أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - من بيع الأجساد إلى بيع العقول (تجارة الرق الجديدة)














المزيد.....

من بيع الأجساد إلى بيع العقول (تجارة الرق الجديدة)


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6917 - 2021 / 6 / 3 - 16:32
المحور: الادب والفن
    


قاعة بلورية مستديرة، ذات سقف عالٍ، إضاءة برتقالية، كلونِ الشمس تسطع من السقف، طاولة مستديرة كلاسيكية هائلة الحجم، امتلأت برجال دين، متناقضين، مسلمين ومسيحيين، يهود وديانات هندوسية وبوذية متباينة، ملحدين وحليقي الرؤوس...ضوضاء لا تكاد تلتقط عِبارة أو كلمة واضحة من السنتهم التي ضَجَّت بلغطٍ أشبه بشريطِ صوت قديم متهَتِّك، أختلط بأصوات حيوانات في غابة.
وقفَتْ بناصيةٍ مرتفعة وراء مكبر صوت وصرَخت فيهم بنبرةٍ عصبيّة، متوترة وقد عَمَدتْ بقذفِ كأسٍ ممتلئٍ بشرابٍ برتقالي اللون! على واجهة زجاجيّة مما لفتَّت الأنظار، وعم الصمت المكان...
"أشعر بالوحدة وكأني وحدي بهذه المجرَّة العاهرة، لماذا لم تتحرَّروا بعد من الأنانية أيها البائسون، المتدينون والملحدون والمتزمتون، تحرُّروا من القيود، فقد بلغنا نقطة بيع العقول والأفكار، في مجتمعات حتى الشمعة مُحرَّم حملها بالليل...
لم ينته عصر تجارة الرقيق، ربما الاعتقاد ذلك، لكن الصورة العصرية للرق تغيَّرت، فقد تبَدَّل العالم، ولم يُسْمح بتعليق اليافطة القديمة لتجارة العبيد، فاسْتبدلَت تجارة الأجساد بتجارة العقول، وإن لم تختف كلية تجارة الأجساد الجليّة في الاتجار بالبشر، ولكن تبقى تجارة العقول المُسْتباحة هي أخطر ما يواجه الدول ذات الأنظمة التي تدين بالولاء لغير التفكير، وتستبيح في سبيل الولاء الإبقاء على عقول الناس مسجونة في قعرِ الهاوية، وخاصة الكتاب والمثقفين الذين تشهد تجارة الرقيق أشنع وضع يعيشونه إذا ما سلموا أقلامهم للحكومات وانتحروا على أبواب الحريّة التي كلما تقدم العصر في هذه الدول وشهد العالم طفرة في الحرية، كلما تخلف هؤلاء وباعوا أقلامهم وأفكارهم للسلطات، ليسمّموا عقول من أدنى منهم من البشر، حتى تتمّ السيطرة على الجميع فيضحى المجتمع برمته مستعبدًا، وهكذا نتفق على تجارة الرقيق لم تختف من هذا العالم...
ما المغزى من بيع العقول والأفكار؟
في العصور الوسطى وبعدها بيع البشر في الأسواق، وكان ذلك ذروة تجارة الرقيق، وعندما قامت الثورات وتحرَّرت الأجساد، من البيع، سقطت العقول في سوق نخاسة أشدّ وطأة من بيع الأجساد وهو تجارة رقيق الأفكار والعقول، فشهدت ساحة الدول التي ما انفكت تخشى حرية الأفكار، سوق رائجة لبيع العقول وخاصة تلك التي تعود لكتاب ومثقفين، لا يملكون حرية أنفسهم ولا احترام لأنفسهم ولا تقدير لمكانتهم كبشر أولاً ثم ذوي عقول، فباعوا أفكارهم مقابل فتات لا يوازي حجم شهوة الحرية التي فقدوها...وهكذا شهدنا سوقًا واسعة، يتجاذب أطرافها أنظمة لا تريد للإنسان سوى الإشادَّة بكلِّ شيءٍ حتى بالموت والظلام والعتمة...
نعم هناك كتاب وعقول لا يتردُّدون عن الإطراء والمديح لكلِّ شيء سيء في هذا الكون، ولكن ضوء شمعة ولكل ما هو حرٌّ، وكأن مهمة هؤلاء بناء كهوف للبشر، تمنع عنهم متعة رؤية شموس مختلفة عن تلك الشموس التي تسطع على العالم وتنير العقول وتنشر السعادة والرخاء، حتى بلغ الأمر بعبيد الأفكار والعقول الترويج للظلام مقابل النور..
إن التحرّر من القيود...تحرّر من هيمنة الآخرين وسيطرتهم، تحرّر من الشعور بالوحدة المظلمة الداخلية الوهميّة...تحرُّر من العبودية الفكرية، تحرُّر من الخضوع لأوامر تجار رقيق العقول، والسقوط في بوْتقة ترهات الفارغين...تحرُّر من الرد على كلّ نسيج عنكبوت وذباب وسائل التواصل! تحرُّر من أفكارك الدخيلة الضبابية التي تشكل سَحابة فوق رأسك...تحرُّر من كونك بضاعة بسوق النخاسين، وإطلاق قلمك وأفكار عبر مساحة من ضوء الشمس...
تحرَّر من كلّ ذلك وأطلق خيالك وبيدك شمعة حرية، واكتف بالتأمّل والاسترخاء، وأحيا في ضوضاء خلاقة مع نفسك! ستعيش في عالم خيالي...جرب ذلك مرَّة واحدة فقط...وستدهش من جمال الدنيا وأنت تكتشف متعة حرية نفسك بعيدًا عن سوق تجارة العقول أو رقيق الأفكار!!



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (10 ...
- قدس حماس أم قدس إسرائيل؟!
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (9)
- من شروط استقرار الدول...
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (8)
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (7)
- قطارنا ما يزال يسير على الفحم!
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (6)
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (5)
- رواية عن مقال ممنوع...
- حذار من انهيار الطبقة الوسطى!!
- ميغان وأوبرا وينفري ثورة جديدة!
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (4)
- الديمقراطية الدكتاتورية!!
- الغوغاء قادمون!
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (3)
- ... هل الكاظمي فخ العراق؟!
- هل تختفي الدول العربية قريبًا؟!!
- عاصفة الديمقراطيين قادمة...استعدوا...
- الخراف الضالة - رواية- القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد (2)


المزيد.....




- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - من بيع الأجساد إلى بيع العقول (تجارة الرق الجديدة)