أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - ادارة التنوع















المزيد.....

ادارة التنوع


محمد مهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 18 - 00:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إدارة التنوع

ان الهدف من ادارة التنوع هو وضع سياسات دائمة تراعى تكافؤ الفرص فى عدة مجالات مثل العمل والسكن والتعليم والعلاج, واضعة فى الحسبان عدم اقصاء الشرائح المحرومة. والهدف كذلك ان تكون هذه السياسات مستدامة لكى تزيل عن الشرائح المحرومة الظلم التاريخى الذى حاق بها وكذلك ان تسعى الى مساعدتها في الاستفادة من مشاريع التنمية وفى الاندماج بصورة إيجابية في المجتمع.

ان الفهم الجيد لادارة التنوع يجب ان يستتبع بتغيير جذرى فى سياسات وثقافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. كذلك تسعى الحكومة والشركات الى ازالة التنميط وزرع ثقافة الثقة والفهم المتبادل والتواصل السلس بين الجماعات والافراد. وبالاضافة الى الاعتراف والقبول فان ادراة التنوع تحتاج الى سياسات واستراتيجيات ادارية جيدة وفعالة.

الاعتراف

في بلد متعدد الثقافات والأديان والاثنيات واللغات مثل السودان فان من البديهى ان يتم الاعتراف بهذا الواقع اذا توصل الناس الى تحليل وتقييم وفهم واقعهم بعقل مفتوح. واذا حدث التعنت والتعصب فان أصحاب الثقافات المستبعدة سيجدون انفسهم مضطرين الى مواجهة واقع سيضطرهم الى القبول بوضع المواطنين من درجة ادنى, اى مواطنين يرضخون لسياسات تحرمهم من استخدام لغاتهم وثقافاتهم وتحرمهم من الكثير من الحقوق المدنية والسياسية.

ان الاعتراف بالثقافات المختلفة يعنى تثمين دورها فى مجالات الفكر والثقافة ويتطلب تضمينها في الثقافة السائدة. ان التعدد الثقافى يشابه بستان واحد يحتوى على أشجار ونباتات متنوعة يقطف منه كل فرد ما يشاء. هذا يعنى ان كل انسان فى المجتمع متميز بثقافته ومستوعب ويتمتع بنفس الحقوق المدنية التى يتمتع بها غيره. والاعتراف يتضمن قبول الاخر عن رضا تام وقناعة.

القبول

ان القبول هو شرط مكمل للاعتراف لان عدم القبول يجعل الاعتراف امرا غير ذى جدوى. ان قبول الدولة والمجتمع بواقع التنوع يجعل الدولة ملزمة بتطبيق السياسات والخطط والبرامج ومراجعتها وتحسينها لكى تستفيد منها الشرائح المستهدفة الفائدة القصوى.

اضافة الى ذلك فان لكل مواطن الحق فى عرض منتوجه الثقافى فى اى ناحية من انحاء القطر حسب ما نصت عليه المواثيق والمعاهدات الدولية. كذلك تلتزم الدولة بحماية ورعاية الثقافات الاصلية.

سياسات ادارة التنوع

لكى ادارة التنوع مستدامة ومثمرة يجب ان تبتدع الدولة عددا من السياسات والخطط والبرامج والاستراتيجيات من اجل الوصول الى النتائج المرجوة. وبالاضافة الى سياسات ادارة التنوع هنالك مجموعة من السياسات التضمينية والايجابية وقوانين المساواة ومحاربة التمييز بكل اشكاله ومحاربة الاقصاء. ان واجب الدولة ان تكون سباقة فى وضع مثل هذه السياسات حتى يتسنى للجهات المنفذة ان تستوعبها وان تكون على وعى تام بطرق تنفيذها و طرق تفادى العقبات المحتملة.

لان ادارة التنوع يتم تبنيها بصورة طوعية فان الاساس فى سياساتها ان تكون مقبولة لدى كل اصحاب المصلحة. ان تقبل العملاء فى الشركات والمؤسسات لسياسات ادارة التنوع يعد من الامور الحاسمة لنجاحها. وفى الشركات والمؤسسات ينتظر المسؤولين ان تظل بيئة العمل جذابة ولا تؤثر فيها الظروف الموضوعية والذاتية الناتجة عن تطبيق سياسات التنوع. كذلك ينتظر من المسؤولين الاداريين والتنفيذيين المساهمة بفاعلية وتشجيع اقسام العمل والافراد والجماعات على انجاح سياسات ادارة التنوع

الاستراتيجيات

ان التوعية والتبشير بالنتائج الايجابية لادارة التنوع تتم عن طريق التدريب الجيد للكوادر القيادية على وضع البرامج والخطط والاستراتيجيات. كما يتم تدريب الموظفين والاداريين على اتباع السياسات الاستباقية فى التوظيف وتدريب العاملين والتقييم والمراقبة. وبالمراقبة الجيدة والذكية والمستديمة يسهل تقييم الاداء وتجويده.

ومن الاستراتيجيات كذلك اتباع طرق مراقبة الانجازات وضمان تطبيق القوانين بما فى ذلك تنقيذ العقوبات الادارية والجنائية عند حدوث المخالفات. وخلافا للعقوبات تضع الحكومة سياسات تحفيزية للشركات التى تلتزم بادراة التنوع. ان ادراة التنوع ينظر اليها كسياسة داعمة لجوانب مهمة من استراتيجيات الشركات مثل استراتيجيات خدمة العملاء والبحث والتطوير, ولا غرو فقد فتحت العولمة اسواقا جديدة للشركات العالمية والشركات متعددة الجنسيات.

فى احيان كثيرة يعد التثاقف اسلوبا ناجعا لكى تتمكن بعض المجموعات والافراد من استيعاب مكونات ثقافية جديدة ويكون ذلك بعدة طرق منها التاقلم على ممارسات ثقافية معينة او استعارة او تبنى بعض المكونات والممارسات الثقافية الجديدة. كذلك يشكل تعلم لغة جديدة مدخلا جيدة لفهم التقافة الجديدة. لكن الجانب السلبى يحدث عادة حين يفرض المجتمع ذو الثقافة المهيمنة على الافراد والجماعات من الثقافات الاخرى الاندماج الكامل فى ثقافتهم.

السياسات التضمينية

ان الهدف من السياسات التضمينية هو التخطيط والتنفيذ الجيدين لعدد من البرامج من اجل ايجاد بيئات عمل وسكن وترفيه وتعليم تتوفر فيها فرص عادلة للجميع. وهنالك عدة امثلة للسياسات التضمينية مثل وضع سياسات قبول بالجامعات تضمن توفير فرص لشرائح من المجتمع عانت من التهميش الناتج عن عوامل مثل الفقر والحرب والظلم الاجتماعى. كذلك تلتزم الخطط الاسكانية بعدم استبعاد الافراد استنادا على ثرائهم او انتماءهم الاثنى او الجغرافى او غيره. وتركز هذه الاجراءات كذلك على ضمان عدم الاقصاء فى الوظائف القيادية الوسطى والعليا.

ان من اهداف السياسات التضمينية كذلك وضع خطط وبرامج دائمة تراعى توازن فرص العمل والسكن والتعليم والعلاج وتضع في الحسبان تضمين الشرائح المحرومة. والهدف ان تكون هذه السياسات سياسات مستدامة وفعالة تعوض الشرائح المحرومة عن الظلم التاريخى الذى حاق بها وكذلك مساعدتها في التعليم الجيد وفى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاندماج بصورة إيجابية في المجتمع.

كذلك تهدف السياسات التضمينية الى توعية وتوسيع مدارك الافراد والجماعات والشركات الى المزايا المتعددة لادارة التنوع. ومن هذه المزايا التشبيك والاستفادة من برامج تنمية المهارات والقدرات والتى يمكن ان تدعم الشركات والمؤسسات وتوفير حوجتها في مجالات مثل التسويق وخدمة العملاء والتعليم والتشغيل وحل المشكلات

السياسات الايجابية

ان العدالة تستدعى ان تزال اثار الظلم الاجتماعى الذى حاق بالجماعات والافراد حتى يستطيع كل فرد فى المجتمع ان يحصل على حقه فى الانصاف من اجحاف اجتماعى او اقتصادى او سياسى او غيره. ان العدل يتطلب ان يبدأ كل مواطن عمله او دراسته وبجعبته نفس الشروط الضرورية للبداية والتى يتوفر عليها المواطنون الاخرون.

ان التمييز الايجابى هو سياسة تسعى الى وضع برامج تفضيلية لانصاف الشرائح والجماعات التي عانت طويلا من التفرقة العنصرية اوالاقصاء اوالتهميش. ومن الاستراتيجيات المتبعة تخصيص مقاعد للدراسة في الكليات والجامعات التي يكون وصول افراد هذه الشرائح اليها امرا صعبا. ويشمل التمييز الايجابى كذلك اتباع السياسات الإيجابية في التوظيف وفى المجالات الأخرى

القوانين التى تدعم ادارة التنوع

هنالك قوانين ومعاهدات تدعم ادارة التنوع مثل الاعلان العالمى لحقوق الانسان والقوانين المتعلقة بمحاربة التمييز والتفرقة العنصرية والرقيق الابيض والعبودية الحديثة. ان تضمين تلك القوانين فى الدستور يعد احد اهم الضمانات لتطبيق عادل لادارة التنوع ومنع التمييز والاكراه والاستغلال وغيره. كذلك يجب على الدولة وكل المؤسسات والشركات ان توفى بالتزاماتها وتعهداتها تجاه المجتمع خاصة الشرائح الضعيفة وتلك التى حاق بها ظلما اجتماعيا او اقتصاديا او سياسيا.

خاتمة

لقد قدم العالم الهولندي خيرارد هوفستدا مشروعا متكاملا لدراسة وفهم المجتمعات والثقافات المختلفة. وقد لاحظ هوفستدا ان هنالك مشاكل تحدث فى كل المجتمعات مثل المشاكل الناتجة عن عدم المساواة والخوف من الغرباء وعدم التعاون والانشطار بين الذكورة والانوثة والتوجه المستقبلى. ان منهج هوفستدا يمكن ان يستخدم لفهم المجتمع السودانى وثقافته ومدى تقبل المجتمعات لبعضها البعض.

ان السودان شهد أطول الحروب الاهلية في افريقيا وعقدت عشرات الاتفاقيات من اجل وضع حد لتلك الحروب. وفى كل جولات التفاوض كان موضوع توزيع السلطة يشكل احد اهم الاجندة الرئيسية. وفى يناير 2005 نجحت اتفاقية السلام الشامل بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية فى إيجاد حل لمسالة توزيع السلطة في السودانية ومع ذلك فشلت الاتفاقية فى الحفاظ على وحدة البلاد.

ان النخب التي قادت استقلال السودان ووضعت أسس الدولة الوليدة هي نخب الوسط. وعلى الرغم من مرور اكثر من ستة عقود على الاستقلال الا ان ثقافات الأطراف تعتبر فى الغالب الاعم ثقافات غريبة ودخيلة. والشاهد على ذلك هو استبعاد هذه الثقافات من الظهور المستدام على أجهزة الاعلام وكذلك نبذها والتحريض ضدها من قبل مثقفى تيار الإسلام السياسى.

في السودان تكاد تنعدم عقلية التخطيط طويل الأمد. هذا النوع من التخطيط يساعد على إيجاد سياسة حكيمة لادارة التنوع تنظر اليه باعتباره مصدر اثراء وتوسيع للفرص والافاق وتوسيع امكانيات التعاون وعقد الشراكات. ان المجتمع السودانى مجتمع ذكورى على الرغم من ان الذكورة فيه ليست ذكورة صارخة مثل المجتمعات العربية, ولا غرو ففى التاريخ السودانى هنالك نساء كثر كانت لهن ادوارا جيدة فى قيادة المجتمع والدولة. كذلك فان هذا المجتمع توجد فيه قيم راسخة من التضامن والتعاون والتعاطف والرعاية.

ان الادارة الجيدة للتنوع تتطلب قدرا كبير من التجرد والشجاعة وتقديم التنازلات من جميع مكونات المجتمع السودانى حتى يتم التوصل الى ادارة ناجحة وفعالة تساعد فى تثبيت السلام والعدالة الاجتماعية. ان ادارة التنوع تتطلب رسم خطط وسياسات واصدار قوانين تضمينية وقوانين للتمييز الايجابى اضافة الى تشريعات المساواة بين المواطنين ومنع التمييز والاستغلال والاكراه. وعلى العكس من المؤسسات الحكومية فان الشركات يصعب الزامها من جانب الحكومة على تبنى سياسة مستدامة لادارة التنوع لكن يمكن ان يتم ذلك عن طريق التشجيع بالحوافز المادية وغير المادية.



#محمد_مهاجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاطار النظرى لادارة التنوع
- هل ادارة التنوع ضرورة
- خوارزمية العشق
- حكم القانون
- المغتسلة
- الانتخابات وطريقة التمثيل
- القيادة وتحديات جيل الالفية
- التعددية السياسية واحتمالات التخريب
- الديمقراطية والحكم الرشيد
- اميرة
- ما هي المشاركة السياسية المطلوبة؟
- حتما عليك الرحيل
- من هم قادة تجمع المهنيين؟
- ما هى دوافع المترددين؟
- الانتفاضة تسير فى الاتجاه الصحيح
- ما لم تنجزه الانتفاضة حتى الان
- عوامل نجاح الانتفاضة السودانية
- بشريات
- التزمت الدينى فى السودان
- بعض صعوبات العمل الجماعى


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مهاجر - ادارة التنوع