أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد كموني - طمأنينة التفكيك الكاذبة














المزيد.....

طمأنينة التفكيك الكاذبة


سعد كموني
كاتب وباحث

(Saad Kammouni)


الحوار المتمدن-العدد: 6934 - 2021 / 6 / 20 - 18:08
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


‏"والتفكيك،..... يتجاوز المؤلف ومقاصده، كما يتجاوز المعنى واحتمالاته، لكي يهتمَّ بما ‏يتناساه القول أو يسكت عنه، وتلك هي إشكاليَّة الخطاب في ما ينطق به أو يطرحه ويدافع عنه. ‏إنَّه ينسى نفسه؛ أي كونه واقعة لها دورها في إنتاج المعنى وإقرار الحقيقة. ومثاله قول الحسن ‏البصري: «بقيت يوماً وليلة أنا ورابعة العدويَّة نتحدث حديث الروح، حتى نسيت أنّي رجل وأنَّها ‏امرأة». ولكنَّ وجود النص، وبصرف النظر عن منطوقه، هو دليل على أنَّه لم ينسَ أنَّه رجل". ‏هذا ما قاله علي حرب في مقابلةٍ أجراها معه محمّد شوقي الزين لموقع "مؤمنون بلا حدود"‏ ‏.‏
يرى المفكر علي حرب أن مقولة الحسن البصريّ تناست أو سكتت عن أمر يخالف ‏منطوقها؛ إذ يشي المنطوق بأنه نسي كونه رجلاً، ويعدّ هذا التصريح الإخباريّ دليلاً "على أنه لم ‏ينس أنه رجل". والحقيقة أنّ المنطوق يعيّن النسيان في إسار حدثٍ يقوم به اثنان: الحسن ورابعة ‏‏"نتحدّثُ"، وحركيّة هذا الحدث يحددها النص في "ظرفٍ" مصرّحٍ عنه بلفظتين متعاطفتين هما ‏‏"يوماً وليلةً" ما يعني أنّ النسيان كان ضمناً، وبخاصة أنّ الإخبارَ استُهلّ بالفعل "بقِيت" الذي ‏يحيل على "الدوام"، وكان من الممكن أن يدل على التأبيد لولا أن النصّ حاصر هذا الفعل بظرف ‏نهائي" يوماً وليلة". ‏
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكون الإخبار بالفعل الماضي عن حدث انقضى ومضى، ‏ما يعني أن الحسن البصريّ يثبت نصه بعد انقضاء ذلك اليوم وتلك الليلة بما انطويا عليه من ‏أحداث، وأن فعلَ التحدث المسند إليهما فعلٌ مضارع فذاك الإسناد لا يعني أنه مستمرٌّ بعد ‏انقضاء ظرف البقاء، بل هو متجدد ضمن البقاء. وعليه يكون التصريح كنايةً عن إشهار العفة، ‏لا ليغطي هواجسه الجنسية أو غير الجنسية، ويكون أيضاً لإظهار ما لحديث الروح من قدرة على ‏السموّ بالإنسان فوق هواجسه.‏
وصراحةً، لست بصدد التصدّي للمفكر الكبير علي حرب من كوني عثرت على مستمسك ‏أرشقه به، فهو أكبر من باعي وذراعي، ولكن الدافع هو كوني عثرت على مستمسك يمكنني أن ‏أستخدمه في مواجهة غلوّ الرهان على التفكيك الذي أفسد العلاقة مع النص ومقاصده أو مقاصد ‏مؤلفه. كما أفسد علاقة الإنسان بالكون وأثاث الكون وما وراءه. ‏
قد لا يعدّ الفعل "أفسد" فعلاً سلبيّا عند البعض، فهو فعلٌ ــــ على الأقل ــــ ضروريّ ‏لتأسيس العاصفة التي تأتي على آليات رصد الطريق إلى العلاقة بين الدالّ والمدلول. إذْ لا يمكن ‏تجاوز الطمأنينة المزيفة إلا بإفساد أمشاجها العريقة؛ ولا تكون هذه الأمشاج إلا من زيف متراكم ‏الأوهام، وذلك لا يخلو من مخاطر تضييع زاوية الرؤية، وانعكاسها على منجزات الاجتماع ‏الإنساني؛ لأنّ الهدف كما يقول جاك دريدا في كتابه علم الكتابة"‏Grammatologie‏"، "إيجاد الصدع ‏الذي يمكن من خلاله رؤية بصيص غير مسمى أبعد من الفتحة التي يمكن رؤيتها‎"‎، ولا مانع ‏يحول دون تحقيق هذا الهدف، فالصدع المطلوب دائما سيكون مفتعلاً وتعسفيا، وهو من خارج ‏النص أو ما يحيلُ عليه النص.‏
أيضاً، كلمة ضياع قد لا تكون سلبية، فالهدى وهم يؤدي إلى طمأنينة كاذبة، واللغة لم ‏تعد مع جاك دريدا منزل الوجود كما بدت لهايدغر، وكما أودعها الإنسان كل مخاوفه ومطامنه ‏وأحزانه وأفراحه وأحلامه ونجاحاته وإخفاقاته وخيباته و.....، بل هي ليست علامات على شيء، ‏وبات بإمكان القارئ أن يشحنها بالمدلولات المؤقتة حتى يظهر قارئ آخر، وهكذا فلا تكون قراءة ‏خاطئة، إذ لا بد من تقويض مركزية المعاني، أو محورية المعاني كما يسميها محمد حسن جبل، ‏فالمرونة في بيولوجية الأصوات جعلها مستباحة، يؤديها العاقل والمجنون ومَن بينهما. ‏
صحيح أنّ المعاني يقينية مؤقتاً ريثما يتوافر طالبٌ للحقيقة معترضٌ على كل ما تلقّى، ‏فتصبح ظنيةً إلى حين، أويتغير منسوب اليقين في الدلالة، غير أنّ ذلك لا يعني أنّ المعاني لا ‏تكمن في العلامات، ويكمن معها مَن اختارها ليودع فيها ما أراد؛ فهل يحق لنا إذا لم نصل إلى ‏ذلك أن نعتمد تعريفاً للأسود على أنه ليس الأبيض، مع علمنا أنّ ذلك لا يطّرد؟ ألا نحسب هذا ‏التعريف يفضح عجزنا، وليس بالضرورةِ عجز العلامات! هذا ما يبدو، فكيف إذا اغتصبنا ‏العلامة بما لا صلة له بها ؟!!.‏



#سعد_كموني (هاشتاغ)       Saad_Kammouni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإهلاك الإلهي ناموس غير اعتباطي
- ذنوب الذين كفروا وإهلاكهم
- آللهُ يهلكنا!؟
- الأسلوب ما يجب أن يتغير راهناً
- لا شيء يستدعي الثقة
- نحن فاعل هلاكنا
- لن نستفيد من عزلتنا
- لن نأسف على شيء
- يتوقعون ما يرغبون به
- الإيمان ليس مرادفاً للجهل
- ليس الإنسان ضعيفا
- لا بد من ثورة تقدمية
- الوحش ليس شكلاً بل مضمون
- كورونا والثورة
- أنت المسؤول
- تهافت التأويل العلمي عند زغلول نجار وآخرين


المزيد.....




- السعودية تحدد قيمة مخالفة من يضبط داخل مكة والمشاعر دون تصري ...
- بوتين يؤدي اليمين الدستورية لولاية خامسة.. شاهد ما قاله عن ا ...
- غزة: ما هي المطبات التي تعطل الهدنة؟
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي عنيف على القطاع ومخاوف من -الغزو ...
- وداعا للسيارات.. مرحبا بالمشاة! طريق سريع في طوكيو يتحول إلى ...
- يومين فقط من إطلاقها.. آثار كارثية للعملية الإسرائيلية برفح ...
- البيت الأبيض يعلق على -محاولة اغتيال- زيلينسكي
- اكتشاف سبب جديد يؤكد أن غواصة تيتان كانت ستقتل ركابها لا محا ...
- -إنسولين فموي- بتقنية النانو قد يغني عن الحقن لمرضى السكري
- السجن لمصري جمع 100 ألف دولار من أبراج الكويت


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد كموني - طمأنينة التفكيك الكاذبة