اضطرابات خفيه للشخصية النرجسية

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 6872 - 2021 / 4 / 18 - 21:52
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

يعاني الكثيرون من أثار الشخصية النرجسية في الحياة والعمل ، وتكون المعاناة في أقسى صورها عندما يجتمع شخص نرجسي مع زملاء العمل في مكتب واحد أو تحت سقف واحد ، حيث تفرض الأجواء نفسها ويضطر الإنسان السوري أن يبذل جهدا مضاعفا لاستيعاب الشخص النرجسي والتغلب على العقبات والصعوبات التي يختلقها أمام الزملاء أو شريك الحياة .
يذكر الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) بالضبط نفس المعايير التسعة لاضطراب الشخصية النرجسية (NPD) تماما كما وردت في الإصدار السابق. لذا فإن هذه المقاييس التشخيصية الطويلة الأمد أصبحت الآن مألوفة تمامًا - ليس فقط للمهنيين ولكن للأشخاص العاديين المهتمين أيضًا. ونظرًا لأن النرجسي المتطرف أو "الكلاسيكي" هو الوحيد الذي يحقق كل هذه المعايير ، فإن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية يشدد على أن الفرد يحتاج فقط إلى توافر خمسة شروط فيه(أكثر من النصف بالكاد) لتبرير تسميته بالنرجسية .
في البداية ، سنكرر هذه المعايير المذكورة في الدليل - قبل إضافة ستة معايير مهمة خفية يعرفها القليلون ، والتي إما أن تكمل أو توسع هذه المعايير "الرسمية" المعترف بها . لا تستند المعايير الخفية لتحديد النرجسيين المرضيين فقط إلى قراءةالكتابات الضخمة حول اضطراب الشخصية هذا ، ولكن أيضًا على أكثر من 30 عامًا من الخبرة العملية في الحياة ، ومن خلال قراءتي للأدب وعشرتي مع بعض النرجسيين،بما في ذلك العلاقات الشخصية والزملاء والعائلة مع هؤلاء الأفرادالمزعجين. ولكنه ينطوي أيضًا على العمل بشكل مستقل مع أولئك المتورطين مع النرجسيين - الأطفال أو الأزواج أو الآباء أو الأصدقاء أو شركاء العمل - الذين يعبرون مرارًا عن إحباطهم من التعامل مع النرجسيين .
يورد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية المتطلبات التي تساعد في تشخيص اضطراب الشخصية النرجسية وهي :
1. لديه شعور كبير بأهمية الذات.
2. منشغل بأوهام النجاح اللامحدود ، أو القوة ، أو التألق ، أو الجمال ، أو الحب المثالي.
3. يعتقد أنه أو أنها "خاصة" وفريدة من نوعها ولا يمكن فهمها إلا من قبل الأشخاص (أو المؤسسات) الخاصة أو ذات المكانة العالية أو التي يجب عليه/ها الارتباط به/ها.
4. يتطلب إعجابًا مفرطًا ويصطاد الزملاء بانتظام من أجل الإطراء ، وهو شديد التأثر بالإطراء.
5. لديه شعور بأنه مظلوم ويستحق الكثير.
6. استغلالي بين الأشخاص.
7. يفتقر إلى التعاطف : وهو غير راغب بل غير قادر على التعرف على مشاعر واحتياجات الآخرين أو التعرف عليها.
8. غالبًا ما يحسد الآخرين أو يعتقد أن الآخرين يغارون منه أو منها.
9. يُظهر سلوكيات أو مواقف متعجرفة ومتعجرفة ووقحة ومسيئة.

ما الذي تركه النرجسي للأخرين ؟
في الواقع ، لم يترك إلا القليل . وليس هناك أدنى شك في أن المعالجين الآخرين يمكنهم إضافة المزيد إلى الخصائص الست الإضافية التي سنقدمها هنا على الرغم من أنها للأسف تم تقليل أهميتها أو حذفها من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية ، فقد ظهرت بشكل روتيني في سلوك العديد من النرجسيين المختلين وظيفيًا الذين عملنا معهم في الحياة العامة مثل :
1. يتفاعلون بشدة مع النقدأو أي شيء يفترضونه أو يفسروه على أنه تقييم سلبي لشخصيتهم أو أدائهم. هذا هو السبب في أنه إذا طُرح عليهم سؤال قد يجبرهم على الاعتراف ببعض الضعف أو النقص أو اللوم ، فإنهم يقومونبتزوير الأدلة والحقائق وممارسة الكذب.
2. تدني مستوى احترام الذات . هذا الجانب من نفسيتهم معقد لأنه ظاهريًا يظهر أن احترامهم لذاتهم أعلى وأكثر ثقة من مجرد احترام أي شخص آخر. بالإضافة إلى ذلك ، ونظرًا "لقيادتهم" المعتادة ، فليس من غير المألوف بالنسبة لهم أن يترقبوا مناصب في السلطة و إذا فحصنا ما هو تحت سطح هذه المكانة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية المرتفعة - أو إنجازاتهم بشكل عام - فيمكن استنتاجأنهم يعانون درجة من انعدام الأمن إلى حد كبير تتجاوز أي شيء قد يكونون على استعداد للإقرار به.
3. يمكن أن يكون النرجسي دفاعي بشكل مفرط. ويحتاج إلى الكثير لحماية الأنا المتضخمة و الهشة في وقت واحد .إن نظامه الدفاعي دائم اليقظة وينطلق تلقائيا وبسهولة . يتفاعل النرجسي مع النقد بحدة ويرى أنه يشكك في كفاءتهم ويمكن أن ينشط لديه آليات الحماية الذاتية القوية. وقد يفسر ذلك سبب بقائه في حالة صراع دائم مع المحيط ، ويبحث عن خصم يتغذون عليه في حال عدم وجود خصم .
4. الرد على الآراء المخالفة بالغضب . في الواقع ، هذه الخاصية شائعة جدًا لدى النرجسي لدرجة أننا نستغربلماذا لم يشر الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات إليها تحديدًا من بين معاييرها التسعة. لاحظ الكتاب مرارًا وتكرارًا أن نوبات الغضب تكاد تكون جوهرية لكل من اضطرابات الشخصية النرجسية والحدية. وعلى الرغم من أنها (على عكس الحدية) ليست مخاوف معينة من الهجر تسبب ما يسمى بـ "الغضب النرجسي" ، فإن كلا اضطراب الشخصية، النرجسية والحدية، يتفاعلان عمومًا مع المشاعر الساخنة عندما يقترب الآخرون من أعمق حالات انعدام الأمن لديه.
5. رفض صفات وسمات وسلوكيات الآخرين التي لا يستطيعون - أو لا يقبلونها - في أنفسهم. نظرًا لأنهم مضطرون من أعماقهم لإخفاء أوجه القصور أو نقاط الضعف في صورتهم الذاتية ، فإنهم عادةً ما يعيدون توجيه أي تقييم غير مواتٍ لأنفسهم إلى الخارج ، ويثقون دون وعي في أن القيام بذلك سيبعد إلى الأبد شكوكهم العميقة حول أنفسهم. قد يكون الاقتراب من الاضطرار لمواجهة الظلام في أعماق قلوبهم أمرًا مخيفًا للغاية لأن مواردهم العاطفية ضحلة . ومن المتفق عليه أن النرجسي يعاني من نقص أساس في البصيرة الذاتية و يمكن اعتبار دفاعاتهم الصارمة التي لا تتزعزع على أنها تحدد شخصيتهم الكاملة بشكل أو بآخر . وهذا هو السبب في أن إحدى أكثر الطرق التي يمكن الاعتماد عليها للشعور بالرضا عن أنفسهم - و "الأمان" في العالم الذي يُبعدون عنه بشكل أساسي - هي رفض الآخرين أو التقليل من قيمتهم أو تشويه سمعتهم. ويركزون على اظهار عيوب الآخرين (سواء كانت موجودة بالفعل أم لا) بدلاً من الاعتراف بعيوبهم الذاتية والتصالح معها.
6. ضعف الحدود الشخصية. قيل عن النرجسيين أنهم لا يستطيعون معرفة أين ينتهون في علاقاتهم ويبدأ الشخص الآخر ، فهم يمونون أنفسهم على رفاقهم ولكن يرفضون أن يمون عليهم أحد ، بكلمات أخرى أكثر وضوحا ( ما يمتلكون لهم وما يمتلكه الأخرون لهم أيضا) . وينظرون إلى الآخرين دون وعي على أنهم "امتدادات" لأنفسهم ، فهم يعتبرونهم موجودين في المقام الأول لخدمة احتياجاتهم الخاصة - تمامًا كما يضعون احتياجاتهم بشكل روتيني قبل احتياجات أي شخص آخر (وفي كثير من الأحيان ، حتى أطفالهم). وحتى أبعد من ذلك ، فإن حدودهم التي يسهل اختراقها ومهاراتهم الشخصية المتطورة بشكل غير متساوٍ قد تدفعهم إلى السيطرة بشكل غير لائق على المحادثات ومشاركة تفاصيل حميمة مع الآخرين عن حياتهم في أسلوب مكيافياي لاستدراج الآخرين للبوح.
هذه التوصيفات الإضافية للنرجسي المرضي قليلة الوضوح في السلوك وهي مفيدة في تمكين القارئ في التعرف على هذا الورم الخبيث والتعامل معه بعقلانية لأنه يسبب الكثير من الألم والضيق للمحيط كما يسبب الفوضى في الحياة .

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل