أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف الحسيني - إنه لا ينتهي.














المزيد.....

إنه لا ينتهي.


عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).


الحوار المتمدن-العدد: 6846 - 2021 / 3 / 20 - 13:05
المحور: الادب والفن
    


- أتلصّصُ عليه من درفة الباب أو ثقب المفتاح أو تشقّقات الباب الخشبيّ القديم .
- وضعية مقدّسة بالنسبة لي أن أرى امرءاً نائماً والكتابُ بينَ يديه أو على ركبتيه.
إنه لا ينتهي .

إنّه ليسَ كتاباً صعباً حتى لا ينتهي : تفكّكُ رموزَه و دلالات معانيه ,إنْ رأيته مرّة في الحياة - صدفةً - فسوف يرافقكَ طويلاً في الحياة .إنه كما الكثير : أسماؤهم تدلّ عليهم : أخلاقاً وسلوكاً ,فاسمُه علامة عليه وقد تبرّك باسمه كثيرون ، حين أسموا أبناءَهم باسمه محبّة به وبمصادقته وبسلوكه ,وقد ردّ عليهم الشيخُ جميلهم : أعطاهم أعزّ وأبهى ما يملكه : أعطاهم عمرَه .
كأنّه كتابٌ بمقدورك أنْ تؤجّله يوماً -ثلاثة - شهراً . لكن ليس بمقدورك أنْ تهمله .الحياة وحدها كفيلة لتكون قيّماً ولتجعله روحَها المتوثبة الخلاقة ولتؤكد أن الحياة ما كانت تسمّى لولا وجودُه العنيف فيها
ما أجمل الحياة!
و لأجل هذا فإحساسُه بالأشياء والقراءة والكلام و الألوان و الأشخاص و الأماكن "الأماكن القريبة بمتناول البصر واليد " مختلفٌ إلى درجة أنك تحسّ بهذه العلامات للمرّة الأولى , وكأنك تراها للمرة الأولى حين يتحدّث عنها هذا الشيخ أوحين يدلّك عليها , فعنده ليس لهذه العلامات بعدٌ أحاديّ بليد ,بل فيها أثنية قابلة للقراءة و الكلام عنها من جديد , وكلّ هامشي في الكلام و الأمكنة يحتاج إلى عوالمَ و قراءةٍ مناهضة لم نحسّ بها نحن , لم نعاينْها . مَن عاشرَه فترةً زمنية قصيرةً سوف لن يرى إلا و نظرتُه و كلامُه عن كل شيءٍ تفضي به إلى مسار أكثرَ عمقاً وبعداً .
من أين له هذا البعد الاجتماعي و الثقافي و النفسي ؟ وبما حوله ؟
لِمَ يُستشارُ به بهذه الكثافة ؟ يستشيره لا الأقربون منه وكفى ,بل الأبعدون عنه . ولِمَ يُؤخذ برأيه هو فقط ؟.
ألمْ يطرحْ أحدُهم على نفسه هذا السؤالَ ؟ وليكن هذا السائلُ صديقاً له أو غريباً عن المدينة دلّه البعضُ على الشيخ . وسوف لن يكونَ لأيٍّ كان ,ومَن كان جوابٌ وافٍ عن هذا الموضوع . ربما يكون عندي بعضُ جواب أو خيالُه : هو أنّ الشيخ -الآن-لا يرى أي شيء ٍ إلا إذا قرّب المنظورَ إلى عينيه ,إلا إذا اقتربَ هو منه اقتراباً شديداً حتى يرى ما لا يُرى ولو من بعيد , ما هو أمرّ : أنّ الشيخ مازال يقرأ , لكن بطريقةٍ غريبة : يضعُ مجهراً على الصفحة المقروءة حتى ترى عيناه ما هو مدوّن فيها .
أتذكره :
سوف أتذكّرُه الآن : قبل عشرين سنة كنتُ أفيقُ ليلاً أوبعدَ منتصف الليل فأرى ضوءَغرفته مشتعلاً ...شحيحاً.أقتربُ من غرفته ,
وأقول "غرفته "جدلاً ليس إلا ,لأنها ليستْ غرفة ولو بالمعنى الضيّق أيضاً . أتلصّصُ عليه من درفة الباب أو ثقب المفتاح أو تشقّقات الباب الخشبيّ القديم , أتفاجَأُ بالكتاب بين يديه ، وعيناه لا تفارق سطور الكتاب ,وأحياناً كنتُ أراه بهذه الوضعية ، وهو نائم " وضعية مقدّسة بالنسبة لي أن أرى امرءاً نائماً والكتابُ بينَ يديه أو على ركبتيه "وبعدَ أنْ وعيتُ وأدركتُ ، سألتُ عنه مستفسراً - مستوضحاً عن حالته القرائِيّة هذه , فوجِئتُ بالجواب : أمضى حياتَه كلها هكذا .فليكن للشيخ أعداء . أتخيّلُ الشيخَ وقد أباح العلم - النحو والصرف و العروض والفقه - ليكون بمتناول الجميع . وسوف لن يعرف حقّه الحقيقي إلا إذا غاب . لم أعرف حياةً جبارةً وقاتلة كمثل هذه الحياة التي تُلقي بقساوتها وقصديتها لا مرارتها وبؤسها فقط على مثل هذا الجليل الذي تُسوّى بينَ يديه أدهى المشاكل و أعقدها , وهو الذي يعاني منها : أهلاً وأبناءً ورؤيةً وقراءة وكتابة . لم أعرف إنساناً تحمّل كلّ ذاك . حُمّلَ عليه ما يُطيقُ وما لا يطيق إلا إذا وُجدَ إنسانٌ يملك خمسين رجلاً بداخله , ولو أني أدرك أن هذا الرجل الكثير... الخمسين لا يحتمل
ولهذا حين ترى الشيخ – وهو ثمانينيٌّ – تُعطيه عمراً أضعافَ ما هو عليه . فلتحّملْ أعباءُ الحياة والناس عليه ,ولتكن الحياةُ مشعّة - باهرةً ,وليكن الناسُ مترفين .. ضاحكين "وكان عليهم أن يبكوا " .
إنه كتابٌ تنتهي من قراءته لتبدأ بقراءته من جديد . هكذا أتخيّل الشيخ ,ولو أني أؤكّدُ ولا أتخيّلُ أو أحس ّ.
هل في الحياة مثله ؟.
عبداللطيف الحسيني.:شاعر سوري مقيم في مدينة هانوفر الألمانيّة.حيّةٌ لها .



#عبداللطيف_الحسيني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأم:
- أمَامَ امْرأةٍ.
- قراءةُ الوجوه.
- الفنانة سلمى عبدي.
- أيتها الصّداقةً ... وداعاً.
- كلب.
- العَرّاب.
- الجلوسُ على حافة الحياة ليلاً .
- البيت.
- المسيح.
- الغريب.
- كتابة الألم وألم الكتابة.
- أمكنة ٌلا أسماءَ لها.
- سفيرةُ الغِناء الكرديّ الأوبراليّ إلى العالم : مزكين طاهر
- فواز السّاجر.
- مقدمة كتاب في رثاء عامودا.
- أصواتُ فاوست.
- الصورةُ والآخر.
- ظلال الاسم الجريح.
- كَالْبَرْق .


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف الحسيني - إنه لا ينتهي.