أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - في رسالة رئيس الجمهورية -قيس سعيد- إلى -الغنوشي-














المزيد.....

في رسالة رئيس الجمهورية -قيس سعيد- إلى -الغنوشي-


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 6860 - 2021 / 4 / 5 - 17:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن اعتبار رسالة رئيس الجمهورية التونسي " قيس سعيد" إلى رئيس البرلمان "راشد الغنوشي"، رسالة تاريخية، باعتبارها قد سجلت موقـفا جديدا في التعامل السياسي من شأنه أن يكون منعطفا تاريخيا له تداعيات مستـقبلية كبرى ومتعددة.. إنها في جوهرها قد سجلت من أعلى هرم السلطة أن الممارسة السياسية يجب أن تكون أخلاقية بالفعل، ونبيلة بالفعل ومتمثلة بالفعل لروح الدستور والقوانين والدولة، وفي نفس الوقت فهي قد سجلت ضربا للممارسة السياسية كمطامع وتـفاهمات على حساب الدولة والشعب والأخلاق. إنها قطع مع سياسة الفهلوة وتأسيس للسياسة النبيلة، وبذلك فقد أكد "قيس سعيد" مرة أخرى تمثيله للقاعدة الشعبية الواسعة التي انتخبته والتي مثلت سبعون في المائة من عدد الناخبين، كما أن نسبتهم هي ضعف نسبة الأصوات المتحصل عليها البرلمان بجملته في انتخابات أكتوبر ـ نوفمبر 2019..
فقد أكد رئيس الجمهورية تساويه الكامل مع مفهوم الدولة باعتبارها تجسيدا للروح المطلق وفق المفهوم الهيغلي، وهي هنا بما تمثله وتجسده من معطى روحي أخلاقي قوامه الصدق والمصداقية مع القانون كتعبير عن المصلحة العامة والتـقيد بتلك القيمة في الممارسة. مقابل ذلك فالرسالة موجهة إلى رئيس البرلمان راشد الغنوشي وهو رئيس حركة النهضة الإسلامية في نفس الوقت بما يمثله من انفصال عن مفهوم الدولة ولامساواته معها واعتبار الدولة مجرد وسيلة لتحـقيق المصالح الحزبـية أو الطائـفية أو الشخصية الضيقة وعلى حساب الدولة وروح القوانين ضاربا بذلك الجانب الأخلاقي والقيمي..
فهذه الرسالة تـنـدرج في إطار مسار من الصراع بين الرجلين وهذا الصراع حدده قيس سعيد بكل وضوح في رسالته الأخيرة والتي موضوعها مشروع قانون إنـشاء المحكمة الدستورية، هو الصراع بين السياسي الفاسد الذي يضرب مقولة الدولة ويضرب أخلاق المصداقية والصدق وأصبح مجسدا كصنم يمثل عدم الالتـزام بما يعد وبما يقول بل الانقلاب الشامل على كلماته، وهو في ذاته ما يعبر عن موقف من الكلام باعتباره مجرد وسيلة للحصول على منفعة سياسية وليس الكلام كتعبير صادق عن الذات وعن القيمة والمثال، وبين الموقف الأخلاقي الصارم لقيس سعيد في اعتبار السياسة نبل ورسالة أخلاقية وفعل أخلاقي والتزام أمام الله والشعب والتاريخ، وبالتالي اعتبار الكلمة حاملا للروح و وجودا فعليا للروح في العالم..
وان رفض سيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد ختم مشروع قانون إحداث المحكمة الدستورية باعتباره مشروعا منافيا لدستور 2014، الذي نص على إحداث المحكمة الدستورية في فترة لا تتجاوز العام من تاريخ الانتخابات البرلمانية لسنة 2014، ولم يقع إحداثها في حينها نظرا للحسابات السياسية الضيقة من طرف حزب نداء تونس الاغلبي حينها وحركة النهضة حينها برغم تحالفهما في تكوين ما سمي بالتوافق. ولكن هذا الموقف لا يعبر عن تمسك حرفي بنص الدستور، فإذا تـقاعس برلمان 2014، فهل يعني ذلك عدم إنشاء محكمة دستورية بالمرة وهي المنصوص عليها في الدستور؟
طبعا فرئيس الجمهورية لا يقصد ذلك وإنما حدد الموقف السياسي بكل وضوح، والمتمثل في رفضه أن يتم إحداثها من قبل سياسيين فاسدين ومرتـشين وملاحقين بقضايا ويستعملون أجهزة الدولة لتحقيق أغراضهم على حساب الشعب والأخلاق والعدالة الربانية والإنسانية. فمعلوم أن التـسرع من قبل حركة النهضة وحلفائها لانجاز مشروع قانون المحكمة الدستورية اليوم هو في إطار كبح رئيس الجمهورية على خلفية رفضه للتعديل الحكومي الذي دبر بليل والذي كان نتيجة انقلاب رئيس الحكومة "هشام المشيشي" على رئيس الجمهورية الذي كلفه بإنشاء الحكومة الثانية، وغاية المشيشي هي المحافظة على منصبه نظرا لتهديد حركة النهضة وحلفائها من منظومة الفساد السياسي وفق تحديد "قيس سعيد" في رسالته، بإسقاط حكومته إن لم يرضخ للتعديل وخاصة في وزارتي العدل والداخلية على اثر الملفات الكبرى التي تهددهم، وعلى اثر القبض على "نبيل القروي " رئيس الحزب الثاني في البرلمان بتهم الفساد، وقول وزير الداخلية آنذاك وهو رجل الرئيس قيس سعيد بأن هناك حيتان كبرى سيتم القبض عليها،ولكن تمت المسارعة بإقالته والمسارعة بإحداث تعديل حكومي وفق رغبة ومصلحة الغنوشي وحلفائه المتـنافية مع المحاربة الفعلية للفساد والمتـنافية مع القبض على الحيتان الكبيرة، وبالتالي فهي معركة ليست سياسية يخوضها تحالف الفساد وإنما هي معركة مجرمين ضد الدولة والشعب.. هذا ما حدده بكل وضوح سيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد في هذه الرسالة..
إنها رسالة مكتوبة بالخط المغربي الذي هو مستمد من الخط الكوفي، ورسالة حافظت على الشكل الرسمي المهيب الذي كان لرسائل الملوك والسلاطين، كتعبير عن تمثيلها شكليا للدولة، وتعبيرها عن مهابة الكلمة كسلطة ومهابتها كعدالة ومثال. ولكن الأهم هو تمثيلها للدولة في مضمونها الأخلاقي والقيمي. تعبير عن الدولة كروح مطلق يمثل عقل الشعب. فحين نـتحدث عن الدولة فإننا نتحدث عن معطى أخلاقي قيمي، وفي هذا الإطار قام رئيس الجمهورية قيس سعيد، بانعطافة تاريخية هامة تمثلت بالأساس وفي جوهرها بتسجيل موقـف جديد من العمل السياسي كعمل أخلاق قيمي، وهو بذلك قد ضرب السياسة كمفاهيم براغماتية وتحيل وحيلة وزوغان ومخاتلة وتـزيـيف للإرادة العامة. ضرب السياسة كاستعمال للدين والله ومجمل القيم لأجل المنافع السياسية الخاصة والضيقة. ضرب قيس سعيد السلطة باعتبارها لصوصية والسلطة باعتبارها لا مبدئية وميكيافيلية.. وانه لعمري ضرب لمنطق السياسة العربية لقرون. فالحاكم الذي يمثل الشعب هو المتواضع والذي لا يتردد ولا يرتعش ولا يخاف في خدمة الشعب، بل التماهي مع الشعب كروح وقيم أخلاقية وصدقية..
انه كذلك وخاصة في ختام رسالته بإطلاق صيغة التحية للغنوشي بالقول "السلام على من اتبع الهدى"، فإنه يؤكد الفصل التام للمبعوث إليه عن الأخلاقية والهداية إلى الله، كما أنه من الممكن أراد أن يقول أن الغنوشي ليس مسلما باعتبار الإسلام الفعلي هو تمثل إرادة الحق، وكأنه هنا يريد القول أن الإسلام السياسي والإخوان المسلمين غير مسلمين..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجاب والاسلام
- المدينة العريانة
- الصداقة والصندوق
- حديث في الثورة التونسية
- التنين
- تخوم الضياع العربي
- في كتاب دولة الإرهاب
- في إعترافات -جان جاك روسو-
- تونس اليوم بين المواجهة والنكوص
- الإنسان بين ضآلته وكونيته
- هل المسلمون مسلمون بالفعل؟
- مائة عام من العزلة
- تونس البورقيبية اليوم
- برج الأحلام
- بحيرة البجع 3
- بحيرة البجع 2
- بحيرة البجع
- الفتنة أو إشكالية الإسلام برمته
- صفـقـة القرن أم مظـلمته
- في ارتداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - في رسالة رئيس الجمهورية -قيس سعيد- إلى -الغنوشي-