أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - الاحتفال بذكرى سقوط غرناطة في زمن الكورونا














المزيد.....

الاحتفال بذكرى سقوط غرناطة في زمن الكورونا


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6777 - 2021 / 1 / 2 - 16:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"لكنها تدور يا ملوك الطوائف..."
د.خالد سالم
لئن كانت الأندلس زمردة تاج الحضارة العربية والإنسانية، وبوتقتها النموذجية لحضارات بحر الروم، فإن ضياعها لم يكن مستبعدًا لذوي البصيرة الذين عاشوا القرون الثلاث الأخيرة من عمرها المديد، طوال ثمانية قرون.
لا يجوز وسمها بالفردوس المفقود، لما لذلك من ايحاءات ودلالات على الرغبة في استردادها اليوم من أيدي أصحابها الشرعيين، الإسبان والبرتغاليين، الذين سعوا لاسترادها منذ أن وطأت قدما عبد الرحمن الداخل شاطئ بلدة المنكب، غرناطة، وبدئه تأسيس الإمارة الأموية في قرطبة. لم تكن شبه جزيرة أيبريا صحراء قفراء، بلا سكان، لنسمها، بعد سقوطها، فردوسًا مفقودًا يجب استرداده.
هذا الفردوس اللامفقود ضاع جراء التحزب والاختلاف والتشرذم، وليس لشرب الخمر والاستمتاع بالموسيقى والنساء كما يحلو للخرفين التشدق به. وبقدر ما ليس فردوسًا مفقودًا فهو مسترد بالنسبة لغالبية الإسبان، ولهذا لا يمكن الاحتفال بذكرى سقوط غرناطة سنويًا في الثاني من يناير، إذ عني تراجعًا وترديًا لشبه جزيرة أيبريا لفقدانها جزء كبير من أوتاد اقتصادها وثقافتها الراقية، الأندلسيون.
طرفا النقيض يتملكهما هوس يتمحور حول سقوط غرناطة أو استردادها، فكثير من العرب والمسلمين مسكونون بفكرة الفردوس المفقود، أي الذي يجب استرداده، من منطق عجائبي وهو أن حقًا لهم في هذا البلاد، والذي يحتفل كل عام باستردادها من أيدي الغزاة. كلاهما يفتقرإلى الصواب، فلا هو استرداد من أيدي غزاة ولا هي فردوسًا مفقودًا. كيف يمكن طرد شريحة من السكان في أرض عاشت فيها ثمانية قرون، وكيف يمكن وصف أرضًا بالفردوس المفقود لم تكن لنا في الأساس؟! نحن غزوناها أو فتحناها، حسب المُرسِل، وصنعنا فيها حضارة راقية، واستمر تواجدنا الفاعل فيها ثمانية قرون وإن امتد الأثر الفعلي حتى مطلع القرن السابع عشر، سالت عليها أنهار دماء، ولعل أبرزها معركة الزلاقة، قرب طليطلة، إذ كان محاربو الطرفين ينزلقون على أرض القتال بسبب كثرة الدماء المسالة عليها.
واليوم تتلمظ بنا روح الشقاق من كوة الأندلس المغدورة، منذ تفشي روح الشعوبية على أثر وأد الربيع العربي، إذ أخذ الأشقاء البربر ينسبون فتح الأندلس وبناء حضارته إليهم، على أساس أن طارق بن زياد كان بربريًا، ولا أدري كيف يكون هكذا من يحمل اسمًا ولقبًا عربيين، وأرسله مولى إفريقية الأموي موسى بن نصير إلى الأندلس ثم عاد إلى دمشق الأموية حيث عاش فيها باقي سني حياته إلى أن توفي ودُفن فيها. لا يغيب عن صاحب بصيرة أن اشعال مثل هذا القضايا يزيد التشرذم ويعد العدة لمستقبل بانت خطوطه العريضة في الوطن العربي كله في السنوات الأخيرة، إنتظارًا للانهيار التام أو يقظة شاملة نسير بها في ركب العالم المعاصر.
وهنا تحضرني مقولة لمستشار ألمانيا بعد حرب الكويت التي أدت إلى مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط في أكتوبر 1991 إذ نادى هلموت شميدت باستلهام تجربة الأندلس للتعايش بين اليهود والعرب في فلسطين، أي أن نجاعة التجربة لا تزال ماثلة في بعض العقول الغربية، رغم ادعاء البعض بأنها كانت سلبية، وهي نظرة ضيقة لا ترى سوى البقعة في الجلباب الأبيض. وكان المسؤول الألماني يدرك أن بيت القصيد يكمن في القضية الفلسطينية.
وللكاتب الإسباني أنطونيو غالا، ابن غرناطة، ومؤلف رواية "المخطوط القرمزي" موقف جميل من الأندلس والاحتفال بتسليم أبي عبد الله الصغير مفاتيح غرناطة إلى ملكي إسبانيا الموحدة فرناندو وإيسابيل، في الثاني من يناير عام 1492، إذ يستهجن هذه الاحتفالات ويترك جليًا في تصريحاته وروايته أن آخر حاكم عربي في الأندلس ظُلم تاريخيًا، فلم يكن متخاذلاً ولا انهزاميًا ولا تنطبق عليه المقولة التي تنسب إلى والدته له" إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً، لم تحافظ عليه مثل الرجال".
ورغم الأقلام المسمومة التي ترى في التجربة الأندلسية غير السلبية فالمؤكد أنه لولا الوجود العربي في شبه الجزيرة الِأيبرية لمل وصلت إسبانيا إلى القارة الأميركية ولما بدأت أوروبا عصر الحداثة.
وكانت بلدية غرناطة قد أشارت منذ أيام إلى إلغاء الاحتفالات السنوية لتسليم مفاتيح المدينة إلى الملكين الكاثوليكيين، الاحتفال الذي يقام منذ سقوط المدينة إلى اليوم، وذلك لتفشي جائحة الكورونا، وتكتفي البلدية برفع العلم وزيارة ضريحي إيسابيل وفرناندو في المدينة. وهو الاحتفال الذي طالما تنازعه طرفان، اليمين واليسار، أضفيا جوًا من التوتر علىه. فالطرف الأول يؤيد الاحتفالات وبحماس، بينما اليسار ومعهم بعض الإسبان المسملين يدعون إلى التصالح مع الماضي الذاكرة والتخلي عن هذه الاحتفالات التي يعتبرون ذكراها غير مشرفة، لأن فرناندو وإيسابيل نكصا بالعهد وبمعاهدة التسليم، ثم اتضهموا المهزومين دينيًا وثقافيًا ولغويًا.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعهد المصري في مدريد في ذكرى تأسيسه ودوره في التقارب بين ض ...
- في ذكرى مقتل الشاعر الأسطورة غارثيا لوركا
- حامد أبو أحمد يؤثر الرحيل إلى عالم أرحب وأكثر عدلاً
- المستعرب الإسباني فدريكو كورينتي يترجل إلى السماء معتليًا قو ...
- وداعًا سليمان العطار، دون كيخوتي القرن الحادي والعشرين!
- رفائيل ألبرتي نموذجًا لمنفى جيل شعري إسباني
- مسرحية -كلمات القرد الأبيض الأخيرة- وجدلية العلاقة بين الشما ...
- هل هي لعنة الأندلس؟
- إلراسترو معلم سياحي وتجاري فى مدريد يعود إلى الحقبة الأندلسي ...
- شباب إسبانيا قلدوا شباب مصر ليصحوا قوة سياسية فاعلة في البرل ...
- في ذكرى سقوط غرناطة
- ربط ضفتي بحر الروم بين الواقع والخيال
- امتهان اللغة العربية على أيدي أبنائها في يوم الاحتفال بها عا ...
- هل الأندلس كانت عربية أم بربرية؟
- الأندلس التي أضعناها والتي يضيعونها منا
- الإرث العربي في حضارة زمن العولمة
- على المنوفي: وداعًا أيها الفارس النبيل
- خذلان وتأملات أمام المشهد البشري في أرض الكنانة
- يوميات صعلوك، قصة من الأدب الإسباني
- رسالة حول مسرح خوسيه مورينو أيناس


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - الاحتفال بذكرى سقوط غرناطة في زمن الكورونا