أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في مساءلة خياراتنا وأهدافنا















المزيد.....

في مساءلة خياراتنا وأهدافنا


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6774 - 2020 / 12 / 29 - 20:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد تفكك المنظومة الاشتراكية، حازت الديموقراطية السياسية، في تفكير الوسط السياسي العربي المعارض، على اعتبار عال، بوصفها نقيض الحال السياسي البائس الذي تعيشه بلداننا، الحال الذي يضيف إلى القمع المعمم فقراً وفساداً ممنهجاً يخنق التنمية ويضع غالبية السكان في دائرة القلق الاقتصادي (قلق تأمين عمل أو سكن أو شيخوخة أو حتى تأمين الغذاء)، وعلى هذا بات ينظر إلى الديموقراطية على أنها المدخل السياسي لحل المشكلة الاقتصادية أيضاً. يقوم هذا على محاكمة منطقية تقول إن الديموقراطية (انتخابات وتداول سلطة وحريات عامة)، بما تتيحه من حريات صحفية ورقابية ..الخ، تحد من الفساد وسوء الإدارة الناجمان عن الاستبداد (احتلال طغمة للدولة واحتكار كامل للمجال العام)، وهما من أهم أسباب فشل التنمية وسوء توزيع الثروة في بلداننا.
هكذا عاد الاشتراكيون (الأمميون منهم والقوميون) عن عدائهم للرأسمالية الغربية وقبروا (مؤقتاً كما يؤكد بعضهم) بديلهم التاريخي الذي طالما بشروا به، ووجدوا أن الديموقراطية، التي كانت حتى وقت غير بعيد، مجرد لعبة سياسية فارغة طالما أنها تحافظ على أساس الاستغلال، أي على الرأسمالية، يمكن أن تخصلنا من مشاكلنا كما يخلصنا هرمون الأنسولين من أعراض الداء السكري.
صار تعبير "الديموقراطيين السوريين" شائعاً فيما لم يكن له هذا الحضور قبل التحولات الديموقراطية التي شهدتها دول الكتلة الشرقية السابقة. احتلت كلمة الديموقراطية بعد ذلك المساحة التي سبق أن شغلتها يوماً "الاشتراكية"، حين كان الاشتراكيون السوفييت على سروج خيلهم، وكان الجميع (سلطات ومعارضات) يخطبون ود هذه المفردة الساحرة في حينها. غني عن البيان أن هذا التحول جاء تحت تأثير متغيرات خارجية تمثلت في ركود ثم تفكك المعسكر الاشتراكي، ولم يكن الداخل عنصراً فاعلاً في هذا التحول الذي نقل القناعات "الداخلية" من ضفة إلى أخرى. يقول هذا إن عملية التفكير السياسي لدينا يغلب عليها "اختيار" النموذج بدلاً من صناعته. السؤال الذي قد ينفجر في وجهنا: ولكن كيف نستطيع نحن، البلد الثانوي والشعب المقموع، أن نصنع نموذجاً؟
لا يمكن الجدال في تفوق النظم الديموقراطية الغربية قياساً على نظم الاستبداد السياسي التي ترزح شعوبنا تحتها. ولا يمكن إنكار حق الشعوب في التطلع إلى تأسيس أنظمة حكم ديموقراطية تصون حياة الناس وكرامتهم في حدود معقولة كما نراها في الدول الغربية. غير أن الأسئلة التي ينبغي مواجهتها: ما هو طريق الوصول إلى نظام ديموقر اطي فعلي؟ وهل العقبة على هذا الطريق هي النظام المستبد القائم فقط؟ وهل "إسقاط النظام" يفتح الطريق فعلاً لبناء ديموقراطية سياسية؟ ألم نشهد سقوط نظام صدام حسين وتفكيك جيشه وأجهزته الأمنية مو وجود وصاية أمريكية "ديموقراطية" مباشرة، ثم لم يقدنا هذا إلى الديموقراطية التي نتصورها مدخلاً إلى الاستقرار والوطنية ومستوى معقول من العدالة الاجتماعية؟ ألم نشهد سقوط نظام حسني مبارك بثورة عارمة (دون تفكيك الجيش والأجهزة الأمنية) ثم لم يفض ذلك أيضاً إلى الديموقراطية المأمولة. أين يكمن الخلل؟
في المثالين جرت، بعد سقوط النظام، انتخابات وتنافس مرشحون وأحزاب، وتبين أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والوطنية تفاقمت بدل أن تتقدم على طريق الحل. النتيجة أن الانتخابات وتداول السلطة وغياب الديكتاتور الفرد، ليست بحد ذاتها مدخلاً إلى الخروج من معاناتنا، وهذه نتيجة تجريبية، وليست منطقية فقط. قد نقول إن الموجات الثورية سوف تتلاحق وتحقق تالياً ما فشلت به اليوم. غير أن هذا لا يعفينا من التفكير في السؤال: ما الذي يضمن أن تكون الموجات الثورية التالية أكثر نجاحاً؟ وإذا كان للثورات في اندلاعها وهمودها قوانين خارجة إلى حد كبير عن إرادة الفاعلين، فما الذي يمكننا فعله بين "الموجات الثورية"؟ وهل يمكننا أن نفعل ما يزيد من فرص الاستفادة من هذه الموجات في لحظة انفجارها؟
محاولة الإجابة على السؤال الأخير تقودنا إلى التفكير في سؤال آخر: هل يكمن جوهر النظام الديموقراطي الغربي في فرض الانتخابات وتداول السلطة أم أن هذا الشكل يبقى قليل القيمة إذا عزلناه عن مشاركة شعبية دائمة عبر مختلف نوافذ الفعل، من نقابات وصحف وجمعيات متعددة المستويات والاهتمامات وتشمل كل مناحي الحياة ..الخ؟ وهل تنبثق هذه المشاركة فجأة أم أنها تحتاج إلى نضال وتضحيات ومثابرة تعيد للناس امتلاكهم أو، على الأقل، اقتناعهم بضرورة امتلاك الفاعلية فيما يخص شؤونهم المباشرة، بدلاً من اقتناعهم بانتظار تغيير "سياسي" يعيد كل شيء إلى نصابه؟
لكن هل يمكن البدء بأي نوع من النضالات المدنية، حتى البسيطة منها، في ظل الاستبداد؟ ألم يعتقل نظام الأسد مثلاً مجموعة من الشباب في بلدة داريا، قبل اندلاع الثورة بسنوات، لأنهم بدؤوا حملة أسموها "حتى يغيروا ما بأنفسهم" بادروا فيها إلى تنظيف الشوارع والأرصفة أمام المحلات والبيوت والحض على إدانة الرشوة والسلوكيات الشائعة المشابهة؟ من الوهم الاعتقاد بأن مثل هذه الأنشطة المدنية ستكون موضع قبول من النظام، تماما كما من الوهم الاعتقاد بأن النظام سوف يقبل أنشطة سياسية معارضة أو حتى مستقلة، لكن لماذا لا نكف عن تشكيل الأحزاب السياسية المعارضة فيما نتهيب من النضالات المدنية، رغم أن النشاطين سيواجهان القمع، ومن باب أولى أن تتعرض الأنشطة السياسية لقمع أشد؟ ثم كيف يمكن أن نضمن "إخلاص" حزب معارض (على افتراض أنه تمكن من الوصول إلى السلطة) لمبدأ النزاهة والوطنية وتبدية حاجات الناس على حاجات نخبته ووسطه وجمهوره؟
من نتائج القمع المستمر أنه يمنعنا من نقد واكتشاف حدود الخيار السياسي الذي نناضل لبلوغه، فنبقى على قناعة أن المشكلة تكمن أساساً في منعنا من الوصول إلى هدفنا، دون مساءلة الهدف نفسه. هذا فضلاً عن أن القمع يُكسب المقموعين وأهدافهم قيمة "استشهادية" تعيق المراجعة. وبالنظر إلى أن الاستبداد السياسي لا يسمح بالمشاركة السياسية، فإن النضال ضد الاستبداد يتحول، بصورة طبيعية، إلى نضال "استبدادي" هو الآخر، نقصد نضال يستهدف "إقصاء" الطرف المستبد عن الحياة السياسية بالكامل، كما تجلى مثلاً في تجربة اجتثاث البعث في العراق. على هذا تكون السلطة السياسية هي مركز الصراع في البلد، ويكون الصراع عنيفاً إلى حدود قصوى، بوصفه صراع حياة أو موت. ولا غرابة أن هذا الصراع لا يولد الديموقراطية المتخيلة. هذا ما يمكن أن نسميه "التسييس المفرط للنضال" في مجتمعاتنا. والحق أن هذا التسييس يقود إلى إبعاد الناس عن السياسة وحصر الصراع في النخب، الأمر الذي يجعل الصراع نوعاً من التنافس العنيف بالأحرى، تنافس على السلطة وعلى الجمهور.
يستوجب ما سبق التفكير وتقديم تصور عن نضال ممكن وأكثر جدوى وقابلية للتراكم.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نقبل السجن؟
- تأثير السجن
- ملاحظات على عقد عربي فريد
- مشكلتي مع التعابير
- المعارضة السورية في طور الهبوط
- المأساة السورية وليمة صحفية (قراءة في كتاب الأسد أو نحرق الب ...
- المنشقون والثورة السورية
- العلويون في مهب السلطة السياسية 2
- العلويون في مهب السلطة السياسية 1
- ماذا نستفيد مما يحصل في فرنسا؟
- هل السلطة السياسية أولوية؟
- أمي والقضايا الصغيرة
- -انا في سورية وأريد العودة الى وطني-
- الصمت ليس حقا لمن لديه ما يقول
- ضحايا وجلادون
- حين تتحول الهوية إلى وثن
- مشكلة الفرنسيين مع الإسلام
- هل العلة في الطريق أم في -الهرولة-؟
- عن رهينة فرنسية اعتنقت الاسلام
- سورية بعد موجة التطرف الإسلامي


المزيد.....




- ساندرز لـCNN: محاسبة الحكومة الإسرائيلية على أفعالها في غزة ...
- الخطوط الجوية التركية تستأنف رحلاتها إلى أفغانستان
- استهداف 3 مواقع عسكرية ومبنى يستخدمه الجنود-.. -حزب الله- ين ...
- سموتريتش مخاطبا نتنياهو: -إلغاء العملية في رفح وقبول الصفقة ...
- تقرير: 30 جنديا إسرائيليا يرفضون الاستعداد لعملية اجتياح رفح ...
- البيت الأبيض: بايدن يجدد لنتنياهو موقفه من عملية رفح
- عيد ميلاد الأميرة رجوة الحسين يثير تفاعلا كبيرا..كيف هنأها و ...
- شولتس.. وجوب الابتعاد عن مواجهة مع روسيا
- مقترحات فرنسية لوقف التصعيد جنوب لبنان
- الأسد: تعزيز العمل العربي المشترك ضروري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في مساءلة خياراتنا وأهدافنا