أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - يحيى الأمير - بعد اغتيال الحريري ..وفي حمأة التداعيات .. أين سيقف حزب الله ؟















المزيد.....

بعد اغتيال الحريري ..وفي حمأة التداعيات .. أين سيقف حزب الله ؟


يحيى الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 1150 - 2005 / 3 / 28 - 06:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في الرابع عشر من فبراير الماضي مرّ لبنان بالتحول الأكبر بعد تلك الجريمة التي ذهب ضحيتها رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري الشخصية اللبنانية العالمية التي مثل رحيلها بتلك الصورة البشعة ايذاناً بدخول لبنان إلى معترك جديد وحسابات أكثر حدّة وتعدداً، فالجميع يعلم أن الأرض اللبنانية تكاد تتنازعها عدة قوى من أبرزها القوة السورية المتمثلة في الوجود العسكري والأمني والمخابراتي الذي يغطي كل لبنان، ولقوة حزب الله ونفوذه وأخيراً الحكومة اللبنانية التي تتبع في كثير من مؤسساتها وأعضائها اما لسوريا واما لارتباطات بالنظام الحكومي اللبناني المرتبط بدوره بسوريا. فكان أن انفتح الصراع الجديد على الجميع حين نشطت المعارضة التي كان الحريري أحد أقطابها وبدأت بتظاهرة سلمية انتهت باسقاط حكومة كرامي ذات التداخلات السورية الكبرى، ونشأ وضع دولي يطالب برحيل القوات السورية وهي المطالبة التي تشهد انتشاراً غير قليل في الأوساط اللبنانية اضافة إلى أن حسابات السيادة الفعلية والاستقلال الحقيقي لا يمكن أن تستتب مع وجود قوة اخرى عسكرية وأمنية، بدأت القوات السورية بالخروج وظل لبنان بلا حكومة واتسعت دائرة نشاط المعارضة إلى حد المطالبة باستقالة اميل لحود، وبدأت موجة من المواقف الخارجية يصل مدّها إلى لبنان كالموقف الأمريكي والفرنسي الذي يطالب بتطبيق القرار الدولي 1559 القاضي بانسحاب سوري كامل من لبنان، وجاءت هذه المواقف لتضيف عناوين اخرى إلى الملف السوري المفتوح اصلاً في أوساط القرار في الولايات المتحدة واوروبا.

أمام هذا الوضع وجد حزب الله نفسه في ظروف كان في اكتفاء عنها فلم يكن له أن ينتقد المعارضة لأن هذا سيمثل موقفاً من الجريمة، ولم يكن له أن يقف في صفوفها لأن هذا سيعني بالضرورة موقفاً تجاه سوريا. فأخذ الحزب موقفاً تقليدياً في مثل هذه الظروف إذ اتجه إلى الحكمة والدعوة إلى الحوار وغيرها من النداءات التي لا تعلن موقفاً باتجاه طرف دون آخر، لكن إعلان الرئيس السوري سحب قواته من لبنان وتزايد الضغوط الخارجية وبقاء لبنان دون حكومة مركزية كلها أمور جعلت الحزب يشعر ان الدائرة بدأت تدور عليه وأنه يوشك ان يقف وحيداً، بعض الشيء فارتحال داعمه الداخلي الأبرز المتمثل في سوريا يمثل بلا ريب تحدياً كبيراً للحزب، ودخول أمريكا على الخط من شأنه ان يوجه السهام الجاهزة تجاه الحزب أيضاً، والشرعية الدولية التي يحظى بها القرار 1559 كلها أمور فرضت على السيد حسن نصر الله ان يتحرك فوراً، وكانت الحركة باتجاه اشهار الورقة الأبرز وهي الشارع اللبناني، فقبل مظاهرة ساحة منح الصلح كان نصر الله قد خطب ثلاث خطب، الأخيرة منها كانت أكثر نقداً للمعارضة في مقابل تسريبات إعلامية إسرائيلية ان أعضاء لبنانيين معارضين قد قاموا باتصالات مع إسرائيل لتتدخل من أجل حفز أمريكا أكثر للضغط على سوريا للخروج من لبنان، ومع ان التسريبات الإعلامية الإسرائيلية لم يحدث ان كانت حجة لدى حزب الله ومع ان أمريكا ليست بحاجة إلى حفز لتتشدد ضد دمشق إلاّ ان نصر الله أراد بتلك الاستشهادات ان يقول موقفاً لا فكرة، وان يوضح أنه في النهاية سيقف ضد أي تدخل هو يعلم ان نصيب الحزب منه سيكون وافراً خاصة ان الموقف الأمريكي من الحزب واضح وصريح. في تلك الخطبة دعى نصر الله إلى مظاهرة لأنصاره أراد من خلالها توجيه الرسالة الأبرز عن ما يتمتع به وحزبه من حظوة في الشارع اللبناني لكن المظاهرة تجاوزت ذلك، حين استجاب نصر الله لنشوة الحشود التي تجاوزت المليون فأخذ يكيل الثناء للقوات السورية الراحلة، ويرفع صوته - كما هي عادته - في التنديد بالقرار 1559، وأمريكا، وبالمطالبة بأن يكون الطائف هو السقف الذي يحتكم إليه اللبنانيون.

لقد كانت المظاهرة رسالة سياسية موفقة ولكنها في ذات الوقت تصديق على كثير من المواقف الدولية المتخذة من الحزب، والتي تتعامل مع نفوذه بحذر. فكان ان هدأت اللهجة الأمريكية في هذا الجانب، وهو الهدوء الذي لا يمكن للحزب ان يعتبره نصراً بقدر ما هو استجابة وقتية لمشهد معين خاصة ان المواقف الأمريكية لا تعرف الثبات وهي السمة التي تحضر كأبرز مواصفات الحزب وغيره من الأحزاب والحركات العربية والإسلامية.

الفرق بين الطائف و1559 ليس كبيراً جديداً إلى درجة الاستماتة في المطالبة بأحدهما دون الآخر، فكلها تنص على رحيل القوات غير اللبنانية من لبنان وعلى نزع أسلحة الميليشات المسلحة، هذان القراران يصنعان الحزب في مواجهة تنطلق من قراءته لذاته، ومن قراءة المحيطين به له، فهو لا يعتبر نفسه ميليشيا مسلحة وإنما حركة مقاومة، فيما أنه يدرج بشكل غير مفتعل تحت كونه ميليشيا لأنه لا يتمتع بأي إطار سياسي أو شرعي، لكن الحبل الذي يعلق عليه الحزب وجوده خارج كل تلك التصنيفات هو المواجهة مع إسرائيل. وهي المهمة التي خضعت لتحولات سياسية لم يحدث في مقابلها تحولات في خطاب الحزب ولا في نظرته إلى ذاته.

هذا يعيدنا إلى ان حزب الله غير قابل لأي تحول لأن عقيدته - كما يقول أمينه العام - هي إزالة إسرائيل من الوجود.

وهي العقيدة التي حين شكلت خطابات الحزب فإنها بالتالي ستشكل الغربة الكبرى التي سيعيشها والتي بدأت فصولها تتوالى.

فلا الطائف ولا 1559 يمنحان الحزب حقاً في ان يظل دولة داخل الدولة. ومع ان موقف المعارضة اللبنانية من الحزب لا تزال هادئة ومسالمة إلاّ أنها لن تستطيع كسبه إلى صفوفها لأن الخطوط التواصلية للمعارضة مع العالم مقطوعة على مستوى الحزب، ولأن دخوله إلى المعارضة يقتضي موقفاً من سوريا وهو ما سيعيد نقضاً لأبرز تحالفات الحزب وولاءاته.

أيضاً.. فالتغيرات الحاصلة الآن على صعيد العملية السلمية في فلسطين واتجاه الحكومة الإسرائيلية إلى تسوية بدأت بشائرها تلوح في أفق المنطقة هي أمور ستعني ضرورة تقلص مهام الحزب وفراغاً في أجزاء من عقيدته التي ستغادرها الظروف والمتطلبات، فالمفاوضات الآن بدأت تعلن ان القضية شأن فلسطيني داخلي وأنها تتجه نحو تسوية منقطعة من مختلف الأطراف، مما يعني ان كثيراً من نظريات الحزب ستكون عاطلة عن العمل.

كذلك فإن الموقف العالمي من الشرق الأوسط ولبنان لا يمكن ان يتم وفق الصورة التقليدية التي يرابط عليها الحزب، مع اختلاف تلك المواقف ودوافعها فإذا كانت فرنسا تركز على تحرير لبنان فقط، بينما تركز الولايات المتحدة على معاقبة سوريا بتحرير لبنان كخطوة أولى فإنها في النهاية مواقف ستنتج استحقاقات على الحزب على ان يؤديها.

أمام هذه الظروف الجديدة، ومع تاريخ الحزب الثابت ذي النظرة الثابتة فإن الخيار الأبرز لدى حزب الله ان يقود هو تحولات جديدة باتجاه صورة يكون فيها أكثر التزاماً وتجاوباً مع الحراك الدولي والظروف الجديدة، وأكثر تكيفاً مع أوضاع تبعد عن شبح الوحشية والخسارة خاصة ان التكيف كان في فترة سابقة سمة بارزة للحزب استطاع بها ان يحفظ مكانة فعلية في الداخل اللبناني، لكن الخارج بمتغيراته هو أكثر تطلباً لحالات التكيف تلك، فإذا كان تكيف الداخل يتم بالمحافظة على كل المكاسب والامتيازات فإن التكيف مع الخارج قد يحتاج إلى تنازل عن المكاسب التقليدية، وهذه لن تتم إلاّ عن طريق العودة إلى الأساسات النظرية الأولى للحزب وتغييرها وحلحلة العاطفي والخيالي والمجازي منها والبحث عن أدوار تلائم المرحلة على مستوى القبول بنظام ووضع عالمي جديد.

والحديث عن إسرائيل كمبرر لهذا البقاء لا يمكن ان يستقيم لأن الموقف الطبيعي في مثل هذه الحالة ان الذي يدافع عن ا لدول هو جيشها النظامي لا حركاتها المسلحة ولا يمكن الحديث عن نفوذ الحزب كمبرر لبقائه كما هو لأن الفعاليات المدنية والإنسانية يمكن ان تتم وبفاعلية أكبر إذا ما نزع عنها طابع المعركة والخصوصية واستقرار الوضع اللبناني بشكل عام مرتبط هو أيضاً بأن يلتزم بالشكل المدني والعالمي لأنظمة سياسية تحكمه مهما كانت قوة الحركات أو الأحزاب الأخرى.

إذن.. هو تحديث نظري في فكرة الحزب أولاً قبل ان يكون إدارياً أو إجرائياً لأنه إذا بقي مصراً على ان عقيدته هي إزالة إسرائيل من الوجود وتحرير كامل الأراضي العربية المحتلة فإن غربة قادمة سيعيشها الحزب وستباعد بينه وبين حراك عالمي جديد لا مكان فيه للمواقف الثابتة التي نريد ان تمتد خارج الظرفي والمتحول.

لقد كسب حزب الله كثيراً ومثل مواجهة جماهيرية مع إسرائيل واصل منها مكاسب وإنجازات عديدة، لكن التحدي الذي يواجه الحزب الآن هو في قدرته على ان يكيّف أهدافه خارج الحماسي والعاطفي باتجاه ما هو عالمي ورسمي



#يحيى_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المقاومة التقليدية
- أبناؤنا في الفلوجة
- أمام الخراب الديمقراطي العربي .. ملكيون .. أم ديمقراطيون خُد ...
- المجازفات الجهادية .. من رؤية الظرف والمنفعة إلى اتباع صوت ا ...
- حين يتكرر الرئيس .. هل تجازف أمريكا بعلمانيتها
- غـــــــــادتان .. نص الكمد
- في السعودية ..الحرب على الصورة .. الطريق إلى-طاش ما طاش
- خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد ...
- مرة أخرى .. الانتخابات في السعودية بين وعي المؤسسة والوعي ال ...
- انتخابات في السعودية .. غياب الشرط المدني ووقوع في نواقض الد ...
- باعة الموت في العراق الجديد - دعاوى الجهاد وصوت المافيا المت ...
- اسألوه .. عن زبيبة والملك
- أصدقاء لا يدخلون الجنة
- الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو ...


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - يحيى الأمير - بعد اغتيال الحريري ..وفي حمأة التداعيات .. أين سيقف حزب الله ؟