أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ثانياً: الصحراء والديكتاتورية














المزيد.....

ثانياً: الصحراء والديكتاتورية


فارس تركي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 18:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إن البيئة الصحراوية تندرج ضمن البيئات المثالية لظهور وازدهار الديكتاتورية فكراً وممارسةً ، وذلك لأن الإنسان عندما يعيش في الصحراء تصبح خياراته محدودة جداً أو شبه معدومة ، ففي تلك البيئة القاسية والجافة والقاحلة والعدائية ، وفي تلك البيئة التي تندر فيها أو تقل كثيراً الأماكن الصالحة للعيش كالواحات والمناطق التي توجد فيها الآبار والمياه ومصادر الحياة الأساسية ، لا يبقى أمام الإنسان أي خيار سوى أن يصبح جزء من كيان أكبر وهو القبيلة ينتمي إليه ويذوب فيه تماماً حتى لا يبقى من فرديته شيء ، وهو ليس لديه خيار آخر فالقبيلة هي طوق النجاة الوحيد في البيئة الصحراوية أو شبه الصحراوية ، لذلك كان الخلع أو النفي من القبيلة من أشد العقوبات التي قد يتعرض لها الإنسان في تلك البيئة القاسية . إن ذوبان الفرد في القبيلة تترتب عليه آثار ونتائج كثيرة وخطيرة تؤدي بدورها إلى نتائج أكثر خطورة ليس أقلها انعدام الاستقلالية والمبادرة الفردية ، كذلك يؤدي إلى نشوء النظام الأبوي والخضوع للعقل الجمعي للقبيلة وغرس وتجذير بل وتقديس الطاعة العمياء لشيخ القبيلة وسدنتها ليكون ذلك أساسا متيناً وأرضاً خصبة لظهور الديكتاتورية والحكم الشمولي – ابتداءً من العائلة الصغيرة وصولا إلى أعلى سلطة سياسية - وعدم تحمل المعارضة والرأي المخالف والنقد .
كما إن الصحراء بحد ذاتها تعد دكتاتورا جغرافيا لا مثيل له ، فهي بجفافها وبشمسها الحارقة وبمناخها شديد القسوة وبامتداداتها الرملية اللامتناهية أكبر كاسرة للإرادات لا تعرف سوى أن تملي أوامرها وشروطها ولا يملك ساكنها سوى التسليم والانصياع بدون أن يمتلك أية فرصة للأخذ والرد أو الدخول في نقاش وحوار إيجابي ، وبدون أن تكون له أية قدرة على تغيير ظروف الصحراء أو التقليل من قسوتها ، فالصحراء لا تناقش ولا تحاور بل هي تأمر فحسب . والصحراء تشعر ساكنيها بالعجز التام عن الفعل الإيجابي ولا تقدم لهم أية فرصة أو هامش للمناورة والتساؤل والاعتراض الأمر الذي يساعد على جعل الديكتاتورية سمة أساسية لهم وتجعل السلوك الديكتاتوري شأن يومي معاش وأسلوب حياة بكل تفاصيلها سواء على مستوى العلاقات البينية بين أفراد المجتمع البسطاء أو على مستوى العائلة وعلاقة الرجل بالمرأة وسطوة الأب على باقي أفراد الأسرة وسطوة الزعماء والشيوخ والكهنة ورجال الدين ، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تحويل ساكني الصحراء والبادية إلى كائنات سلبية مستعدة لتلقي الأوامر وتنفيذها ، بل تصبح كائنات لا تستطيع العيش والاستمرار بدون فلسفة الديكتاتورية وبدون وجود الديكتاتور لذلك نرى أن المجتمعات التي تعيش في ظروف صحراوية أو ظروف مشابهة لها ما أن تزول عنها الديكتاتورية - لسبب أو لآخر – حتى تدخل عالم الفوضى والتمزق والصراعات والاقتتال وتبدأ بالتوسل والتضرع من أجل ظهور ديكتاتور جديد يضبط تفاعلاتها ويقوم اعوجاجها ويضمن بقائها واستمرارها . إن الصحراء تقدم دعماً منقطع النظير لسمة الديكتاتورية التي تتميز بها المجتمعات البدائية بحيث أن هذه السمة تزداد قوةً ورسوخاً في بنية المجتمعات الصحراوية وتكتسح أي فكرٍ معادٍ لها أو أية محاولة لتغييرها واستبدالها .



#فارس_تركي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحراء والسمات البدائية، أولاً: الصحراء والعقل الجمعي
- الحضارة الاوربية الحديثة
- الظروف الجغرافية لليونان
- ايقونات التمدن 3
- ايقونات التمدن 2
- ايقونات التمدن 1
- الجغرافيا الأوربية والدولة الحديثة
- خامساً: الديمقراطية
- رابعاً: النضوج العقلي
- ثالثاً: المنهج التجريبي التحليلي
- ثانياً: الحرية
- سمات الدولة الحديثة/ أولا: الفردية
- تأثير الجغرافيا على أفكار البشر وسلوكياتهم
- الدولة الحديثة
- سادساً: غياب منظومة حقوق الإنسان
- خامساً: الروح الحربية وفلسفة القوة
- رابعاً : العقلية البدائية
- ثالثا: المنهج الوعظي الخطابي
- ثانياً : النظام الأبوي والديكتاتورية
- سمات الدولة القديمة / اولاً : العقل الجمعي


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ثانياً: الصحراء والديكتاتورية