أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - سوريا: سقوط الأوهام الاستراتيجية














المزيد.....

سوريا: سقوط الأوهام الاستراتيجية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 6915 - 2021 / 6 / 1 - 21:51
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ربما، وبمفارقة إيديولوجية صارخة أكثر مما هي مهنية عابرة، تثير الشجون والسخرية المرة بآن معاً، دأب إعلام البعث القومي، وعلى مدى عقود ثقيلة كأداء، وكان يتفنن برسم صورة القوة العظمى الزاهية لـما كان يطلق عليه اسم "القطر" العربي السوري، ذي الإمكانيات الاستراتيجية الخارقة، "قلب العروبة النابض"، و"عاصمة مستعمرة الأمويين" (تغني مجاني بقبيلة صحراوية غزت واعتدت على سوريا في القرن السابع الميلادي)، ومركز الثقل الكوني، العصي على الاختراق، والقادر على تكسير وتحطيم كل المؤامرات الإمبريالية والصهيونية والرجعية، على صخرة "صموده" القومي ومن وراءه يقف "الشعب" العربي (وليست "الشعوب" الناطقة بالعربية وعلى اختلاف انتمائها العرقي والقبلي والتعويل عليها في المعارك القومية المنتظرة ضد أعداء العروبة)، وليس هذا وحسب بل ردها على أعقابها والانتصار عليها، والذهاب لما بعدها، لدرجة أن أحد محدثي نعمة التفوه والخرط الاستراتيجي، الذي لم يسمع به أحد قبل الأزمة السورية، رطن متباهيا، من على أثير إعلام "البعث" القومي، بأنه لا يستبعد أن يقوم جيشه "العربي" السوري بإكمال مسيرة الانتصارات وإنجازات التحرير وصولاً لـ"الأندلس" أو ما تعرف بإسبانيا(وهي دولة أوروبية بالاتحاد الأوروبي ذات سيادة وعضو مستقل بالأمم المتحدة)، وإعادتها للحضن والحظيرة القومية العربية، بكل ما ينطوي عليه هذا التصريح من انتهاك صارخ للقانون الدولي وتحد لمواثيق الأمم المتحدة، واستهتار فاضح بمكانة دولة بحجم شبه الجزيرة الآيبيرية، والاعتقاد الوهمي أن ما تسمى بـ"الوحدة الوطنية"، وهي طبعاً تختلف عن "الوحدة العربية" ستكون قادرة لوحدها على صد "الهجمة الإمبريالية الشرسة، وإيقاع هزيمة نكراء مزلزلة بها.
وحين كنت تستمع لزمامير وقرع طبول خطابات التحدي والوعيد بالمواجهات والمنازلات الكبرى، من مستوى أمين فرقة حزبية في بلدة نائية مفلسة وجائعة تنعدم فيها الخدمات، حتى مستويات عليا بالدولة والحزب القومي، كنت تنتشي وتسري القشعريرة، والرعشة العروبية في أوصالك، وأنت تنتظر "المواجهات المصيرية" القادمة مع أعداء سوريا والأمة العربية، والتي ستحسم فيها فوراً، وبالدقائق الخمسة الأولى. فسوريا هذه، وفقاً للإعلام إياه، دولة مركزية ومحورية، وحلقة استراتيجية هامة ومقصلية لا تنكسر، في محور "عربي" وقومي مقاوم، وبها من المقومات والإمكانيات والمحظورات الاستراتيجية، ما يجعل الأعداء يعدون للألف قبل التفكير بإطلاق "حصوة نقيفة" عليها، وأنها بما تملكه من أوراق و"جواكر" استراتيجية محلية وعربية وإقليمية ، قادرة على إحباط أي مخطط، وصد أي عدوان ضدها وقلب الطاولة على رؤوس الجالسين عليها، وبأن أحداً ما لن يتجرأ على العبث بأمنها جراء تلك التحالفات والعلاقات والصداقات الاستراتيجية التي نسجتها وراكمتها على مر الأيام.
غير أن مآلات الأحداث وتطورها، أظهر ليس خواء هذا الخطاب وخطل هذه التصورات إنما عقمها ولا جدواها، وأن جامعة الدول العربية،(مؤسسة القومية العربية الرسمية) كانت رأس حربة العدوان والمخططات، وأن الدواعش والإرهابيين لم يكونوا إلا من تلكم الجحافل "القومية" و"العروبية" والشعوب الوهمية التي كان يتغنى بهم إعلام البعث القومي على الطالعة والنازلة، وبمناسبة وبدون مناسبة. أما "الشعب السوري" ووحدته الوطنية المزعومة، فلن تكن "متجانسة" حقيقة،(وهذا وفق نفس الإعلام إياه)، وكنا أمام "شعوب" سورية متوزعة الولاءات والانتماءات والاهتمامات، وكل واحدة لها حسابات واعتبارات خاصة بها، وأن سوريا بلداً، بالنهاية بلداً هشاً، ضعيفاً، ثانوياً، وليست قوة عظمى، وتسبح وسط جزيرة من الأعداء والخصوم الألداء القادرين على التسبب لها بالكثير من الصداع والأوجاع، وأن خطابات التحدي، ودعوات النزال والمواجهات الدونكيشوتية، كانت مفرطة ومبالغ بها، ولم يكن لها أي لزوم، وأن وضع "رأس" دولة صغييرة ومهزوزة استراتيجيا وهشة كسوريا، بـ"رأس" دول وقوى إقليمية وكبرى، يتطلب من الإمكانيات أكثر مما كان متوفراً بكثير حتى الآن...
إن سوريا، اليوم، وبعد هذا الكابوس الوجودي الكبير، لم تعد سوريا تلك، حتى وهي بأضعف حالاتها، وهي بالتأكيد ليست دولة عظمى وقوية واستراتيجية محورية ومركزية وحلقة يصعب كسرها، وانما تبين، وببساطة، أنها كانت مجرد ساحلة لعب للاخرين، يحاول كل منهم القضم، والفوز بحصة منها، وباتت شبه محتلة ومقسمة، يتساكنها محتلون وجيوش من الغرباء، وهي بهذا المعنى تعتبر نقطة تقاطع وتقاسم مصالح وإرادات للغير، متحكم بها، ولا تملك القدرة على التحكم بالغير أو إدارة وتوجيه الاستراتيجيات وتحويل مجريات وملفات الصراع، ولم تعد، وفق الواقع القائم، دولة موحدة مستقلة سيادية بحد ذاتها، وهذا ما أكدته التطورات والمآلات اللاحقة وواقع الحال السوري اليوم الممزق بين عدة ولاءات والموزع بين عدة قوى عظمى وميليشيات وتيارات...



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستعربون: القرعاء التي تتباهى بشعر خالتها
- الكيانات الموازية: والطريق إلى الشرق أوسطية
- العرب والمستعربون: مصطلحات يجب ان تعرفها
- انهيار المنظومة القومية العربية وتفككها
- بايدن: الإخوان المسلمون قادمون
- سوريا: ثلاثة وزراء خارجية في خمسين سنة
- سوريا: سياسات مبهمة واستراتيجيات فاشلة
- كيف تخدم الصهيونية مجاناً؟
- الحريري الصغير وحكاية التوزير:
- روسيا: إلحق البوم سيدلك على الخراب
- لآثار الجيو-سياسية الكارثية لانهيار سايكس- بيكو
- في اسباب انهيار وتمزق الكيان السوري
- السوري وكبر المعلاق؟
- قطار التطبيع السريع
- فقط في سوريا: إذا كان طباخنا جعيص شبعنا مرق
- لا تراهنوا على الروس أبداً
- الملكيون أكثر من الملك
- رسالة إلى الرفيق الأمين العام المساعد
- بروفة ودرس عملي بالصمود والتصدي
- حقائق استراتيجية: احذروا من أي تحالف مع الروس


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد ما فعلته دببة عندما شاهدت دمى تطفو في مسب ...
- شاهد: خامنئي يدلي بصوته في الجولة الثانية من انتخابات مجلس ا ...
- علاج جيني ينجح في إعادة السمع لطفلة مصابة بـ-صمم وراثي عميق- ...
- رحيل الكاتب العراقي باسم عبد الحميد حمودي
- حجب الأسلحة الذي فرضه بايدن على إسرائيل -قرار لا يمكن تفسيره ...
- أكسيوس: تقرير بلينكن إلى الكونغرس لن يتهم إسرائيل بانتهاك شر ...
- احتجاجات جامعات ألمانيا ضد حرب غزة.. نقد الاعتصامات وتحذير م ...
- ما حقيقة انتشار عصابات لتجارة الأعضاء تضم أطباء في مصر؟
- فوائد ومضار التعرض للشمس
- -نتائج ساحرة-.. -كوكب مدفون- في أعماق الأرض يكشف أسرار القمر ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - سوريا: سقوط الأوهام الاستراتيجية