أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال الربيعي - الماركسية كعلم 5















المزيد.....

الماركسية كعلم 5


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 6886 - 2021 / 5 / 2 - 00:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كما ذكرت في الحلقة السابقة, ان بعض الكتاب يعتقدون ان التوسير فشل في إبراز دور العامل البشري في بناء ماركس للمادية التاريخية, وفي ان النظرية الماركسية علم انساني وليست علما طبيعيا. في مقدمة ويلهيلم ديلثي (1833-1911) حول الاختلاف بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية, يصنف ديلثي العلوم الإنسانية على أنها Geisteswissenschaft، أي علوم تفسيرية يمكن تطبيقها حتى على العلوم السلوكية مثل علم النفس، و متمايزة عن العلم الطبيعي Naturwissenschaft، كمجرد علم تجريبي، وهذا يشكل موضوعة حاسمة في تحديد طبيعة وفائدة النظرية الماركسية.
Dilthey, W. 1989 [1883]. Introduction to the Human Sciences, Makkreel, R.A. & Rodi, F. (eds)
https://books.google.ad/books?id=-Tq6fu1yu-cC

نتفق مع دانيال ليتل (2008) على أن الماركسية, بصفتها علما انسانيا Geisteswissenschaft, فإن العلم الانساني ينبغي ان يقوم على حقيقة أن حياة الإنسان تتكون من فعاليات اجتماعية ومعنى هذه الفعاليات وتأويلها.
Little, D. 2008. ‘What is hermeneutic explanation
http://www-personal.umd.umich.edu/~delittle/Encyclopedia%20entries/hermeneutic%20explanation.htm

ولو عالجنا موضوعة العلم في النظرية الماركسية وفي التحليل النفسي, فانه يمكنننا القول أن النظريتين تعملان بنفس الطريقة والقواعد المنهجية. السؤال إذن هو، هل الماركسية والتحليل النفسي، إما على حدة أو مجتمعتان، ذات صلة بمصلحة تحررية عملية للبشرية (التحرر من عصاب الرغبة كما سيرد ادناه)؟

جادل العديد ان الإجابة كانت بالنفي, وذلك لأسباب علمية تتعلق بمسالة تختزل العلم والمعرفة عموما الى العلم الطبيعي كما في الماركسية المبتذلة ولدى الستالينيين, او العلم التجريبي, رغم انه ليس كل العلوم الطبيعية تجريبية, فلا يمكن لأحد انكار ان علوما مثل الفيزياء النظرية او الجيولوجي او التشريح او علم المحيطات او علم الايثولوجي هي علوم طبيعية ولكنها ليست علوما تجريبية او مختبرية بالمفهوم الضيق. والنفي هو ايضا لأسباب اخرى البعض منها أيديولوجية تتلبس لباس العلم او فلسفته كما لدى فيلسوف العلم كارل بوبر المستمدة من أيديولوجية نيوليبرالية- المزيد عن ذلك لاحقا. او بسبب معطيات تاريخية-امبريقية لا يمكن او لا ينبغي تجاهلها اذا اردنا استرجاع الهدف الأساسي التحرري لكلاهما, الماركسية والتحليل النفسي, وكذلك لتفادي تكرار التجرية التي تحيل الماضي, كما في الاديان, الى سيد الحاضر والمستقبل. وهذه الفكرة ستعني ولابد معالجة النصوص الدينية او نصوص ماركس وفرويد بقدسية تعاند وتقاوم التأويل. وهذه القدسية لا هي علمية ولا هي منطقية!
لاعلمية بدلالة إن تكرار الحدث في الماضي لا يعني وجوب حدوثه حتما في المستقبل. فشروق الشمس لملايين السنين من قبل لا يعني حتمية شروقها غدا. عادةً الفعاليات والظواهر الاجتماعية تكون اقل صرامة في قربها الى الواقع والحياة اليومية. لا منطقية لأنه ليس هنالك من منطق يخبرنا بوجود هرمية للزمن بحيث ان الزمن الماضي يتربع على عرش هذه الهرمية. ليس هنالك من منطق يسمح للأموات في أن يتحكموا في الأحياء. والخلل العلمي والمنطقي لهذه الهرمية يجسده جسم الإنسان في كل لحظة. فجسم الإنسان يتأثر فسيولوجيا: عصبيا-هرمونيا بذكريات الماضي وبتكهناتنا او مخاوفنا بخصوص المستقبل. وأحداث الماضي وتكهنات المستقبل يعيشها ويتفاعل معها الجسم كما لو إنها تحدث بالفعل في اللحظة الراهنة. الجسم, والدماغ بالطبع بضمنه, يعامل الماضي والمستقبل وكأنه حقيقة واقعة (الآن), أي في اللحظة التي نسترجع فيها ذكريات الماضي ونبحر في آفاق المستقبل. الزمن هو اختراع بشري وهو وهم. تداخل الأزمان في تحديد نوعية وتشكيل أفكارنا ومشاعرنا وفسيولوجية أجسامنا يثبت حقيقة الوهم وكذلك حقيقة عدم وجود تراتبية هرمية تكون فيها السيادة للزمن الماضي على حساب زمن الحاضر والمستقبل.

وتداخل الازمان هو ما يحيل الحاجة الى رغبة. الرغبة لا يمكن اشباعها بعرف التحليل النفسي, لذا تبقى هي وهما-حلما.
THE SECOND COMING: REPETITION AND INSATIABLE DESIRE IN THE SONG OF SONGS
https://brill.com/view/journals/bi/8/3/article-p276_4.xml?language=en

والحديث هو دوما عن الحلم (او الكابوس الأمريكي-المعولم). الشيوعية تعني بإشباع الحاجات المادية والروحية. هذه الحاجات معلومة ومشخصة علميا من خلال تراتبية الحاجات البشرية لعالم النفس ماسلو!
https://www.feedo.net/Society/SocialInfluences/SocialPsychology/MaslowHierarchyOfNeeds.htm
الرغبة هي اختراع المجتمع الرأسمالي الذي يحيلها الى عصاب. انها عصاب لكونها وليدة تداخل الزمن وتداعيه بحيث ان السيادة هي ايضا ليست للزمن الحاضر. فالرغبة تعني اساسا عدم امتلاكي ما اريد امتلاكه الآن او مستقبلا, او رغبتي باسترجاع ما امتلكته سابقا, رغم عدم حاجتي أليه الآن.

ابدال الحاجة بالرغبة هو عملية عصابية تسعى جاهدة, كمحصنة دفاعية للعقل الباطن في استجابته والتصدي لاغتراب الإنسان رأسماليا. انها مشروع عبثي في مكافحة الاغتراب كأحد خصائص الحِقْبَة الرأسمالية. الشيوعية تهدف الى معالجة العصاب بنفي الحاجة في الرغبة, وذلك عن طريق اشباع الاحتياجات المادية والروحية, اولا, وازالة اغتراب الانسان, ثانيا.

وبالرغم من عدم رغبتي في تبسيط الامور, الا انه يمكنني القول ان كلا من الماركسية والتحليل النفسي يسعيان إلي هدف مشترك: إزالة الحاجة الى الرغبة, الرغبة كعصاب بشري وعذاب لا متناه.

الشيوعية, هكذا, يمكن تعريفها بكونها التحرر من عصاب الرغبة, الرغبة التي هي, بعرف التحليل النفسي وكما ذكرت اعلاه, لا بمكن اشباعها.

الرغبة, اختراع رأسمالي, تكمن في العقل الباطن, لذا ينبغي تأويل الظاهرة من وجهة نظر كل من الماركسية والتحليل النفسي معا والتعرف على جذورها. العقل الباطن رأسمالي,
The Capitalist Unconscious
Marx and Lacan
by Samo Tomš---------------ič---------------
https://www.versobooks.com/books/2014-the-capitalist-unconscious
وهذه معضلة لم توليها الحركة الشيوعية ادنى اهتمام, وهذا هو سر فشلها, الى حد كببر, الآن وسابقا, رغم اهمية معالجتها ألاستثنائية وخصوصا في زمن العولمة. العقل الباطن, بعرف المحلل النفسي كارل بونغ, جماعي ولا تقيده الحدود الجغرافية للدول والمجتمعات.
Understanding the Collective Unconscious
https://www.verywellmind.com/what-is-the-collective-unconscious-2671571
لذا ان قيام نظام اشتراكي في دولة واحدة لا يعني اختفاء عصاب الرغبة أوتوماتيكيا. عصاب الرغبة في هذه الدولة الاشتراكية, بالعكس, قد يتعمق بسبب أمكانية المقارنة مع واقع خارج هذه الدولة لصالح إحلال او تكريس الرغبة كهدف في العقل الباطن حتى لدى افراد الحزب الشيوعي. وايمان أفراد الحزب بالماركسية لن يشكل حصانة دفاعية تحول دون وقوعهم ضحايا لعصاب الرغبة. انهم سيكونون شيوعيين في الظاهر ورأسماليين في الواقع او هرماناطيقيا. شيوعيتهم لم تكن تهدف الى إزالة الرغبة كعصاب. انها كانت تعني فقط, او في الأعم الأغلب, بتحقيق رغبة من نوع آخر. اسم الرغبة او هدفها ففط هو ما يتغير. اسمها الآن هو الشيوعية وهدفها السلطة. مثال من نوع آخر يسجل نفس النقطة: هدف السلطة لدى حكام عراق الاحتلال, وبضمنهم شيوعيي السلطة, هو نفسه لدى صدام من قبلهم. والرغبة هنا هي عصاب اوديبي- قتل الاب والاستحواذ على سلطته. لذا ان الاحتلال لم يغير شيئا سوى الوجوه.

استخدم هؤلاء الشيوعيون السلطة لتحقيق الرغبة وليس في محوها. ولذا فشلت شيوعية هؤلاء وتحولت الى أداة لتحقيق الرغبة في السلطة. لقد فشلت تجربة الاتحاد السوفيتي كواقع امبربقي , ليس بحل نفسه, بل لفشله في علاج عصاب الرغبة او بتكريسه لها بمسمى آخر!

يقول احد افراد سلالة الحضارة الهندية, كنقيض لعصاب الرغبة, التي دمرها المستعمر الأوربي لإشعال جحيم الرغبة (الرأسمالية):
What is poison?
anything beyond what we need is poison. It can be power, laziness, food, ego, ambition, vanity, fear, anger,´-or-whatever.
"ما هو السم؟
أي شيء يتجاوز ما نحتاجه هو سم. يمكن أن تكون القوة، أو الكسل، أو الطعام، أو الأنا، أو الطموح، أو الغرور، أو الخوف، أو الغضب، أو أي شيء آخر."
https://www.facebook.com/photo?fbid=223357822892309&set=gm.1433891650320574

لذا ترفع الشيوعية شعار -لكل لكل حسب حاجته-, وليس -لكل حسب رغبته-!

الماركسية لا يمكن لها سوى ان تكون علما انسانيا هرماناطيقيا, وليس علما طبيعيا. لأنه بخلاف ذلك فإنها ستنصاع قسرا لخطاب عصاب الرغبة (الرأسمالية) الجهنمي, كما يتجسد الآن في الكارثة البيئية التي تهدد بفناء البشر ومحو كوكبنا!

الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية السابقة انهارت ولم يهب عشرات الملايين من شيوعييها للدفاع عنها. السبب لأن شيوعيتهم ووجودهم في دول اشتراكية لم يحولا دون إصابتهم بعصاب الرغبة. والمرض كان كامنا في الداخل اكثر منه في الخارج!
يتبع



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راهنية لينين!
- تشويه سمعة الاتحاد السوفيتي وطنطنة عبد الفتاح القصري!
- الماركسية كعلم 4
- بابلو بيكاسو: لماذا اصبحت شيوعيا؟
- تراجع الدعم لإسرائيل داخل الولايات المتحدة!
- اكاديميون يهود يضعون تعريفا مغايرا لمعاداة السامية!
- -الديمقراطية اليهودية- قتلت حل الدولتين!
- هل كان أينشتاين معاديًا للسامية؟
- الماركسية كعلم 3
- العراقيون المتأمركون والتحف الفخارية (الثمينة)!
- (لا) شيوعية تقتل الاب (الوضيع) ماركس!
- إِرْث إنجلز: منع الحرب وايقاف الهمجية الرأسمالية!
- يكرهون بيرينتي ونوا noir فيلتقمهم الظل ويتغوطهم
- زيارة البابا للعراق و (جنة) رأسمالية سويسرا (الحالية او المع ...
- الشيوعية والفاشية والافلام الاباحية!
- الماركسية كعلم 2
- من المسؤول: الماركسيون (العراقيون) ام نيوليبراليو الاحتلال!؟
- الماركسية كعلم 1
- -الرئيس مادورو , هل انت مع العمال أم مع الرأسماليين؟-
- ماكسيم رودنسون مؤرخً ثوريً للعالم الإسلامي


المزيد.....




- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 552
- النظام يواصل خنق التضامن مع فلسطين.. ندين اعتقال الناشطات وا ...
- الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا ...
- بيان مركز حقوق الأنسان في أمريكا الشمالية بشأن تدهور حقوق ال ...
- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال الربيعي - الماركسية كعلم 5