عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6941 - 2021 / 6 / 27 - 19:25
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في الثلاثين من تموز - يوليو عام ١٩٦٨ حين ظهر أحمد حسن البكر على شاشة تلفزيون بغداد وهو يلقي بيان الانقلاب على شركائه في انقلاب السابع عشر من ذات الشهر كان يقف خلفه ثلاثة أشخاص أحدهم حاسر الرأس يتكئ على بندقية كلاشنكوف. وما كان أحدا حينها يعرف أن ذلك الشاب الذي يشارك بتأمين الحماية الشخصية لرئيس الإنقلاب كان صدام حسين.
بعد بضعة أشهر من ذلك التأريخ، انتبه بعض العراقيين الى ان ذلك الحارس الشخصي للرئيس قد قفز الى موقع نائب رئيس الحزب الذي انفرد بالسلطة بعد الانقلاب.
ولاحظوا انه كتلة من النشاط والحيوية، يعقد ندوات صحفية وحزبية ويلتقي وفودا من مختلف المنظمات، ويستقبل مواطنين عاديين، ويزورهم في منازلهم، ويتفقد برادات الطعام في مطابخهم، ويشاركهم تناول طعامهم البسيط. يتفقد المدارس والمستشفيات، ويشاع بان له خطوطا هاتفية مفتوحة لتلقي شكاوى البسطاء الذين لا سند لهم من المتنفذين، يجوب مناطق البلاد القصية والمهمشة لمعالجة ما تعانيه من تهميش. وكانت الأغاني تنطلق:
(( بيت بيت زار الشعب بيت بيت
ما بيّن بوجهه التعب بيت بيت )).
هذا القيادي الشعبوي الشاب "المتواضع" الذي يحنو على المظلومين صار من موقعه ذاك، كنائب للرئيس، حاكما فعليا للبلاد، نحى الرئيس واستولى على مناصبه، واعدم رفاقه المعترضين على إزاحة الرئيس، وأصدر قانونا يعاقب بالإعدام (( كل من أهان رئيس الجمهورية لفظا أو كتابة )).
صدام حسين ذلك الشاب الحيوي الشعبي، أصبح رمزا عالميا للتوحش والقسوة، لكنه ليس استثناء في عالم السياسة والحكم، فأغلب الدكتاتوريين، ان لم يكونوا جميعا، هم من الشباب ذوي الجاذبية، والذين يستميلون البسطاء بالتودد اليهم.
من هؤلاء الشباب هتلر والقذافي، ومن الذين مازالوا على قيد الحياة، حاكم كوريا الشمالية، الذي ورث الحكم عن أبيه وجده، وبشار الأسد الذي ورث الشعب السوري مع ما ورث من أبيه، من حزب واجهزة مخابرات، وسجون. ومحمد بن سلمان، الذي ورط بلاده في حرب همجية في اليمن، وحالة قريبة من الحرب ضد قطر، وحول قنصلية أسرته في استانبول إلى مسلخ بشري لخنق وذبح وتقطيع أوصال الصحفي الذي خدم أسرة آل سعود طويلا جمال خاشقجي.
فتوة صاحب السلطة ليست ميزة بحد ذاتها، وربما تكون عاملا سلبيا تجتمع فيه ضعف الخبرة، والتهور، والميل الى توسيع السلطة، وحصرها بين يدي الحاكم، خاصة في أنظمة الحكم المطلق، وما سقناه من أمثلة يغني عن إي دليل آخر.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟