أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - إيميل إلى مارتا 1














المزيد.....

إيميل إلى مارتا 1


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6935 - 2021 / 6 / 21 - 14:19
المحور: الادب والفن
    


العزيزة جداً مارتا،

أرسل لك بعد انقطاع طويل راجياً أن تكوني بخير حيث أنت في جامعة بنسيلفانيا في فيلادلفيا، مدينة الحب الأخوي. أرسل لك وأنا جالس حول طاولة صغيرة في مقهى "هِنري" بالقرب من محطة مترو الأنفاق "غرين بارك" في لندن.

أخيراً وصلت إلى هنا، المدينة الغامضة، طالما وددتُ أن أتعرّف إليها، أن أشمّ رائحتها، أنا هنا منذ أيام في رحلة عمل مع بعض الزملاء والزميلات من جامعة آخن، إنها سفرتي الأولى إلى لندن، عَنْقاء السندباد، طوقها ضبابها، متاهة حقيقية بشوارعها الرئيسية والفرعية، بحدائقها وساحاتها، بمحطات قطاراتها الخارجية، بمحطات قطارات الأنفاق الداخلية، بمتاحفها وصالاتها ودور السينما، بمطاعمها ومقاهيها وخمّاراتها، بأبنيتها السكنية والإدارية، بديناميكيتها في الليل والنهار... هي هكذا رغم تعرّضها للحرائق والقنابل والدمار. يسمونها مدينة الضباب تيمُّناً بطقسها الماطر والغائم، أما أنا فتيمُّناً بوجوه سكانها الغرباء.

لست صحفياً ولا أديباً مثلك ـ كما تعلمين جيداً ـ كي أمتلك الوقت للكتابة بعمق عما يجول في خاطري، الكتابة ليست مهنتي ووقتي قليل، بالكاد يكفيني لقراءة كتيب بلغة أجنبية، أو كتابة مقال علمي تدور نواته في فلك اِختصاصي أو ربما للخروج في نزهة قصيرة أو لممارسة رياضة الجري التي أحبها.

هذه المدينة الكبيرة جداً مقسّمة إلى عدة مناطق، لعلها تسعة قطاعات، المنطقة رقم واحد تمثل لندن الحقيقية، القلب، حيث مراكز المال والسياسة والثقافة، حيث تدور الأحداث العظيمة وتُتخذ القرارات المؤثرة عالمياً، تحيط بها المنطقة رقم إثنان على هيئة خاتم، ثم تأتي المنطقة الثالثة لتحيط بالثانية وهكذا دواليك. فإذا افترضنا مثلاً أنك تعيشين في القطاع الرابع فهذا يعني أنك تحتاجين إلى قرابة ثلاث أرباع الساعة من محطة المترو هناك إلى محطة المترو حيث الحدث، ولكل دخول تكلفته.

زرت أهم المعالم في المدينة، مشيت على أشهر جسور نهر التايمز وأقدمها، جسر لندن، جسر البرج، جسر ألبرت وجسر ويستمنستر. أجمل ما في لندن حدائقها، زرت أهمها، هايد بارك وكنسينغتون وهامبستيت هيت وكوين بارك وريجنت بارك، مشيت فيها طويلاً حتى تعبت أقدامي. تعرّفت على مركزي القوة: "ويستمنستر" المركز السياسي و"سيتي أوف لندن" مركز التمويل المالي العالمي، من هنا تتم السيطرة على العالم.

زرت برج بيغ بن ومبنى البرلمان وكنيسة ودير ويستمنستر، زرت قصر الملكة بوكينغهام، زرت ميدان ترفلغار مركز التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات والخطب والاحتفالات، زرت نصب العمود الحجري مونومينت الذي يُذكّر بحريق لندن الكبير. تعرّفت إلى موعد تناول شاي ما بعد الظهر، إلى مكونات الفطور الإنكليزي، إلى الأطعمة الشعبية، إلى الفرق ما بين الغداء والعشاء...
رأيت أشياء كثيرة وما زلت مدهوشا بما أرى.

خاب أملي فقط حين أمضيتُ بعض الوقت في حديقة هايد وأنا أبحث عن زاوية المُتحدّث الحر "سبيكرز كورنر"، إلى أن وجدتها، كانت خاوية من الناس والمناظرات الثقافية، لم أكن متأكداً أني قد وجدتها بل ظننتُ أني ضللت الطريق إليها.

يا لهذا الرجل الإنكليزي غريب الأطوار، شاهدته مرتين في هذا الأسبوع، مرة في الباص الأحمر ومرة هنا، باللباس نفسه، بالحذاء الأسود نفسه، أظنه في التسعين من عمره، ها هو منشغل بحل لغز الكلمات المتقاطعة في جريدة المترو الذي أصطحبها معه، قبعته على رأسه، يجلس على مقعد وحقيبته الجلدية ومظلته السوداء قد ركنهما على يمينه، يرتدي معطفاً غامق اللون يقيه مطر الصيف وقميصاً سماوياً. أي ألم هذا الذي يدفعه لحل ألغاز الكلمات المتقاطعة في الجرائد الرخيصة وبهذا الاسترخاء الفظيع!؟

حين توجّهت إليه بالسؤال نظر إليّ مدهوشاً وقال: نعم، ها هي ساحة المتكلمين الأحرار. شكرته وأضفتُ: لكني لا أجد أحداً، أين هم الناس؟ ابتسم بطيبة وقال: كان ذلك فيما مضى.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزرق
- أنشودة محمد
- عن الدولة وشوربة العدس
- نوابض ضجر
- بريد أنثوي من بلد البطاطا 3
- بريد أنثوي من بلد البطاطا 2
- بريد أنثوي من بلد البطاطا 1
- كشك الأفاعي
- نهاية شلعوط
- لغز الحقيبة البنية
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -26-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -25-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -24-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -23-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -22-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -21-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -20-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -19-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -18-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -17-


المزيد.....




- بجودة عالية الدقة HD.. تردد قناة ماجد 2024 وشاهد الأفلام الك ...
- استقبل تردد قناة MBC2 على جميع الأقمار الصناعية لتستمتع بأفض ...
- كيف استغلت مواهب سوريا الشابة موسيقى الدراما التصويرية في ال ...
- -فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان
- ترام الإسكندرية و-أوتوبيس- القاهرة..كيف يستكشف فنان الجمال ا ...
- تردد قناة بطوط كيدز Batoot Kids 2024 بجودة HD وتابع أجدد الأ ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - إيميل إلى مارتا 1