أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم بن محمد شطورو - الحجاب والاسلام















المزيد.....

الحجاب والاسلام


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 6829 - 2021 / 3 / 2 - 04:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أصبح شائعا في العالم اليوم، اقتران الهوية الإسلامية بالمرأة المحجبة، وهو التوصيف الهووي الذي عمل على شيوعه الإسلام السياسي بمختلف ألوانه، أي الوهابي والأخواني والشيعي الخميني. وبالفعل فاليوم في أوربا أو روسيا أو أمريكا تجد الحجاب علامة على الهوية الإسلامية.
هذه الهوية التي تبدو كأنها هوية أبدية ثابتة لقرون من جهة ومن جهة أخرى تستبطن الحجاب كتميز إسلامي ذو دلالة على العفة والطهارة والنفس المؤمنة الراضية المرضية. وفي اللغة العربية العجيبة فكلمة المرضية إذا كانت الراء ساكنة فهي ذات دلالة ايجابية تـفيد الصحة النفسية وإذا كانت الراء ممتدة بفتحة فهي تغدو ذات دلالة سلبية تـفيد الاعتلال والمرض، ومن هنا فهل أن الحجاب كهوية إسلامية دلالة على الصحة أم المرض؟
فبالنسبة للمسلمين وغيرهم كثيرون، وبما أن الثـقافة السطحية هي التي تغطي الجموع، فإن الحجاب أو الخمار أو النقاب يتم اعتباره خاصية إسلامية وتميزا إسلاميا واستـفرادا إسلاميا بكل ما يمثله من نزعة خضوعية للمرأة تجاه الرجل، وبالتالي فالإسلام هو دين إهانة للمرأة ودين التميـيز السلبي لها تجاه الرجل، وبالتالي هو دين متوحش ودين المتوحشين وهو ما يغذي نرجسية الثـقافة الأوربية المعاصرة التي تغض النظر عن تاريخها.
وبرغم أن القرآن لم يحدد أي شكل في اللباس وخاصة ما يُعرف اليوم بالحجاب كلباس إسلامي بينما هو استـنساخ لحجاب الراهبات المسيحيات في الأديرة ولا علاقة له بالتراث العربي الإسلامي في اللباس، فإن التعامل بإيديولوجية ذكورية مع النص القرآني وتأويله في مصلحة تلك النظرة، إضافة إلى أن تلك النظرة الذكورية انتـقـلت إلى إيديولوجية سياسية واضحة المعالم في إرادة السلطة والثروة، فإنها دعمت النظرة التـقديسوية للحجاب بغض النظر عن النظر العلمي للقرآن وللتاريخ الإسلامي واختلافاته عبر مختلف العصور والبلدان، ففي النهاية لم يوجد قط على مدة أربعة عشر قرنا إسلاما واحدا على امتداد الرقعة الإسلامية. لكن، تجدر الإشارة بوضوح أن القرآن حتى في سياق التأويلات الذكورية له فإنه لم يجعل المرأة آثمة إن لم تتبع الوصايا الربانية فهو يعقب آياته دوما بالقول أن الله رحمان رحيم وليس أن لم تـفعلوا ذلك فالله شديد العقاب. أي أن جميع ما ورد بخصوص المرأة ورد إن صح التعبير بمنطق إرضاء العقلية الذكورية فقط وهي التي تسم ثـقافة العالم برمته حينها وليس الثـقافة العربية التي خاطبها القرآن أساسا. وبالتالي فحتى إن كان الحجاب فريضة إسلامية وفق التأويل الاسلاموي اليوم أو الأمس فانه بالمنطق الفقهي الإسلامي هو من باب الاستحباب وبالتالي فعدم ارتداء المسلمة للحجاب لا يُعد إثما كبيرا أو صغيرا..
لكن بالعودة إلى القرآن فأغلب ما ورد يهم نساء الرسول مثل الآية 33 من سورة الأحزاب التي تقول : "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا". فأهل البيت هم بيت الرسول. ورغم ذلك فعائشة زوجة الرسول لم تلتـزم بها بشكل واضح في حدث تاريخي معلوم وهو خروجها في معركة الجمل ضد علي ابن أبي طالب، وهذا الحدث التاريخي الذي لا ينكره أي مفسر إسلامي يخفي ورائه أمورا واقعية كثيرة تدل على انعدام العمل بالآية المذكورة وفق التفسيرات التي تجعلها ركيزة لسجن المرأة في البيت، هذا إذا أضفنا معطى أساسي وهو أن أغلب آيات القرآن لها أسباب نزول، وبالتالي فهذه الآية جاءت نتيجة حدث واقعي معين، كانوا يعلمونه حينها،ولكن بشكل عام فلم تكن النظرة إلى القرآن جزئية أي التعلق ببعضه دون كله، وكان التعامل مع الآيات القرآنية بأريحية كبرى لأنهم كانوا يفهمون جيدا كونه أساسا الإيمان بالله الواحد الأحد وليس التعلق ببعض الجزئيات هنا وهناك ناتجة عن أوضاع ووقائع كانوا يعلمونها. لكن من خلال هذا الحدث العام نستـنتج أن هذه الآية لم تطبق من عائشة وبالتالي لم تطبق بحذافيرها من جميع نساء الرسول سواء في حياته أو بعد مماته.. هذه الآية بنا عليها الفقه والواقع الإسلامي فيما بعد ثـقافة وتاريخ سجن المرأة في البيت في كثير من البلدان الإسلامية في عصور مختلفة خاصة في عصر الانحطاط العربي الإسلامي..
إضافة إلى ذلك فالرسول لم يكن مهتما بتحجب نسائه وإنما عمر ابن الخطاب كان هو الدافع إلى نزول آيات تحجب نساء رسول الله حسب ما ورد في صحيح البخاري القائل:
"حدثنا يحيى بن بكير ، قال حدثنا الليث ، قال حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة: أَنَّ أَزواج النبي صلعم كُن يخرجنَّ بالليل إِذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أَفيَّح فكان عمر يقول للنبي صلعم : احجب نسائَك ، فلم يكن رسول الله صلعم يفعل.! فخرجت سودة بنت زمعة ، زوج النبي صلعم ، ليلة من الليالي عِشاءً ، وكانت إِمرأة طويلة ، فناداها عمر : أَلا قد عرفناك ياسودة ، حِرصاً على أَن ينزل الحجاب ، فأَنزل الله آية الحِجاب."
يبدو ان عمر ابن الخطاب كان يمثل الثـقافة الذكورية السائدة وتأثيرها في النبي وفي القرآن حتى من باب محاولة احتوائها، ولكن المؤكد أن كل ما ورد كان بصيغة التوصية والاستحباب وان المخالفة لم يذكر أنها تُعد إثما، وإنما دوما تُرفق تلك الآيات بالتـذكير بالرحمة الإلهية، أي بالسماح بوجه من الوجوه..
ومن هنا، فإن المسألة لا تـتعلق بآية واحدة وإنما تتعلق بطريقة التـفكير أو إعادة بناء طريقة تـفكير جديدة تكون ذات مصداقية مع النفس المسلمة المتواجدة في هذا العصر ليخرج المسلم من ازدواجيته وفوضاه الفكرية وبالتالي الحياتية..
الثـقافة الإسلامية مشبعة بالمغالطات والجهل. ففيما يخص وضعية المرأة بشكل عام، والتي تم رفعها إلى درجة اعتبارها عنوانا للهوية الإسلامية بشكل عام يبعث على الغثيان. فهل هو تميز إسلامي تاريخيا أم هو تماشيا مع ثقافة عامة عربيا وعالميا؟ وإذا كان تماشيا مع ثـقافة عالمية فلماذا يتم اعتبار الحجاب عنوانا للهوية الإسلامية؟
يقول الدكتور المصري "إمام عبد الفتاح إمام" في كتابه "الفيلسوف المسيحي والمرأة":
" يروي المؤرخون أحداثا كثيرة تدل على الوضع المتدني للمرأة الرومانية ـ على الأقل في عصورها الأولى ـ فهذا زوج يطرد زوجته من بيته لأنه رآها تسير في الشارع دون خمار.."
" فرضت الشريعة اليهودية على الزوجة أن تغطي شعرها علامة على ملكية الزوج لها وعلى خضوعها وانقيادها وانكسار شوكتها، وذهب بعضهم إلى حد إرغامها على ستر جسدها بملاءة عدا ثـقبا واحدا تـنظر من خلاله لترى الطريق.. فالرجل اليهودي يصلي في صلاة الصبح داعيا وشاكرا الله بالقول: أحمدك يا رب أنك لم تخلقـني امرأة..".
القديس بولس الذي يُعتبر هو باني المسيحية الكنسية قال " فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده. أما المرأة فهي مجد الرجل.. لهذا ينبغي أن يكون لها سلطان على رأسها.. أيتها النساء اخضعن لرجالكن كما يليق بالعيشة في الرب. اخضعن لرجالكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة..".
فهل حجاب المرأة وخضوعها للرجل الذي يكون من باب العبادة للرب هو هوية إسلامية متميزة إذن؟
أليس ما يُدرج بكونه هوية إسلامية يبلغ مدى إثارته للغربـيـين في كونه يذكرهم بتاريخهم المظلم، تاريخ استعباد المرأة ولذلك يثيرهم الحجاب في كونه عنوان لتاريخ طويل من الاضطهاد للمرأة؟ ذاك التاريخ الطويل من الإظطهاد بجعله هوية إسلامية أليس حطا من الإسلام وتغطية على موقفه القرآني الفعلي من مسألة الحجاب بل حتى مسألة الجنس بشكل عم ومسألة مساواته الفعلية بين الرجل والمرأة بقوله مثلا "المؤمنين والمؤمنات"؟
الحقيقة أن الهوية الإسلامية مغالطة كبرى، فالإسلام دين وليس هوية وهو ثـقافة واسعة مشتملة على تـنوع كبير وليس هوية محددة. الحاصل هو الضياع الحضاري وضياع النحن العربي المتميز في عالم اليوم. ضياع العربي المقتدر والعربي الفاعل في التاريخ والعربي باعتبار الإسلام روح العروبة هو الضائع في هذا العصر وهو الذي لم يخلق نفسه في هذا العصر ولذلك يصنع لنفسه هوية زائفة، وهو بذلك يقوم بإخراج نفسه من التاريخ، ويجعل نفسه عنوانا لمظالم القرون الماضية عالميا، عوض أن يجعل من نفسه كينونة مستـنيرة عقلانية فاعلة في التاريخ ومقتدرة، مثل المسلمين الأوائل..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدينة العريانة
- الصداقة والصندوق
- حديث في الثورة التونسية
- التنين
- تخوم الضياع العربي
- في كتاب دولة الإرهاب
- في إعترافات -جان جاك روسو-
- تونس اليوم بين المواجهة والنكوص
- الإنسان بين ضآلته وكونيته
- هل المسلمون مسلمون بالفعل؟
- مائة عام من العزلة
- تونس البورقيبية اليوم
- برج الأحلام
- بحيرة البجع 3
- بحيرة البجع 2
- بحيرة البجع
- الفتنة أو إشكالية الإسلام برمته
- صفـقـة القرن أم مظـلمته
- في ارتداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية
- الإنهمام بالذات


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم بن محمد شطورو - الحجاب والاسلام