أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاخر السلطان - متى يتوقف نبض الحياة المتحرك














المزيد.....

متى يتوقف نبض الحياة المتحرك


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1635 - 2006 / 8 / 7 - 10:44
المحور: المجتمع المدني
    


ظاهرة الاختلاف في الآراء والأفكار والنظريات والمعتقدات والتصورات بين البشر، هي ظاهرة أزلية غارقة في القدم، ويعود تاريخها إلى ميلاد الكائن البشري على وجه الأرض. وهي كذلك ظاهرة طبيعية وواقعية وفطرية، نتيجة لاختلاف مراتب العقول وتناقض المصالح وتفسير النصوص والتعاليم والأفكار بطريقة متغايرة.
وليس غريبا اختلاف البشر في الأفكار والتصورات والمعتقدات والعادات والتقاليد، بل الغريب محاولة البعض جعل الناس كلهم يؤمنون بفكر واحد وثقافة واحدة ومعتقدات واحدة ونية واحدة وموقف واحد. فالمجتمع البشري لابد أن يشهد تنوعا وتعددا واختلافا في الأديان والطوائف والأعراف وحتى اللغات. ولا يستطيع أي مجتمع أن يحقق فعالية وتقدما على أي مستوى من المستويات قبل أن يصل إلى صيغة للتعايش والتفاهم والتعاون والتعارف توحّد بين جميع مكونات المجتمع وتربطهم برباط المصلحة. حتى إننا نلاحظ جليا في حياتنا كيف يختلف الناس في كل شيء بحيث لا نكاد نجد أمرا يتفق عليه الجميع، إذ قد يتفاوت أفراد العائلة الواحدة أيضا في توجهاتهم وأذواقهم. من هنا جاءت التعددية لتدل على هذا المعنى. فهي إقرار واعتراف بوجود التنوع، وبأن هذا التنوع لابد أن يترتب عليه اختلاف في المصالح أو خلاف على الأولويات.
ومن خلال الاعتراف بوجود التنوع ومن ثم ظهور اختلاف في الآراء وفي الأولويات، تظهر مشروعية لابد من الإقرار بها من أجل إقرار التنوع، ألا وهي مشروعية الرأي الآخر. ومن الطبيعي أن تأتي مشروعية الرأي الآخر من نفس الأدلة التي يستدل بها على مشروعية الرأي للذات. فكما أن لك الحق في إبداء رأيك، فإن للآخر نفس الحق في إبداء رأيه. وكما لا يحق لأحد مصادرة رأيك، كذلك لا يحق لك مصادرة رأي الغير. وكما أن حرية الرأي للذات حق لابد أن يكفله القانون، فإن رأي الآخر له نفس المرتكز.
إذن مشروعية المعارضة تأتي من مشروعية وجود الإنسان ذاته. فما دام ان الإنسان خُلق بذوق خاص، وعقل خاص، ورغبات مختلفة عن غيره، ولم يفرض على الناس وحدة الفكر والذوق، فإن من حق الناس أن يتصرفوا في شؤونهم الخاصة بالشكل الذي يعجبهم، وأن يتخذوا المواقف التي يختارونها، وأن يعبروا عما يؤمنون به، لكن ضمن إطار لا يؤدي إلى الفوضى ولا إلى إلغاء حقوق الآخرين.
فسنة الحياة قائمة على التعددية لا الأحادية. وأي إلغاء للمعارضة وللرأي الآخر هو إلغاء للتطور وتجميد للحياة. وأي محاولة لكبت الرأي الآخر سيؤدي إلى المزيد من المشاكل والعقد، ذلك لأن تعدد الآراء والمفاهيم والأفكار والمعتقدات والعادات شيء لا يمكن إلغاؤه أبدا، ومن ثم لا يمكن إنكاره لأنه مطابق للسنن وللواقع معا.
فلا وجود لأيّة مسوغات شرعية أو قانونية لإلغاء الآخر، لأن وجود مثل هذه المسوغات يعني وجودها أيضا كمبرر لإلغاء الذات فيما لو تمكن الآخر من السيطرة والحلول محل الذات، وهو أمر لا يقبله الذات عندما يكون الأخير في موقع القوة والنفوذ والسيطرة، لأن المواقع قد تتغير.
فالذات قد يكون هو الآخر، والآخر قد يحل محل الذات، وعلى كل واحد منهما أن يقبل بحق الطرف الآخر في الوجود.
إن الصراع الدموي المتمثل بالتصفية الجسدية بحق الطرف الآخر هو أشد ما ابتلت به الإنسانية منذ أن وعى الإنسان وجوده. بل إن بعض الفلاسفة – كالمؤرخ البريطاني أرنولد توينبي – يرون في هذا المرض بمثابة الجرثومة التي تؤدي إلى إبادة الدول وتراجع القوى العظمى وانهيار الحضارات. فأسلوب التصفية الجسدية يشير إلى تصعيد الصراع البشري من مستوى الخلاف والاختلاف في الآراء والمصالح إلى القتال وإلغاء الطرف الآخر. وهذا الأسلوب هو المقابل تماما للحوار. وطبعا هذا الإلغاء والحذف يعتمد على إلغاء جدلية الوجود كلها بحيث يمكن نقل هذا الإلغاء أو هذه الجدلية من مستوى فرد وفرد إلى مستوى فرد وأمة حين يلغي الفرد إرادة مجتمع بأكمله من خلال النظام الفردي.
فعقلية الإلغاء هي تلك العقلية الدوغمائية الوثوقية إلى درجة اليقين ، تحت تأثير أنها امتلكت الحقيقة الحقيقية المطلقة. وهي سمة بارزة في أصحاب الاتجاهات المتطرفة أيا كانت ساحتها دينية أو قومية، علمانية أو حزبية. في حين أن العقلية المقابلة لذلك هي التي تملك هامشا للخطأ والصواب.
وطالما رأت العقلية الأولى أن هناك هامشا للخطأ والصواب في الفكر الذي تحمله فإنها تميل إلى المراجعة والنقد الذاتي، وبالتالي تفتح المجال أمام النمو والنضج وتصحيح الأخطاء. في حين أن العقلية الثانية يترتب عليها نتائج مخالفة تماما ومريعة تماما. فطالما امتلكت الحقيقة النهائية فهذا يعني بشكل آلي أنه ليس هناك هامش للخطأ بل كله صواب. وبالتالي لا حاجة للمراجعة ولا نمو ولا نضج، أي لا حياة. وبذلك يُستل نور الحياة تدريجيا من هذ العقلية، فتنتقل بالتالي إلى مرحلة يتوقف خلالها نبض الحياة المتحرك.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كعادتهم خلطوا الحابل السياسي بالنابل الديني
- مكاسب وخسائر طهران
- الإكراه الديني يعادي الإيمان
- استبداد المدرسة الفقهية
- اخوان الكويت.. ومعركة رئاسة البرلمان
- خسارة السيد المعمم
- جدل الانتحار في غوانتانامو
- إهداء إلى المحزونين على الذباح
- نضال الكويتية
- الفهم الديني.. ومسوغات التكفير والإلغاء
- الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني
- لماذا ترفض واشنطن رسالة نجاد؟
- اختلاف الفهم الديني.. وتهم البدعة والزندقة
- الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية
- تصريحات مبارك.. في أي اتجاه تصب؟
- في حوار واشنطن مع الإسلاميين
- أفغانستان تتغير
- بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها
- هل الحقيقة الدينية واضحة؟
- هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاخر السلطان - متى يتوقف نبض الحياة المتحرك