أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ثالثاً: المنهج التجريبي التحليلي














المزيد.....

ثالثاً: المنهج التجريبي التحليلي


فارس تركي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6767 - 2020 / 12 / 21 - 18:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ذكرنا سابقاً أن المنهج الخطابي الوعظي كان هو المنهج السائد في المجتمعات البدائية والمسيطر عليها ، وكان هو الموجه والقائد لطرائق التفكير وكانت البشرية كلها خاضعة له بشكل أو بآخر . إلا أن الإنسان الذي ساعدته ظروفه الجغرافية على اقتناص فرديته وعلى خلق شخصيته المتفردة وأبعدته بالتدريج عن سيطرة العقل الجمعي ، والإنسان الذي مكنته بيئته من رفع سقف حريته ومن تحسس وإيجاد بداية الطريق نحو الديمقراطية كان لا بد له أن يبتعد ويتزحزح عن دنيا الوعظ والخطابة ويدخل عالم التجربة والبرهان العملي والمنطق التحليلي . إذ أن الجغرافية الخضراء الملائمة للنشاط الإنساني والمحفزة للفعل والإبداع والابتكار ، والتي لا يمكن استثمار واستغلال خيراتها والوصول بهذا الاستغلال إلى أقصى مدياته إلا ببذل الجهد وإلا بدخول الإنسان معها في عملية تفاعلية مستمرة ، ستعلم الإنسان عاجلاً أم آجلاً كيف أن السبب يؤدي إلى النتيجة ، وكيف أن هناك قوانين ونواميس ثابتة لا تتغير تحكم الحياة بكل أبعادها وتفاصيلها ، وستضيف إلى خبراته خبرات ومعارف كثيرة من أهمها فكرة التجربة والخطأ ، وفكرة اختبار الأشياء والمقولات والمزاعم للتأكد من صحتها أو خطأها ، وعدم تصديق أو تكذيب أية فكرة قبل إخضاعها للفحص العقلي المنطقي وللتطبيق العملي ، وفكرة النسبية في النظر للأشياء والأحداث وأنه ليس هناك خطأ مطلق أو صواب مطلق بل كل شيء نسبي ويحتمل الخطأ والصواب اعتماداً على الزمان والمكان والمعطيات المحيطة به والزاوية التي ننظر منها إليه .
وهذه الجغرافية والنتائج المتمخضة عنها ستدفع قاطنها وستضطره إلى الدخول في مواجهة وحالة صدامية دائمة ويومية مع سمة العقل الجمعي المسيطرة على مجتمعه مما يعني التراجع في حجم ومساحة تأثيرها ، وانكماش درجة سيطرتها وانخفاض نسبة الأرباح التي تحققها وارتفاع نسبة ما تسببه من خسائر وبروز المنهج التحليلي التجريبي كبديل لها ، بديل ترتفع نسبة أرباحه وتنخفض خسائره وتزداد درجة ومساحة سيطرته وتأثيره يوماً بعد يوم إلى أن يتمكن في النهاية من طرد المنهج الوعظي ويصبح هو المسيطر والسائد .
إن الزيادة التدريجية في درجة سيطرة وتأثير المنهج التحليلي التجريبي - حتى إذا استغرقت زمناً طويلاً - ستترك أثرها بلا شك على المجتمع أفراداً وجماعات ، سلوكاً وعادات وتقاليد وتوجهات وتفاعلات بينية وعلاقات اجتماعية وصولاً إلى أدق الأشياء وإلى مفردات الحياة اليومية البسيطة كطريقة التحاور وأساليب الإقناع والذوق العام والمقبول والمفضل والمرفوض والمستبعد والصالح والطالح والنظرة إلى المرأة وإلى الآخر ، وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية . إن الأثر الذي سيتركه ظهور المنهج التحليلي أو بالأحرى بدايات ظهور هذا المنهج سيشكل منطلقاً أو أساساً للمزيد من السيطرة والانتشار لهذا المنهج لأن أفراد المجتمع الذين عرفوا وأدركوا الفائدة والربح والمنفعة المتأتية من استخدامه سيسعون إلى الحصول على المزيد منه ، وهكذا ستدخل العملية برمتها فيما يشبه الحلقة المفرغة حيث أن تيقُّن الأفراد من نفع المنهج التحليلي يدفعهم إلى تدعيمه وتعزيزه أكثر في بنية المجتمع وهذا التعزيز والتدعيم سيؤكد أنه نافع بالفعل وسيرفع من درجة اليقين بنفعيته وقدرته على تحقيق الأرباح وتجنب الخسائر مما يعززه ويزيد من درجة سيطرته أكثر وأكثر وهكذا دواليك .
إن المجتمع الذي تجبره ظروفه الجغرافية على إدراك فائدة المنهج التحليلي التجريبي المنطقي لن يتركه أبداً إلا بعد أن يستحوذ على كافة مفاصل حياته ، الأمر الذي سيجعله مؤهل تأهيلاً عالياً لإنتاج الدولة الحديثة ونقل هذه السمة – أي سمة المنهج التحليلي التجريبي - إليها لتصبح جزءً أساسياً من تكوينها من جهة ، ويصيبه بالعجز أو القصور عن إنتاج الدولة القديمة التي لا تعرف سوى المنهج الوعظي الخطابي ولا تزدهر إلا في ظلاله من جهةٍ أخرى .



#فارس_تركي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثانياً: الحرية
- سمات الدولة الحديثة/ أولا: الفردية
- تأثير الجغرافيا على أفكار البشر وسلوكياتهم
- الدولة الحديثة
- سادساً: غياب منظومة حقوق الإنسان
- خامساً: الروح الحربية وفلسفة القوة
- رابعاً : العقلية البدائية
- ثالثا: المنهج الوعظي الخطابي
- ثانياً : النظام الأبوي والديكتاتورية
- سمات الدولة القديمة / اولاً : العقل الجمعي
- الدولة القديمة
- ثالثاً : الصراع من أجل نيل الاعتراف ( الثيموس )
- ثانيا: التاريخ حر
- سنن التاريخ وقوانينه
- هل أصبح العالم غابة مرة أخرى ؟ وهل يجب على الأمريكيين أن يهت ...
- من نحن ؟
- مبدأ ترامب والمواجهة مع إيران
- النسق القيمي
- عقول وحقائق
- عقلنا عندما ينتخب !


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ثالثاً: المنهج التجريبي التحليلي