أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - اترك الظل عليك بالفيل














المزيد.....

اترك الظل عليك بالفيل


محمد مهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 6812 - 2021 / 2 / 12 - 09:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يشتد الم المرض فاننا نضطر أحيانا الى اخذ مسكنات الالم قبل الذهاب الى الطبيب, ولا غبار على هذا التدبير اذا كان مجرد تدبير مؤقت, لكن التعود على الاكتفاء بالمسكنات فقط لا يزيد الحال الا ترديا. وفى فترة الحكومة المدنية في السودان غابت الرؤية الشاملة والتخطيط طويل الأمد فاصبحت الحكومة تنهمك في حل المسائل الطارئة مثل ازمة الخبز والمحروقات والتحكم في سعر صرف العملة, متجاهلة جذور الازمة.

ان السبب الاساسى في الازمات التي تعيشها بلادنا هو الفساد المترهل والذى شمل كل القطاعات الاقتصادية والخدمية. فاصبحت السلع تحتكر بواسطة شبكات من التجار, كل شبكة تهيمن على قطاع ما او عدد من القطاعات الاقتصادية. وقد رصد النشطاء والمواطنين الاعداد الهائلة من الشاحنات وهى تهرب السلع الرئيسية مثل السمسم والصمغ العربى والفول السودنى والابقار والاغنام الحية والجلود والكردى والاخشاب النادرة والذهب وغيره. كذلك تم اكتشاف عصابات تهرب الذهب عبر مطار الخرطوم.

ان التجار الجشعين لا يهمهم ان يتدهور الاقتصاد الوطنى او يموت المواطن جوعا طالما ملئت ارصدتهم المصرفية باموال السلع المهربة. ولان المهرب لا يدفع ضرائب للدولة فانه يبيع السلع المهربة بثمن بخس. ولان اعدادا كبيرة من الموظفين ترك لهم الحبل على الغارب وامنوا العقاب, اصبحوا ياخذون الرشاوى بنفس مطمئنة, فضمائرهم ميتة. والمعروف ان الإفلات من العقوبة, ليس في جرائم الفساد وحدها بل في كل الجرائم, هو العامل الرئيسى الذى يشجع الجانى على التمادى في جرائمه.

لقد اشتكى عدد من المسؤولين الحكوميين عن ضعف إيرادات الحكومة وهم في الحقيقة يعلمون تماما الى اين تذهب تلك الإيرادات. ان المواطن العادى يعلم ان اغلب إيرادات الضرائب والرسوم لا تورد الى الخزينة العامة بل تذهب الى جيوب الموظفين المرتشين, ويعلم ان ايصالات الاستلام هي ايصالات مزورة. وفى احايين كثيرة يضطر المواطن الى دفع غرامة اعتباطية درءا لمشاكل اكبر يدركها بخبرته الطويلة في التعامل مع موظفي الحكومة.

ان الحكومة لن تستطيع ان تتحكم في سعر صرف العملة ولو ضخت في خزينتها عشرات المليارت من الدولارت والسبب هو ان الأموال ستذهب الى جيوب مافيا الفساد ما دامت الأجهزة الأمنية غير متعاونة. لقد ورثت الحكومة أجهزة مفككة ومتهالكة وغارقة في الفساد الى اذنيها. وفى عهد البشير اشتكى بنك السودان مرار من عدم تعاون البنوك معه في مجال الرقابة على حركة الأموال ومكافحة جرائم غسل الأموال وغيرها. وفى الحقيقة ان المخلوع البشير كان لا يثق في مراكز القوة في الحزب الحاكم والدولة. واحد الأدلة هي احتفاظه بمليارت الدولارت خارج القطاع المصرفي. فمن اين تأتى الثقة في أجهزة الدولة اذا انعدمت عند الرئيس نفسه؟

ان تهافت الحكومة على الحلول الجزئية لن يجدى نفعا, فالافضل ان تبدأ بالحلول الجذرية مثل التحكم في مداخيل الشركات التابعة للاجهزة الأمنية وتحديد أوجه صرفها واعادة هيكلتها بما يخدم الاقتصاد الوطنى. والجيش هو في نهاية المطاف ليس مؤسسة اقتصادية. ولان جهاز المخابرات غير متعاون فالاجدى ان يبنى جهاز امن داخلى قوى يستطيع محاربة مافيا الفساد حتى يتم اجتثاثها من جذورها. كذلك يجب تدريب لجان المقاومة واعطاءها دورا اكبر في الرقابة والتنسيق مع جهاز الامن الداخلى.

ان المواطن هو صاحب الحق في المال العام. ومن المبادئ الرئيسية التي أدت الى قبول الناس بالدولة هي تخلى المواطنين عن بعض حقوقهم مثل حق استغلال بعض أراضيهم وثرواتهم الطبيعية وحق التمتع بكل حرياتهم وايكال امر تنظيم تلك الحقوق للدولة. هذا يعنى ان الدولة تعمل بتفويض محدد من المواطنين وهذا التفويض يمكن ان يسحب اذا أصبحت أجهزة الدولة تنحاز لفئة قليلة وتترك بقية الشعب يعيش في جحيم.

ان تركيز الناس على الحلول الجزئية لا يجدى. فاذا دعمت الدولة الخبز او الوقود فان موجة الغلاء لن تنحسر لان مافيا الفساد لن تترك المواطن يعيش مرتاح البال, فاذا ارتاح فانه سيتوحد ضدها, وهنا ياتى الدافع السياسى. ولان حزب المؤتمر الوطنى المحلول هو راس الرمح في الفساد الاقتصادى والاجتماعى والسياسى فانه يشكل حجر الزاوية بالنسبة لمافيا الفساد.



#محمد_مهاجر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلال امدرمان وهلال بورتسودان
- الامعة والاحمق
- العقل ام العاطفة
- ما هي الضمانات؟
- نريدها مدنية صرفة
- حول صراع السلطة في السودان
- الصراع السياسى المتحضر
- مصل الكرونا نعمة ام نقمة؟
- الارادة الحرة
- خيار العلمانية في السودان
- المهام العاجلة للثورة السودانية
- جوانب من ممارسات الراسمالية الطفيلية في السودان
- اهانة اعلامية ام اهانة لدولة القانون
- دور المغتربين السودانيين في التنمية
- عقبات في طريق الثورة السودانية
- قلت اصطبر
- الثورة السودانية وتحقيق العدالة
- لماذا طالت الحرب فى السودان
- تراتيل الروح المنعمة
- هل هو تفاوض من اجل السلطة ام السلام


المزيد.....




- وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بإعداد -خطة- ضد إيران ووكلائها و ...
- ماجد الأنصاري يتحدث لـCNN حول توسط قطر بين إيران والولايات ا ...
- كيف تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إلى -ساحات ...
- حفل زفاف بيزوس: من هو العريس؟ ومن هي العروس؟
- الحياة تعود إلى طهران، لكن سكانها يشعرون بصدمة عميقة
- حركة حماس بين فكي العشائر الفلسطينية وتراجع الدعم الإيراني.. ...
- كيف تحمي طفلك من ضربة الشمس والإجهاد الحراري؟
- موجة عداء للمسلمين بعد فوز ممداني في انتخابات نيويورك التمهي ...
- محكمة إسرائيلية ترفض للمرة الثانية طلب نتنياهو تأجيل محاكمته ...
- غزة توثق العثور على أقراص مخدرة داخل أكياس الطحين


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - اترك الظل عليك بالفيل