أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - صور قديمة














المزيد.....

صور قديمة


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 1621 - 2006 / 7 / 24 - 12:16
المحور: المجتمع المدني
    


أحياناً، يرغب المرء في الكلام عن ذكرياته، واستعادة مواقف أو مشاهد أو تفاصيل أحداث غابرة، وقد يرجع إلى صوره القديمة، يمر عليها واحدة واحدة. يتأملها بمشاعر مختلطة من أسى وحنين وشرارات فرح ضائع. وهنا أود التحدث عن الصور.. ليست الصور الشخصية، أو العائلية، أو التي تجمعنا مع أصدقائنا الذين ما نزال نلتقيهم، ونعيش معهم في المدينة أو القرية عينها، وإنما عن الصور التي تعود إلى سنين مضت.. صور حائلة الألوان، إنْ لم تكن بالأسود والأبيض، يحتشد فيها جمع من أصدقاء تفرقوا وتبددوا في دروب الزمان.. أصدقاء جاءوا من أمكنة شتى. من الشمال والوسط والجنوب. من الموصل والسليمانية وكركوك والرمادي وبعقوبة وبغداد والحلة والكوت والناصرية والعمارة والبصرة وغيرها من مدن العراق طلاباً في الجامعة، أو جنوداً مكلفين في الجيش، أو عمالاً وموظفين في مؤسسة ما، عاشوا معاً شهوراً وسنوات، تناولوا طعامهم سوية، وناموا في الغرفة نفسها، أو في الثكنة العسكرية نفسها، تشاركوا في الفرح والمرح والألم والمعاناة.. تبادلوا الأسرار، وحكوا عن عائلاتهم ومناطقهم وحبيباتهم.. عن بعض من أدوارهم المشرفة في الحياة، وبعض من خيباتهم وحماقاتهم وأخطائهم.. ضحكوا وبكوا وثرثروا وجاعوا وشبعوا ولعبوا وتخاصموا وتصالحوا تحت هذه اليافطة الإنسانية الواسعة التي اسمها "الصداقة" وذلك المشترك المصيري الذي اسمه "العراق" قبل أن يتخرجوا في الجامعة، أو يتسرحوا من الجيش ليعود كل منهم إلى مدينته أو قريته، وفي جعبته قدر هائل من الذكريات. ثم ليتواصلوا، أو تنقطع بينهم السبل بسبب ضغط الظروف وقسوة العيش.
في صورة واحدة، صورة يوم التخرج في الجامعة، في سبيل المثال، يمكن تتبع مصائر الواقفين والجالسين.. من تزوجوا وكونوا عائلات. من قضوا في الحروب أو بسبب المرض، أو أعدموا أو سجنوا. من هاجر منهم إلى بقاع قصية. من عادوا إلى مدنهم وتوظفوا في دوائر الدولة، أو عملوا في أشغال بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم تجاراً وسواق تاكسيات وكتّاب عرائض وعمالاَ في ورش صناعية أو بقالين وقصابين. أو من ضاعت أخبارهم فلا تعلم إن كانوا أحياءً أو أموات. وكذلك الأمر مع الواقفات والجالسات، في الصورة.. من تزوجت منهن وقنعت بدور ربة بيت، ومن توظفت ومن سافرت مع أهلها أو زوجها، ومن ماتت كمداً على أخ أو زوج أو حبيب سحقته قاطرة العنف الشغالة منذ عقود، أو انسحقت هي نفسها تحت عجلات تلك القاطرة. ومن بقيت عانساً، ومن صارت في موقع مسؤولية ما، ومن لا يعرف أحد أين صفا بها الدهر.. مثل هذه الصورة تعكس مصائر شخوصها مصير بلد اسمه العراق.
حين يخرج كل من يحتفظ بصور قديمة جمعته مع أناس من مدن عديدة، كانوا له أصدقاء حميمين، ويتحدث عنهم لمعارفه وأصدقائه الحاليين وأبنائه يكون، بشكل ما، قد أومأ إلى ذلك المشترك الروحي والوجودي والمصيري بيننا، والذي اسمه العراق.. العراق النابض في العقول والقلوب والضمائر.. العراق الذي هو أرضنا وناسنا وذكرياتنا وحنينا وتوقنا وأملنا.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدوارد سعيد: داخل الزمان.. خارج المكان
- النخب العراقية في حاضنة المقاهي
- حول المونديال
- نخب سياسية.. نخب ثقافية: مدخل
- حبور الكتابة: هيرمان هيسه وباشلار
- قصة قصيرة: في أقصى الفردوس
- حوار مع القاص سعد محمد رحيم
- تحقيق: بعقوبة ابتكارالبساتين
- قصتان قصيرتان
- في رواية اسم الوردة: المنطق والضحك يطيحان بالحقيقة الزائفة
- قصة قصيرة: الغجر إنْ يجيئوا ثانية
- من يخاف الحرية؟. النسق الثقافي والمحنة السياسية
- قصة قصيرة: زهر اللوز
- شهادة: هكذا تكتبني المحطات
- شقاء المثقفين
- فضاء مكتبة.. فضاء الكون*
- سحر ماركيز
- الرواية وسيرة الروائي
- المثقف: إشكالية المفهوم والوظيفة
- كالفينو: الوصايا والإبداع


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - صور قديمة