أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - لأنّ الشمسَ هنا الآنَ والحياة














المزيد.....

لأنّ الشمسَ هنا الآنَ والحياة


اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)


الحوار المتمدن-العدد: 6821 - 2021 / 2 / 22 - 12:12
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

صعدتْ على درجاتِ المركبِ، كانتْ تصارعُ كي تحفظَ اتّزانَها.
الكعبُ العالي، الثوبُ الطويلُ الأزرقُ عاري الكتفين، الشالُ المرصّعُ بالوردِ الأحمرِ يقيها بردَ كانونَ القارصَ، لكنْ لا بدّ أن تعبرَ النيلَ، لا بدّ أن تملأ صدرها من رطوبته، تتّكئ على الريح، لا تريدُ أن يمسكَ أحدٌ يدَها حرّةٌ كالفراشةِ المحنّطةِ داخلَ الزجاجِ في متحفِ علي باشا. آواهِ، قالت كيفَ لهم أن يحتجزوا هذا الجمالَ داخلَ الزجاجِ؟ في قرارةِ نفسِها تتألّمُ، ألسنَ صديقاتِ طفولتِها، أليست سلسلتها شرنقةً كانتْ على كتفِ الأقاحي في الوديانِ، معلّقةً في سقف المغارةِ في باطن الجبلِ القريبِ؟ هزّها النسيمُ ذاتَ ليلةٍ بعصاهُ السحريةِ، عندما مرّ في تلكَ الليلةِ شهابٌ فضيٌّ آتٍ من بلادٍ بعيدةٍ. تألّمت فانزلقتْ روحُها من الشرنقةِ، وتخطّتْ طورَ الولادةِ، لتكونَ أنثى بروحِ فراشةٍ. في أزقّةِ الليلِ سارتْ تبحثُ عن طيفِه، تعبرُ الوديانَ والجبالَ، تنادي الكهوفَ، تردّدُ صدى النداءِ. عبرتْ صحارى، عطشتْ لقطرةِ ماءٍ، غابتْ عن الوجودِ، وأسلمتْ للسكونِ جفنيها، فعانقَ الكرى العيونَ، وحينَ استيقظتْ كانتْ في الأرضِ السمراءِ.
معفّرٌ وجهُ المساءِ بغبارِ الأزقّة، وصوتِ عرباتِ الخيولِ. ها هي سفينةٌ فرعونيّةٌ، ماذا يمنعُ أن تقضيَ فيها الأمسيةَ؟ دلفت من البابِ المذّهبِ، خطفتْها الألوانُ مرةً أخرى، جدرانٌ مزركشةٌ من عصورٍ غابرةٍ. مضتْ، قبضتْ بيدِها صدرَها بشدّةٍ، تُخفي وعكةً داهمتها. تدافعَ الأطفالُ والرجالُ والنساءُ من حولِها، كادَ يُلقى بها في الماءِ، الكعبُ العالي، الفستانُ الأزرقُ، النيلُ، وصوتُ الموسيقى يتسرّبُ إلى أذنيها. قادَها النادلُ إلى الركنِ المحجوزِ، سكينةٌ في عاصفةٍ. تناولتِ الكأسَ أمامَها، سكبتْ لها نبيذًا أحمرَ، رفعتْ عينيها، فتراءى لها كأنّ الجداريّةَ أمامَها تتحرّكُ.
عازفةُ الناي نزلتْ إلى المقعدِ الوثيرِ، تبعَها حاملو الرقوقِ والدفِّ، وصوتُ قيثارةٍ، وعازفُ عودٍ، انسابَ من الجدارِ، وراحَ يضربُ بأناملهِ الوترَ.
تحرّكَ المركبُ، لم يتحرّكْ، رقصَ الشبانُ، لم يرقصوا، نامتِ الشمسُ في النيلِ، واستيقظَ القمرُ. هي الركنُ الهادئُ في هذا الصّخبِ، وهو الهاربُ من جدارِ الزمنِ.
أعطتهُ يدَها
وراحا معاً يقطعانِ الطريقَ المتعرّجَ نحو رأس الجبلِ، تتّكئ إلى كتفهِ، يشدُّ على يدِها كي لا تنفلتَ منهُ.
الطريقُ متعرّج طويلٌ جدّاً، ورائحةُ الصباحِ الآتيةُ من عمقِ المحيطِ تلفحُ أنفاسَها.
لم تصدّقْ أنها وصلتْ في نهايةِ المطافِ ، لتستريحَ في حضنهِ، وتمسحَ بكفّيها غبارَ الانتظارِ الطويلِ عن جبينهِ المتعبِ.
لم ينمْ ليلةَ أمسِ، أرقٌ لم يعرفْه منذُ سنينَ، وفرحٌ مباغتٌ أقربُ إلى الأسطورةِ منها إلى الواقعِ.
كيفَ تمشي؟ كيفَ تتحرّكُ شفتاها؟ كيفَ تبتسمُ؟ ما هي رائحةُ عطرِها، وقعُ خطاها، رنينُ الخلخالِ، أنينُ الحرفِ في أناملِها؟
أمضى ليلَه كأنّه على سريرٍ من جمرٍ. أيفرحُ أم يحزنُ؟ يبكي أم يرقصُ؟
كان قطارُ الفرحِ قد عبرَ به من زمنٍ مضى مخلّفاً وراءَهُ شبهَ ابتسامةٍ.
كيفَ لكِ أيتها المرأة، ومن علّمكِ أن تحييَ رميمَ رجلٍ قد طحنتْه عجلةُ الزمنِ، ورزحَ تحتَ أقدامِ العمرِ، يُحصى ثوانيَ الحياةِ التي تعبرُهُ ؟
من علّمك أيتها المرأةُ الآتيةُ من غياهبِ البحرِ، ومن خلفِ الموجِ الأزرقِ، تحملين بيمينكِ شعلةً من نورٍ، ورغيفًا من خبزِ الحياةِ، وحفنةً من زيتٍ؟
من أقامكِ سلطانةً للقلوبِ، تقيلين وتنصبي من تشائينَ بابتسامةٍ، وتغرفينَ من قمحِ العِشقِ، وتنثرينَهُ في صحارى الناسِ، فينبتُ السوسنُ، وتلتقطُهُ عصافيرُ القلوبِ بمناقيرِها.
حمامةٌ في منقارِها غصنُ زيتونٍ، وفي عينيها سرٌّ مختوم، من يجرؤُ على فكّهِ، أو الاقترابِ منهُ؟ مرصودٌ بابُ قلبي قالت لم ولن يدخلَهُ عابرو الطريقِ والقراصنة.
هو لأميرٍ فرشتُهُ بالريحانِ، من عصاهُ الحرفُ، وسريرُهُ القصيدُ، يرعى في حقولِ النعناعِ، يقطفُ الليلكَ، يحوكه معَ خيوطِ الفجرِ لي ثوبًا، ويطلبُ للشمسِ أن تتهادى في الشروقِ، وتعجلُ في الغروبِ، لأنّ الشمسَ هنا الآنَ والحياة



#اخلاص_موسى_فرنسيس (هاشتاغ)       Eklas_Francis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءتي في -الرواية العمياء- للكاتب الدكتور شاكر نوري
- الأجنحة
- قراءة د. مريم الهاشمي في ديوان وأمضي في جنوني للشاعرة اخلاص ...
- لسنا قصّة عابرة.
- وسادة التيه
- قراءة في ديوان الشاعر جميل داري -لا جناح لي-
- أشجانِ الخلودِ
- الأفعى
- قراءة في القصة القصيرة -تحت المظلة- للكاتب نجيب محفوظ
- -حبة مطر-
- ما نكتبُ هو صدًى لأفكارِنا ورؤانا
- تناقضات...من المجموعة القصصية -على مرمى قٌبلة-
- قراءة في رواية اخلاص فرنسيس “رغبات مهشّمة- عرض ونقد مصطفى ال ...
- مثقلين بالوجع
- البيوتُ، الأماكنُ، والذّكرياتُ
- “علاوي” على موعد مع الحياة
- فستان أزرق فارغ منّي.
- فيروز فعل الإيمان والغبطة
- يوم الطفل العالمي
- الوردة ذات التويجات المبعثرة (مصطفى النجار)


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - لأنّ الشمسَ هنا الآنَ والحياة