أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - قتل أصحاب الأخدود















المزيد.....

قتل أصحاب الأخدود


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6844 - 2021 / 3 / 18 - 20:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بسم الله الرحمن الرحيم (قتل أصحاب الأخدود* النار ذات الوقود* إذ هم عليها قعود* وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود)، هذه الآيات من سورة البروج من الآيات الإخبارية التي كثيرا ما وردت في نصوص القرآن الكريم، لتشير لوقائع محددة وليست من باب قص القصص كيفما يفهمها البعض أو يرويها عن غيرة، ومما هو معروف عن قصص القرآن أنها تخبر عن وقائع وحوادث لها وجود حقيقي مبني على الجدية في السرد والموثوقية في سردها، في هذه القصة التأريخية لم يتفق المسلمون على زمان ومكان وأشخاصها سواء من قتل منهم أو من أمر بالقتل، ولا حتى في العلة التي سببت ذلك، وهذا ما يجعل كل الروايات التي وردت في هذا المجال محل شك وشبهة من جهة واضع الرواية أو من جهة توجيه الحدث لزاوية معينة أو تغطية لقضية أخرى.
الرواية الأولى والتي أشتهرت في التأريخ الإسلامي وعند المفسرين وهي رواية الساحر والغلام والملك الظالم، هذه الرواية بكل ما تحمل من تفصيل فهي أشبه بروايات الخيال حيث لا مكان ولا زمان ولا أسماء، كل ما في الأمر هو إبراز لجانب يظن من سطرها أن فيها تعظيما لأمر الله وأنتصارا لقراره، الملخص من هذه الرواية قرار الملك وحواره مع الغلام (قال للملك: لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد وتصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي، وتقول: بسم الله رب الغلام ثم ترميني به ، فرماه فوقع في صدغه فوضع يده عليه ومات، فقال الناس : آمنا برب الغلام.... فقيل للملك : نزل بك ما كنت تحذر ، فأمر بأخاديد في أفواه السكك ، وأوقدت فيها النيران ، فمن لم يرجع منهم طرحه فيها)، هذا النمط من الأشكال الروائية لا يمكن الاعتداد به ولا حتى قبوله أن يكون جزء من أساليب العقيدة.
الرواية الثانية فهي لا تختلف في كيفية بنائها الروائي وإن أختلف السبب والمكان لكنها تبقى من المجاهيل الروائية خاصة وإن من أوردها نسبها للإمام علي كي يعطي فيها بعدا إيمانيا وبعد أخر قد يكون سياسيا خاصة وأن الفرس بشكل مبدئي يميلون إلى الإمام أو لنقل هي جزء من صراع الولاية، الرواية تحكي عن أحد ملوك الفرس حينما أرتكب الخطيئة وعالجها بخطيئة أخرى، ولما رفض الناس ما جاءت به أخته الشريكة في الخطيئة أمرت (بالأخاديد وإيقاد النيران وطرح من أتى فيها الذين أرادهم الله بقوله : ( قتل أصحاب الأخدود )، ولكن الرواية أصلا لا تستقيم مع كل علاتها مع العلة المذكورة في السورة (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
الرواية الأخيرة والتي حوت تفاصيل وأسماء وأماكن تجعلها فيما يبدو قريبة للتصديق بعمومها، لكنها لا تسلم من الخلل ولا تتوافق مع العلة كما في القصة الثانية والتي وردت في صلب السورة محل البحث، ولو علمنا أن كلا الديانتين في هذه الرواية يؤمنون بالله وبالتالي فالتركيز عليها أو إيجاد التبرير له هو شبه بحد ذاتها ومحاولة طمس علة نزول الآية ومكانها وزمانها، فقد ورد في هذه القصة (أنه وقع إلى نجران رجل ممن كان على دين عيسى فدعاهم فأجابوه فصار إليهم ذو نواس اليهودي بجنود من حمير فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا... فأحرقهم مع أختلاف العدد ومكان الأخدود وحجمه).
الغالب فيما يجعل تفسيرات المفسرين وأصحاب العقائد والفقهاء ومن كان يريد أن يقول شيء ما، هم جميعا أما لا يعرفون القضية أصلا أو يحرفون ما علموا لسبب وغاية من وراء ذلك، فقد ذكر بعض المؤرخين جملة تكشف هذا الجانب المعرفي في القضية وتكشف معه حالة التخبط والحيرة، وكان لا بد من طرح مسوغ ما يقبل به الناس وتنتهي القضية (أن تلك الواقعة كانت مشهورة عند قريش فذكر الله تعالى ذلك لأصحاب رسوله تنبيها لهم على ما يلزمهم من الصبر على دينهم واحتمال المكاره فيه فقد كان مشركو قريش يؤذون المؤمنين على حسب ما اشتهرت به الأخبار من مبالغتهم في إيذاء عمار وبلال).
السؤال الذي يراودني في قضية أصحاب الأخدود إن كانت حدثت بأي شكل من الصور التي أوردها المفسرون، هو (ما العلة التي أرادها النص من ذكر هذه القصة تحديدا؟ والسؤال الأخر لماذا لم يسأل أحدهم في وقتها النبي محمد ص عنها وعن زمانها ومكانها؟ والسؤال الأخير والأهم مع وجود إشارات للشهود والمشاهدة التي تعني أن القضية تخص زمان نزولها والعلة مرتبطة بها)، لا ينكر أحد أن قريش التي حاولت مع المؤمنين بكل الوسائل أن لا يؤمنوا بالله العزيز الحميد، وقد نقموا منهم ونكلوا بهم ووصل الأمر إلى التخطيط لقتل النبي لثني الناس عن الإيمان به، فلربما كان الحدث مكيا قريشيا حقيقيا، لا سيما أن هناك إشارات وأحداث تثبت جزء من هذا الأفتراض وتؤكده.
نعود إلى نفس الفترة ونفس المكان والحدث لنرى مقدار الأذى والعذاب الذي ألحقته قريس خاصة وأهل مكة عامة بالمؤمنين أنتقاما منهم، ففي سورة المسد جواب قد يكون متعلق بالقضية موضع البحث (سيصلى ناراً ذات لهب}* { وامرأته حمالة الحطب}، هناك أخبار وروايات أعتمد المشاهير من الروائيين التاريخيين الذين حملوا راية الكتابة عن السيرة أو عن تأريخ المسلمين من الأولين والأخرين أن يتجاهلوها عن عمد وقصد، منها أن بعض زعماء قريش ومنهم أبو لهب تحديدا قد أحرقوا بعض فقراء المؤمنين ممن لا ناصر له ولا معين، لذا وعده الله بمثلها وعدا مبرما لا مجال فيه للتراجع أو حتى مع أفتراض أن أبو لهب سيتوب يوما .
فهذا الأمر لم ينكره أحد ولكنهم غطوا عليه بحكايات معارضته للنبي والتشهير به مثل (كان كثير الأذية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والبغض له، والتنقص له ولدينه)، فلم تكن عداوة الرجل للنبي عداوة شخصية ولا لها سبب سوى النقمة عليه وعلى أتباعه، والدليل الأخر الذي يؤكد محرقة أبي لهب هو التسمية التي أطلقت عليه فهو كما معروف (أحد أعمام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، واسمه عبد العزى بن عبد المطلب)، ولقب بأبي لهب على رأي المؤرخين كونه كان جميلا وضاء الوجه، وقد تكون الحقيقة غير ذاك وإنما سمي أبا لهل لدوره في إشعال نيران الأخدود تغطية للأمر كما تم التغطية على تفسيرهم لبقية الآية (حمالة الحطب) حين أدعوا أنها كانت تضع الأشواك والسعدان في طريق رسول الله ليلا، أو أنها تسعى بالنميمة بين الناس، وكلا التفسيرين واهنين يراد منه تجميل الحالة.
المؤكد هو أن أبو لهب كان مجرما ناقما على المؤمنين لأنهم قالوا وأمنوا بالعزيز الحميد، وزوجته مثله وهي من حملت الحطب وزوجها أشعل فيه اللهب، هذا يستقيم مع وعد الله خاصة لهم ونحن نعرف ونعلم أن الله توعد الكافرين والمجرمين بجهنم وعذاب الخزي، السؤال هنا ما الخصيصة الخاصة التي حكمت إنزال هذه السورة (البروج) تحديدا وما علاقة أبي لهب به وزوجته أم جميل أخت أبو سفيان وعمة خال المؤمنين؟ الجواب لا بد من عودة للعقل والأبتعاد عن المجاملة في تقبيح الجميل وتجميل القبيح لعلة وهدف وغاية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع جديد
- حوار مهزوم
- الرحيل
- الصمت الجليل
- حب في الربع الخالي
- أرقد بهدوء .... أيها الزمن
- رواية (ماركس العراقي) ح 28 والأخيرة
- تساؤلات كافر جديد
- فلسفة عشق
- حجارة الطريق
- نحن لعبة
- غرور إنسان
- ال هنا والطين
- كلمات تشعر بالوحشة
- شهرزاد وشهريار في الليلة قبل الألف
- تعالي إلى جنتي
- ربما أنا مت....
- رواية (ماركس العراقي) ح 27
- رسالة إلى قداسة البابا المحترم..
- رواية (ماركس العراقي) ح 26


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - قتل أصحاب الأخدود