أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - بحيرة البجع














المزيد.....

بحيرة البجع


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 6521 - 2020 / 3 / 23 - 01:30
المحور: الادب والفن
    


كنت على حدود غيبوبة الوعي، أعاني من اهتمامي بالأفكار والحقيقة. ذاك العالم الذي كان يتمثل لي أرواحا تجذبني بخيط من اللذة والغبطة التي تبزغ في قلبي. كان عالما كل ما فيه جميلا محملا بعبق البدايات الساحر، بالبراءة التي لازالت تـفـوح من السماء. كنت ساعتها في بداية طريق تكون ما يُسمى المثـقـف. بدأ العالم يزدوج بين عالم الظاهر وعالم المتخفي، ولكن بسحر عظيم للمتخفي المتسامي المراوغ.
كنت على حدود الغيـبوبة أسير هائما، أبحث عن شيء ما دونما أن أدركه تحديدا. الأجواء باردة والشمس مشرقة، والمدينة كأنها أنثى متبرجة بعد أيام متـتاليات من مطر وسحب ورياح. انـقـشع كل ذلك، وكنت من بين الخارجين للعب كالأطفال أو الزهو باشراقة الشمس. لكن ليس ذلك فقط. لم أتصل بأي من أصدقائي وإنما سرت هائما. عبرت الجسر وماء النهر يجري بخريره الممتع. مشيت كثيرا ثم استـقليت سيارة أجرة وتوقـفت عند حدود ما يمكنني أن أدفع من مال. استأنفت مشيي في طريق جميل هادئ تحيطه الأعشاب والأشجار، مجانب لمجرى النهر. مازلت إلى اليوم أسمي تلك المنطقة ببحيرة البجع عنوان تلك السمفونية الرائعة للموسيقار الروسي "تشايكوفسكي". إلى هناك قادتـني الأقـدار إلى قيامتي، ثورتي، اندفاعي..
كانت هناك لوحدها، لوحدنا. غطت رأسها بقبعة من الفرو سوداء اللون وشعرها يتدلى من أطرافها. جالسة على مقعـد خـشبي طويل من تلك المقاعـد المتـناثرة على طول هذا الطريق النهري الجميل. كان مخصصا لهواة ممارسة رياضة الهرولة وبين الحين والآخر تجد أحدهم أو إحداهن بدراجة هوائية. بين يديها كتاب جميل وعلى غلافه صورة رجل في غاية الوسامة والجمال. هنا تـشابكت في داخلي عدة مشاعر أو أفكار. كتاب وهو في ذاته يتصل بي لأني من عشاق الكتب، وبالتالي فهو يشكل عنصر ارتباط معها. أنثى أنيقة وجميلة تـثير إحساس الإعجاب. ثم نظرتها والتـقائي بعينيها في نظرة مروعة بحق. نظرة اختطاف ساحرة. نظرة عجيـبة هزت كياني. نظرة مشعة ذات عذوبة خارقة، جعلتـني أرتجف، ولأول مرة في حياتي ترتعش ركبتاي وكأن جسدي قد أحسست بثـقـله وتـثاقـله.كأن تلك النظرة أوقـدت رغبة في التخلص من ثـقـل الجسد الذي بدا ساعتها برغم كوني نحيف.
هي كذلك تـفاجأت. لاحظت ذلك من خلال الذهول الذي انتابها هي بدورها. ثم ماذا بعد؟
الارتباك. قلت :
ـ أنا أحب الكتب كذلك. الصورة على غلاف الكتاب جميلة. من هو؟..
قالت:
ـ أرنستو تشي غيفارا. المسيح الجديد..
عالم جديد. كأنها نزلت من السماء لتخطفني. الملائكة يهربون من ضجيج المدن. يا لسحرها، هي و "غيفارا" النائم بين راحتي يديها الدافئـتين الرقيقتـين...
كان ذاك الوجه الذي بين يديها في حقيقة الأمر يسبح في السماء كالأنبياء. إنه ذاك الثوري الأسطوري الذي نجح صحبة رفيقه "فيديل كاسترو" في القيام بثورة على الدكتاتور العسكري "باتيستا" ممثل الامبريالية الأمريكية ومصالحها في كوبا. تلك المصالح المترافقة مع التـفـقير والتجهيل والاستعباد والقمع للشعـوب. نجحت الثورة وأصبح الرجل الثاني في الدولة الجديدة واضطلع بالبناء الاشتراكي الجديد، وناضل لأجل الحفاظ على الطهورية الثورية في الدولة الجديدة، ثم ضاقت روحه من السلطة، لأنها أكبر من أن تحاصرها جدران الوزارات. نـزل من جـديد إلى الأرض ليشعلها ثورة عالمية دائمة لأجل الاشتراكية وتحرير الشعوب من الظلم والاهانة والامساواة. نزل إلى الأرض ليرتـفع نجما في السماء..
مُذهل. الثورة. السلطة. الثورة من جديد. بصوتها وسحر حضورها الملائكي..الثورة حصلت بالفعل في داخلي. أصبحت أنا تلك اللحظة. ذاك الآن الذي تأبد في أعماقي كبؤرة مشعة بسحر خالد.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتنة أو إشكالية الإسلام برمته
- صفـقـة القرن أم مظـلمته
- في ارتداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية
- الإنهمام بالذات
- إغتصاب
- العراقي الجبار
- في إمكانية ثورية الانتفاضة في العراق ولبنان
- -الشعب يريد- تسحق أعداء الثورة بانتخاب -قيس سعيد-
- -الشعب يُريد- وغاية التاريخ
- شارع الحرية 21
- شارع الحرية 20
- شارع الحرية 19
- شارع الحرية 18
- شارع الحرية 17
- شارع الحرية 16
- شارع الحرية 15
- شارع الحرية 14
- شارع الحرية 13
- شارع الحرية 12
- شارع الحرية 11


المزيد.....




- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...
- بوليود بين السينما والدعاية.. انتقادات لـ-سباق- إنتاج أفلام ...
- الغيتار تحوّل إلى حقيبة: ليندسي لوهان تعيد إحياء إطلالتها ال ...
- سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - بحيرة البجع