أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية -14-














المزيد.....

طريق الهاوية -14-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6904 - 2021 / 5 / 20 - 10:57
المحور: الادب والفن
    


أحضروا لنا أربعة فدائيين . ثلاثة رجال وامرأة ، أتوا معصوبي العيون ، سلّمونا إياهم ، يبدو عليهم الخوف .
-مرحباً بكم . اسمي نوال. أنا صاحبة المنزل ، سوف تكونون ضيوفي . لا أعرفكم ، لكنّكم تبدون وكأنّني أعرفكم. ليس مطلوب منكم أن تعرّفوا بأنفسكم، لكن لي رجاء لديكم : أن لا تقوموا بإيذائنا .
-اسمي ثورة . أنا مشروع شهيد . لم يكن الأمر بيدي ، فقد رشحتني القيادة لهذا الشّرف ، و لا يمكن أن أكون جبانة.
لا زلت في السّابعة عشر من عمري . أحبّ المدرسة و الضحك ، و اللعب كالأطفال. لا أحبّ الموت ، لكنّه الشرف الرفيع. لن أكون متخاذلة مثل ابن خالتي ، فبعد أن رفض ، و أطلق عليه اسم جبان . أصبح اسمه معروفاً ، يقال أن مجموعة من الشرفاء انتقموا للوطن ، فأوقعوه أرضاً، وضربوه حتى أغمي عليه، ونزف رأسه ، هو اليوم مجنون ابتلت به أمّه. لا أرغب أن أكون جبانة .
تقول ثورة أنّها لم تختر طريقها ، و أن الحياة جميلة . لا ترغب بالموت ، لكن إن لم تمت سوف تكون جبانة .حتى لو أصبحت فدائياً ، فليس أنت من يقرّر ذلك . هم يرشحونك للموت ، أو للمنصب ، أو الموت المؤجل. قالت أنها لو استطاعت لهربت ونجت، لكن إن فعلت فسوف يموت كل أفراد عائلتها .
-سوف أصلّي من أجل ثورة . صلاة جديدة أتضرّع من خلالها إلى المنافذ البرية و البحرية علّني أستطيع أن أنقذها مع عائلتها، لكن حتى لو أنقذتها فسوف أكون أنا الضحية، وهناك ألف ثورة مثلها . في هذا المكان فقط تقف متفرّجاً لا تعرف أين أنت .
قبل أيام اختلف فضيلان يملكان السلاح، فقتلا عدة أشخاص من بينها ، و اليوم يقوم الفريقان بالحديث عن حب الوطن، ويتهم كل واحد منهما الآخر بالخيانة .
حسب رأي ثورة : حتى تلك التّظاهرات من أجل الوطن لا يستطيع أحد الدخول فيها إلا إذا كان عبداً مأموراً من تنظيم سياسي، أو ديني، أو عسكري.
-ما رأيك يا نوال أن نفكّر بالهرب من هذا المكان ، ونتركه للأربعة فدائيين ومسؤولي كرامة الوطن؟
-لمن سوف نترك ثورة ورفاقها؟
-نحن لا نستطيع فعل شيء ، لكنّ دورنا في الموت قادم. قد يقتلوننا غداً . سوف نخبر مريم إن أرادت الهرب معنا، أو لا نخبرها . هي مسؤولة عن عائلتها ، و لو كنا أكثر من اثنين قد لا ننجو .
-لكن كيف يمكن أن نترك مزرعتنا الجميلة و التي عملنا على إنجاحها وهي تعيلنا؟
-الأمر بسيط جداً . نقسم أمام ترابها أننا لن نعود ، و أن الأمر ليس في يدنا ، نركع أمامها، نطلب أن تسامحنا، فحياتنا أيضاً مهمة. لا يمكننا الموت من أجل شجرة. العالم مليئ بالأشجار .
-إنّي في أرزل العمر
اخترت الرحيل
لن أندم ، لم أر هنا سوى الألم
عندما أرحل سوف أوقف الزمن
سوف أبدأ من جديد
سوف أضحك في بعض الأحيان
أغضب
أحبّ
أحلم
سوف أعيش الحياة من جديد
. . .
ما أمهر ياسر ! هذا الطريق الملتو الذي زرع على حافتيه الأشجار يبدو كأنّه من مكان ساحر في هذا الكون الواسع . نسمات الربيع تعصف بقلبي الضعيف، تدعوني للحياة ، وقد قاربت حياتي على النهاية . كم أنت مبدع يا ياسر!
هذه الواحة من الأشجار ، وفي داخلها بساط أخضر يتناثر عليه الزهر بفعل نسمات الرّيح تحثني على البقاء.
لو عشت قبل سبعين عاماً حرّة بين أحضان الطبيعة ، لا اشتعل الزهر فيّ.
هنا بداية الكون
هنا يخفق قلبي بالحبّ
أتشبّث بطفولة سعيدة لا أعرفها، أتخيّلها كنسمات الربيع.
-ماذا تفعلين هنا يا نوال ؟
-أتأمّل هذا المكان الذي سوف نغادره . إنّه الجنّة . هل هناك من يغادر الجنّة ؟
أشعر أن قلبي يسقط هنا حتى لو رحلت ، يعزّ علي الفراق . أعتقد أنّني لا أستطيع المغادرة. هنا كانت حياتي، لم يعد في العمر ما يستحق.
-تقولين أن المكان جنّة، هو كذلك، و لا أحد يهرب من الجنّة، لكنّه ليس لنا، يمكن في أية لحظة أن يستولوا عليه. لو طردنا من المكان، أو قتل أحدنا ما قيمة قلبك الذي يسقط بين الأشجار؟ سوف نترك هذا المكان غداً إن أردت، و إن لم ترغبي سوف أبقى معك هنا، فحياتي لا تعني لي شيئاً.
-سوف نغادر . سوف نغادر، عندما أخرج من هنا لن أدير رأسي جهة المكان ، بل سوف أمسح دمعي بغطاء رأسي ، وعندما أبتعد أكثر سوف أرمي بالغطاء للريح.
. . .
التّغيير يجدّد الأحلام
أن تستيقظ من غفلتك تشعر بالسلام
هو حلم بالتّغيير ، الثمن مجهول
هل سوف يتم التّغيير فعلاً
أم نسقط في المجهول
لو رحلنا، لو بقينا، لو جعلوننا نركع
ما الفرق ؟
نحن لسنا أحياء ولا أموات
نشاهد العصافير تغرّد
نتمنى أن نتمتّع
نشاهد الكون يتغيّر
ولا نتجدّد
نبني مدناً من وهم، و أبطالاً من ظلم
لا نعرف من نكون
لماذا لم نعي أن الحياة مجرد عبث
لو وعينا ، لكنّا عبثنا مع العابثين
ليس الجميع باع نفسه للوصول
بل سلك الطريق المأمون
يتربّع اليوم على منصب مضمون
ينافس عليه
يحاور بكلام غير مفهوم
يرضيك ، ويرضي صاحب الأمر
تصنّفه ثائراً
يجعلك حائراً في أمرك
يحوز على شهادة في السّلوك
يصبح معرفة، وتبقى نكرة
هكذا تضيع الأحلام مع الأيّام
ويسرق الزمن العمر
نبقى ظلاً يشبه المنام
. . .
-لماذا كل هذا الدّمار يا ياسر ؟
أسأل نفسي : لماذا يقتل الإنسان الإنسان ؟
يستمرّ الثأر على مدى العمر، أو قد يتصافح أهل القاتل و المقتول، يصبحون حلفاء ، ويبقى القاتل قاتلاً ، ويبقى أهل المقتول من بني المقتول.
-الشّرّ موجود في كل زمان ومكان ، لكن آلهة الشّر تقيم هنا ، وملكوت الشّر هنا ، موزعو الشّر هنا . نحن نصدّر للعالم بعض شرورنا .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النّبش في الذّاكرة
- طريق الهاوية -13-
- طريق الهاوية -12-
- قصة عن العبودية
- طريق الهاوية -11-
- انتصار الفكر الداعشي في المحرّر
- طريق الهاوية -10*
- الصحفي مهدد بالقتل في عقر داره
- طريق الهاوية -9-
- لحظات ضعفي ، ولحظات قوّتي
- عزيزتي الأم
- الاندماج
- 80 دولة حول العالم تحتفل بالأول من أيار
- الحركات النسوية العربية، ومي تو
- طريق الهاوية- 8-
- الثّرثرة
- طريق الهاوية -7-
- مساهمة المرأة في صنع المجتمع الذّكوري
- يموت المعارضون ، ويبقى الدكتاتور
- طريق الهاوية 6


المزيد.....




- بسبب شعارات مؤيدة لفلسطين خلال مهرجان -غلاستونبري-.. الشرطة ...
- العمارة العسكرية المغربية جماليات ضاربة في التاريخ ومهدها مد ...
- الجيوبولتكس: من نظريات -قلب الأرض- إلى مبادرات -الحزام والطر ...
- فيديو.. الفنانة الشهيرة بيونسيه تتعرض لموقف مرعب في الهواء
- بالأسم ورقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- “استعلم عبر بوابة التعليم الفني” نتيجة الدبلومات الفنية برقم ...
- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية -14-