أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - حول صراع السلطة في السودان














المزيد.....

حول صراع السلطة في السودان


محمد مهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 6757 - 2020 / 12 / 10 - 20:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-
كما هو معلوم لدى الكثيرين فان الحرب الاهلية في السودان هي الأطول في افريقيا وهى التي اتسمت بعنف دموى مفرط. وعلى الرغم من ان موضوع توزيع السلطة ظل يطرح باستمرار في مفاوضات السلام, الا ان كل المفاوضات لم تحقق الحد الأدنى من رضا الحركات المسلحة. ولان فترة ما بعد الاستقلال ظل شعبنا في اغلبها يحكم بواسطة العسكريين, فان المرء يحق له ان يتساءل عن المفاهيم الراسخة في اذهان المواطنين التي تحدد مدى الرضى عن الحكم العسكرى والعلاقة بين الحاكم والمحكوم.

ان ازمة السلطة عندنا تبدأ من المنزل حين نجد ان الاب هو المسيطر وهو الامر الناهى واذا فوض بعضا من سلطاته فانه يفوضها لابناءه الذكور الذكور فقط او لبعضهم. واذا حدث حوار ما حول امر ما فانه يكون حوارا غير متكافئ, اذ يكون للاب القول الفصل في الموضوعات الخلافية. وهذا الامر ينطبق على المدرسة والجامعة حين نجد ان المعلم يعتقد ان مهمته تلقين التلاميذ وحشو رؤوسهم بالمعلومات, واذا حدث نقاش فانه لا يعدو عن يكون أسئلة موجهة الى المعلم من اجل الحول على المعلومة الصحيحة, لا لابداء راى او محاولة لابتدار حوار بناء. وفى خلاوى تدريس القران الكريم والمساجد تسود نفس الذهنية, حين نجد ان الشيخ هو المسيطر وهو المالك الوحيد للعلم والمعرفة, اما الطلاب والمؤيدين فهم مجرد متلقين سلبيين.

ان القاسم المشترك بين كل اشكال السلطة في مجتمعنا هو المركزية, اى تمركز السلطة في يد اقلية او فرد. ان الذهنية السودانية مهيأة بطبيعتها لقبول فكرة تمركز السلطة في يد فرد او فئة قليلة لان في نظر الكثيرين يوجد فرد او توجد فئة تمتلك المعرفة ولها قدرات ومهارات مميزة. ونحن نجد ان الستة عقود ونصف من عمر الاستقلال حكم فيها العساكر لمدة 52 سنة. هذا يدل على ان الحكم العسكرى كان يجد تاييدا من عدد لا باس به من الشعب, على الأقل في سنواته الأولى.

وفقا لمؤسسة بيت الحرية فان السودان دولة غير حرة, فقد نال في التقييم الاخير 2-40 في مجال الحريات السياسية و 10- 60 في مجال الحريات المدنية. وعلى الرغم من التحسن الذى طرأ خلال فترة الحكم الحالى الا ان وضع الحريات مازال سيئأ. والتفسير الأرجح لعدم الاهتمام بموضوع الحريات هو استعدادنا لتقبل قدر ما من الدكتاتورية. هذا الاستعداد يبدأ مبكرا في البيت ويستمر في المدرسة والجامعة والمنِشأة والمؤسسة. اما الذهنية التي تدعمه فهى الاعتقاد ان القياديين هم متفوقين بطبيعتهم وان لهم مواهب مميزة عن الاخرين. لذلك فنحن نلاحظ ان الكثير من قادة الأحزاب السياسية والمؤسسات يظلون في مناصبهم الى اخر العمر. ونجد كذلك ان المبدع يصارع من اجل الاعتراف وان الأفكار المبتكرة تقمع في المهد ولا يسمح لها بالظهور الا بعد وفاة القائد.

ان طول فترات الحكم الدكتاتورى ساهمت مساهمة فعالة في تقزيم الطبقة الوسطى الى ان كادت تتلاشى, وهو عامل ساهم, ضمن عوامل أخرى, في تدنى مستوى البحث العلمى والابتكار. والملاحظ ان العمود الفقرى فى كل الثورات التي أطاحت بالحكومات العسكرية هي الطبقة الوسطى وهى طبقة قادرة على الابتكار والريادة. ولان الثورة هي عملية هدم وبناء فانها تحتاج الى جيل ذو تفكير جديد يتعالى على جبروت الدكتاتور وعقائده البالية, ويفتح طريقا جديدا لبناء دولة الرقى والتقدم والرفاهية. والتفكير الجديد يجب ان ينبع من قدرتنا على التحدى والاستقلال الفكرى والتنوير.

ان ايماننا بالديمقراطية يجب ان ينطلق من قناعة راسخة بالمبادئ وهى الحريات واحترام حقوق الانسان والمشاركة في السلطة التي تاتى عبر انتخابات حرة نزيهة وتلتزم بحكم القانون, وكذلك بالتعددية والفصل بين السلطات والشفافية والحوكمة. وان ترسيخ الديمقراطية يجب ان ينطلق من القناعة بانها النظام الأمثل للحكم لا بالقبول بها بحكم انها امر واقع. والمساءلة تعنى ان المواطنين لهم الحق في ان ينتخبوا ويحاسبوا المسؤولين في كل مستويات الحكم من المحلى الى الاقليمى الى الفدرالى.

ان ترسيخ الديمقراطية يعتمد على مدى تقبلنا لتبنى مفاهيم جديدة تنطلق من ان الشعب هو صاحب الحق في الحكم وهو الذى يقوم بتفويض السلطات. والمبدأ هنا هو العدالة اى يمنح القدر المناسب من السطة للجهة المناسبة. واذا امتلك الشعب وعيا كافيا فانه لن يدع الحاكم يغتصب السلطة اغتصابا, انما يكتفى بالتفويض الذى منح له. هذا يعنى ان تغيير الحاكم يحكمه القانون وبقاءه في السلطة كذلك, ويعنى ان السلطة في ظل النظام الديمقراطى هي سلطة مدنية كاملة الدسم. وفى الدول الغربية نجد ان العسكريين مكانهم مراكز الشرطة والجيش لا دواوين الحكومة, ونجد ان وزير الداخلية مدنى ووزير الدفاع مدنى.



#محمد_مهاجر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع السياسى المتحضر
- مصل الكرونا نعمة ام نقمة؟
- الارادة الحرة
- خيار العلمانية في السودان
- المهام العاجلة للثورة السودانية
- جوانب من ممارسات الراسمالية الطفيلية في السودان
- اهانة اعلامية ام اهانة لدولة القانون
- دور المغتربين السودانيين في التنمية
- عقبات في طريق الثورة السودانية
- قلت اصطبر
- الثورة السودانية وتحقيق العدالة
- لماذا طالت الحرب فى السودان
- تراتيل الروح المنعمة
- هل هو تفاوض من اجل السلطة ام السلام
- حول النظام الطائفى فى السودان
- حرية ثرنا من اجلها
- هل هى ازمة نخب
- ادارة التنوع
- الاطار النظرى لادارة التنوع
- هل ادارة التنوع ضرورة


المزيد.....




- أطول وأصغر كلب في العالم يجتمعان معًا.. شاهد الفارق بينهما
- -وحوش لطيفة-..صور درامية لأشبال فهود بوجوه ملطّخة بالدماء
- إدارة -تسلا- تبحث عن بديل لإيلون ماسك بالشركة.. مستثمر بارز ...
- أوكرانيا والولايات المتحدة تبرمان صفقة المعادن النادرة
- فرنسا تتهم الاستخبارات الروسية بشن هجمات سيبرانية متكررة منذ ...
- غالبية الألمان قلقون خائفون من اندلاع حرب عالمية ثالثة
- مقتل شخصين وإصابة 5 آخرين في حريق بمنشأة صناعية بطشقند (فيدي ...
- إيطاليا وقبرص وفرنسا وكرواتيا ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل ...
- في بيان مشترك.. هذا ما تم الاتفاق عليه بين لبنان والإمارات
- بوليانسكي: مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا قد تعقد قريبا جدا إذا ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - حول صراع السلطة في السودان