أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ايقونات التمدن 1














المزيد.....

ايقونات التمدن 1


فارس تركي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6777 - 2021 / 1 / 3 - 00:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إن أهم ما ورثه الاوربيون عن الحضارة اليونانية هي الحرية والتفكير الحر والديمقراطية والفردية وحقوق الإنسان وفكرة المواطن والمواطنة أي تلك المفاهيم التي باتت تعرف اليوم بإيقونات التمدن أو التي أصبحت بمثابة المعايير التي تقاس بها حداثة الدول والمجتمعات في عصرنا الحاضر. إن البواكير الأولى لهذه الإيقونات ظهرت بقوة في الحضارة اليونانية ونمت بذورها وترعرعت في البيئة اليونانية وهناك الكثير من الأحداث والمواقف والشواهد في التاريخ اليوناني التي تشير إلى حضور تلك الايقونات وتأثيرها فيه، فقد كان للمواطنين البسطاء الحق بالعمل كمحلفين في المحاكم وبالدخول كأعضاء في الجمعية العامة وهي مؤسسة رقابية تتمتع بسلطات هامة مثل السلطة القانونية ومراقبة سير العمل الحكومي وحق استدعاء الموظفين والاستماع إلى تقاريرهم في نهاية مدد وظائفهم، وعلى ذلك يمكن القول بأنه قد تم وضع بين يدي الطبقات الدنيا سلطات كبرى وصلاحيات مهمة جعلتهم هم المسيطرون على الدولة وهذا بداية الطريق الفعلي للديمقراطية.
وقد شهدت بلاد اليونان منذ القرن السادس قبل الميلاد تأسيس الأحزاب كحزب الساحل وحزب السهل وحزب الجبل، وعرفت وكتبت الدساتير الديمقراطية سواء في عهد صولون ( Solon ) أو في عهد كليسثنيس ( Kleisthenes )، هذه الدساتير التي أعطت المواطنين الكثير من الحقوق والامتيازات وسعت من أجل مساواتهم أمام القانون ومكنتهم من الاشتراك في الحياة السياسية والإشراف على عمل الحكومة والجهاز الإداري ومراقبته والإسهام في اختيار الحكام والموظفين ومحاسبتهم ومراجعة أعمالهم، وأمنَّت لهم حق الترشح لشغل المناصب العامة والوظائف الحكومية، وكفلت لهم الحرية الفكرية وحرية الإبداع والكلام والعمل والتعبير والانتقاد. ففي عهد صولون أصبح كل المواطنين ممثلين في مجلس ( الاكليزيا ) وهو بمثابة البرلمان وكان يتمتع بصلاحيات واسعة من بينها سن القوانين وتعديلها أو إلغائها، وإعلان الحرب وإبرام اتفاقيات السلام وغيرها. كذلك حصل المواطنون على حق التمثيل في الهيئات القضائية بصفة محلفين حيث ينظرون فيما يقدم إليهم من شكاوى وتظلمات واتهامات. وفي فترة لاحقة سيطرت هذه الهيئات القضائية سيطرة تامة على الهيئة التنفيذية أي السلطة التنفيذية بما في ذلك حق محاسبة أعضاء هذه الهيئة والنظر في الشكوى ضد أي إجراء يتخذه أحد أعضاء هذه الهيئة ضد أحد المواطنين.
لقد اتسعت وازدادت هذه الحقوق والامتيازات ونضجت أكثر في الدستور الذي وضعه كليسثنيس حيث تم زيادة عدد أعضاء مجلس الاكليزيا أو الشورى ليصبح خمسمائة عضو بدلاً من أربعمائة، وحددت مدة العضوية بسنة واحدة، وحدد عدد المرات التي يمكن للأثيني فيها أن يصبح عضواً في هذا المجلس بمرتين في حياته . ولم تعد مهمة مجلس الشورى تشريعية محضة، بل أصبحت له صلاحيات جديدة تتلخص في انه أصبح يشترك في إدارة الشؤون العامة للمدينة بمعاونة أعضاء الجهاز التنفيذي، وقد كان على هؤلاء أن يقدموا تقارير إلى المجلس وأن يتلقوا توجيهاته فيما يخص تدبير الشؤون العامة، وهكذا اضمحلت السلطة التي كانت في يد الجهاز التنفيذي لتستقر في يد هذا المجلس. ومن أهم ما تم إدخاله في دستور كليسثنيس هو قانون النص الأساسي. وبموجب هذا القانون أصبح الأثينيون يستطيعون خلال دورات محددة من دورات مجلس الشعب أن يصوتوا على نفي أي زعيم سياسي يرغبون في نفيه لسبب أو لآخر. وقد كان الشرط الوحيد في هذا الصدد هو أن يدلي ستة آلاف شخص من المواطنين المجتمعين على الأقل بأصواتهم حتى يصبح النظر في مسألة النفي قانونياً، والشخص الذي تسجل أغلبية الأصوات بالموافقة على نفيه يسري عليه قرار النفي ويكون هذا لمدة عشر سنوات.
إن الدستور الأثيني بلغ ذروة الكمال، والديمقراطية عاشت أزهى عصورها في عهد بركليس (Barclays ) الذي زاد من سلطات الجمعية الشعبية، وحدد من نفوذ قدماء السياسيين والحكام السابقين، وأصبحت الجمعية الشعبية هي التي تشرف وتناقش وتصوت على كل ما يخص الدفاع والنظم المالية والسياسة الخارجية والتموين والغلال والدين والشعائر الخاصة به وإعلان الحرب وتحقيق السلام. وأصبحت الجمعية الشعبية تجتمع أربعين مرة في العام ( أي مرة كل تسعة أيام ) وأصبحت هذه الجمعية جوهر النظام الديمقراطي الأثيني لأن عضويتها كانت من حق أي مواطن بالغ، وباتت هي الجهاز الذي يرسم السياسة الخارجية للدولة ويشرف على ماليتها ويعين حكامها ويحاسبهم عند انتهاء خدمتهم. أما مجلس الشورى فكان يختص بتحضير اللوائح التشريعية للجمعية العامة، ويجتمع عشر أعضائه شهراً في كل سنة كمجلس دائم وذلك في مقر الرئاسة لإدارة أعمال الدولة.
لقد دعم بيركليس حرية القضاء وحق المواطن في الاستئناف ونقض الأحكام الصادرة ضده بشرط أن يعاقب إذا ثبت بطلان نقضه. وأدخل نظام الأجور لكل مواطن يعمل محلفاً في المحاكم والجلسات القضائية وتظهر حرية الدفاع من المناقشات والشتائم والاتهامات التي كانت تتبادل أثناء المحاكمات والتي صورها لنا شاعر المسرح الكوميدي الاول أرسطوفانيس في روايته الزنابير.
ومن الإجراءات التي اتخذها بركليس والتي تشير إلى ما بلغته العقلية اليونانية من نضوج وحرص على نشر المبادئ الديمقراطية والارتقاء بالمستوى الفكري للمواطنين هي أنه قرر أن يدفع أجر لكل مواطن مقابل دخوله صالات العرض لمشاهدة ما تعرضه من مسرحيات وألعاب وفنون، وحجته في ذلك أن هذه المسرحيات والالعاب يجب أن لا تكون ترفاً تختص به الطبقات العليا والوسطى، بل يجب أن تهدف إلى رفع مستوى الناخبين العقلي عن بكرة أبيهم.



#فارس_تركي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجغرافيا الأوربية والدولة الحديثة
- خامساً: الديمقراطية
- رابعاً: النضوج العقلي
- ثالثاً: المنهج التجريبي التحليلي
- ثانياً: الحرية
- سمات الدولة الحديثة/ أولا: الفردية
- تأثير الجغرافيا على أفكار البشر وسلوكياتهم
- الدولة الحديثة
- سادساً: غياب منظومة حقوق الإنسان
- خامساً: الروح الحربية وفلسفة القوة
- رابعاً : العقلية البدائية
- ثالثا: المنهج الوعظي الخطابي
- ثانياً : النظام الأبوي والديكتاتورية
- سمات الدولة القديمة / اولاً : العقل الجمعي
- الدولة القديمة
- ثالثاً : الصراع من أجل نيل الاعتراف ( الثيموس )
- ثانيا: التاريخ حر
- سنن التاريخ وقوانينه
- هل أصبح العالم غابة مرة أخرى ؟ وهل يجب على الأمريكيين أن يهت ...
- من نحن ؟


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ايقونات التمدن 1