أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد محمد رحيم - من يخاف الحرية؟. النسق الثقافي والمحنة السياسية















المزيد.....



من يخاف الحرية؟. النسق الثقافي والمحنة السياسية


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 1485 - 2006 / 3 / 10 - 11:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نعم، إذا ما عاش لزمن طويل تحت نير الاستبداد، وتلك ظاهرة سيكولوجية، ثقافية معقدة عالجها أريك فروم في كتابه ذائع الصيت "الخوف من الحرية" وهو يتحدث عن التجربة النازية في ألمانيا. وعموماً فإن الكائن الإنساني الذي يخاف استقلاله الذاتي وفرديته التي تضعه في مواجهة قدره وحيداً من دون معونة كاملة من الآخرين لا يمكنه تقبل فكرة الحرية، ببساطة.. يقول فروم؛ ( الميكانيزم الأول للهروب من الحرية... هو الميل إلى التخلي عن استقلال النفس الفردية ودمج النفس في شخص آخر خارج النفس للحصول على القوة التي تنقص النفس الفردية ). وحين يكون الحديث عن الإنسان في البلاد العربية، في سبيل المثال، نكون إزاء معضلة مركبة، بُعدها الأول عدم تشكل كيانية الفرد الإنساني ذاتاً حرة مستقلة متفردة في السياق التاريخي العربي، كما حصل في عصر الأنوار وفي أعقاب الثورة الفرنسية 1789 في أوروبا. وبُعدها الثاني فشل إقامة الدولة العصرية الحديثة بمؤسسات راعية وحارسة للحقوق والحريات الأساسية. وبُعدها الثالث وجود خطاب ثقافي، وسلوك سياسي، لا عقلاني، وقيم مجتمعية متخلفة راسخة. فضلاً عن العوائق الذاتية للفكر والتي يسميها علي حرب بالممتنع، وهي عوائق تتمثل في عادات الذهن وآليات التفكير وقوالب المعرفة، كما يقول. وهذا كله غير منفصل، وإن لم يكن متطابقاً، عمّّّا يطلق عليه أصحاب نظرية النقد الثقافي بالنسق الثقافي.
لا أحسب أن أي ظاهرة سياسية أو اجتماعية يمكن فصلها عن مولِّداتها الثقافية، وقد تعرضت الصيغة الأرثوذكسية لعلاقة البنية الفوقية "الإيديولوجية" بأختها التحتية "الاقتصادية" منذ وقت مبكر، على الأقل منذ "دفاتر السجن" لغرامشي، إلى نقد صارم، تلك الصيغة التي كانت ترى في الثقافة مجرد انعكاس لقوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج في المجتمع. ومع انتعاش منهج "النقد الثقافي" اتخذ "الثقافي" موقعه الحيوي في الترسيمات النظرية التي تتصدى للإشكاليات المعاصرة، والقديمة أيضاً. وأي توصيف لمشكل راهن يتطلب البحث في الجذور الثقافية، تلك المصعِّدة لنسغ نموها، وتلك الحابسة له، في الوقت عينه.
حين نتعامل مع الثقافة بعدِّها ظاهرة متحولة في الواقع والتاريخ نكون قد تجنبنا ذلك التصور الذي يجعل لها بعداً جوهرانياً متخطياً لحركتي الواقع والتاريخ، وهذا يمنحنا فسحة كافية لجعل الثقافة موضوعة دائمة للنظر النقدي. وقد تكون هناك داخل إطار الثقافة الواحدة مجموعات من القيم والأعراف والتقاليد والتصورات تبقى فاعلة لحقب زمنية طويلة، وتترك انطباعاً بأنها ذات حضور صلب وراسخ ونهائي تتوارثه الأجيال في المجتمعات، بحيث تضع حدوداً بين مجتمع وآخر، من الصعوبة خرقها.. حدود قد تنشب عندها الحروب مثلما حاول هنتنغتن أن يقنعنا في كتابه "صراع الحضارات".. صحيح أن هنتنغتن أعاد الاعتبار للثقافي موصلاً إياه إلى أقصى محدداته السالبة، ومتعاملاً معه صيغة جوهرية، لا تاريخية، كما لو أن العالم مصنوع بثوابت مسبقة، ومقود إلى حتم تاريخاني. فهنتنغتن ينكر، وإن بشكل غير مباشر، فكرة حوار الثقافات لصالح صراعاتها.. إنه بهذا يغفل حالات التفاعل التي حصلت بعمق عبر العصور، وبالتالي فهو يقصي طابع الهجنة الذي يطبع الثقافات الحية جميعها، بهذا القدر أو ذاك.
إن النسق الثقافي ينشأ بضغط من عوامل تاريخية متراكمة لمدة طويلة، ويزول أو يتحول بضغط من عوامل تاريخية أخرى متراكمة، لمدة قد لا تكون قصيرة. فالممارسات السياسية، مع جملة ظروف محايثة تخلق بالتواتر أنساقها الثقافية. أو بعبارة أخرى أن النسق الثقافي هو نتاج تجارب تاريخية واقعية، ذات طابع سياسي في الغالب، فالنسق الثقافي وليد تاريخي يترسخ ويفعل لمديات طويلة، لكنه يكون عرضة لتبدلات حقيقية، وإن كانت بالتدريج. وحين نتكلم عن النسق الثقافي علينا إذن أن نتجنب منزلقين خطيرين، أولهما عدّ النسق خاصية جوهرانية لا تاريخية، وثانيهما إنكار وجود أنساق ثقافية لدرء تهمة الجوهرانية، واللا تاريخية.
إن تفنيد مقولة الاختلافات الثقافية الناشئة عن جواهر قارة، ما وراء تاريخية، عبر تقويم موضوعي ونقدي سيفتح لنا الطريق إلى عالم تتفاعل فيه الثقافات وتتطور، وترسي أسس حضارة إنسانية تسود فيها قيم التسامح والمحبة والحرية.
إن كل ثقافة هي حصيلة تجربة في الزمان والمكان.. خلاصة رحلة مضنية من الإنجازات والخسارات والآمال والإحباطات، فهي إذن مكوّن بشري جرى نسجه عبر معاناة فكرية وسلوكية لأجيال.
يستثمر "السياسي" ما هو "ثقافي" في تعبيره/ خطابه، أو تخطيطه أو سلوكه التكتيكي، وأحياناً حتى الإستراتيجي، غير أنه يؤوله ويجزئه على وفق منظوره وأهدافه ومصالحه، ويتخلى عنه وقد يناقضه إذا ما تعارض مع ذلك المنظور، ومع تلك الأهداف والمصالح. إن "السياسي" سريع التقلب، على عكس "الثقافي"، فـ "السياسي" يتبع المصالح والأهواء والظروف، أما الثقافي فيتجذر في ما وراء المصالح والأهواء والظروف.. إنه ينشبك في الماضي والحاضر سلاسلَ من القيم وأنماط السلوك والعلاقات والتصورات والمعتقدات والرموز حيث تصوغ، إلى حد بعيد، هوية الجماعة ورؤيتها إلى الآخرين والطبيعة والكون. وبحسب دعاة نظرية "النقد الثقافي" فثمة نسق/ نظام مضمر يتحكم في الخطاب الثقافي المنتج ويوجهه. وفي هذا السياق ليس المقصود بالنسق ما ذهب إليه ميشيل فوكو من أنه مجموعة من العلاقات، تستمر وتتحول في استقلال عن الأشياء التي ترتبط فيما بينها. أو هو فكر قاهر وقسري بدون ذات ومغفل الهوية، وموجود قبل أي وجود بشري وأي فكر بشري. وهو أيضاً بنية نظرية كبرى تهيمن في كل عصر على الكيفية التي يحيا البشر عليها ويفكرون. ومن يتكلم هنا، كما يؤكد فوكو ليس الإله أو الإنسان وإنما اللغة. فالنسق في ضوء وجهة نظره يدرك نفسه بنفسه من خلال وبوساطة اللغة، أي أننا عاجزون أن نفعل أمام سلطة النسق الهائلة هذه أي شيء. وفوكو نفسه يتحدث ويتساءل، في مكان آخر، عن الكيفية التي بها تتوقف الثقافة ـ أية ثقافة ـ عن التفكير بالطريقة التي درجت عليها سابقاً، وتشرع في التفكير في شيء آخر، وبطريقة أخرى. ماضياً في تساؤله؛ ( كيف أن ما كان يعتبر، وإلى زمن قريب يقيناً راسخاً في الفضاء المضيء للمعرفة ينقلب إلى خطأ وخرافة وجهل؟. ).
والنسق عند بعضهم هو أن يكون الشيء على نظام بعينه، أو هو البنية، ويقول عنه عبد الله الغذامي؛ إن النسق ( من حيث هو دلالة مضمرة فإن هذه الدلالة ليست مصنوعة من مؤلف، ولكنها منكتبة ومنغرسة في الخطاب، مؤلفتها الثقافة، ومستهلكوها جماهير اللغة من كتّاب وقراء، يتساوى في ذلك الصغير مع الكبير والنساء مع الرجال والمهمش مع المسوّد ). غير أن الغذامي يحاول أن يعطي لهذا النسق طابع الأزلية فيكون له الغلبة دائماً. وهنا يجب أن نكون حذرين.
صحيح، أنه ينبغي عدم التسرع، في أثناء البحث، عن أنساق مضمرة توجه السلوك السياسي والاجتماعي مثلما يتحكم بالخطاب الثقافي لئلا نقع في فخ النظرة الجوهرانية التي تشير إلى أزلية النسق. ذلك أن النسق وليد عوامل ومتغيرات تاريخية، فهو نسبي وقابل للتحول والتبدل، وإن كان ببطء شديد.
ثمة ترسيمات معرفية "أنظمة وأنساق" تبقى فاعلة لأزمان طويلة جداً، تمنحها الممارسات التاريخية عناصر الديمومة والرسوخ، وثمة ترسيمات أخرى تتعرض للتكسر والاختراق خلال مدة زمنية أقصر غير أنها كلها ذات بناء تاريخي وجدت عبر التجربة البشرية، لا قبلها، وتغيرها منوط بالتجربة البشرية كذلك وإلاّ سوف نتحدث عن عقلانية غربية تسوّغ الحرية وتطرح فكرة تفرد واستقلال الكائن الإنساني، إلى الأبد. ولا عقلانية شرقية، أو عربية تحول دون الحرية، وتكرس الاستبداد، وتمنع، إلى الأبد، ممكنات تفتح الذات الإنسانية. فالخطر يتجلى في تلك النظرة التي تجد "الثقافي" مكتملاً وقاراً ونهائياً يُعاد إنتاجه من دون التجرؤ على مسه في أساسياته.
صحيح أنه في المجتمعات التقليدية ليس "الثقافي" سوى خزين عتيق من النواهي والمحرمات والثوابت غير القابلة للمساءلة والشك. بيد أن المناهج النقدية التي تستنطق المسكوت عنه، وتعرض الأرشيفات القديمة للنور، وتدخل منطقة الممنوع التفكير فيه، بجرأة، وفي لحظة تاريخية مؤاتية، لابد أن توجد ترسيمة معرفية أخرى، ونسق للثقافة مغاير، ينبثق عنه خطاب ثقافي جديد، وممارسات في السلوك جديدة.
تتدخل الطبيعة في تأطير طبائع البشر وثقافتهم. إن تضاريس الأرض وتقلبات المناخ تحدد إلى مدى بعيد شكل علاقة الإنسان بمحيطه المادي، وكذلك نوعية معتقداته الواقعية والماورائية. فالجغرافية إذن هي واحدة من العوامل الحاسمة في تأسيس محتوى وعي الإنسان "ثقافته" أي منظومة أفكاره وقيمه السلوكية كلها، غير أن التحولات التاريخية في ميادين الأدب والفن والعلوم والتكنولوجيا، وتطور القوى المنتجة وتبدل علاقات الإنتاج تفعل وتغير باتجاه الحد من تأثيرات الجغرافية، ومن ثم تقليص فرص تعزيز تلك النظريات القائلة بالجواهر الثابتة التي تضع البشر في تراتبيات، وتكرّّّّس نوازع التعصب والكراهية واللاتسامح والعنف.
إن التحولات السياسية والاجتماعية العميقة تعرّض المنظومات المعرفية وأطقم المفاهيم القارة إلى هزات جدية لا يمكن الاستهانة بنتائجها، مثلما أن تبدلات وتحولات المنظومات المعرفية وأطقم المفاهيم المتداولة تهز البنى والمؤسسات السياسية والاجتماعية في العمق. وإذا أضفنا حقيقة أن أجهزة الاتصال والقنوات الإعلامية الحديثة واتساع عمليات التداول والتبادل في سوق المعلومات عالمياً أخذت تفتح مسارب جديدة بين الثقافات مطيحة بمحاولات انغلاق بعضها على نفسها نكون قد كسبنا إمكانيات مضافة لتشييد عالم قائم على المثاقفة والتواصل المعرفي والفكري، إلى الحد الذي يمكن معه الكلام عن احتمالات التفهم والتفاهم وإيجاد أسس مشتركة في المستقبل المنظور والبعيد، بين الأمم والأديان والثقافات، لا على صعيد المعارف النظرية وحسب، وإنما في مستوى القيم الأخلاقية كذلك، بعدِّ الأخلاق مجالاً للتفاعل والتغير بحسب المصالح البشرية المتغيرة، وتطور رؤية البشر إلى أنفسهم.
قد يكون هذا التخريج مفرطاً في تفاؤله، لكن قراءة فاحصة، موضوعية، لحال البشر اليوم تجعلنا في مثل هذا الأفق من النظر، ولا سيما إذا افترضنا الركون إلى العقلانية والمنطق في تحديد المصالح المشتركة للبشر القاطنين على كوكب الأرض. فالتحديات التي تواجه البشر، اليوم، لا تقتصر في معظمها على شعب بعينه أو منطقة جغرافية معينة، بل تتعداها لتغطي كل زاوية وموقع على الكوكب. وحتى تلك التحديات التي تبدو للوهلة الأولى خاصة بمكان ومجتمع معينين سرعان ما تتسع وتشمل بتأثيراتها أمكنة ومجتمعات أُخر. والتاريخ المعاصر يعلمنا أن مشاكل أمة ما تنعكس على جيرانها أيضاً، لا تلك الحاصلة في نطاق البيئة الطبيعية وحسب، مثل الأمراض والآفات الزراعية والتلوث ونقص المياه، وإنما في أنطقة السياسة والاقتصاد والمجتمع كذلك. فلقد تعولمت الأزمات والمعضلات، وبات على الباحثين الإستراتيجيين ورجالات الدولة والمفكرين، والمراقبين السياسيين أن يشملوا برؤيتهم مساحات أوسع في المكان، ومديات أطول في الزمان. وأن يبحثوا عن خارطة علاقات أعقد من تلك التي اعتادوا النظر فيها، كي يضمنوا الوصول إلى اتخاذ قرارات أكثر صحة، وإنتاج أفكار أعمق وأجدى، واختيار مسارات للحياة تضمن لها حيويتها وحريتها وكرامتها.
والآن، ماذا بصدد وضعنا الذي لا يسر؟. لماذا أخفقت مشاريعنا السياسية والتنموية والثقافية؟. كيف وصل بنا الحال إلى هذا المآل "حكومات استبدادية غير شرعية، وبلدان منقوصة السيادة، وإنسان لا ضمانات ولا حريات ولا حقوق له، مغلوب على أمره، يعاني البلادة والتخلف واللامبالاة. وفشل تنموي اقتصادياً واجتماعياً، وتخلف علمي وتكنولوجي مريع، وثقافة عقيمة، وحثالة حداثة"؟. هل يعود السبب إلى أنساق وبنى ثقافية متصلبة تسكننا في الجوهر، وتحول بيننا وبين التنمية والحرية والإبداع الثقافي والعلمي والحضاري؟. أم أن الأمر ليس إلاّ اختلالات نسبية، تاريخية من الممكن معالجتها إذا ما توفرت شروط محددة، وظروف ملائمة، ممكنة التحقق؟.
وعلى أية حال، كانت لدينا تجربة نهضة عربية واعدة منذ منتصف القرن التاسع عشر، غير أن فكر النهضة تلك وثقافتها لم يفرزا في النهاية غير الدكتاتوريات والفاشية، ومن ثم الهزائم والنكبات. والسؤال الصارخ في هذا المقام، هو؛ لماذا لم يثمر هذا الفكر تنمية حقيقية "اجتماعية واقتصادية وثقافية"؟. لماذا لم يحرر الطاقات الخلاقة في الإنسان العربي؟. ولماذا لم يفض إلى حداثة متسقة، تكون السلطة الأولى فيها للعقل، ويتأسس بمقتضاها المجتمع المدني، ودولة المؤسسات؟.
أحسب أن الخوض في تشعبات هذه الأسئلة سيمنحنا فرصة مراجعة جادة وجريئة لمسيرة قرنين، على الأقل، من القفزات والعثرات، ومن الإنجازات والخيبات مذ دهمنا الآخر في عقر دارنا، فأيقظنا بعد قرون السبات الطويل.. الآخر الذي جاء مستعمراً وصاحب حضارة حديثة مغرية تتحدى وتستفز وتهيمن، والذي يمتلك المعرفة التي هي القوة، ويمتلك القوة التي من خلالها يفرض معرفته وثقافته.. الآخر الذي وجدنا أنفسنا إزاءه في لحظة حضارية حرجة، في مواجهة تساؤلات وخيارات ورهانات لم نعهدها قبلاً.
صدر تقرير التنمية الإنسانية العربية عن منظمة الأمم المتحدة للعام 2004 بعنوان ( نحو الحرية في الوطن العربي ) وهو يُرجع سبب نقص الحريات، وعدم تحقق الإصلاح، في هذا الجزء من العالم، إلى استبداد الأنظمة الحاكمة، ناكرا،ً في إشارة سريعة، أن يكون للعامل الثقافي صلة بالأمر، أي أنه استبعد فكرة أن تكون الثقافة السائدة وأنساقها العاملة معيقة لتحقيق الحريات الأساسية والإصلاح السياسي. وعلى الرغم من أهمية التقرير، والوضوح والعمق اللذين طبعا فقراته، إلا أنها، في هذه النقطة تحديداً، بدا مثل من يضع رأسه في الرمال مع اقتراب الخطر. مبتعداً، ها هنا، مسافة ما، عن الموضوعية التي كانت سمة التقارير التي صدرت عن الجهة ذاتها خلال السنوات الثلاث السابقة. وربما كان تجاهل "الثقافي" في تقرير التنمية الإنسانية محاولة لتجنب الاصطدام مع أصحاب الإيديولوجيات الوثوقية "الشوفينية والفاشية" بتجلياتها المختلفة. فالتقرير لم يقدم براهين ومسوغات تؤكد ما ذهب إليه. ولم يشر إلى حقيقة أن فساد السلطات وعجزها هو نتاج ثقافة وأنساق ثقافية، في جانب مهم منه. فلقد تخمرت أفكار، وتكرست ثوابت بفعل تقادم الزمن، في هذا الشرق العربي، بعدما غذتها مصالح ونوايا سياسية، وإيديولوجية.
* * *
يتلون الفكر السائد، الآن، عربياً في ضوء معطيات، ما باستطاعتنا تسميته بصدمة الاستعمار، ووعي إشكاليات التخلف الحضاري، فضلاً عن مجمل الظروف التي أفرزتها مرحلة ما بعد الكولونيالية منذ إقامة الحكومات الوطنية ذات الطابع العسكريتاري/ القبلي، إذ أخفقت سياسات التحديث الترقيعية من تنمية اقتصادية/ اجتماعية مشوهة، وتحولات غير متوازنة وقاصرة على صُعد العلم والمعرفة والثقافة، ناهيك عن الفشل الذريع في بناء مؤسسات دولة عصرية ذات سند قانوني يضمن شرعية الحكم والحقوق والحريات الأساسية لأفراد المجتمع. وقد ساعدت ثغرات وتناقضات الواقع، بما فيه من فقر وجهل واستبداد وقمع في نمو أفكار متطرفة وازدياد مظاهر العنف، وتزعزع التماسك المجتمعي وانعدام الثقة بين المواطن والدولة، ومن ثم إحساس الفرد باليأس، وشعوره بانغلاق أفق الخلاص.
مما سبق نستنتج أن عوامل متعددة ومركبة ساعدت، لا في إعاقة تحقيق التنمية والديمقراطية والإصلاح، وإنما في بروز أفكار وإيديولوجيات وآراء ـ أي ثقافة ـ تجد جذرها في بعض من ثقافة قديمة كانت وليدة عصر آخر، وسياق تاريخي مختلف، تقف بالضد من أي إصلاح وتحديث. وفي هذه الأثناء، تحت وطأة هذه الفوضى، ظهرت قراءات جديدة حاولت تأويل النصوص المقدسة وما تراكم، بالاستناد عليها، من نصوص شارحة بما يلائم توجهات ونوايا معاصرة طابعها سياسي متطرف وعنيف. فهنا جرى صراع من نوع آخر للاستحواذ على المقدس وامتلاكه، وحق احتكار تأويله وتفسيره، والتقوقع في إطار هذا التأويل والتفسير، وعدّ الغير، خارجه، مارقاً وعدواً من الواجب إقصاءه وقتله.
إن السياسي لا ينفصل عن الثقافي، وإذا كانت النخب السياسية التي تبوأت مقاليد الحكم في البلاد العربية منذ بدايات القرن العشرين هي نتاج واقعها الاجتماعي، فإنها أيضاً نتاج أرضيتها التاريخية الثقافية، فلا يمكن التحدث عن بنى سياسية مع إنكار أو إهمال مولداتها وموجهاتها الثقافية.
كان الفكر القومي، وأكاد أقول القوموي، كما طرحه وأنضجه دعاته، هو الحلقة الضعيفة التي ربطت النهضة بالحداثة، فأجهضت حلم النهضة وساقت الحداثة إلى التشوه والرثاثة.. ذلك الفكر الذي اتخذ من المزاودة اللفظية، والبلاغة الطنانة آلية للعمل محولاً انفعالات المجتمع، تحت ضغط تناقضاته الصارخة، إلى عصّاب جماعي، حيث كان خطابه موجهاً إلى العصر الحديث وكأن العالم قرية من القرون الوسطى، ومتجهاً إلى الحضارة التقنية بمنطق رعوي، ومتمثلاً معطيات هذه الحضارة التقنية بذلك المنطق.. كانت الشعارات أهم من الفعل، والمفاهيم تحلّق في فضاء مجرد، بعيداً عن الواقع المحسوس. وكان الإنسان "ذاتاً، وعقلاً، وحرية" مغيباً عن المسرح على الرغم من حضوره الشبحي المتوهم عليه. ولذا كان الحاكم باسم الفكر القومي ذاك قادراً على تكوين المليشيات أكثر من قدرته على تأسيس الجامعات ومعاهد البحث الحقيقية، وقادراً على بناء السجون أكثر من قدرته على إنشاء المعامل ومراكز العلم والمعرفة والإبداع، ولم يكن بوسعه ترسيخ أسس مجتمع مدني منظم، ومتطور بقدر طرح نفسه بطلاً يقود القوم إلى الخراب والكارثة. وطوال نصف قرن، لم تستطع الأنظمة المحسوبة على الإيديولوجيا القومية بناء مثال "نموذج" قومي سليم واحد قائم على أسس سياسية راسخة قوامها "التحديث والتنمية، ودولة المؤسسات، والمجتمع المدني، والديمقراطية"، وهي قد فشلت حتى في إدارة وإدامة صراعها بنجاح ضد أعدائها الحقيقيين والمفترضين والمختلقين، متسببة في ضياع الفرص التاريخية وهدر موارد الأمة التي لا تعوّض، وتشحيب أو قتل الروح الوطنية والقومية، وتكريس حالة الدولة القطرية بأكثر مما فعلت الأنظمة المعادية للتوجه القومي.
وإذن لماذا أنتج فكر النهضة العربية الفاشية والدكتاتوريات؟. لماذا آل إلى هذه الإيديولوجيا الشمولية التي تبطش بالمعرفي باسم السياسي، وبالحرية باسم المرحلة الاستثنائية، وباسم السيادة ومقاومة الاستعمار اللتين لم تحققهما، وبالذات الإنسانية باسم الأمة، وبالعقل باسم الشعارات الرنانة؟. كيف انحسر البعد العلمي والنقدي داخل بنية هذا الفكر ليتحول إلى مبادئ وثوقية جامدة؟.
لم يستطع فكر النهضة العربية إنشاء أسئلة جادة تتعلق بالإنسان "حرية وكرامة، غاية ووسيلة، وعياً وإرادة" واكتفت بالموضوعة الطوباوية للإنسان، والمتحدرة في جانب منه، من فكر عصر الأنوار الأوروبي، وفي جانب آخر من الموروث الفكري التقليدي العربي إذ يتم التطرق إلى الإنسان جوهراً ميتافيزيقياً ثابتاً، ومثالاً لا صلة له بالواقع والتاريخ.
تعرّض فكر الأنوار الأوروبي ذو النزعة الإنسانية للنقد والتفكيك بدءاً من نيتشة وماركس، وجرت محاولات الإطاحة به على يد مفكري العصر الحديث، في القرن العشرين، ولا سيما ميشيل فوكو الذي قال بموت الإنسان بعد أن رآه اختراعاً حديثاً وانعطافة عابرة في تاريخ الفكر الأوروبي. وعزا بعض المفكرين المحدثين في الغرب سبب بزوغ الفاشية والنازية في أوروبا إلى بذور لها كانت ثاوية في نسيج فكر عصر الأنوار الذي على أسسه انطلقت الحداثة الأوروبية في الاقتصاد والسياسة والإدارة والثقافة.
في مقابل هذا، ألا يمكن عزو سبب تكريس الفاشية والشوفينية القومية، وانتشار الأصوليات الدينية والطائفية المتعصبة عندنا إلى ثغرات كانت موجودة في نسيج فكر النهضة العربية منذ منتصف القرن التاسع عشر؟.
فشل فكر النهضة العربية في تمثل الجانب الداعم للإنسان فرداً حراً مستقلاً، لا رقماً مغفلاً في ضمن قطيع، وبذا بقي هذا الفكر بعيداً عن مادته الأساسية ( الإنسان ) وكان ذلك علّة إخفاق المشروع النهضوي العربي برمته.
أقتبس الفكر القوموي العربي، بدءاً من مطالع القرن، ولا سيما منذ الأربعينيات، وما بعدها، نظرته عن الإنسان من المصدر ذاته، فعدَّ امتداداً لفكر النهضة بهذا الشأن، فظل الإنسان، على الصعيد النظري، مثالاً سامياً دُبجت كلمات رنانة عنه، من دون أن ينظر إليه في واقعه الاجتماعي التاريخي العصيب والمتخلف. وكان لغياب الإنسان هذا عن ذلك الفكر أن ساهم في إقامة أنظمة حكم فاشية ودكتاتورية وشمولية تتحدث عن الأمة بقدسية، في الوقت الذي تدوس فيه بالأقدام الإنسان الذي تتكون الأمة منه، لا من غيره. فباسم الأمة، مثلما صاغوها مفهوماً طوباوياً، سحق الإنسان "الكائن الاجتماعي" وأُهين، وسُلبت منه حريته وكرامته. وهكذا بقيت الذات الإنسانية غائبة في الأطروحة الإيديولوجية لدعاة الفكر القوموي.. كانت هذه الذات تتغرب وتذوب وتختفي في مفهوم"الجماهير"، والجماهير لم تكن على وفق هذه الأطروحة سوى كتلة هلامية ضخمة، متجانسة، قطيعية.. قوة عمياء انفعالية مندفعة، يمكن الرهان بها والرهان عليها.
لا شك، أن تغييب الإنسان في الأطروحة القوموية لم يكن المثلبة الوحيدة التي تؤخذ عليها، فثمة تلك الفكرة التي تشبثت بها هذه الأطروحة والقائلة بأن الآخر/ الغرب ينشئ ثقافته للنيل من ثقافتنا ليس إلاّ، ولا سيما حين ترى تأثيرات تلك الثقافة وهي تكتسح مواقع عتيدة داخل فضائنا الثقافي. والحقيقة أن الآخر/ الغرب في إنشائه لثقافته إنما كان يحقق لحظة إبداعه، وهي لحظة ما تزال مستمرة. أما عملية الهيمنة، أو التأثير فإنها تأتي تالية لعملية الإبداع، وفي سياق مختلف، وتكون مرتبطة بموجهات إستراتيجية، ووسائل تقنية، ناهيك عن أن ثقافة المركز، عبر التاريخ، هي التي تسود وتفرض نفسها على ثقافة الهوامش/ الأطراف، حتى من دون تخطيط مسبق أحياناً. وقد أبقانا هذا الافتراض في موقف الدفاع والتأهب الدائم للصد، ولذلك جاء معظم نتاجنا الثقافي في صيغة رد فعل منفعل على غزو، نحن إزاءه، في موقع الضعيف بحكم اعتبارات تاريخية معروفة.
وفي نهاية المطاف بنت الأطروحة القوموية سلطة ذات بنية عصبوية عشائرية، لم تستطع أن تستوعب معنى الدولة في شكل مؤسسات متعالية على أشكال السلطات ما قبل العصر الصناعي، كما أقامت المدينة/ القرية بمؤسسات تعمل على وفق آليات العلاقات القبلية، في أداء وظيفتها، وفي تمفصلها مع مؤسسات المجتمع الأخرى. وقد جرت على وفق هذه الأطروحة صياغة إيديولوجيا مسطحة، مرمنسة، ذات محتوى عاطفي مهلهل، ولغة إنشائية مفعمة بالإنفعال، تركت حولاً وتشوشاً في الرؤية عند من اعتنقوها من غير تمحيص نقدي.
أنحبس السياسي والمثقف والمفكر ورجل الشارع، عربياً، منذ الخمسينيات من القرن المنصرم، داخل الصدفة المتقرنة للإيديولوجيا.. وكان الهيام بالإيديولوجيا نتاجاً آخر لفعل النسق الثقافي الموجِّه، فيما ساعد عاملان تاريخيان مضافان في سطوة الإيديولوجي على المعرفي والنقدي.. العامل الأول كان صدمة الاستعمار، وما خلفته من إحساس بسعة الفجوة الحضارية بين الشرق والغرب، فلاذت النخب السياسية والثقافية الناشئة في ظل الثورات الوطنية بالإيديولوجيا وسيلة ظنتها ستساعدها في خروج الأمة من مأزقها الحضاري. وكان العامل الثاني هو الهزائم المُرّة بدءاً من العام 1948، ولا سيما ما تركته نكسة حزيران 1967 من جروح غائرة في الروح النرجسية العربية. ويمكن القول أن هذه الهزائم من جانب آخر كانت نتيجة لذلك الهوس الإيديولوجي حتى يمكن القول مع محمد أركون بأن "الإيديولوجيا قتلت العرب".. الإيديولوجيا بمعنى كونها وعياً زائفاً بالواقع والتاريخ، ومعرفة مقولبة، مغلقة وجامدة. ولقد قضى الركون الأعمى للإيديولوجي ـ سواءً اتخذ هذا الإيديولوجي لباساً ماركسياً أو قومياً أو دينياً ـ على الحس السياسي والحس التاريخي السليمين. ولم يثمر سوى الشكل الفاشي في الحكم، وفي التنظيمات السياسية، فيما كان العقل النقدي والعقل المبدع الحر الضحية الأولى له. فتلك الإيديولوجيات لم تستطع استيعاب وتفكيك البنى الطائفية والقبلية المولدة للهويات الضيقة لإخراج المجتمع من خانق انتماءاته ما قبل الوطنية، بل أن تلك البنى هي التي استوعبت الإيديولوجيات وكيفتها على وفق موجهاتها، فبقيت ثقافة الطائفة والقبيلة هي الطاغية في إطار الأحزاب والمؤسسات والدول المتبنية لتلك الإيديولوجيات على حساب قيم المواطنة والثقافة الوطنية.
وإذا كان تقرير التنمية الإنسانية الآنف الذكر قد وجد في فساد الأنظمة العربية وتخلف مؤسساتها المعيق الأعظم لإقامة الديمقراطية وتحقيق الإصلاح لأن في الديمقراطية دمارها، فهي، أي تلك الأنظمة، تعي هذه المسألة جيداً، لذا تحمي نفسها، باللجوء إلى وسائل شتى، من الديمقراطية، التي هي التجسيد السياسي لفكرة ممارسة الحرية. ولا تتبنى إلا حداثة خداعة مهلهلة، تنكّل بالعقل، وتشوّه الذات الإنسانية، وتديم، حتى من دون أن تدري ربما، الأنساق الثقافية المضمرة المغذية للسلبية والتخلف واللاعقلانية والاستبداد والخراب، الخ، الخ. في الوقت الذي يمكن القول بأنها، هي أيضاً، وليدة تلكم الأنساق ذاتها.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: زهر اللوز
- شهادة: هكذا تكتبني المحطات
- شقاء المثقفين
- فضاء مكتبة.. فضاء الكون*
- سحر ماركيز
- الرواية وسيرة الروائي
- المثقف: إشكالية المفهوم والوظيفة
- كالفينو: الوصايا والإبداع
- مكر كونديرا
- في رواية -الإرهابي- لديفيد معلوف: هل حدثت الجريمة حقاً؟.
- حياة أوفيد المتخيلة
- المثقف والفاشي وهاجس الأرشيف
- في رواية ( كل الأسماء ) لساراماغو: البحث عن الذات عبر البحث ...
- بين كاداريه وساراماغو: أضاليل التاريخ ومناورات الروائي
- في الذكرى المئوية لولادة سارتر
- المجتمع الاستهلاكي: الأسطورة وصناعة الزائف
- الحوار المتمدن في أفقنا المعرفي
- الإعلام والعولمة: كيف يحولنا الإعلام؟
- حوارمع سعد جاسم أجراه بلاسم الضاحي
- هيرمان الساحر


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد محمد رحيم - من يخاف الحرية؟. النسق الثقافي والمحنة السياسية