انتصار رجل

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

الحوار المتمدن-العدد: 6845 - 2021 / 3 / 19 - 09:22
المحور: الادب والفن
    

الأمير سعدون هو ابن ملك الترياق، و ملك الترياق يقيم على أرض بني جلّة الذين كانت مهمة شعبها في الماضي هي صناعة الجلّة، الجلّة مكونة من روث البهائم يعجن ويصنع منه أقراص تخبأ للشتاء كي ستعمل للتدفئة . ليس عاراً أن تصنع النّساء الجلّة ، فهو عمل رسمي يعادل الدولار ، أي أن تلك التدفئة التي يتم الخبز عليها و استعمالها في الشتاء تكلّف الكثير من الدولارات إضافة إلى أنّ الجلّة صديقة البيئة.
استولى ملك الترياق على الأرض ، و الترياق هو بمفهوم أهل ديار الجلّة هو الحديث الملون ، كان ملك الترياق يتشدّق كثيراً ، لكنّه في الواقع جشع وطمّاع يستغل النساء كي يصنعن له مؤونة الجلّة ، كما أنّه طلب من ابنه سعدون أن يدفع ثمن طعامه ، فترك الأمير سعدون المكان ، و عن طريق الصدفة التقى بابنة ملك العشق ، وكانت الفتاة الجميلة قد سئمت من تصرفات والدها مع النساء، و تتعاطف مع والدتها التي تراها تهرب من والدها عندما يحمل عليها السكين مهدّداً ، وقرّرت أنّها سوف تتزوج كي تستطيع والدتها التحرر من المسؤولية .
يدّعي الأمير سعدون أنّه أحبّ قمر الزمان ابنة ملك العشق ، و اتفقا على الزواج ، أتت به إلى بيت والدها ، وعندما طلبها بدا مهذباً، وكلامه كالترياق، لكن والدها بحكم خبرته بالعالم السّفلي قال لها: " صحيح أن والده ملك ، لكنهم كعائلة متخلفون . اطرديه" لكن والدتها كانت حريصة على عدم فعل ذلك، وجاملت والدها حيث غضت الطرف عن أفعاله و أعطته ثمن الطعام الذي سوف يقدمونه للضيوف، وتكفّل هو بأن يجد من يطهو الطّعام، لكن عندما جلبوا الطعام الذي طبخته إحدى عشيقاته كان قليلاً ، مع أن المواد كانت كثيرة. سرقت العشيقة الطعام ، و اضطرت الأم لزيادة الأطباق بالشراء من جديد، لكنّها أصيبت بوعكة صحيّة شديدة أخفتها ريثما تنتهي مراسم الزواج .
كان ملك العشق مدمناً على النساء، و السكر ، لذا كانت الأمّ تسرق من جيبه النقود كي تنفق على الأسرة، وقد أصبح سعدون من ضمن أفراد الأسرة المدللين ، لكن قمر الزمان، وبعد عدة أشهر قالت لأمّها أرغب أن أترك هذا الرّجل. أشعر أنّه مخنّث ،لم تقبل والدتها الكلام، وطالبتها بالاستمرار، وطلبت منها أن تقوم هي بإعادة تشكيل سعدون، وفعلاً استطاعت أن تصنع منه رجلاً أمام النّاس.
تقول الرّاوية : دوام الحال من المحال ، فبعد أن أصبح سعدون ينتمي إلى صنف الرجال بدأ الفار يلعب بعبّه دون أن يفصح، بينما قمر الزمان ترغب في بناء أسرة، وكان هذا وجه الخلاف الخفي ، فهو يعتقد نفسه رجلاً حقيقياً ، وفي يوم أتى دون سابق إنذار ، وقال لها " سوف تعوّين كالكلاب لو تخليت عنك، لم تعودي تلزمينني"
في البدء اعتقدت أنّه ليس جاد ، لكن عندما فكرت في تاريخه وعلاقاته مع الشباب صغار السّن، وكذبه حول بعض الأمور عرفت أنّه جاد .
غادر سعدون إلى مملكة الترياق حيث كان يحنّ إلى رائحة الجلّة ، و إلى الجنس الجماعي من خلال التمتّع بجلسات لا تخلو من الكيف ، وكانت زوجته الجديدة قد منحته امتيازاً أن يكون أباً لأطفالها .
نسي سعدون أطفاله بعد أن عاد إلى مملكة والده ، كما أن أطفاله رغم أنهم افتقدوه في البداية لكنهم ماضون في شق طريقهم في الحياة، و أما قمر الزّمان فقد رفضت الارتباط برجل طالما لديها ابنة تعيش معها، وهي تعلّم ابنتها على أن تدخل مجتمع النبلاء ، وهي تعني بالنبلاء أولئك الذين ينقلون الثروة و المعرفة من جيل إلى جيل. قمر الزمان نسيت ماضيها، كما نسيت مملكة العشق فقد كانت دائماً ترغب في الهروب من تلك المملكة، لكن سعدون لم يتحمل عقله أن يعيش بعيداً عن مملكة الترياق .
تسأل الرّاوية : هل تعتقدون أن سعدون ندم؟
يجيب الجمهور : بالطبع لا. هو يعتقد نفسه أنّه قد انتصر على قمر الزّمان، وكان يعتقد أن الأولاد سوف يتبعونه آجلاً أم عاجلاً, تقوم امرأة من بين الجمهور لتقول: إن قمر الزمان محظوظة ، ربما كان مصيرها أن تقتل على يديّ سعدون فهو مجرم بحكم النّشأة ، وها نحن نسمع بجرائم القتل من قبل الأزواج ، كما أنها محظوظة لأنها بعيدة عن مملكة الترياق و العشق. هي تدفع ثمن تلك الممالك القذرة، لكنها ترمم نفسها، وتصنع عالماً جديداً .
تحرج امرأة من بين الجمهور ، تسأل النساء: من هي قمر الزمان .
تجيب النساء: كل واحدة فينا قمر الزمان، بعضنا غادر زوجها إلى مملكة " الجلة" و البعض لم يغادر.
تخرج امرأة أخرى إلى المسرح، تقول: زوجي يقول عني مجنونة ، مختلة، لكنني لو تركته سوف لن يكون لي حضور اجتماعي .
تخرج امرأة أخرى تقول: لا يترك الرجل زوجته إن أرضته .
تمسك النساء بالمرأة ، يخرجنها خارج المسرح ، حيث رجل الشّرطة يبلغها بالطلاق . تصرخ الرأة : لقد انتصر ، كان دائماً يراهن على الانتصار.
. . .

#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل