أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يحيى الأمير - المجازفات الجهادية .. من رؤية الظرف والمنفعة إلى اتباع صوت الحماسة














المزيد.....

المجازفات الجهادية .. من رؤية الظرف والمنفعة إلى اتباع صوت الحماسة


يحيى الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 1044 - 2004 / 12 / 11 - 05:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطاب المجازفة والانتحار
فكرة المقاومة لصيقة بالظرف الذي تقوم فيه ولا يمكن لها أن تغفله أو تغادره بأي حال من الأحوال وإلا ارتدت على نفسها وحتى لو ثبتت القيمة دون تغيير ولكن الظرف تغير أو اختلف فإن ذلك من شأنه أن يخرجها من سياق المنفعة إلى سياق آخر.. فالمقاومة في فلسطين قبل الحادي عشر من سبتمبر.. هي بالتأكيد ليست نفسها بعده.. فحين كان العالم بأكمله ودول الاتحاد الأوروبي ترى موقفاً مؤيداً أو متسامحاً مع نشاط المقاومة الفلسطينية فقد انقلبت الحالة الآن وأصبحت تلك العمليات تصنف دولياً وبلا استثناء أنها عمليات إرهابية وإذا كان يصح كمثال فانه يمكن أن يطبق على غيره من الفعاليات التي تقدم تحت مظلات جهادية وحربية.
ولا نبتعد كثيرا.. ولتكن البداية من عملية الحادي عشر من سبتمبر التي نفذها تنظيم القاعدة فلكل الخطابات المصاحبة للجريمة تقوم على أنها جاءت من أجل المقاومة والدفاع واستعادة الحق والجهاد ونيل الشهادة والدفاع عن الأوطان والحرمات..
وهذه العناوين في مجملها سائغة وحاضرة.. ولكن الذي حدث أنها تحولت إلى خلاف ما هي عليه تماماً فالجهاد ونيل الشهادة تحول لدى القائمين بالعملية إلى انتحار فعلي حيث أن كل شروط العملية الانتحارية يتحقق في تلك المشاهد التي رآها العالم أجمع.. فهو ذهاب حتمي نحو الموت مبيت ومسبق وقد قام متكئاِ على تلك العناوين ومتعلقا بها، كذلك فقد تحولت استعادة الحق ومقاومة الظلم إلى ذهاب الكثير من الحقوق وفتح منافذ وجبهات جديدة.. وخطاب القاعدة في مجمله ومن خلال كل أدبيات التنظيم وهو أمر يبرز في خطابات ابن لادن المتلفزة إنما يقوم بشكل كبير على تلك العلة السابقة التي ظهر جراء ارتحال المفاهيم وفق صورها المجازفة وجراء التحول بالقيمة والمفهوم عن أصله واحلال معان جديدة لا علاقة لها بالصورة الفعلية للفكرة.. ويضاف هنا أن الخطابات المتأسلمة تقوم أيضا على ناتج الاشتباك بين ما هو عروبي وخاضع للسلوك العربي وبين ما هو إسلامي وقع تحت ضغط الثقافة السائدة فانحرف به عن أصله.. فأسامة بن لادن إنما يختصر في كثير من خطاباته صورة الفارس الجاهلي الذي يسعى الآن يشرب الماء صفوا وغيره يشرب كدرا وطينا وصورة المقاتل الجاهلي الذي يرفع شعار: إن القتل مكرمة.. فالحماسة بصورتها التقليدية والمتهورة تؤطر كل خطابات القاعدة وتقف خلف كثير من أفعالها وتحركاتها.. ولقد كانت في عملية الحادي عشر من سبتمبر خير دليل على ذلك وخير شاهد على أن تلك القيم والأفكار قد فرغت من حالتها الأصلية والحقيقية وأصبحت تخضع للمؤثر الخليط القائم على سلوكيات الثقافي وتحولات الديني.
ويظهر ذلك في أن التهور العقلي يدفع إلى ارتكاب اي عملية تحت اي من تلك المظلات بغض النظر عن الظرف والمرحلة أو الفائدة التي ستجنى من خلفها.. وهو ذات السلوك الذي قامت عليه أحداث واسعة بدءا من العصر الجاهلي وإلى اليوم.
جناية العنف
من فلسطين إلى العراق
وبالعودة إلى المقاومة الفلسطينية التي مثلت جزءا من بحث عن حق لا يمكن لأحد أن يجادل في أحقيته.. ولكن المقاومة كقيمة هنا يجب ألا تتغافل الظرف الزمني والمتحول الدولي وإلا فقدت الروح الأصلية لها كقيمة.. ولعل أبرز ظرف ينبغي لأي مقاومة أن تضعه في حسابها ما يتعلق بحسابات القوة، القوة بكل أطرافها العسكرية والسياسية والتي تتدخل في توجيه فائدة المقاومة وتحديد مقدار فاعليتها.. فمقاومة الضعيف باستماتة أمام القوي تتحول إلى سلوك انتحاري نهايته معلومة مسبقاً..
وهي الحالة التي تفتح الباب لأساليب أخرى أجدى وأنفع للمقاومة.
والصورة الآن في الأراضي الفلسطينية التي تحتل وجداننا جميعا صورة تنسحب عليها أكثر التفصيلات سابقة الذكر، فالذهنية العربية مغرمة بأحاديث الفداء والصمود والقوة والمجابهة، ومغامرة بمجازات المواجهة فحجر يسحق دبابة وسهم يسقط طائرة.. وهي تفصيلات ومجازات لا مكان لها في الواقع ولكنها حاضرة في الذهن الجمعي العربي إلا قليلا..
ولننظر إلى مشهد مقاومة يصادم فيه الحجر دبابة.. أو تنفذ فيه عملية فدائية تقتل شخصا أو اثنين أو عشرة فكيف سيكون المقابل؟.. إن أبسط الحوادث في الأرض الفلسطينية تشير إلى حالة من الخسائر المضاعفة التي يجد معها الخصم مبررا للقتل والسفك والإجرام.. خاصة أن المعادلة على الأرض إنما تعترف بالقوي.. والمعادلة عالميا إنما تعترف بالأقوى والأنفذ كذلك.. ولا يمكن لأحد أن يجادل في الحق الفلسطيني وشرعية المقاومة إلا أنها مقاومة يجب لها الأخذ بالأساليب الأنجح والأنفع والأسلم ولقد كانت عملية السلام في أوسلو تحولاً فعلياً وخروجاً إلى دائرة أكثر عالمية وفائدة ونفعا واحتلت بها القضية موقعا عالمياً أدى إلى مكسب لم تجنه كل عمليات المجابهة المسلحة والمتمثل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الصورة في العراق وهو أسخن الملفات اليوم لا تختلف كثيرا في فتراتها الأخيرة عما سبق.. فالمقاومة تذهب بعيدا لتتحول إلى حالة من البحث الدائم عن الموت فكل شروط النصر ومقوماته غائبة تماما.. فمعظم العراق قد استتب أو هو يسعى إلى ذلك والمؤسسات باشرت عملها المنوط بها كإحدى مفردات الوطن اليومية والناس أخذت في التوجه إلى حياة جديدة بعد سقوط النظام والذين يحكمون العراق ويحتلون المناصب العليا في النظام عراقيون ومن أبناء الوطن فماذا تريد المقاومة.. إذا كانت تريد إقامة دولة في الفلوجة مثلا فهذا مما لا يمكن لأحد أن يستسيغه خاصة وأنها تقع خارج النبض اليومي للعراق الذي بدأ يقبل الحياة الجديدة ويبحث عن مستقبله... وعليه تحولت المقاومة إلى حالة مجابهة غير مجدية ومفتقدة إلى أبرز شروط النصر.. وخرج السلوك العام لها إلى نوع من القتل الدائم تعرض له أفراد
العراقيين العاملين في الدولة، في مختلف القطاعات وتحديداً في القطاع العسكري.. في حالة من القتل التي تخالف أبرز مبادئ المقاومة إذ لا يمكن أن تكون المقاومة والعزة والشهادة تقف خلف قتل المدنيين وأبناء الوطن.. وباتت الصورة بحثاً حاداً عن الموت غافلته الفائدة والمنفعة إلى تحول إلى عكس ما هو مراد منها.



#يحيى_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتكرر الرئيس .. هل تجازف أمريكا بعلمانيتها
- غـــــــــادتان .. نص الكمد
- في السعودية ..الحرب على الصورة .. الطريق إلى-طاش ما طاش
- خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد ...
- مرة أخرى .. الانتخابات في السعودية بين وعي المؤسسة والوعي ال ...
- انتخابات في السعودية .. غياب الشرط المدني ووقوع في نواقض الد ...
- باعة الموت في العراق الجديد - دعاوى الجهاد وصوت المافيا المت ...
- اسألوه .. عن زبيبة والملك
- أصدقاء لا يدخلون الجنة
- الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو ...


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يحيى الأمير - المجازفات الجهادية .. من رؤية الظرف والمنفعة إلى اتباع صوت الحماسة