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - يحيى الأمير - الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو غريب -أيها الأمريكان لاشئ سوى أنكم محبِطون وأغبياء ومقززون