أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - صفـقـة القرن أم مظـلمته














المزيد.....

صفـقـة القرن أم مظـلمته


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 6482 - 2020 / 2 / 4 - 02:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العالم الإنساني المتكلم، يضج بتعبيرات تبدو في ظاهرها جميلة وخيرة، ولكنها تـستـبطن شرا في جوفها. ذاك أن أي مفهوم هو نسبي، ويتحدد معناه وفق نظرة أشمل منه. فمثلا كلمة "السلام"، لن تجد أروع منها في المطلق، ولكنها في سياقاتها الواقعية قد تعني الجبن والخنوع وعدم رفع التحديات الضرورية، إضافة إلى أن مدلولها يختلف طبق سياقات استعمالاتها، بحيث أن مسألة السلم والحرب، هي ليست ذات معنى عسكري تحديدا، بل ذات معنى سياسي بحيث قـد تـقوم بالحرب السياسية ولكن بأساليب سلمية من حيث عدم اللجوء إلى ربط المعركة بمضمونها العسكري أو العنف المادي، ولكنها تكتسي من حيث سياقـاتها النضالية والتحشيدية واللغوية والخطابية وتـنويع الاختيارات الممكنة والتـقرير المبدئي باستعمال جميع الإمكانات المتاحة بما فيها الرمزية والثـقافية والاقتصادية، نقول أنها تكتسي عنفا قائما على عنصر قوة هي قوة الحقيقة بمثل ما هي قوة صناعة الحقيقة.
حينما طرح الرئيس الأمريكي "ترامب" مبادرته للسلام التي أطلق عليها اسم "صفـقة القرن"، فإنها تحتوي تسويقا لغويا هو مبادرة سلام. إنها مبادرة ضرب للشرعية الدولية أولا حسب القرارات الأممية التي تـنص على انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتـلتها سنة 1967، أي الضفة الغربية وقطاع غزة الذي انسحبت منه تحت ضربات المقاومة الفلسطينية المسلحة وليس احتراما للقرارات الأممية.. على كل كانت المواقف العربية من هذه المبادرة غير رافضة باستـثـناء القيادة الاردنية و القيادات الفلسطينية، و كذلك موقف الرئيس التونسي "قيس سعيد" في حوار صحفي تـلفـزي مساء الجمعة الموافق لـ 31 جانفي 2020، القائل بوضوح أنها مظلمة القرن وليست صفقة القرن، وان هناك قرارات الشرعية الدولية التي يتمسك بها كحل سلمي، وأن فلسطين ليست مجرد أراضي متـنازع عليها بل هي قضية شعب تحت الاحتلال، وبالتالي هي قضية حرية.
هذا الموقف من تونس التي لا تمتلك ترسانة عسكرية ولا تفكر بأي شكل من الأشكال في الصراع المسلح كطريق لنيل الحرية للشعب الفلسطيني، ويتضمن هذا الموقف قراءة كاملة للخور الكبير في الأساليب والعقليات السياسية فلسطينيا وعربيا والتي قادت إلى مثل هذا الاستهتار بالحق الفلسطيني والعربي.. هذا الموقف تعبير حر لرجل حر وصل إلى السلطة بحرية وبالتالي يعبر عن الحرية بما هي الموقف الشعبي الذي اختاره لتمثيله، ومسئوليته في تمثيل هذا الشعب الحر من رجل حر..إذن قوة الموقف متأسسة على قوة الحرية وقوة الحق الفلسطيني. وساهم هذا الموقف التونسي الواضح في تعديل البوصلة السياسية للدول العربية، بحيث رفضت هذه الصفقة.
صحيح أن الفاعل الأساسي هو القيادة الفلسطينية التي رفضت الصفقة بشكل مطلق وحاسم، بل قطعت جميع علاقاتها مع إسرائيل وأمريكا وتهدد بفك ارتباطها باتـفاقية أوسلو ومخرجاتها، ولكن الموقف التونسي الواضح من خلال رئيس الجمهورية، مثل دعما قويا للموقف الفلسطيني على المستوى العربي، والآن فالمبادرة الترامبوية سقطت، ونرجو أن تسقط بالكامل وهذا رهين سياسات فلسطينية وعربية جديدة، تـنـتـقل إلى التخطيط العقلاني والخروج من دائرة رد الفعل إلى الفعل السياسي المتـنوع الذي يمرر رسالة واضحة في التضامن العربي. رسالة واقعية فعلية وليس مجرد كلمات جوفاء..
فصفقة القرن الأمريكية الامبريالية، أو مظلمة القرن وفق سياق التحرر الفلسطيني والعربي، لها مزية واحدة وهي في كونها أزاحت تلك الغيوم من الكلمات حول التسامح والسلم الأمريكي الإسرائيلي. إنها قد أعلنت ولادة مرحلة جديدة فيما يخص قضية التحرر الفلسطيني، الذي هو جوهر التحرر العربي. إنها على نحو ما قال الفيلسوف الفرنسي "جان بول سارتر" في كتابه "الوجود والعدم":
" .. وأن نقيم التسامح حول الغير يعني أن نـقـذف هذا الغير بالقوة وسط عالم متسامح، وأن نحرمه من حيث المبدأ طاقـته الحرة على المقاومة الشجاعة والصمود وتوكيد الذات، هذه الطاقة التي كانت ستُـتاح له تـنميتها في عالم غير متسامح."...



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ارتداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية
- الإنهمام بالذات
- إغتصاب
- العراقي الجبار
- في إمكانية ثورية الانتفاضة في العراق ولبنان
- -الشعب يريد- تسحق أعداء الثورة بانتخاب -قيس سعيد-
- -الشعب يُريد- وغاية التاريخ
- شارع الحرية 21
- شارع الحرية 20
- شارع الحرية 19
- شارع الحرية 18
- شارع الحرية 17
- شارع الحرية 16
- شارع الحرية 15
- شارع الحرية 14
- شارع الحرية 13
- شارع الحرية 12
- شارع الحرية 11
- شارع الحرية 10
- شارع الحرية 9


المزيد.....




- الجيش الأردني يصدر بيانا عن مسيرة محملة بالمتفجرات سقطت في م ...
- دبلوماسيون: محادثات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة وسط ت ...
- ترامب يلوّح بالقوة ونتنياهو يتحدث عن مفاجآت وشيكة... هل تقتر ...
- تخفيف الرقابة على تأشيرة الدراسة للأجانب في الولايات المتحدة ...
- حين تصطدم إيران بإسرائيل، العالم يختار كلماته بعناية
- رضائي: نقلنا اليورانيوم المخصب إلى أماكن آمنة
- بيسكوف: بوتين يحافظ على اتصالات مع إيران وإسرائيل
- الإسعاف الإسرائيلي يكشف حصيلة القتلى والجرحى جراء الهجمات ال ...
- إيران تصدر تحذيرا لإخلاء مقر القناة -14- العبرية في تل أبيب ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر بيانا حول اليوم السابع من المواجهة مع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - صفـقـة القرن أم مظـلمته