أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - استبداد المدرسة الفقهية














المزيد.....

استبداد المدرسة الفقهية


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1609 - 2006 / 7 / 12 - 09:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمارس المدرسة الدينية التقليدية المرتبطة بالإسلام الفقهي، دورا رئيسيا في بعث الفهم التقليدي للدين في المجتمع، وتعارض أي تحديث وتجديد لهذا الفهم إلا عبر المرور من بوابتها. فتلك المدرسة لم تصبح ندا فحسب لمدرسة الفهم التنويري، بل باتت تعتبرها خصما وعدوا ولا مجال للتعايش معها، بعدما واجهت الأخيرة الكثير من المساعي لوأدها ورفع الشرعية العلمية والقانونية عنها، بوصفها مدرسة لا ينتسب نهجها العلمي إلى الفقه التقليدي وبالتالي لا يحق لها الخوض في فهم الدين وتفسيره.

فأغلب تفسيرات النص الديني إن لم تكن مؤيدة بدليل من "النص" ولم تمهر بختم "يجوز" الفقهي فإن المدرسة الدينية التقليدية سترفضها وتمتنع عن الاعتراف بها.

فالفكر الديني التنويري الصادر من مدرسة الفهم التنويري المستند إلى الفلسفة الحديثة والمتبنى من قبل الكثير من المفكرين الحداثيين من شأنه أن يصبح عين اللادين بالنسبة لأنصار المدرسة الفقهية. ليس هذا فحسب بل إن رجال دين وفقهاء سعوا لطرح رؤى وأفكار دينية جديدة تتجاوز الفهم التقليدي، واجهوا عراقيل عديدة من زملاء لهم من نفس المدرسة، لا لشيء إلا بسبب تجاوزهم المنهج الفقهي التقليدي في فهم الدين. فقد سلط على رقاب هؤلاء سيف النبذ والإقصاء والمقاطعة ووجهت إليهم مختلف التهم، والتي يأتي على رأسها "الارتداد" و"التكفير"، وجرت محاولات لسجنهم أو حتى نفيهم من المجتمع الذي يعيشون فيه.

فرؤى حسن الترابي في السودان ومحمد الغزالي في مصر وحسين منتظري في إيران خير شاهد على ذلك. فمنتظري واجه العديد من التهم ومورست ضده الإقامة الجبرية بسبب رأيه "الإصلاحي الفقهي" فيما يتعلق بنظرية ولاية الفقيه. ورؤى الترابي الأخيرة حول المرأة والمسيحيين جعلت المدرسة الدينية التقليدية في السودان تتهمه بالارتداد وتطالب بقتله. وكتاب الغزالي "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" جعلت المدرسة السلفية تقوم ضده وتكفره وتطالب باستتابته.

كما حاربت المدرسة الدينية التقليدية المثقف الديني التنويري حينما سعى إلى طرح رؤى وأفكار جديدة نابعة من مناهج تفكير علمية لا تنتمي لمدرستها، والسبب في ذلك هو أنها دائما ما اعتبرت أفكارها هي عين الدين، ومنهجها هو المنهج الوحيد لفهم الدين، وأنها تملك وحدها لا غيرها حق شرح وتفسير ماهية الدين. فطرحت نفسها وأفرادها ومناهجها بوصفها وصية على الآلية المنتجة للفكر والأحكام وطرق الإيمان كآلية وحيدة في هذا المجال، وشددت على أنها تستطيع طرح خريطة الحلول للمشاكل في الحياة الاجتماعية بوصفها الخريطة المنقذة للبشرية.

فهذه النظرة تولدت بسبب اعتقاد هذه المدرسة بأن أفكارها ومنهجها هي الشارح الوحيد للنص الديني، حيث اعتمدت على مصدرين لا غير لأفكارها: مصادر الفقه، واجتهاد الفقيه، وأي فكرة أو رؤى تغرّد خارج هذين المصدرين فلابد أن تحظى على إجازة الفقيه وإلا فقدت وجهتها الشرعية الدينية. لذا الوصاية على الفكر والتفكير والتفسير والاصلاح والتغيير تبدو هنا واضحة، واستبداد المدرسة الفقهية يبدو أيضا جليّا.

وفي القضايا الاجتماعية، أو القضايا غير الدينية بشكل عام، يبرز العقل غير الديني كبديل للنظرة الفقهية وللمدرسة الدينية التقليدية تجاه تلك القضايا. فالفقه يتصف بصفة الحكم لا صفة التخطيط والتفكير البرامجي، بمعنى انه يرتبط بأحكام الحلال والحرام لا بوضع البرامج، في حين أن القضايا والمشكلات في حياتنا الاجتماعية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتفكير المنطقي والتخطيط العقلي استنادا إلى العقل غير الديني، أي أن التخطيط للبرامج هو من مهام العلم والعقل وليس من مهمة الفقه والعقل الديني. فلا يمكن للفقه على سبيل المثال أن يطرح برامج لمعالجة تعاطي المخدرات أو انتشار البطالة أو التضخم الاقتصادي، ومساهمته هنا، إذا جاز ذلك، ستكون محدودة جدا وستتقوقع في إطار القانون.

فمثلا إذا افترضنا أن 80% من حالات الزواج في المجتمع انتهت إلى الطلاق، وأن جميع حالات الانفصال تلك كانت مطابقة لقواعد الفقه، فذلك يعني من جانب أن أفراد المجتمع يطبقون قواعد الفقه، لكنه يشير من جانب آخر بأن المجتمع يعاني مرضا لا يمكن معالجته عن طريق الفقه وهو ازدياد حالات الطلاق. وهو ما يعني أن قضايا المجتمع ليست فقهية ولا يمكن حلّها من خلال علم الفقه.

أما العقل غير الديني، فلو طرح برامج لحل مشكلة المخدرات – مثلا - فإنه يكون قد ساهم في إيجاد حل جذري لمشكلة اجتماعية من خلال خوضه في الأسباب المؤدية إلى ظهور تلك المشكلة، وهو الأمر الذي لا يستطيع الفقه أن يقوم به، إذ جُل ما يستطيع القيام به هو تركيزه على حدوث تجاوزات قانونية تختص بالمجالات المادية الظاهرية للمشكلة.

فأخلاقية أي عمل مشروع متعلق بحياة البشر، غير مرهونة بالفقه، بل إن الفقه يساهم في معالجة جزء صغير من المشكلة يتعلق بالحقوق.

فالمجتمع الذي يعتمد على الفقه في حل مشاكله، لا يلزم أن يكون مجتمعا صحيا وسليما. أي أن المجتمع الصحي ليس هو المجتمع الذي يراد للفقه أن يكون حلاّل جميع مشاكله.




#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخوان الكويت.. ومعركة رئاسة البرلمان
- خسارة السيد المعمم
- جدل الانتحار في غوانتانامو
- إهداء إلى المحزونين على الذباح
- نضال الكويتية
- الفهم الديني.. ومسوغات التكفير والإلغاء
- الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني
- لماذا ترفض واشنطن رسالة نجاد؟
- اختلاف الفهم الديني.. وتهم البدعة والزندقة
- الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية
- تصريحات مبارك.. في أي اتجاه تصب؟
- في حوار واشنطن مع الإسلاميين
- أفغانستان تتغير
- بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها
- هل الحقيقة الدينية واضحة؟
- هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3
- تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
- هل يمكن إصلاح سلطة مرتبطة بالسماء؟ 2-3
- مجالات الإصلاح في دولة ولاية الفقيه 1-3
- الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - استبداد المدرسة الفقهية